الاجتماع الرباعي الوزاري النفطي: إلى أين؟

28-05-2009

الاجتماع الرباعي الوزاري النفطي: إلى أين؟

الجمل: تشهد العاصمة العراقية اليوم اجتماعاً لوزراء النفط في البلدان المجاورة للعراق: سوريا – إيران – تركيا، وبرغم عدم الاهتمام الإعلامي بهذا الحدث، فإن تحليل المعطيات والخلفيات يشير إلى أنه يمثل نقطة بداية لاحتمالات ظهور صيغة جديدة يمكن أن تؤدي إلى إعادة ترتيب المنطقة.
* الاجتماع الرباعي الوزاري النفطي: إلى أين؟
سيجتمع وزراء النفط الأربعة اليوم -بحسب التقارير- من أجل التفاهم وتبادل وجهات النظر حول جملة من القضايا والتي ستتضمن:
• التعاون النفطي بين الدول الأربعة.
• التعاون في ملف مياه نهري دجلة والفرات.
• التعاون في ملف صادرات الطاقة الكهربائية.
تشير طبيعة اللقاء من حيث الشكل والمهام إلى أنه يتعلق بملف التعاون النفطي ولكن التسريبات الإضافية المتعلقة بملف التعاون المائي والتعاون في مجال الطاقة الكهربائية جاءت على لسان وزير النفط والموارد الطبيعية التركي تانير ييلديز في تصريحاته التي أدلى بها قبيل مغادرته إلى العراق. ويكتسب هذا الاجتماع الوزاري أهميته الكبرى بسبب العديد من العوامل التي يتمثل أبرزها في الآتي:
• البعد الهيكلي – البنائي: تتضمن الرقعة الجيوسياسية التي تضم سوريا والعراق وتركيا وإيران قدراً هائلاً من الموارد النفطية والطبيعية إضافة إلى تميزها بالموقع الجيوستراتيجي الفائق الأهمية في خارطة النظام الدولي المعاصر.
• البعد القيمي – الإدراكي: على المستوى الجزئي – الإقليمي تتفهم الأطراف الأربعة مدى قدرتها على إمكانية الانتقال من مجرد علاقات التعاون الثنائي أو المتعدد الأطراف إلى علاقات التكامل القائم على الشراكة في القدرات والاضطلاع بمهام الإسناد الاستراتيجي المتبادل أما على المستوى الكلي – الدولي فإن هذه الأطراف الأربعة تتفهم مدى مخاطر تهديدات الأجندة الدولية وتحديداً تلك المتمثلة في المشروع الإسرائيلي والمشروع الأمريكي والذي تتمثل إسقاطاته الحالية في جدول أعمال محور تل أبيب – واشنطن.
• البعد التفاعلي – السلوكي: برغم التمركز الاحتلالي الأمريكي المعلن في العراق وغير المعلن في منطقة الخليج العربي وبرغم الروابط الاستراتيجية التركية – الأمريكية وبرغم الاستهداف الأمريكي – الإسرائيلي المتزايد في مواجهة سوريا وإيران فإن التفاعلات السياسية السلوكية على خطوط دمشق – أنقرة – طهران – بغداد قد نجحت إلى حد كبير في إنجاز خطوات التفاهم والتواصل بين هذه الأطراف وعلى وجه الخصوص إزاء قضايا ملفات الأمن والاستقرار الإقليمي إضافة إلى التعاون الاقتصادي الإقليمي.
برغم محدودية الصلاحيات التي يتمتع بها الاجتماع الوزاري الرباعي فإن انعقاد مثل هذا الاجتماع في مثل هذا الوقت هو أمر يفيد لجهة طرح العديد من التساؤلات والتي في مقدمتها: هل ستوافق الأطراف حول القضايا المطروحة؟ وهل ينجح هذا الاجتماع في تمهيد وإفساح المجال أمام اجتماع لرؤساء وزراء الدول الأربعة؟ وهل يمكن أن يعقب ذلك انعقاد القمة الرباعية هذا بالنسبة لحسابات الفرص الممكنة القادمة أما بالنسبة لحسابات المخاطر المحتملة القادمة يمكن أن نتساءل: هلي سيقبل محور تل أبيب – واشنطن بمساعي أطراف مربع: دمشق – بغداد – طهران – أنقرة، الساعية إلى حل مشاكل الملفات الإقليمية الخاصة بهذا المربع؟ أم هل سيسعى محور تل أبيب – واشنطن إلى استهداف علاقات وروابط هذا المربع؟ وما هي الآليات التي يمكن أن يلجأ إليها محور واشنطن – تل أبيب في عرقلة نمو وتطوير علاقات هذا المربع؟
من الواضح أن محور تل أبيب – واشنطن سيبذل كل ما هو ممكن من أجل إعاقة تعاون أطراف مربع دمشق – بغداد – أنقرة – طهران، ولكن لما كانت التجارب ومعطيات خبرة الاستهداف السابقة قد أكدت أن دمشق لم ولن تستجيب للضغوط، وأن طهران مثلها مثل دمشق، وأن أنقرة برغم توجهاتها الجديدة وصعود استقلالية توجهاتها السياسية الخارجية فإنها ما تزال تقف في "المنزلة بين المنزلتين". وأن بغداد وإن كانت واقعة تحت سيطرة الاحتلال فإن التوقعات القادمة تقول أنه لا مهرب لها من خيار التعامل والاندماج ضمن بيئتها الشرق أوسطية.
* دمشق ومفاعيل الهندسة الإقليمية الجديدة:
سعت دبلوماسية دمشق إلى قلب معادلة دبلوماسية محور تل أبيب – واشنطن وفي الوقت الذي كانت فيه دبلوماسية هذا المحور تعمل من أجل:
• إبعاد دمشق عن طهران وإبعاد طهران عن دمشق.
• إبعاد دمشق عن بغداد وإبعاد بغداد عن دمشق.
• إبعاد دمشق عن أنقرة وإبعاد أنقرة عن دمشق.
فقد نجحت دبلوماسية دمشق في جعل كل هذه الأطراف أكثر اقتراباً منها وذلك بدليل دبلوماسية القمم التي شهدتها دمشق مؤخراً: قمة أنقرة – دمشق وقمة طهران – دمشق، إضافة إلى الاستمرارية المتواصلة في حركية علاقات دبلوماسية خط بغداد – دمشق.
إضافة لذلك، سبق أن سعت دبلوماسية واشنطن إلى عقد مؤتمر شرم الشيخ من أجل التأسيس لهندسة إقليمية شرق متوسطية جديدة تتيح وضع العراق تحت إشراف محور واشنطن – تل أبيب وحلفاءه في المنطقة ولكن برغم كل الجهود التي بذلتها دبلوماسية واشنطن وحلفائها فقد بدا واضحاً أن جدول أعمال مؤتمر شرم الشيخ قد أصبح فارغاً من محتواه وأصبحت أجندته بلا معنى بدليل أنه لم يعد أمام بغداد من خيار سوى السعي لحل مشاكلها ضمن بيئتها الإقليمية الرئيسية التي تضم أطراف مثلث دمشق – طهران – أنقرة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...