التلوث في إدلب.. بقايا المقالع والمناشر تطمرها والصرف الصحي يسقيها

16-08-2008

التلوث في إدلب.. بقايا المقالع والمناشر تطمرها والصرف الصحي يسقيها

أصبح المجتمع الإدلبي يعاني من حالة تدهور وتدمير للعديد من الموارد البيئية مثل الأراضي الزراعية ونهر العاصي وشواطىء السيحة.

إذا صح التعبير وغيرها من الموارد الطبيعية وكذلك انتشار ظاهرة التلوث البيئي بسبب الشركات الصناعية أو وسائل النقل الخاصة (خاصةً السيارات ومحارق القمامة وخطوط الصرف الصحي المكشوفة وغيرها من مصادر التلوث) أو التلوث الغذائي بأنواعه والذى عادة ما ينتج عن استخدام المبيدات والاسمدة. وتلعب الادارة البيئية دوراً هاماً في التعامل مع المشكلات هذا بالإضافة إلى حجم ونوع المعلومات التي تعلن إلى الرأي العام مع درجة مشاركة المواطنين في عملية هذه الادارة من هنا أصبح من الضرورى أن يكون هناك رصد لحالة البيئة في محافظة إدلب حتى تتمكن كل الاطراف المهتمة والمعنية بالمشكلات البيئية من المشاركة الفعالة في عملية ادارة الموارد البيئية. 
 ‏ - لم يكفِ محافظة إدلب انتشار عدد من مكبات النفايات في جوانب مدنها وبلداتها وقراها النائية بشكل فوضوي وعشوائي،من دون أي مسوغ شرعي أو قانوني وفي غفلة من أهاليها و(تطنيش) بلدياتها، حتى اضيفت إليها مكبات جديدة وربما طريقة جديدة مكبات متفرقة على اطراف الطرقات حيث تشهد الطرقات المؤدية إلى مدن وبلدان إدلب، حركة لا تهدأ ليلاً ونهاراً، للشاحنات المحملة بالنفايات من مختلف مناطق المحافظة، تلقيها فيها بطريقة عشوائية وتضرم فيها النيران من دون حسيب أو رقيب، وتتصاعد منها سحب الدخان الكثيفة مغطية أجواء المنطقة على مدار الساعة؛ وتنتشر روائحها الكريهة لمسافات بعيدة، فيما باتت تلك المكبات مرتعاً لأنواع الحشرات الطائرة والزاحفة والكلاب الشاردة والحيوانات المفترسة، فضلاً عن تشويهها لطبيعة المنطقة المجاورة وإساءتها إلى جمالها. ‏

لقد أصبحت ظاهرة طرح الأنقاض ومخلّفات البناء على جوانب الطرق في محافظة إدلب من الظواهر المؤرقة للجهات العاملة في الشأن البيئي في المحافظة. ‏

فعلى امتداد الطرق المؤدية إلى مدن وبلدات المحافظة (طريق باب الهوى موقع مكب سرمدا نموذج) تنتشر أكوام الأنقاض والأتربة بشكل لافت للنظر ما يعكس صورة غير حضارية عن المنطقة خاصة وأن هذه الطريق تعتبر دولية تربط سورية بالدول الاوروبية كما يؤمها الكثير من السيّاح. ‏

إضافة لذلك فإن الطريق المؤدية إلى معرة النعمان ما بين سراقب والمعرة ـ طريق الكسارات تعاني أيضا من هذه المشكلة البيئية الخطيرة إذ تنتشر على جانبيها أكوام الأتربة ومخلفات البناء وما تُلقيه مصانع البلوك. ولا يقتصر الحال على هذا الطريق فقط فهناك طُرق أخرى تعاني من هذه المشكلة حيث تنتشر اكوام الأكياس والمخلفات بالإضافة إلى إطارات السيارات التالفة، والذي يقوم بزيارة لمحافظة إدلب يرى بالعين المجردة كيف تجتاح أكوام النفايات القادمة من كل حدب وصوب، وترمى تحت ظلال الأشجار. ‏

‏ - يكشف الواقع البيئي في إدلب انتشار الثغرات البيئية في المحافظة وأبرزها التأخر في إقامة مشاريع للصرف الصحي في مناطق المحافظة الأكثر نموا عمرانيا وسكانيا، ما يستدعي ضرورة وضع خطة مراجعة تضع حداً لهذه الثغرات. 
 ويعتبر مواطنون في محافظة إدلب التوسع في شبكات الصرف الصحي في المحافظة من مطالب المواطنين الاكثر الحاحا حاثين الجهات الرسمية ذات العلاقة على الالتزام بوعودها التي قالوا إنه انقضت عليها اعوام طويلة لشمول مناطق المحافظة وخاصة الاكثر تطورا عمرانيا وسكانيا بتلك الشبكات حيث يعانـي أهالي بعض القرى في منطقة إدلب التي يقطع مجرور الصرف الصحي لمدينة إدلب أراضيها الزراعية من ظاهرة انتشار البعوض والذباب بكثافة بالإضافة إلى الحفر الامتصاصية المكشوفة في تلك القرى وعدم تقيد المزارع المجاورة بشروط السلامة العامة. ‏

ويشير عدد من المواطنين إلى ان المشكلة أصبحت مزعجة ومؤرقة لما تشكله من أخطار بيئية وصحية على سلامة الأهالي، مؤكدين عدم فعالية عمليات الرش في إنهاء معاناتهم، مطالبين بضرورة العمل والإسراع في متابعة إنجاز محطة المعالجة في إدلب لمعالجة هذه الظاهرة ووضع حلول نهائية لهذه المشكلة. ‏

من جانبهم، أكد رؤساء بلديات تلك القرى بأن المباشرة بتنفيذ ومتابعة مشروع محطة المعالجة في قرية طعوم هي الحل الجذري لإنقاذ المنطقة من خطر التلوث جراء مرور مجرور الصرف الصحي لمدينة إدلب في الأراضي الزراعية والذي يشكل مصدراً أساسيا لانتشار البعوض إضافة لاستخدام المزارع المجاورة للمخلفات الحيوانية، موضحين ان الجهات المختصة تتعامل مع هذه الظاهرة من خلال الحملات الدورية للرش بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. ‏

وأبدى المواطنون نوعا من عدم الارتياح جراء اللامبالاة من قبل أغلبية البلديات التي تعتبر عمليات الرش في آخر سلم أولوياتها وقالوا: إن جميع البلديات تخصص في موازنتها مبالغ لشراء المبيدات والرش إلا أن عمليات الرش لا تبدأ في وقت مبكرمما يعطي الفرصة للحشرات للتكاثر. ‏

وفي مناطق بلديات الهباط والصواغية وزردنا ورام حمدان، طالب كل من فياض وياسر ومحمود البكور بعمليات الرش وتنفيذ برامج فعالة لمكافحة الذباب لتستمر طوال فصل الصيف. وقال فهد البكور إن وجود الحفر الامتصاصية في تلك القرى وعدم ربط بعض المنازل على شبكة الصرف الصحي يؤدي إلى تكاثر الحشرات وأبدى خوفاً من تسرب المياه العادمة إلى الآبار الارتوازية التي تغذي المنطقة بمياه الشرب والأمر ينطبق أيضا على بعض المناطق الأخرى التي تفتقر للصرف الصحي. ‏ ‏ - تشكل معامل البلوك ومناشير الحجر المنتشرة داخل الاحياء السكنية في إدلب فضلا عن ان معظمها غير مرخص مصدرا للتلوث البيئي من خلال تطاير الغبار والأتربة منها وإزعاجها لقاطني الأحياء. المواطن احمد غريب غالي منزله الحالي الذي يجاور منشرة الحجر التي تتوضع في موقع طريق عام أريحا ـ سراقب جانب معمل القرميد وهي بالتأكيد مخالفة كونها تتوسط اراضي زراعية مهمة من زيتون وتين، وقد سئم تكرار تقديم العرائض والشكاوى للجهات المسؤولة لوضع حد لمعاناته اليومية. ‏

وقال: تمتد معاناتي لسنوات خلت في ظل بارقة الامل التي كانت تلوح من وعود تلك الجهات وأضاف: إن تلك الوعود كانت مجرد تطمينات لا تستند الى ارادة حقيقية ومما يدلل على ذلك تزايد معامل البلوك ومناشير الحجر ضمن مناطق التنظيم دون ان تحرك تلك الجهات ساكناً. ‏

ويؤيد المواطن خالد الشريف ذلك بالقول: إن معامل البلوك ومناشير الحجر تنتشر داخل الأراضي الزراعية وربما بين الاحياء السكنية وعلى مرأى الجهات المسؤولة، وهي جهات تؤيد شكوى المواطن بخصوص الاثار البيئية لتلك المناشير. ‏

وأضاف: مع ذلك وفي الوقت ذاته تجدد لها تراخيص العمل الامر الذي يثير التساؤل حيال دور هذه الجهات في حل مشكلة بيئية تزداد آثارها ابان حلول فصل الصيف سواء كان ذلك بتطاير الغبار والاتربة والازعاج والضجيج الذي يتحمله المواطن او من حيث آثارها على حدائق المنازل. ‏

ويوضح المواطن عبدو الخلف ان المحافظة والبلديات ومديرية البيئة تتحمل المسؤولية الكاملة عن تزايد التلوث البيئي الناجم عن مناشير الحجر ومعامل البلوك التي تتاخم منازل المواطنين اذ تسمح قوانينها بمنع انتشارها داخل مناطق التنظيم او الزام اصحاب هذه المشاريع بتخفيف حدة تلوثها. ‏

وأشار إلى أن القانون يعطيها حق تحرير المخالفات وتفعيل دور لجان السلامة العامة ومنع تجديد تراخيصها او منح تراخيص جديدة، مع ضرورة نقل معامل الطوب ومناشير الحجر الى خارج مناطق التنظيم. ‏

السيد عمر قاسم اغا رئيس مجلس مدينة إدلب قال: ان اقامة مدينة صناعية امر لا بد منه للتخفيف من الاثار البيئية الناجمة عن معامل البلوك ومناشير الحجر. وأشار الى ان البلدية تطبق القانون بخصوص معامل البلوك ومناشير الحجر في مناطق التنظيم وذلك بانذار اصحابها واخذ التعهدات عليهم لالزامهم بالرحيل، واذا كان يحمل رخصة سابقة تجدد على ان يقوم العام القادم بالرحيل اذ لا يسمح له بتجديد الترخيص. ‏

‏ - إضافة الى ذلك تشكل المقالع والمحاجر مصدرا ضارا بالبيئة في محافظة إدلب اذ تتسبب في تدمير الاشجار الحراجية والمثمرة وتعمل على تصحر الاراضي الزراعية. ‏

ومما يفاقم من الامور إن هذه المقالع والتي يتراوح عمق بعضها من (7 ـ 9) أمتار لا تتم تسويتها عند الانتهاء منها من قبل المتعهد او صاحب الارض بل تظل تشوه المنطقة بسب نقص الرقابه من قبل الجهات المعنية. ‏

وقال احد المهتمين بالبيئة: ان رغبة بعض المواطنين في تأجير أراضيهم ورغبة المتعهدين بالحصول على المال والربح السريع سيحول المحافظة الى صحراء جرداء جراء التوسع في اعطاء رخص المقالع او وجود مقالع غير مرخصة تعمل سرا الأمر الذي يشكل استنزافاً للبيئة والطبيعة في ظل التعديات التي تحصل بين الحين والآخر من عمليات تقطيع ورعي جائر وحرائق تلحق بالثروة الوطنية اضرارا كبيرة. ‏

ويرى المهندس امين الحسن رئيس دائرة الحراج بإدلب أن وجود المقالع امر يضر بالطبيعة والبيئة ويؤثر في القطاع الزراعي حيث تقلل المساحة المخصصة للزراعة في ظل المعلومات الرسمية التي تشير الى أن مساحة المحافظة 609710 هكتارات، تتوزع من حيث قابليتها للزراعة إلى: أرض قابلة للزراعة مساحتها 344948 هكتاراً بنسبة 56.5% أرض غير قابلة للزراعة مساحتها 137233 هكتاراً بنسبة22.5%، أرض مروج ومراع مساحتها 46318 هكتاراً بنسبة7.5%، أراضي احراج وغابات مساحتها 18211 هكتاراً بنسبة 13.5% لافتا الى وجود عمليات تدمير البيئة من قبل الاليات التي تشوه الطبيعة والاراضي داعياً الجهات ذات العلاقة الى الحد من منح الترخيص ومتابعة المقالع المخالفة واغلاقها. ‏

واشتكى المزارع حسين حميدي من وجود المقالع الحجرية او تلك التي ينشئها اصحابها بحجة اصلاح الارض حيث تصل اعمال الحفر فيها الى عمق (8) امتار بدلا من (3) أمتار كحد اقصى عند اصلاح الارض مؤكدا أن العمق المثالي لاصلاح الارض يجب ألا يتجاوز (80) سم ما يؤدي الى تدمير الارض نفسها ويضر بالبيئة المحيطة نتيجة تطاير الأتربة والغبار على المزارع المجاورة وإتلاف محاصيل الاشجار المثمرة ويتسبب بخسارة المزارعين كما هو حاصل في موقع طريق عام أريحا ـ سراقب جانب معمل القرميد. ‏

وقال الفلاح نهاد حلاق: إن كثرة الاشجار والوديان في إدلب تتطلب المحافظة عليها من تطاير غبار المقالع والمحاجر كما يجب المحافظة على البنية التحتية للطرق التي تسير عليها الاليات التي تنقل انتاج المقالع. ‏

وطالب المحامي مصطفى جيعان الجهات المعنية باتخاذ اجراءات لمنع التجاوزات في المحاجر مؤكدا على ضرورة أن تكون هناك رقابة واهتمام من قبل وزارة الادارة المحلية والبيئة والجهات المعنية على اصحاب المحاجر الذين لا يلتزمون بعمليات الترخيص. ‏

ولابد من الاشارة الى ان معظم المقالع والمناشر الحجرية في إدلب قريبة من الاشجار والتجمعات السكانية وتؤثر تاثيراً مباشراً عليها وأدت الى إحداث تشوهات للطبيعة نتيجة للاستغلال العشوائي والتي بات على أصحاب المقالع طمرها وتسويتها بعد الانتهاء من استغلالها وإعادة زراعتها. ‏

علام العبد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...