بدعم من السفير الامريكي جعجع يحاول استعادة الـ LBC

30-09-2006

بدعم من السفير الامريكي جعجع يحاول استعادة الـ LBC

توقف «كلام الناس» على شاشة «إل.بي.سي.». مرسيل غانم في «اجازة»، تماماً مثل «إجازته» الاولى مطلع هذا العام. المسؤول الرسمي عن أخبار المحطة جورج غانم، لا يبدو مسؤولاً عن أي من أخبارها. وليد عبود يستعد للانتقال الى استعراض كلامي (توك شو) مسائي. والفريق الاعلامي في “الأرز” يتولى الاتصال بالمحررين وبمن هو مناوب، أما فرق العمل التقني والإخباري وحتى الإداري، فقد تبلغت أنها تتلقى أوامرها من غير اصحاب الامر في المؤسسة قانوناً، وأما رئيس مجلس الادارة المدير العام، بيار الضاهر، فهو على سفر وصمت ومنجم ألغام وأسرار وأخبار.. باختصار، “شيء ما” كبير يضرب “المؤسسة اللبنانية للإرسال”.
وضع يد، انقلاب، استعادة حق، مداهمة، تصحيح وضع... قد تكون مفردة «انتفاضة» هي الافضل لتوصيف ما يحصل في أدما، نظراً الى كونها الاكثر تماشياً مع تاريخ المؤسسة وتاريخ المعنيين بالحدث المستمر تدريجاً منذ نحو اسبوع.
اي رقم تحمل «انتفاضة» سمير جعجع التلفزيونية على بيار الضاهر، في تاريخ المحطة؟ قد تكون الثامنة على أقل تقدير، ما عدا السهو والغلط.
عشية خروجه من السجن، كان جعجع يتابع باهتمام وضع المؤسسة. كانت زوجته ستريدا مصدراً رئيسياً للأخبار: هذا معنا وهذا ضدنا، وهذا باعنا وهذا يعمل لمصلحة سوريا وحماعتها.. إلى جانب آخرين ينقلون إليه معطيات عن الواقع المالي والاداري. وقبل ان يغادر الحكيم السجن ويسافر عبر المطار كانت الإشارات الاولى لسياسته، وكانت لائحة المدعوين لاستقباله ووداعه في المطار قد شملت المحظيين وأبعدت المغضوب عليهم، ولما اقلعت الطائرة بدأت الحكاية الصعبة.
قبل عودة جعجع من الخارج كانت الاتصالات قد بدأت بينه وبين الضاهر، وتولاها بشكل رئيسي انطوان الشويري الذي يبدو أن قسماً كبيراً من امواله يخص القوات نفسها، وهو تولى الاتفاق على تخصيص مبالغ شهرية لمصلحة الحكيم ومصاريفه الشخصية والحزبية المستجدة (يؤكد كثيرون ان هذه الاموال ليس لها اي علاقة بحسابات المؤسسة). ثم كانت هناك توقعات غير واضحة بالنسبة إلى مصير المحطة القانوني، بعدما تبيّن ان القانون الذي وفر الغطاء الشرعي للمحطة بعد سجن جعجع قد اقتضى شراء حصص وبيع حصص، بقي منها 49 في المئة لمجموعة بيار الضاهر (تضمّه وشقيقه مرسيل وزوجته رندا وسقيقاتها رلى وريما وإيمان اضافة الى روني جزار ممثلاً انطوان الشويري) مقابل 51 في المئة لعدد كبير من المستثمرين بينهم سياسيون ورجال اعمال أبرزهم عصام فارس ونجيب ميقاتي ونبيل البستاني وميشال ادة وميشال فرعون وصلاح عسيران وجورج فتال وجاك صراف ومروان خير الدين. علماً بأن كلاً من هؤلاء يملك في القناة الفضائية نصف ما يملكه في الارضية، بينما بقي 49 في المئة من الفضائية موزعاً بين السعوديين صالح كامل والوليد بن طلال قبل ان يتملك الاخير الحصة المتبقية كاملة (49 في المئة). وهذا ترافق مع الاتفاق الذي عقدته القناة مع مؤسسة “الحياة” وصاحبها الامير السعودي خالد بن سلطان.
لكن جعجع كان يطلب التدقيق في اوضاع شركات إنتاج أسسها الضاهر خلال الفترة الماضية، وكان يحرص على نفي رواية منسوبة له ومفادها انه اضطر عام 1992 لأن يتنازل عن حصص القوات في المؤسسة مقابل اموال كان يحتاج إليها في تلك المرحلة، وانه بذلك تخلى عن كل حصص القوات في المحطة مقابل سعي الضاهر الى توسيع دائرة المساهمين فيها، وانه عندما وافق على ان يتولى الضاهر إيجاد المخرج السياسي والاداري للمحطة قبل توقيفه بأيام، لم يكن قد تنازل عن كامل حقوق القوات وأنه يملك من الوثائق ما يكفيه لرفع دعوى قضائية الآن، علماً بأن كل المساهمين في المحطة ينفون وجود اي اوراق قانونية تفيد جعجع في قضيتهم، وان الضاهر اكد لهم مراراً عدم وجود مثل هذه الاوراق.
ومنذ احتدام السجال السياسي الداخلي بعد 14 آذار، كان هناك ميل واضح لدى الفريق المشرف على المحطة لأن تكون سياسياً اقرب الى هذا الخيار. لكن هناك من شعر بأن هناك من يريد إعادتها الى “واقع حزبي”، وتطور الكلام حتى بعد عودة جعجع واتخاذ إجراءات امنية خاصة استدعت إعادة توظيف قواتيين سابقين في المؤسسة الامنية الخاصة بالمحطة، وصولاً الى شكوى كثيرين من ان القوات تريد تحويل المحطة الى “ثكنة” وأن الامر بدأ ينعكس على الأخبار وعلى البرامج السياسية، وصولاً الى ان جعجع قبل برواية زوجته وقرر عدم التعامل مع فريق من العاملين في الاخبار والبرامج السياسية، وصولاً الى أنه امتنع عن إجراء الحوار الأول معه بعد عودته الى لبنان مع مرسيل غانم وفضل قناة “المستقبل”، ليتطور الأمر لاحقاً الى نقاش حول من يفضله جعجع وبدا أنه أقرب الى الزميلة مي شدياق. وبعدما تعرضت الاخيرة لمحاولة اغتيال كان النقاش الاولي معها حول برنامج نصف سياسي قد حسم لمصلحة انها سوف تحظى ببرنامج سياسي مستقل. لكن الامر كان يحتدم في مكان آخر، حيث الصراع على البرامج وعلى الضيوف من نوع لم تشهده المحطات الزميلة من قبل، “كلام الناس” و“بكل جرأة” و“الحدث” اضافة الى “نهاركم سعيد”. علماً بأن السيطرة المبدئية لفريق جعجع قد حققت تقدماً كبيراً، من مي الى وليد عبود الى مروان متني المشرف على “الحدث” والذي أعاد تموضعه في الفترة الاخيرة وتولى مع الاداري حاتم حاتم ادارة جانب من علاقات المحطة بالقوى السياسية ولا سيما مع حزب الله.
ولما حاول الضاهر ضبط الامر بدأت الاشارات العملية المناقضة تأتيه من اكثر من جانب. نشرة يومية عن أخبار واستقبالات جعجع الى جانب حديث يومي له. تقنيون يعطلون محاولة بث مباشر لاحتفالات العونيين. وآخرون يقطعون بشكل غير مهني تقارير واردة في نشرات الأخبار تخص معارضي القوات ولا سيما في الشارع المسيحي. ثم عمل على زرع عدد كبير من الموظفين غير الموالين للضاهر في أقسام مختلفة من المحطة. وهمس بإمكانية معاقبة المحطة من خلال تقليص الحصة الاعلانية التي يشرف عليها الشويري الذي بدا اقرب الى جعجع من الضاهر.
فجأة شعر الضاهر بأن الامور تلامس حدوداً خطرة. كان البحث جارياً حول بث “المقايضة الكبرى” الوثائقي الخاص بعملية تبادل الاسرى بين حزب الله وإسرائيل. رفض جعجع وفريقه داخل المحطة عرض الوثائقي لأنه “يعطي شرعية لموقف حزب الله من النقاش حول الاستراتجية الدفاعية” وحصل جدل آخر حول عرض البرنامح مرتين. وفي هذه الفترة شعر بيار الضاهر بأن الارض تهتز من تحته، وهو الذي واجه اختبارات قاسية سابقاً قرر الهجوم وأعلن ما يشبه “الانتفاضة” وأبلغ جميع العاملين بأن المؤسسة غير مملوكة من القوات وأنها لا تنطق باسم القوات. ثم عيّن على الاثر جورج غانم مديراً للأخبار دون ان يصدر مذكرة رسمية بذلك.
لكن تطورات مع بعد الحرب الإسرائيلية وقصف الطائرات الإسرائيلية محطة ارسال تابعة للمحطة وتراجع العائدات خلال الاشهر الثلاثة الماضية ترك أثره الكبير. واصل جعجع هجومه وأبدى رغبة في كسر قرارات الضاهر. وبدأ فريقه الخاص يعمل على تحرير مديرية الاخبار والبرامج السياسية عملاً بالامر الواقع الذي تعوّد عليه الحكيم سابقاً، وأن يرد على الانتفاضة بمثلها. فلم يعد يحترم احد الهرمية وصارت الامور تتجه صوب تعقيدات من نوع مختلف. فيما كان السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان يتابع المعركة من جانب آخر بالضغط على الضاهر وبالعمل لتوسيع هامش القوات داخل المحطة، وحيث كان جعجع يعمل على اختيار مقربين منه للإشراف على جميع البرامج. كان هو قد ارسل بطلب نوفل ضو من أجل تعيينه ناطقاً اعلامياً باسمه. رفض الاخير وطلب منصباً حزبياً في منطقة كسروان، وأن يكون له دور مباشر داخل المحطة، حاله حال وليد عبود الذي انتقل الى البرامج المسائية بالتعاون مع “النهار”، فيما كانت هناك معركة الضيوف بوجه مرسيل غانم، تمهيداً لإحراجه فإخراجه من المحطة. وفي هذه الفترة كان الضاهر كعادته كثير السفر. وهو الذي ابلغ قبل شهور عدة بضرورة التحوط امنياً، فكثف من سفره، وصارت الشائعات تكثر حول نيته فتح قناة خاصة في دبي او انه يعمل على إنتاج خاص مع “الحياة” او آخرين. بينما يواصل جعجع مد نفوذه داخل المحطة، وكان مهرجان حريصا هو المحطة الابرز في المعركة المفتوحة.
وفي اتصال ببيار الضاهر قال: مرسيل غانم لم يترك المؤسسة. لم يحصل أي استيلاء للقوات، والحوارات متوقفة مع جعجع حول الوضع كله.
بعد تأسيس سريع في 23 آب 1985، برعاية الياس حبيقة وصولانج الجميل وسمير جعجع وكريم بقرادوني، لم يلبث الاول ان جرد انتفاضته الاولى على المحطة، في شكل تزامن مع حركته الانقلابية الشهيرة في 9 أيار من ذلك العام. فانتقل التلفزيون الى اجواء «الاتفاق الثلاثي»، ليظل فيه نحو اشهر، انتهت بالانتفاضة الثانية التي قادها جعجع ضد حبيقة في 15 كانون الثاني 1986.
بعدها بدا تلفزيون “القوات” متجهاً الى حقبة من الاستقرار بقيادة جعجع وإدارة «بيارو» كما يسمي القواتيون الشيخ بيار الضاهر. لكن قلاقل 10 آب من العام 1986 كادت تلامس مقر المؤسسة في دار المعلمين سابقاً في صربا ـــ جونيه. يومها قامت مجموعات من المتململين من قيادة جعجع بحركة اعتراضية مسلحة، لم تلبث ان اجهضت بعد مواجهة عسكرية في حرم المحطة نفسها.
بعد 10 آب 86 ارتاحت “أل بي سي” 6 سنوات كاملة افتقد خلالها كثيرون الراحة. انتهت ولاية أمين الجميل بفراغ رئاسي، جاء ميشال عون رئيساً للحكومة، اندلعت اولى الحروب المسيحية في 14 آذار، ثم الحرب المسيحية الكبرى في 31 كانون الثاني 1990. اجتاح السوريون المناطق الشرقية في 13 تشرين الأول من العام نفسه، قامت “سلطة الطائف”، والمحطة القواتية على استقرار داخلي، وسط العواصف الخارجية.
منتصف العام 1992 كان جعجع في بداية معاناته مع السلطة وممانعته لها. سقطت حكومة عمر كرامي في 6 أيار، جاء رشيد الصلح، وتقرر إجراء انتخابات نيابية مبكرة ومفاجئة. وقف جعجع مع القوى المسيحية المقاطعة، وتحولت المحطة منبراً للمواجهة، فوقعت محاولة الانتفاضة الرابعة.
ليل 23 ـــ 24 تموز 1992، استفاقت وزارتا التربية والاشغال العامة على ضرورة استعادة املاكهما في الكرنتينا (المجلس الحربي) وفي صربا (مقر أل بي سي)، اضافة الى ممتلكات رسمية اخرى من بيت الدين وبعقلين وسواهما. صباح اليوم التالي كانت “اللبنانية للإرسال” تنقل من صربا الى أدما، من دون انقطاع البث ولا حتى ثانية واحدة.
عامان من الاستقرار النسبي في المركز الجديد المشترى نقداً من «الصندوق الوطني» التابع للقوات، وبداية تمايزات سياسية وإدارية بين جعجع والضاهر حول المؤسسة والوضع العام الأداء والمواقف. تمايزات انعكست اكثر من مرة داخل المحطة: ترك ايلي صليبي الاخبار ليحل محله جاك واكيم فترة وجيزة.
تبدل الكثير من المذيعين والمذيعات والمسؤولين وصولاً حتى استقالة الضاهر نفسه سنة 1993، ومسارعة جعجع الى تعيين مدير مكتبه، ابراهيم اليازجي، مسؤولاً عن التلفزيون. لكن اسابيع قليلة كانت كافية لاستدراك الوضع، عاد «بيارو» وعاد التعايش الحتمي الصعب.
في 27 شباط 1994 انفجرت كنيسة سيدة النجاة في ذوق مكايل. اتهم وليد جنبلاط سمير جعجع بارتكاب الجريمة. في 10 آذار طوّق جعجع في غدراس. وفي 23 منه أصدرت حكومة رفيق الحريري قرارها بحل القوات وإسكات الاعلام المرئي والمسموع. صعد بيارو الى جعجع حاملاً سؤالاً واحداً: ماذا أفعل بالتلفزيون؟
أجابه رفيقه القديم: “شو ما بدك، بس خلص المؤسسة”. طرح الضاهر امكان الاستعانة بسليمان فرنجية، وافق جعجع. بعد اسابيع ذهب جعجع الى اليرزة معتقلاً، وذهبت المحطة الى فرنجية لاجئة محمية. بعد شهرين على اعتقال جعجع في 21 نيسان 1994، صدر القانون 382/94، تنظيم الاعلام المرئي والمسموع. ألغيت كل المؤسسات السابقة، وأنشئت اخرى جديدة، بينها واحدة نالت ترخيصاً تلفزيونياً فئة أولى، باسم «المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشيونال». المساهمون اكثرية مطلقة لفريق بيار الضاهر، اضافة الى نسب اخرى لعصام فارس وفرنجية ونبيل البستاني وميشال اده وآخرين كثر. أقلعت المحطة في الاجواء السياسية المفروضة، وبدت مرتاحة في تكيفها الجديد، بالوجوه ذاتها والاسماء ذاتها، لكن بلغة مغايرة، غالباً مناقضة، وأحياناً مزايدة.
وفي هذه الاثناء قيل إن تمويلاً معيناً ظلت تؤمنه المحطة، إن مباشرة او بواسطة مؤسسات انطوان شويري الاعلانية الشقيقة، لمصلحة ستريدا جعجع، الى ان اطل صيف 1998، انتخابات بلدية شهدت تقارب جعجع مع الحريري في بيروت، فانفجرت فجأة سيارة مفخخة في منطقة الدورة منتصف حزيران واقتيد الضاهر والشويري وآخرون الى التحقيق.
النتيجة: وقف تمويل جعجع، إشراف سياسي مباشر على المحطة، وتبديلات في بعض الوجوه. لم يطل الأمر اكثر من اشهر قصيرة. خريف 1998 جاء اميل لحود الى الرئاسة، اصطفت المؤسسة على خط بعبدا وعادت الامور الى نصابها، حتى 27 تموز 2005.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...