«جنيف 2»: دمشق تراهن على «ثقتها» بموسكو

11-05-2013

«جنيف 2»: دمشق تراهن على «ثقتها» بموسكو

أعلمت دمشق بنتائج الاتفاق الروسي الأميركي لمؤتمر «جنيف 2» بعد اللقاء الذي جرى بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والسفير السوري في موسكو رياض حداد.
الرسالة التي تلقاها الجانب السوري، كانت تعتمد مجددا على الثوابت الروسية التي رافقت الأزمة السورية، والتي تستند منذ البداية إلى أن «السوريين هم من يقررون مصيرهم»، و«على رفض التدخل الخارجي»، و«التركيز على الحل السياسي القائم على الحوار بين الطرفين».الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون في طوافة لمراقبة موقع الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي امس (ا ب)
دمشق ليست على علم بالقطب المخفية بين موسكو وواشنطن، كما يؤكد مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى، والتي قادت سريعا لخبطة الكفين بين وزيري خارجية البلدين نهاية المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في موسكو بداية الأسبوع.
خرجت التصريحات السورية، ولاسيما الرسمي منها الصادر عن وزارة الخارجية، على أن دمشق «مقتنعة بثبات الموقف الروسي المستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ولاسيما مبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية، ومبدأ عدم التهديد بالقوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة».
وتوضح الصياغة، دون جهد يذكر، أن ضمانات القيادة السورية مرتبطة دون جدل «بثقتها الكبيرة بالسياسة الروسية، التي لم تتأخر عن تأييد سوريا في مجلس الأمن وباقي المحافل الدولية، كما لم تحد عن الثوابت الاعتيادية طوال عمر الأزمة».
إلا أن دمشق تخفي قلقا، تعبر عنه بطرق مختلفة، بينها مواقع الانترنت وصفحات الموالين على الشبكة العنكبوتية التي تعيد التذكير بخطاب الرئيس السوري بشار الأسد في جامعة دمشق، والذي رسم فيه تصوره للحل السياسي، مستثنيا تقريبا بشكل نهائي فكرة الحكومة الانتقالية على الأقل عبر انتقاد ضبابيتها وسطحيتها.
وكان اجتماع «جنيف 1» أثار استياء سوريا رسميا، لكن دون ضجيج، حيث اقتصر الانتقاد السوري على التحفظ «بشأن بعض البنود» والترحيب بالورقة العامة.
كما أضيف للقلق الرسمي ما يثيره بعد انتهاء «الصمت الأميركي البناء» في ما يتعلق بمصير الرئيس السوري، والذي يبقى خطا أحمر بالنسبة للقيادة في دمشق.
رغم ذلك يؤكد مسؤول سوري رفيع المستوى أن سوريا «اتخذت موقفا إيجابيا انسجاما مع الإرادة الدولية ورغبة الروس، وأن المفاوضات اللاحقة ستحدد ما إن كان ما يجري يتوافق مع مصالح سوريا أم لا». ويضيف أنه بناء على ما سيجري لاحقا، فإن دمشق ستحدد وفدها المفاوض، والذي لن يكون بالضرورة ذاته الذي سبق وتمت تسميته لحوار كان محتملا مع «هيئة التنسيق» المعارضة، برعاية روسية، في موسكو. حوار فشل في الانعقاد هو الآخر. رغم ذلك تلقى السوريون أمس الأول «تطمينات بأن موسكو لن تحيد عن ثوابتها التقليدية التي تبلورت خلال الأزمة اتجاه سوريا».
من جهتها وبغض النظر عن الاتفاق الفعلي والسري بين واشنطن وموسكو ركزت روسيا دوما في جدلها على موافقة الجانب الحكومي السوري على الحوار في الوقت الذي يرفض فيه الطرف الآخر هذا الحوار، وهو «عنصر الفشل المخيم على المؤتمر المقبل» كما يشير الديبلوماسي الغربي، حيث يصعب إلى «درجة كبيرة جمع المعارضين في مركب واحد»، منوها إلى أن الولايات المتحدة ستعمل على تسهيل عقدة تشكيل وفد من المعارضة.
ولا يزال الدافع الحقيقي وراء تغيير الموقف الأميركي غير واضح، ولاسيما أن واشنطن تحدثت حتى الفترة القريبة عن إمكانية تسليح المعارضة. ويعتقد محللون وديبلوماسيون أن للغارتين الإسرائيليتين على مواقع سورية دورا كبيرا، في تسريع العمل على هذا اللقاء، خصوصا أن أمن إسرائيل بات عنصرا أساسيا في المعادلة السورية المتجهة لتعقيدات إقليمية كبيرة. ويضاف إلى ذلك العنصر الإسلامي «الجهادي»، وتنامي نفوذه وتنظيمه سوريا، الأمر الذي دفع القيادة العسكرية الأميركية إلى التفكير جديا في إرسال طائرات من دون طيار لاستهداف قواعد «جبهة النصرة» في سوريا.
إلى ذلك ثمة رغبة أميركية بعدم تكرار الأخطاء التي جرت في العراق وكبدت الاقتصاد الأميركي ألف مليار دولار، و6 آلاف قتيل، وهو ما أكده نائب الرئيس الأميركي جون بايدن أمس الأول حين قال إن «العبرة التي استخلصناها من العراق ومن الإدارة السابقة هي أنها بتوليها إدارة شؤون العراق دمرت كل المؤسسات. لم تكن هناك هيئة واحدة متبقية. لم يكن هناك حتى وزارة للأشغال العامة»، مشيرا إلى أن تصور واشنطن للحل يتمثل في تشكيل حكومة «غير طائفية تضم جميع الأطراف» وقيام مؤسسات تعمل بشكل جيد بعد تنحي الرئيس بشار الأسد أو «إطاحته».
وحتى ذلك الحين من المتوقع أن تعلو المزايدات بهدف الحصول على اكبر قدر ممكن من التنازلات قبل مؤتمر جنيف، سواء على صعيد التشديد في موضوع استخدام السلاح الكيميائي، إلى التصعيد العسكري الميداني، والذي قد «يستثمر» انضمام ضحايا جدد بهدف تخريب الاجتماع، قبل حصوله، خصوصا وأن راعيي المؤتمر ليسا أقل من أقوى دولتين في العالم، ويشكلان الطرفين الأقوى والأكثر تأثيرا في النزاع السوري على المدى الطويل.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...