المُعلَن وغير المُعلَن في زيارة أنجيلا ميركل إلى واشنطن

10-11-2009

المُعلَن وغير المُعلَن في زيارة أنجيلا ميركل إلى واشنطن

الجمل: استطاعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بعد جهودٍ مضنية، أن تقوم بتشكيل حكومتها الائتلافية الجديدة، وكعادة كل زعماء حركات وقوى يمين الوسط الأوربية، فقد غادرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل العاصمة برلين، على وجه السرعة في زيارة للعاصمة الأمريكية واشنطن:
* جدول أعمال زيارة المستشارة ميركل في واشنطن:
تقول التقارير بأن المستشارة الألمانية ميركل قد قامت بزيارة أمريكا، بناء على دعوة رئيس مجلس النوّاب الأمريكي نانسي بيلوزي. هذا، وقد تضمن جدول أعمال زيارة المستشارة الألمانية ميركل الآتي:
• إلقاء خطاب أمام الكونغرس الأمريكي (مجلس النوّاب + مجلس الشيوخ) بمناسبة ذكرى مرور 20 عاماً على انهيار جدار برلين، وتوحيد ألمانيا.
• عقد لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ضم الوفد الألماني المرافق للمستشارة أنجيلا ميركل كل من: وزير الخارجية الألماني غيدو ويسترفيل، وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تزو غوتنبرغ. هذا، وقد تضمنت لقاءات ميركل مع الأمريكيين أجندة: إشكالية انتعاش النظام العالمي، إشكالية التغيّر المناخي، إشكالية أفغانستان، إشكالية الأزمة الإيرانية.
* خلفيات علاقات خط و اشنطن – برلين:
تشير المعطيات إلى أن مخاطبة المستشارة ميركل للكونغرس الأمريكي، تعتبر في حدّ ذاتها حدثاً يحمل قدراً من الدلالات الكبيرة، وذلك، لأن آخر مرّة خاطب فيها رئيس ألماني الكونغرس الأمريكي، كانت في العام 1957م، وإضافة لذلك، يجدر الإشارة، إلى أن المستشارة ميركل قد التقت بالرئيس باراك أوباما، أربع مرات منذ لحظة توليه لمنصب رئيس الولايات المتحدة في كانون الثاني الماضي، في بادن-بادن بألمانيا، على هامش اجتماع قمة الناتو الأخيرة، وفي درسدن بألمانيا ، إضافةً إلى لقاء  واشنطن الأخير.Germany
تعتبر لقاءات ميركل – أوباما، من بين الأكثر مقارنة مع لقاءات الرئيس الأمريكي مع الزعماء الآخرين، والسبب يتمثل في الآتي:
• رغبة واشنطن في حث برلين على عدم التورط في علاقات استراتيجية مع موسكو.
• رغبة واشنطن في حث برلين على ضرورة التوافق مع منظور واشنطن الداعم لمبدأ توسيع الاتحاد الأوربي، وتمديد حلف الناتو شر قاً.
• رغبة واشنطن في حث برلين على ضرورة دعم حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوربا، وتحديداً: بولندا، جمهورية التشيك، أوكرانيا، جورجيا، رومانيا وبلغاريا.
• رغبة واشنطن في حث برلين على ضرورة تقديم المزيد من الدعم للحرب في المسرح الأفغاني.
• رغبة واشنطن في حث برلين على ضرورة اعتماد المواقف الرسمية الحاسمة لجهة دعم برامج العقوبات الأمريكية والدولية ضد إيران.
ولكن، بالمقابل لهذا المنظور الأمريكي، يوجد المنظور الألماني، الذي يسعى لجهة التفاهم مع أمريكا من أجل الآتي:
• حث واشنطن من أجل اعتماد البرامج الاقتصادية القادرة على إنقاذ الاقتصاد العالمي من مخاطر الأزمة الحالية.
• حث واشنطن من أجل اعتماد البرامج التي تساعد في القضاء على أزمة التغيّر المناخي.
• حث واشنطن من أجل التعامل بواقعية أكثر مع الحرب الأفغانية.
• حث واشنطن من أجل قبول وجهة النظر الألمانية الرافضة للتشدد وتصعيد المواجهة مع إيران.
من الواضح أن قائمة المطالب الأمريكية، لا تتناسب ولا تنسجم مع قائمة المطالب الألمانية، وذلك لأن التحالف الألماني الحاكم حالياً، والذي تشكلت حكومته الائتلافية بعد الانتخابات الأخيرة، سو ف لن يوافق بسهولة، لا على المطالب الأمريكية، ولا عن التنازل عن المطالب الألمانية، والتي تمثل في حقيقة الأمر الأجندة الانتخابية التي استطاعت على أساسها أركان التحالف الألماني الحصول على مساندة الناخبين الألمان.
* النتائج المتوقَّعَة من خلافات برلين – واشنطن:
تقول التصريحات الألمانية بضرورة تحقيق نتائج "ملحوظة" في التفاهم الألماني – الأمريكي، ويقول الأمريكيون بضرورة تحقيق نتائج "ملحوظة" ةفي التفاهم الأمريكي – الألماني، ولكن على ما يبدو، فإن تفسير كل طرف لعبارة "نتائج ملحوظة" يتنافر وربما يتعاكس مع تفسير الطرف الآخر، ويمكن الإشارة إلى النقطتين الخلافيتين الرئيسيتين ، على النحو الآتي:
• تؤكد برلين، على ضرورة أن تسعى واشنطن لتحقيق مبدأ «قيادة أمريكا للعالم» من خلال قيادة واشنطن لمؤتمر كوبنهاجن الذي يتم برعاية الأمم المتحدة، ويتعلق بمناقشة أزمة التغير المناخي، وما هو واضح، أن الإدارة الأمريكية لن تستطيع القيام بدور رئيسي في هذا المؤتمر العالمي الهام، وذلك لأن مبادئ معالجة التغيّر المناخي التي سو ف يتم طرحها داخل المؤتمر، سوف تتناقض مع قانون مجلس النوّاب الأمريكي الأخير المتعلق بحماية البيئة واستخدام الطاقات المتجددة. وباختصار، فإن أمريكا لن تلتزم بتقليل نسب انبعاث الغازات الكربونية، لأن ذلك معناه بالنسبة لواشنطن تقليل الأنشطة الصناعية الأمريكية.
• تؤكد واشنطن على ضرورة أن تسعى برلين من أجل دعم زيادة حجم وعتاد القوات الألمانية الموجودة في مسرح حرب أفغانستان، ولكن سوف تكون تلبية المطلب الأمريكيMerkel & Obama صعبةً إن لم تكن مستحيلة، وذلك، لأن الرأي العام الألماني أصبح معارضاً لحرب أفغانستان، إضافةً إلى زيادة عدد وعتاد القوات الألمانية في أفغانستان، هذا أمر لن تستطيع الحكومة الألمانية القيام به، فهو لا يدخل ضمن صلاحيات المستشارة ميركل، وإنما ضمن صلاحيات البرلمان الألماني (البوندستاغ)، والذي تقول المعلومات، بأنه سوف  يعقد جلسة في منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2009م القادم، من أجل التصويت على مشاركة ألمانيا في حرب أفغانستان. وبسبب معارضة الرأي العام الألماني، فإن البرلمان سوف لن يقف إلى جانب زيادة عدد القوات الألمانية في أفغانستان، ولكن، برغم ذلك، فمن الممكن أن يصوّت البرلمان الألماني لصالح خيارين، الأول، إبقاء حجم القوات الألمانية على ما هي عليه، الثاني، زيادة نسبة مساهمة ألمانيا في عمليات إعادة إعمار أفغانستان.
• برغم التوقعات بعدم حدوث القطيعة الكاملة بين طرفي علاقات خط واشنطن – برلين، فإن كل المؤشرات أصبحت تؤكد بأن العلاقات الأمريكية – الألمانية سوف تأخذ خلال الفترة المقبلة نمطاً يختلف عن ذلك النمط التقليدي الذي ظلّ سائداً، وبكلماتٍ أخرى، فإن برلين، أصبحت أكثر استقلالية، وأكثر عدم قابلية للإذعان والإملاءات الأمريكية الوحيدة الاتجاه. وما هو جدير بالملاحظة، أن الحكومة الألمانية، أيّاً كانت توجهاتها، سوف تجد نفسها متورطةً في مواجهة مع الرأي العام الألماني، إن سعت لمساندة توجهات واشنطن إزاء القضايا الإقليمية والدولية.
التوجهات السياسية الألمانية الجديدة إزاء العلاقات مع أمريكا سوف تلقي بتداعياتها على علاقات عبر الأطلنطي، وحالياً تقول المعلومات، بأن هناكً أطرافاً أوروبية أخرى سوف تسعى لاعتماد وتبني نفس التوجهات الألمانية، و يشير العديد من المراقبين والمحللين، إلى أن مؤتمر كوبنهاجن العالمي المتعلق بالبيئة سوف يكون بمثابة المنعطف الخطير الذي سوف يحدد مستقبل العلاقات الأمريكية – الأوروبية، وذلك، لأن عدم وقوف أمريكا إلى جانب معالجات مشكلة التغير المناخي، سوف يترتب على الآتي:
- فقدان واشنطن لمصداقية قيادتها للعالم في أوساط الرأي العام الأوروبي المتشدد إزاء ضرورة الالتزام بملفات حماية البيئة الطبيعية.
- وضع الحكومات الحليفة لأمريكا في مفترق الطرق، بحيث إما تساير أمريكا والدخول في المواجهة مع الرأي العام، أو الوقوف إلى جانب توجهات الرأي العام والتخلي عن مسايرة أمريكا.
الخلافات الأمريكية – الأوروبية حول ملف البيئة، وملف حرب أفغانستان، بدأت تلقي بظلالها، وتقول المعلومات، بأن قمة أمريكا – الاتحاد الأوروبي الحالية سوف تشهد انطلاق أولى شرارات الخلافات الأوروبية – الأمريكية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...