عبد المنعم رياض: حكاية جميلة من مصر

12-03-2013

عبد المنعم رياض: حكاية جميلة من مصر

قبل 44 عاماً، وفي 9 آذار من العام 1969، استشهد في أحد المواقع المتقدّمة للجيش المصري على قناة السويس، الفريق أول عبد المنعم رياض، الذي اختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رئيساً لأركان الجيش المصري، ليعيد مع أستاذه الفريق أول محمد فوزي بناء القوات المسلحة المصرية تمهيداً لإزالة أثار العدوان وتحرير الأرض بعد عبور القناة.
واستحضار ذكرى عبد المنعم رياض اليوم له أكثر من بعد وطني وشعبي وعسكري.
فعلى الصعيد الوطني يشكّل استحضار هذا الرمز الكبير وكل رفاقه الشهداء من أبناء مصر، عسكريين ومدنيين، تذكيراً بالبوصلة الوطنية في مصر تجاه العدو الصهيوني وأولوية الأمن القومي لمصر الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
إن جيش مصر الذي لم تستطع كل المعاهدات والاتفاقيات والملاحق السرية والعلنية أن تغيّر من عقيدته العسكرية، وأن تحوّل العدو إلى صديق، والصديق إلى عدوّ، مدعو اليوم، وبعدما تحرّر من أنظمة كمب دايفيد، وعلى طريق التحرر من المعاهدة المشؤومة ذاتها، أن يستلهم ذكرى هذا القائد الشهيد وكل الشهداء من أجل أن يستكمل مهامه الوطنية، ويعبئ جنوده وصفّ ضباطه وضباطه بروح معنوية عالية، عبّدها لهم كل الذين خرجوا من المؤسسة العسكرية المصرية ثواراً ومقاتلين كأحمد عرابي، وجمال عبد الناصر، وعبد المنعم رياض.
كذلك تكتسب الذكرى 44 لاستشهاد عبد المنعم رياض أهمية استثنائية في الظروف التي تمرّ بها مصر حالياً، حيث نشهد تعلّق المصريين بجيشهم كحام لأمنهم الوطني كما أمنهم القومي.
وعلى الصعيد الشعبي يذكّر استشهاد عبد المنعم رياض المصريين بالأرض التي استشهد فوق ترابها الطاهر، أرض القناة المحاطة بمدن عريقة في المقاومة والبسالة كبور سعيد، والإسماعيلية، والسويس، وبور فؤاد وغيرها، من مدن كانت ولا تزال، رموزاً للمقاومة في تاريخ مصر الحديث والقديم.
فبور سعيد وأخواتها تتذكّر الفريق الشهيد ورفاقه كلما تذكّرت مقاومتها التاريخية للعدوان الثلاثي، كما تتذكّره بور فؤاد يوم خاضت القوات العسكرية المصرية معركة رأس العش التي منعت من خلالها قوة عسكرية صغيرة بإشراف رياض، القوات الإسرائيلية من السيطرة على بور فؤاد.
ويذكره أبناء مدن القناة كلهم يوم قاد مع الفريق الراحل فوزي ونخبة رائعة من ضباط مصر، كخليفته الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي، حرب الاستنزاف، فدمّر شباب مصر المدمّرة الإسرائيلية إيلات وأسقطوا الطائرات الحربية الإسرائيلية، ومهّدوا مع أبي الصناعة المصرية الراحل الدكتور عزيز صدقي الطريق للعبور، الذي اراده عبد الناصر عام 1970، وبنى من أجل مصر حائط الصواريخ المضادة للطيران الحربي الصهيوني، وهو الحائط الذي لم يكن رياض بعيداً عن التفكير بإنشائه.
غير أن أهم من كل ذلك، أن عبد المنعم رياض قد توجه بنفسه لقيادة الجيش المصري خلال الاشتباكات العنيفة التي نشبت مع القوات الصهيونية في مطلع آذار 1969، على امتداد الجبهة من السويس جنوباً إلى القنطرة شمالاً، بل أصرّ على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعية التي لم تكن تبعد أكثر من 250 متراً عن مرمى النيران الصهيونية، فاستشهد القائد مجسّداً مقولته الشهيرة: «أن مهمّة القائد أن يكون بين جنوده، بل على رأسهم في أي معركة».
ألهب استشهاد عبد المنعم رياض معنويات أبناء مصر والأمّة، مثلما ألهب انتصار المقاومة الفلسطينية في معركة الكرامة قبل عام من استشهاد رياض، فبدأ التحضير لحرب تشرين بين القاهرة ودمشق، وهي حرب لا يمكن فهم ما يجري في البلدين اليوم من دون العودة إلى نتائجها وتداعياتها، فمصر وسوريا قطبا الرحى في أمن الأمّة القومي، وعبد المنعم رياض أبرز شهداء الدفاع عن كرامة الأمّة.

عبد المنعم رياض

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...