عندما تمّحي المرأة في حضرة الرجل في «باب الحارة» مثالاً

24-09-2008

عندما تمّحي المرأة في حضرة الرجل في «باب الحارة» مثالاً

سقطت الأقنعة عن المسلسل السوري المتعدد الأجزاء «باب الحارة» وهبط إلى مستويات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها غير لائقة بحق المرأة السورية صورة ومكانة ودوراً كان على الدوام فاعلاً... وأخذ المسلسل منحى ترويجياً لنساء عفى عليهن الزمن.
 «باب الحارة» أظهر معظم الشخصيات النسائية بصورة تسطيحية وأبعد ما تكون عن صورتها الحقيقية تبعاً للفترة التي يتناولها المسلسل فلا تخلو حلقة من حلقاته من مشاهد الردح النسائي المبتذل والسباق المحموم في استخدام ألفاظ نابية وأمثال «حرّارة رخيصة» في مواقف أساءت للمرأة السورية عموماً والشامية على وجه الخصوص إساءة يجب ألا تحتمل.

ولم يكتف صناع «باب الحارة» بالاحتفاء بالردح النسائي- غير المجاني على ما يبدو!!- بل مارسوا هواياتهم المشكوك فيها على ما يبدو في إظهار المرأة السورية خانعة ذليلة مطأطئة الرأس لا حول لها سوى السمع والطاعة وتقبيل الأيادي والانحناء في حضرة الرجل فأية قيم والحال كذلك تلك التي يتحدثون عنها ويقولون إن المسلسل أراد إظهار مدى «النبل» و«الشهامة» و«نصرة المظلوم» و«مد يد العون إلى المحتاجين والفقراء» وسواها.. فكل القيم والسلوكيات مهما سمت تسقط كقشة تذروها الرياح أمام تلك المشاهد البائسة لشخصيات نسائية مائعة ومتلاشية تثير الشفقة إن لم نقل أحياناً الاشمئزاز وقد أنزل صناع المسلسل تلك الشخصيات مرتبة دنيا وضيعة.
وعلى أي حال فقد تنبه عدد كبير من الجمهور متأخراً إلى أن المسلسل لا يستحق كل هذه العيون المراقبة والمترقبة وأن العمل فقد أسهمه فأعرض عنه مفضلاً متابعة أعمال درامية أخرى وعموماً لم تكن هذه الأسهم يوماً عالية على المستوى النقدي على الرغم من التجييش الدعائي التسويقي عالي الاحتراف للمؤسسة المنتجة التي نجحت بمختلف الوسائل المدروسة بعناية لحصد أكبر عدد ممكن من المشاهدين وما يتبعه هذا الحصاد من حصاد آخر هو «بيت القصيد» بالنسبة للجهة المنتجة وهذا حق لها تجني ثماره كما تشتهي وتستثمره بكل السبل المتاحة وأظنها برعت إلى حد كبير ما يحيلنا هنا إلى تفريط كثير من المؤسسات والمحطات الفضائية وخاصة الرسمية لحقوقها على صعيد الاستثمار الدرامي ما دام متاحاً..
«باب الحارة» نموذج غير سار مطلقاً لا يرتقي إلى عقل المتلقي كواحد من المسلسلات التي ليس فقط تعيدنا إلى الوراء وما أكثرها في السباق الدرامي المحموم إنما تصب زيتاً على نار تخلفنا وخاصة أن الأعمال الدرامية يتصدى لأدوار البطولة فيها نجوم يحبهم السواد الأعظم من الجمهور العربي وبالتالي هناك من يتشبه بهم ويتوحد في الأدوار التي يجسدونها على الشاشات التي تدخل البيوت آمنة مطمئنة.. فإن لم يكن لديكم ماء «فاحفظوا ماء الوجوه» وإن لم يكن لديكم ماء تسكبونه على نار التخلف في المجتمع فأوقفوا صب الزيت..».

علي الحسن

المصدر: الوطن السورية


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...