دراسة تفصيلية حول أضرار الحرب ومنافعها على الاقتصاد الأمريكي

09-02-2008

دراسة تفصيلية حول أضرار الحرب ومنافعها على الاقتصاد الأمريكي

الجمل: في غمرة تصريحات الإدارة الأمريكية المتعلقة بتحسين الأوضاع الأمنية في العراق ونجاح إستراتيجية زيادة عدد القوات الأمريكية وفعالية الجنرال بتراوس في السيطرة على التمرد العراقي، توترت الأوضاع فجأة في أروقة الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي بسبب الميزانية الباهظة التي طالب بها الرئيس بوش.
* هل هي بداية الحصاد المر؟
توجد علاقة وثيقة بين الحرب والاقتصاد لأن تكاليف الحرب تظهر في أرقام الميزانيات المالية، وعلى ما يبدو فإن الإدارة الأمريكية برغم محاولات تكتمها على الخسائر البشرية والاقتصادية فإن فضيحة انكشاف أرقام الخسائر البشرية قد بدا واضحاً أنه سوف يعقبها فضيحة انكشاف أرقام الخسائر الاقتصادية. وبهذا الخصوص نشر الموقع الإلكتروني الخاص بموقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية تحليلاً حمل عنوان «العراق، أفغانستان، والاقتصاد الأمريكي» أشار إلى النقاط الآتية:
• التكلفة الكلية للحرب في العراق وأفغانستان في عام 2002م قدر البيت الأبيض تكاليف غزو العراق بين 100 – 200 مليار دولار. وفي كانون الثاني 2004م قدر تقرير الكونغرس تكاليف إعادة إعمار العراق وحدها بمبلغ يتراوح بين 50 – 100 مليار دولار. وفي تشرين الأول 2007م أعلن مكتب الميزانية التابع للكونغرس بأن نفقات الحرب في العراق قد بلغت 368 مليار دولار للعمليات العسكرية و45 مليار للخدمات الأخرى المتعلقة بالحرب، إضافة إلى أن نفقات حرب أفغانستان قد بلغت 200 مليار دولار، وأشارت تقديرات مكتب الميزانية التابع للكونغرس الأمريكي بأن تكاليف حرب العراق سوف تبلغ في العام 2017م حوالي تريليون دولار (أي ألف مليار دولار) وسوف يترتب على هذا المبلغ فوائد تبلغ 780 مليار دولار، أما التكلفة الكلية للحرب في العراق وأفغانستان فستبلغ 2.4 تريليون دولار (أي ألفين و400 مليار دولار). التقدير الجديد الذي أثار ضجة واسعة هو تقرير الخبير الاقتصادي الأمريكي البارز الذي انتقد تقديرات الكونغرس لجهة أنها تفترض مستوى الأسعار الحالية، وقال بأن التكلفة ستكون أكبر من ذلك بكثير لأن الأسعار سوف ترتفع بسبب استمرار الحرب. كما أطلق بعض الديمقراطيين الأعضاء في لجنة الكونغرس الأمريكي المشتركة بين مجلس النواب والشيوخ والمختصة بالاقتصاد الأمريكي، أطلقوا تقريراً يقول بأن تكلفة الحرب سوف تبلغ 4.5 تريليون دولار أي أربعة آلاف وخمسمائة مليار دولار أمريكي.
• مقارنة ميزانية الدفاع بحجم الاقتصاد الأمريكي الكلي: خلال حرب فيتنام بلغت ميزانية الدفاع 9.3% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي وخلال الحرب العالمية الثانية بلغت الميزانية 37.8% من الناتج المحلي الأمريكي. وبرغم عدم وجود رقم واضح لميزانية الدفاع الأمريكية لأن معظم المبالغ يتم تخصيصها بموجب طلبات خاصة إضافية تحت بند الحالات الطارئة، فإن معهد أبحاث السلام الدولي أشار في إحدى دراساته الأخيرة إلى أن ميزانية الدفاع الأمريكية قد تزايدت سبعة أضعاف عما كانت عليه خلال فترة ما قبل أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م.
• النفقات الحربية هل هي ضارة أم نافعة للاقتصاد الأمريكي؟ حيث يرى البعض بأن النفقات الحربية المتزايدة تعزز قوة الاقتصاد الأمريكي لأنها تنشط القطاع الصناعي الأمريكي الذي يعتمد على التصنيع العسكري، كما تنشط قطاع المصارف والتأمين لجهة إنعاش القروض المصرفية ورسوم التأمين، ويرى البعض الآخر بأن هذه النفقات تضر بالاقتصاد الأمريكي كما تضر بأنشطة التجارة. وبين هذا وذاك، يشير تحليل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إلى النقاط الآتية:
* إن نفع أو ضرر النفقات العسكرية يتحدد وفقاً لحجمها الكلي ونسبة هذا الحجم للاقتصاد الأمريكي، على أساس اعتبارات أن النفقات الحربية تكون مقيدة اقتصادياً ضمن حدود معينة فقط.
* إن التجارب السابقة المتعلقة بزيادة النفقات الحربية أكدت على فائدتها للاقتصاد الأمريكي على خلفية حالات الكساد التي ارتبطت بها أما حرب أفغانستان والعراق فلم ترتبط بأي كساد اقتصادي.
* النفقات الحربية المتعلقة بحالة العراق وأفغانستان كان تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي بعكس الحالات السابقة المتعلقة بالحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، وما هو جديد حالياً يتمثل في أن نفقات حربي العراق وأفغانستان المتزايدة قد أدت إلى:
 * تباطؤ النمو الاقتصادي.
 * زيادة البطالة.
 * التأثير سلباً على متوسط دخل الفرد.
 * التأثير سلباً على القوة الشرائية.
ويؤكد معظم خبراء الاقتصاد الأمريكي على أن الحرب في العراق وحرب أفغانستان قد حطمتا الأسطورة القائلة بأن الاقتصاد الأمريكي سينتعش ويصبح أكثر قوة عندما ترتفع النفقات الحربية.
* التأثير الاقتصادي الكلي لحرب العراق وأفغانستان:
يقول الخبراء، حتى الآن لم تتضح الصورة الكلية لتأثيرات حربي العراق وأفغانستان على الاقتصاد الأمريكي ولكن أبرز المعالم الحالية تشير إلى:
• أن الحرب أدت إل ارتفاع في أسعار النفط بشكل غير مسبوق أضر كثيراً بالاقتصاد الأمريكي.
• تزايد المخاطر التي أدت إلى قيام شركات التأمين برفع رسوم التأمين وقد ترتب على ذلك ارتفاع جانب التكاليف غير المنظورة في كل قطاعات الاقتصاد الأمريكي.
• تدهورت قيمة الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى بشكل غير مسبوق ولأول مرة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي يجد البنك المركزي الأمريكي (بنك الاحتياط الفيدرالي) نفسه عاجزاً عن التدخل لحماية الدولار في البورصات والأسواق المالية العالمية.
عموماً، برغم أن الولايات المتحدة ظلت تمثل العدو اللدود لمبدأ تدخل الدولة في الاقتصاد والدولة التي تطالب بتحرير الاقتصاد من القيود، فإنها أصبحت الآن مضطرة للقيام بتطبيق مبدأ تدخل الدولة في الاقتصاد. بكلمات أخرى، بسبب الحرب أصبحت أمريكا مضطرة إلى القيام بالآتي:
• التخلي عن حرية التجارة وفرض القيود عليها على النحو الذي يتناقض مع المبادئ التي تنادي بها أمريكا فيما يتعلق بضرورة تحرير التجارة العالمية.
• فرض القيود على الهجرة وحركة الأفراد وهذا معناه تخلي أمريكا عن أحد أهم ركائز العولمة.
• فرض القيود على الأسواق وهذا معناه التخلي عن الليبرالية الاقتصادية.
وإذا انخفضت قيمة الدولار بمعدلات أكبر فإن أمريكا سوف تضطر إلى التخلي عن مبدأ تحرير سعر الصرف وتقوم بتحديد السعر هي، وهو أمر سوف يجعل وضع الدولار أشبه بوضع الدينار العراقي خلال فترة صدام والدينار الليبي والروبل السوفييتي، وبلا شك سوف يؤدي مثل هذا الإجراء إلى انهيار الأسواق والبورصات الأمريكية والعالمية المرتبطة بها.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...