ليبيا مركز انطلاق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا

22-04-2015

ليبيا مركز انطلاق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا

نظراً لقربها من أوروبا، تعد ليبيا تاريخياً بلد عبور للمهاجرين الأفارقة، لكن عمليات الهجرة تصاعدت بشكل كبير بعد سقوط نظام معمر القذافي، فأصبحت الهجرة غير الشرعية تجارة مربحة جداً حتى بالنسبة لبعض الميليشيات.
لماذا ليبيا؟
 لا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كيلومتر عن جزيرة لامبيدوسا الايطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.
ومع ساحل طوله 1770 كيلومتراً، أصبحت ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا.
ومنذ عهد العقيد الراحل معمر القذافي، لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الأشخاص القادمين خصوصاً من جنوب الصحراء، والحالمين بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وتتشارك ليبيا بحدود برية، بطول حوالي خمسة آلاف كيلومتر، مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.
واكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل المهاجرين عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها، اللتان تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.
وفي ظل نظام القذافي، كانت ليبيا تستخدم موضوع الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا، من خلال فتحها أو إغلاقها صمام الخروج وفقاً لتقدير حالة العلاقات مع الدول الأوروبية ، وخصوصا إيطاليا، وفي عملية ابتزاز كان يديرها القذافي الذي كان يطالب أوروبا بخمسة مليارات يورو سنوياً من أجل مراقبة حدودها ومكافحة الهجرة.
وبين العامين 2008 و2011، توقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا بعد توقيع معاهدة بين روما وطرابلس، تعهدت بموجبها إيطاليا تقديم خمسة مليارات دولار إلى ليبيا في مقابل وضع ضوابط أكثر صرامة على موضوع الهجرة.
من يستفيد من هذه التجارة؟
 لكن منذ سقوط نظام ألقذافي ومعه كل مؤسسات الدولة، أصبحت ليبيا مرة أخرى مركزاً للمهربين الذين لا يشعرون بتأنيب الضمير في ظل إفلاتهم من العقاب.
ويؤكد مدير شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "كرايزز غروب"، إيساندر العمراني، أنه "ليس هناك حكومة فعالة في ليبيا للحد من الاتجار بالبشر، أو حتى لضمان المراقبة الدنيا للحدود"، مضيفاً أنه "قد أصبح من السهل جداً للكثير من المهربين نقل (المهاجرين) في جميع أنحاء ليبيا من دون وجود قوات من الشرطة أو الجيش لوقفها".

ويشير العمراني إلى  أن "الميليشيات التي تفرض قوانينها في هذه البلاد تكسب المال جراء هذه الحركة، بما في ذلك الجماعات المتطرفة كأنصار الشريعة"، موضحاً أن العديد من الجماعات المسلحة تعمل في هذه التجارة وتتلقى أموالاً عندما تمر هذه التجارة عبر الأراضي التي يسيطرون عليها".
وأوضح العمراني أن المهربين يعملون ضمن شبكة "تقوم بتسليم المهاجرين من مهرب إلى آخر حتى يجدوا أنفسهم على متن قارب"، لافتاً إلى أنه "في بعض الأحيان، فان عمليات نقل المهاجرين التي تجري في الصحراء لا تحصل، ويتم التخلي عن المهاجرين لمصيرهم حيث يتعرض بعضهم إلى الموت عطشاً، مشيراً إلى أن "المآسي لا تحدث فقط في عرض البحر".
من جهته، يقول المحلل ومدير مركز أبحاث "آيريس" في باريس، كريم بيطار، إنه "في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية، فان ليبيا اليوم رهينة بيد الميليشيات والانتهازيين"، مضيفاً أن "المهاجرين يقعون رهينة في حرب الميليشيات ويدفعون ثمناً باهظاً في ظل غياب الأمن. إنهم مجرد سلعة في ظل وجود روابط ضعيفة".
ومنذ سقوط نظام ألقذافي، خولت السلطات الانتقالية الليبية ميليشيات عدة للقيام بعمليات مراقبة الحدود.
ووفقاً للمحللين، فان هذه الميليشيات نفسها المدفوعة الأجر والمجهزة من قبل الدولة، منخرطة بهذه التجارة.
وفي هذا السياق، أعلنت ايطاليا أمس الاثنين أنها تدرس إمكانية القيام بـ"تدخلات محددة" ضد المهربين في ليبيا.
وقال رئيس الحكومة الايطالية، ماتيو رينزي، أن "الهجمات ضد عمليات الابتزاز والموت والعبودية (المهربين) هي جزء من المنطق".
 
جنسيات المهاجرين

 وقبل العام 2011، كانت الغالبية الساحقة من المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من بلدان مثل النيجر والسودان والصومال وإريتريا وأثيوبيا وغانا، ولكن أيضا من الكاميرون والغابون.
ومعظم هؤلاء كانوا يقضون أشهرا أو حتى سنوات في العمل في ليبيا في ظل ظروف صعبة، وهو الوقت الذي يحتاجونه من اجل جني المال الكافي الذي يمكنهم من العبور إلى أوروبا، الذي يتراوح بين ألف وألفي دولار.
وتشكل الحروب في الشرق الأوسط عاملاً إضافيا لأسباب الهجرة غير الشرعية إذ أصبحت ليبيا، بلدا لعبور أولئك الفارين من الحروب والحالمين بالوصول إلى أوروبا خاصة بعد اندلاع الحرب في سوريا.
وفي هذا الشأن يقول العمراني إن "ليس من باب الصدفة أن العديد من هؤلاء المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، يأتون من بلدان تمزقها الصراعات كسوريا وفلسطين وغزة على وجه الخصوص وإريتريا ومالي"،  "انه يجب على أوروبا معالجة "الأسباب الجذرية للهجرة، وهي ليست فقط الفقر وانعدام الفرص، إنما على نحو متزايد، النزاعات التي تؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد اللاجئين".


 (أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...