المعلم: تمويل وتسليح التطرف الديني يستهدف تفتيت سوريا

27-09-2011

المعلم: تمويل وتسليح التطرف الديني يستهدف تفتيت سوريا

أكد وزير الخارجية وليد المعلم، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، أن دمشق ماضية في الإصلاحات، لكنه حذر من انه «أحد أهداف الحملة الظالمة التي تشنّ ضد سوريا هو ضرب نموذج التعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب السوري، وإلا لماذا هذا التحريض الإعلامي، والتمويل والتسليح للتطرف الديني من أجل الوصول إلى فوضى عارمة تقود إلى تفتيت سوريا». المعلم خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ ف ب)
وأشار إلى أنه «كلما اتخذنا المزيد من الخطوات الإصلاحية، يزداد حجم التحريض الخارجي، ويزداد إذكاء العنف المسلح المترادف مع فرض عقوبات اقتصادية عدة»، مشيراً الى ان «استهداف الاقتصاد السوري بفرض العقوبات التي تم اتخاذها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو في الحقيقة إضرار بمصالح الشعب السوري بمعيشته وحتى بحاجته اليومية البسيطة، ولا يتفق هذا بشكل من الأشكال مع القول بالحرص على مصالح الشعب السوري وأمنه وحقوقه، ويتناقض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تتذرع هذه الدول بالدفاع عنها للتدخل بشؤوننا الداخلية».
وقال المعلم «لقد ساندت سوريا بكل ما تستطيع الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني، ودعمت حركات المقاومة، وتمسكت بحقها الطبيعي في تحرير الجولان السوري كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967. وفي الوقت ذاته عملت على مد يد الصداقة لكل الدول، بانية علاقاتها الدولية على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المتقابلة، ومن منطلقها في خدمة وتعزيز القضية المركزية في ثوابت سوريا الوطنية، وهي مشكلة الشرق الأوسط، تحريراً للأرض واستعادة للحقوق».
وأوضح المعلم انه «بعد احتلال العراق خاضت سوريا معركة مواجهة سياسة الحصار والعزل، أو الرضوخ للإملاءات، فتصدت لهذه السياسة بكل ما استطاعت، رغم الأكلاف الباهظة على أولوياتها الأخرى واهتماماتها الداخلية، وخرجت من المعركة أكثر قوة وصلابة، محافظة على استقلالية قرارها وثوابتها الوطنية».
وتابع إن «ما تتعرّض له سوريا اليوم مشكلة لها وجهان: الوجه الأول أن البلاد بحاجة لإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية مطلوبة شعبياً، وسبق للرئيس بشار الأسد أن أعلن عن الحاجة إليها والرغبة الأكيدة في تحقيقها، إلا أن الظروف السياسية الضاغطة التي أشرت إليها آنفاً بإيجاز سريع، دفعت بالمتطلبات الداخلية - على أهميتها - لأن تكون في المرتبة التالية، بعد أولوية مواجهة الضغوط الخارجية التي وصلت إلى حد التآمر السافر في بعض الأحيان».
وقال «الوجه الثاني لما تتعرّض له سوريا حالياً هو استغلال الحاجات والمطالب الشعبية لأهداف تختلف كلياً عن رغبات الشعب السوري ومصالحه، وجعل هذه المطالب سلّماً ترتقيه جماعات مسلحة تعمل على زرع الفتن وتقويض الأمن، مشكلة بذلك ذرائع لتدخلات خارجية سبق لسوريا أن واجهتها كما ذكرت، وسوريا تمارس مسؤوليتها في حماية مواطنيها وضمان أمنهم واستقرارهم. وإن التنبه لخطورة التدخل الخارجي الذي يسفر عن وجهه كل يوم بشكل أو بآخر، والوقوف بحزم في وجه هذا التدخل، لا يعني التقليل من أهمية المطالب الشعبية، وهي بالأساس قد تم تبنيها منذ ما قبل الأحداث الأخيرة، إنها في نظرنا إصلاحات ضرورية وتطوير مستحق أنجزنا العديد من عناصره، ومستمرة بالعمل لتحقيق ما تبنى من خلال الحوار الوطني وذلك في إطار الوحدة الوطنية والسيادة والاستقلال».
وقال «لا بد هنا لتوضيح الصورة من التوقف عند ما جاء في خطاب الرئيس الأسد في 20 حزيران (الماضي)، حين أعلن عن خطوات إصلاحية عدة تتناول وضع قوانين جديدة: قانون للأحزاب يضمن التعددية السياسية، وقانون للإعلام يؤسس لإعلام حر ومستقل، وقانون للانتخابات البرلمانية وآخر للإدارة المحلية، يتوّج هذا جميعه ما جاء في خطابه حول وضع الدستور السوري موضع الدرس والمراجعة، سواء بإلغاء مواد معينة ليتضمّن الدستور التعدّدية السياسية والحياة الديموقراطية، أم بوضع دستور جديد يضمن كل ذلك. والدستور لدى كل الدول هو العمود الفقري للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وفي هذا تلبية جذرية للحاجات والمطالب الشعبية، فضلاً عن أن الرئيس ترك الباب مفتوحاً للمقترحات والآراء المختلفة في ما يتعلق بالجهد الإصلاحي ككل، وفي وقت لاحق أعلن خلال مقابلة تلفزيونية عن جدول زمني لإقرار الإصلاحات والتغييرات المعلنة وتنفيذها بما لا يتجاوز الستة أشهر. هذا موقف بالغ الأهمية ويتطلب حواراً وطنياً جاداً ومعمّقاً للوصول إلى الآليات والمضامين المطلوبة، وبالفعل انطلق منذ أسابيع حوار شامل في مختلف المحافظات السورية يضم ممثلين عن مختلف شرائح المجتمع السوري بمن فيهم المعارضون، لبحث برنامج الإصلاح الشامل بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وأضاف «أقول وبأسف شديد أن الوجه الثاني للمشكلة في سوريا، وهو نشاط الجماعات المسلحة تلبية لتدخلات خارجية، لم يتوقف بل جرى تصعيده إلى حد كبير، وكنا نتوقع من الدول التي تتحدث عن ضرورة الإصلاح والتغيير دعم الموقف الرسمي السوري بدلاً من التحريض والوقوف في وجهه، بل إن ما يحدث عملياً انه كلما اتجه الوضع في سوريا نحو الاستقرار، وكلما اتخذنا المزيد من الخطوات الإصلاحية، يزداد حجم التحريض الخارجي، ويزداد إذكاء العنف المسلح المترادف مع فرض عقوبات اقتصادية عدة. إن استهداف الاقتصاد السوري بفرض العقوبات التي تم اتخاذها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو في الحقيقة إضرار بمصالح الشعب السوري بمعيشته وحتى بحاجته اليومية البسيطة، ولا يتفق هذا بشكل من الأشكال مع القول بالحرص على مصالح الشعب السوري وأمنه وحقوقه، ويتناقض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تتذرع هذه الدول بالدفاع عنها للتدخل بشؤوننا الداخلية، والتي نص ميثاق منظمتنا هذه على أنه ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطات الداخلية لدولة ما».
وتابع «لقد قدمت سوريا إلى منطقتنا نموذجاً يحتذى به من التعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب السوري، وانتهجت من العلمانية نظاماً لتعزيز وحدتها الوطنية، آخذة بالاعتبار موقعها وسط منطقة تميزت عبر العصور بتنوعها الديني والعرقي لكونها مهبط الأديان السماوية، ومنبع الحضارات الإنسانية. إن تحليلاً يستند إلى معطيات واقعية لما يجري حول سوريا وداخلها، يظهر بوضوح بأن أحد أهداف هذه الحملة الظالمة التي تشن ضد سوريا هو ضرب هذا النموذج الذي يفتخر به شعبنا، وإلا لماذا هذا التحريض الإعلامي، والتمويل والتسليح للتطرف الديني من أجل الوصول إلى فوضى عارمة تقود إلى تفتيت سوريا، مع ما يلحقه ذلك من آثار سلبية للغاية على جوارها، أليس كل ذلك من أجل نشر مظلة الهيمنة الغربية على بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط وخدمة مصالح إسرائيل التوسعية».
وتابع «أؤكد لكم، تصميم شعبنا على رفض كل أشكال التدخل الخارجي بشؤونه الداخلية، وسنواصل العمل على تحقيق الأمن والاستقرار، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الشامل عبر الحوار الوطني، حتى تصبح سوريا خلال بضعة أشهر نموذجاً للتعددية السياسية وواحة للتعايش السلمي بين جميع مكونات شعبها. أدعو من على هذا المنبر الدول المشاركة في الحملة الظالمة ضد سوريا إلى وقفة مراجعة لحساباتها، وأقول لهم إن شعبنا لن يسمح لكم بتحقيق ما خططتم له. كما أوجه الشكر والامتنان للدول التي وقفت إلى جانب شعبنا في أزمته، ومنعت الإضرار بمصالحه وشجعت على تحقيق طموحاته».
وحول فلسطين، قال المعلم «منذ سنوات عدة، والمجتمع الدولي يعتمد حل الدولتين أساساً لإرساء السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولما كان التفاوض بين الجانبين، والذي استمر لسنوات عديدة، قد فشل في تحقيق أي تقدم في طريق الحل نظراً للمواقف والإجراءات الإسرائيلية المعروفة، فإن التوجه إلى المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 هو أمر مشروع، ويشكل خطوة إيجابية في الطريق لاسترجاع الحقوق الفلسطينية كاملة، وسوريا تدعو المجتمع الدولي لدعم هذا المطلب وتأييده».
وأضاف «نتطلع جميعاً إلى عالم أكثر عدلاً وأمناً، وللمنظمة الدولية دور كبير في هذا المجال، ويمكنها أن تلعبه بجدارة إذا ما تخلت بعض الدول صاحبة النفوذ عن سعيها باتجاه خدمة أجندتها الخاصة. مع ذلك نأمل أن يستطيع المجتمع الدولي من خلال منظمته السير في الطريق الصحيح لصنع العالم الأفضل الذي تتطلع إليه شعوبنا جميعاً».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...