عمان تجاوزت رعب جرثومة السالمونيلا ومازالت تمنع الشاورما

23-09-2007

عمان تجاوزت رعب جرثومة السالمونيلا ومازالت تمنع الشاورما

مع نهاية فصل الصيف، انحسرت مخاوف سكان عمان من الضربة الوبائية التي سددتها جرثومة «السالمونيلا « Salmonella لهم بداية الصيف. وحينها، بدت العاصمة الأردنية وكأنها تعيش مشاهد فيلم سينمائي يحكي قصة غزو الأرض بفيروس فضائي؛ فقد أوقعت ضربة السالمونيلا نحو 1000 شخص في فخ التسمم الغذائي، قضى أحدهم نتيجة مضاعفاته.

المعلوم أن «السالمونيلا» بكتيريا شديدة الأذى، يُشبه شكلها العصي، وتتمتع بغلاف قوي. وتضم تنويعاتها نحو 200 نوع قادرة على إحداث تسمم غذائي للبشر. وتصيب مليوناً ونصف مليون شخص في الولايات المتحدة سنوياً؛ يقضي نحو 500 منهم، فيما يعاني 2 في المئة من المصابين مرضاً مزمناً في الأمعاء. وغالباً ما تنتقل من روث المواشي والدواجن الى البشر، بسبب انخفاض مستوى النظافة خصوصاً بالنسبة الى التعامل مع بيض الدجاج. ويتميز التسمّم الغذائي الذي تُحدثه «السالمونيلا» بأعراض تظهر بعد 12 أو 24 ساعة من دخولها الى الجسم، وتتضمن الإسهال والقيء والتقلصات المؤلمة في البطن والتعرق الشديد والحرارة العالية.

وتستمر الأعراض بين 4 و7 أيام. وإذا دخلت تلك البكتيريا الى الدم، فإنها تُحدث تسمماً عاماً قد يؤدي الى الوفاة.

اجتاح التسمم البلد وتعاقب سقوط الضحايا حتى منعت الحكومة في قرار تاريخي بيع الشاورما حتى صدور تعليمات صارمة تنظم بيعها وتحول دون تحولها إلى وحش يهاجم المواطنين.

وأوضح نقيب الأطباء البيطريين الدكتور عبدالفتاح الكيلاني إن المواصفات العالمية تسمح بحد أدنى من جرثومة «السالمونيلا» على المسطحات الخارجية لجسم الخراف وغيرها من مصادر اللحوم؛ تقدر بنحو 10 غرامات على المساحة السطحية للذبيحة، وإلا فإنه يصار إلى إتلافها. كما لفت إلى أن الدجاج المصاب ببكتيريا السالمونيلا لا يعد مريضاً، بيد أن خطورته تكمن في إمكان نقلها إلى الإنسان.

وزاد الكيلاني أن بكتيريا «السالمونيلا» لا تقاوم الحرارة، وتموت عند تسخين الطعام لدرجة تُقارب 55 درجة مئوية ولفترة كافية. كما أن حفظ اللحوم في درجة حرارة أقل من 10 مئوية كفيل بالتخلص منها. لكنه لفت الى أن «جرثومة من السالمونيلا تحتاج إلى حرارة تصل إلى 35 درجة مئوية لتتضاعف إلى مليون جرثومة خلال أربع وعشرين ساعة». وقال إن «المايونيز» الذي يستخدم لتطييب الشاورما يعتبر المرتع الأكثر خصوبة لنمو «السالمونيلا» وتكاثرها، خصوصاً أنه يحضّر من البيض النيء، وغالباً ما لا يحفظ في درجات حرارة مخفوضة.

وأشار الى أن التسمم بهذه البكتيريا يحدث عند تكاثرها في الطعام الغني بالبروتينات وغير المطهو جيداً. فعندها تبدأ السالمونيلا بإفراز سمومها التي تُحدث أعراض التسمم الغذائي. وكوسيلة دفاعية يلجأ جسم الإنسان إلى طرد «السالمونيلا» منه عبر مخرجي القيء والإسهال. لكن ذلك بحسب الكيلاني يعرض الجسم لخطر الجفاف لفقدان كميات كبيرة من السوائل. والثابت أن احتمال شفاء المصاب بالتسمم «السالمونيللي» وارد في شكل كبير. بيد أنه قد يبقى حاملاً الميكروب فترة من الزمن. ولفت الى أن عدم التزام الشخص الذي كان أصيب بالتسمم بشروط النظافة الشخصية، وخصوصاً عند دخول الحمام، قد يسبب انتقال العدوى. وتزيد الخطورة عندما يكون ذلك الشخص عاملاً في المطاعم.

ونجحت شركة أميركية في إنتاج لقاح جديد ضد بكتيريا «السالمونيلا» في الدجاج. ويشير بعض الخبراء الى أن هذا اللقاح الذي يستخدم من طريق رش صغار الدجاج يحفّز المناعة ويمنع إصابتها بالعدوى. وقررت وزارة الزراعة الأميركية استخدامه وهو يعتبر رخيصاً نسبياً، آملة بأن ينجح في خفض معدل إصابة الإنسان بـ «السالمونيلا» إلى الربع سنوياً.

في الأردن، نجحت الحكومة في تطويق أزمة التسمم الغذائي من خلال إصدار تعليمات وصفت بـ «الصارمة»، وسمحت باستئناف بيع وجبات الشاورما بعد حظرها أكثر من ثلاثة أسابيع. وبناء على تعليمات «المؤسسة العامة للغذاء والدواء» لن تمنح رخص مزاولة مهنة بيع شاورما الدجاج في الأردن، قبل استيفاء شروط صحية تشهد عليها بطاقة رسمية صادرة عن تلك المؤسسة ذاتها. وكذلك عدلت مواصفات الدجاج المجمد والطازج بإدراج فحص مخبري لجرثومة «السالمونيلا». وحددت التعليمات شروطاً خاصة للمطاعم عند استخدام اللحوم المجمدة في صناعة شاورما الدجاج تتمثل في إذابة اللحوم والدواجن المجمدة لاستعمالات اليوم نفسه تحت ظروف صحية مناسبة. كما اشترطت وضع تلك اللحوم في الثلاجة في درجة حرارة تقل عن 7 درجات مئوية قبل 24 ساعة من استعمالها.

ومنعت التعليمات أيضاً أصحاب المطاعم من الشَيْ والبيع، في الحيز الخارجي للمحل توخياً لحماية المواد الغذائية من الملوثات الخارجية.

ونصت التعليمات كذلك على عدم إعادة تجميد اللحوم المُجمّدة بعد إذابتها، تحت أي ظرف، وان تحفظ اللحوم المُتبلة مُبردة داخل الثلاجات على درجة حرارة تقل عن 4 درجات مئوية؛ وبكمية لا تتجاوز حاجات الاستعمال لليوم نفسه.

وكذلك أصدرت قائمة تفتيش تتضمن بنوداً مثل منع بيع الشاروما خارج المحل منعاً باتاً، وضرورة فصل الأدوات المستخدمة في إعداد الشاورما الجاهزة للأكل والمقبلات و»المايونيز» عن الأدوات المستخدمة في تجهيز الدجاج واللحوم الحمر والخضر خوفاً من إحداث تلوث متبادل. وأكدت القائمة أهمية تدقيق المفتشين في كفاية تبريد الثلاجات المستخدمة في التخزين؛ وحفظ اللحوم وسيخ الشاوما المجهز مسبقاً في الثلاجة، إضافة إلى فصل المواد عن بعضها داخل الثلاجة.

كما تضمنت وجوب الحفاظ على الأدوات نظيفة باستمرار واستخدام «المايونيز» المبستر الآتي من مصانع مرخصة، مع تفضيل استخدام عبوات المايونيز الصغيرة المُعدّة للاستخدام الفردي.

وركزت القائمة أخيراً على ضرورة التزام العاملين في محال الشاورما قواعد النظافة العامة والشخصية والسلوك الصحي؛ والزمتهم بعدم ممارسة التدخين ومضغ العلكة إضافة الى التقيد بعدم تقليم الأظافر أثناء إعداد الأطعمة.

ولّدت قضية التسمم نتائج اقتصادية، إذ قدّر أصحاب مطاعم الشاورما خسارتهم نتيجة قرار المنع بنحو ربع مليون دينار يومياً، كما نفّذوا أكثر من اعتصام، مشيرين الى أن عدد المطاعم التي تتداول مادة شاورما الدجاج يقدر بنحو 600 مطعم تشغّل نحو 10 آلاف عامل. وعلى رغم أن التعليمات وضعت حداً لاستشراء ظاهرة التسمم الغذائي لكنها لم تغلق ملفه لا سيما بعد وفاة شاب عشريني تسمم جراء تناول وجبة شاورما دجاج.

وبين تأكيدات المركز الوطني للطب الشرعي أن سبب وفاته «اعتلال في وظائف القلب وتضخم في عضلته» وإصرار ذويه على مقاضاة المذنب، تبرز أسئلة عن استهتار بعض العاملين في المطاعم بصحة الناس وتعريض حياتهم لخطر كان من الممكن درؤه بطهو جيد ونظافة أكيدة لا سيما أن حالات التسمم الجماعي تكررت ثلاث مرات هذه السنة.

ليلى خليفة

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...