ما هي أهداف إسرائيل من تحركاتها الدبلوماسية الأخيرة؟

18-10-2007

ما هي أهداف إسرائيل من تحركاتها الدبلوماسية الأخيرة؟

الجمل: تشهد منطقة الشرق الأوسط تحركات دبلوماسية تشابه في بعض ملامحها التحركات الدبلوماسية التي تسبق لحظة اندلاع الصراع، هذا، وعلى خلفية تحركات القيادة السورية باتجاه تركيا، وتحرك القيادة الروسية باتجاه إيران، فقد بدأت القيادة الإسرائيلية تحركاً دبلوماسياً دولياً.
* محاور التحركات الدبلوماسية للقيادة الإسرائيلية:
التحرك الدبلوماسي الحالي للقيادة الإسرائيلية، يأتي ضمن أربعة محاور، فقد تحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مهرولاً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك سافر للقاء نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في واشنطن، أما الخارجية الإسرائيلية فقد باشرت العمل في الجهود الدبلوماسية ضمن محورين وذلك أولاً بهدف دفع المجتمع الدولي باتجاه فرض أكثر العقوبات الدولية تشدداً ضد إيران، وثانياً المضي قدماً في ملف مؤتمر قمة أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط.
* محور تل أبيب – موسكو: تقول التقارير الإسرائيلية بأن أولمرت قد غادر إلى موسكو من أجل مناقشة الأوضاع المتعلقة بالملف النووي الإيراني مع الرئيس الروسي، خاصة وأن الأخير كان قد عبر عن الحماس الروسي المؤيد للأنشطة الإيرانية.
التسريبات الإسرائيلية تقول بأن الوفد المرافق لأولمرت في زيارته لموسكو سوف يتكون من:
• رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال يورام توريوفيتز.
• الخبير السياسي الاستراتيجي شالوم تورجيمان.
• المحلل العسكري الجنرال مائيير كاليفي.
• المستشار الصحفي يانكي نمالانتي.
تقول التسريبات أيضاً بأن لقاء أولمرت – بوتين المرتقب في موسكو، سوف يناقش الآتي:
• تزويد موسكو لسوريا بالأسلحة.
• وجود المكاتب الرئيسية لحركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الرئيسية الأخرى في سوريا.
• حصول حزب الله على الأسلحة الروسية الصنع.
• الطموحات النووية الإيرانية.
وتقول التسريبات الإسرائيلية الأخرى ما يلي:
• انتقدت المعارضة الإسرائيلية تحركات أولمرت، ووصفتها بأنها تحركات تتسم بـ"الاستعجال" و"السرية"، وبرغم ذلك تقول التسريبات بأن الزعيم الليكودي المعارض بنيامين نتنياهو قد اتصل تلفونيّاً بأولمرت طالباً منه تبليغ الرئيس الروسي بأن الإسرائيليين متوحّدون في الاعتقاد بأن إيران يجب أن لا تحصل على السلاح النووي.
• اتهام بعض زعماء الليكود وبقية فصائل المعارضة الإسرائيلية لأولمرت بأن مغادرته "المستعجلة" و"السرية الطابع" إلى موسكو هي محاولة منه لإيجاد المخرج من الموقف الصعب الذي بات يواجهه، وذلك بعد أن قرر المدعي العام الإسرائيلي تنفيذ المزيد من التحقيقات الجنائية ضده، وذلك بسبب شبهة الاحتيال والتزوير التي تحيط به عندما كان يتولى في السابق منصب وزير الصناعة والتجارة والعمل.
* محور تل أبيب – واشنطن: واصل وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك اجتماعاته ولقاءاته مع ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، وتقول التسريبات الإسرائيلية بأن اللقاءات كانت لمناقشة الآتي:
* خطر الصواريخ الذي بات يهدد أمن إسرائيل (سواء من داخل الأراضي الفلسطينية أو المحتملة من سوريا في حال قيام إسرائيل بشن العدوان ضدها، إضافة إلى خطر صواريخ حزب الله اللبناني الذي ما زال قائماً في حالة تجدد العدوان الإسرائيلي على لبنان).
  * حجم ونوعية المعونات الأمريكية لإسرائيل.
* قضايا التعاون الإسرائيلي – الأمريكي في مجالات الدفاع والأمن.
* التعاون العسكري الأمريكي مع بعض الدول العربية، إضافة إلى المعونات وصفقات السلاح الأمريكية إلى بعض الدول العربية، واحتمالات تأثيرها على أمن إسرائيل.
  * الاتفاق حول ترتيبات إنشاء شبكة الدفاع الصاروخي في إسرائيل.
وتقول المعلومات أيضاً بأن الطرفين توصلا إلى التفاهمات والاتفاق حول الترتيبات التي تمكن إسرائيل من الإبقاء على تفوقها العسكري النوعي ضمن معادلة الميزان العسكري الإسرائيلي – العربي، كما أشارت المعلومات أيضاً إلى أن باراك – تشيني قد توصلا إلى الاتفاق حول إقامة شبكة دفاع صاروخي حول قطاع غزة، وذلك لحماية المناطق الإسرائيلية من خطر الصواريخ القادمة من داخل القطاع. وأشارت المعلومات إلى أن شبكة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية قد تم الاتفاق على أن يتم إنشاؤها بسرعة على النحو الذي يؤدي إلى خلق "قبة معدنية" دفاعية صاروخية تعمل بكفاءة وفعالية في اعتراض صواريخ القسّام ومقذوفات الكاتيوشا.
وما هو جدير بالملاحظة، أن المعلومات أشارت إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي قد رفض التعليق أمام الصحفيين حول التساؤلات المتعلقة بخطر التهديد الإيراني، وأشارت التسريبات إلى أن ملف التهديد الإيراني كان حاضراً بقوة في اجتماعات باراك – تشيني. وتقول المعلومات بأن إيهود باراك عندما وُوجِه بالسؤال حول خطر التهديد الإيراني، أجاب مكتفياً بالحديث عن المساعدات الأمريكية المتزايدة لإسرائيل، والتي سوف تمكن إسرائيل من القيام بالمزيد من عمليات "التعبئة والحشد العسكري".
تحركات وزير الدفاع الإسرائيلي الأخيرة في الولايات المتحدة، لم تقتصر حصراً على اللقاء بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، وإنما كانت للوزير الإسرائيلي لقاءات أخرى "في الظل" مع الأطراف الآتية:
• وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز.
• مستشار الأمن القومي الأمريكي ستيف هادلي.
• بعض كبار المسئولين الأمريكيين (لم تتم الإشارة إلى أسمائهم)، ولكن على الأرجح أن يكون بينهم:
* إبليوت إبراهام نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي.
* ديفيد وولش نائب وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط.
* الجنرال هايدن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وما هو أهم من ذلك، أن وزير الدفاع الإسرائيلي، برغم عدم الإشارة إلى حدوث أي اجتماع بينه وبين الرئيس الأمريكي بوش، فإن التسريبات أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي سوف "يأتي للحضور والمشاركة" في بعض لقاءات وزير الدفاع الإسرائيلي مع المسئولين الأمريكيين... (وعلى الأغلب أن يكون بوش قد حضر اجتماعات الوزير الإسرائيلي مع ديك تشيني، ومع مستشار الأمن القومي ستيف هادلي، ووزير الدفاع روبرت غيتز، وإبليوت إبراهام اليهودي الأمريكي والمهندس الأول لسياسة الشرق الوسط في الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن القومي الأمريكي).
* محور تل أبيب – المجتمع الدولي: تتحرك الخارجية الإسرائيلية مجدداً ضمن تحرك دبلوماسي (هجومي) ضد إيران، بهدف الضغط على أعضاء مجلس الأمن الدولي، من أجل إصدار قرار جديد يتضمن فرض العقوبات المتشددة ضد إيران، وذلك على خلفية المزاعم الإسرائيلية الجديدة التي تقول:
* إن العقوبات الدولية السابقة لم يتم تطبيقها ضد إيران بالقدر الكافي، إضافة إلى أنها لا تتمتع بالفعالية في التأثير على إيران.
* من الضروري إصدار عقوبات "مُحكمة"، تتمتع بالكفاءة والفعالية ضد إيران، ضمن كافة المحاور: الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، التكنولوجية، وذلك لدفع إيران للتخلي عن برنامجها النووي.
* ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بإلزام دول الجوار الإيراني بالتقيد بعملية تنفيذ العقوبات.
* محور تل أبيب – مؤتمر سلام أنابوليس (المتوقع): تقول المعلومات بأن الإسرائيليين بالتعاون مع الأمريكيين، يخططون الآن من أجل الاستفادة بأكبر قدر ممكن من "مزايا فشل مؤتمر أنابوليس" إن لم يتم عقده، ومن "مزايا تأجيل المؤتمر"، وأيضاً من مزايا انعقاد المؤتمر، إن حدث وفشلت الجهود الإسرائيلية وجماعة المحافظين الجدد الساعية لإفشاله أو على الأقل تأجيله... تمهيداً لإفشاله بشكل نهائي لاحقاً...
* أبرز الاستنتاجات:
التحركات الإسرائيلية لم يقم بها دبلوماسيون إسرائيليون عاديون، وإن كانوا قد لعبوا دوراً في التمهيد لها، وإنما هي تحركات تندرج ضمن ما يعرف بـ"دبلوماسية القيادة"، ولمّا كانت الدبلوماسية هي إما دبلوماسية علاجية أو دبلوماسية وقائية، فإن التحركات الدبلوماسية الإسرائيلية تندرج ضمن إطار الـ"دبلوماسية العلاجية" على أساس اعتبارات أهدافها على المدى القصير الأجل، وأيضاً ضمن إطار الـ"دبلوماسية الوقائية" على أساس اعتبار أهدافها المتوسطة والطويلة الأجل..
وعلى كل حال، ما هي أهداف إسرائيل من تحركاتها الدبلوماسية الأخيرة، التي أصبح إيقاعها أكثر تسارعاً ونطاق دائرتها أكثر اتساعاً، وقضاياها أكثر صعوبة، ومخططاتها أكثر تعقيداً وتقيداً بأطروحات نظرية المؤامرة...؟؟
تحاول القيادة الإسرائيلية، أن تلف وتحيط كل شيء بالغموض والإبهام، بحيث يصبح من يحاول البحث عن حقيقة تحركات إسرائيل الدبلوماسية، أشبه بمن يحاول البحث والإمساك بقطة سوداء في غرفة مظلمة.. وبرغم ذلك فإن مفتاح الحل الذي يمكن أن يضيء عتمة الغرف الإسرائيلية المظلمة الحالية، يتمثل في محور إسرائيل – المجتمع الدولي، وبكلمات أخرى، فإن إسرائيل تريد أن تقول للمجتمع الدولي بأن العقوبات الدولية لا تفيد في حماية أمن إسرائيل ضد إيران و"حلفائها"، وبالتالي فإن على المجتمع الدولي أن يتفهم ويتقبل قيام إسرائيل بـ"العمل من طرف واحد" في خيار القيام بإجراءات استباقية تهدف إلى القضاء على مصادر الخطر التي تهدد أمنها... وعلى خلفية التحركات الإسرائيلية، وعطلة الكونغرس المتوقعة، وتواطؤ الديمقراطيين مع الجمهوريين، والإدراك الروسي المتزايد بأن ثمة عملاً عسكرياً سوف يتم القيام به.. فهل يا ترى سوف يكون الشتاء الذي بدأت تباشيره الآن شتاءً ساخناً في المنطقة...؟ خاصة وأن الجميع في المنطقة أصبح يتوقع ذلك خاصة وأن الرئيس الأمريكي بوش في آخر تصريحاته التي نقلتها أجهزة الإعلام العالمية قد تحدث مهدداً باندلاع الحرب العالمية الثالثة إذا أصبحت إيران دولة نووية، هذا وقد حذر بوش زعماء العالم بأن عليهم العمل بجدية من أجل منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية إذا كانوا فعلاً مهتمين بتجنب خطر اندلاع الحرب العالمية الثالثة، وتشير الوقائع إلى أن تصريحات بوش الجديدة قد جاءت رداً على التحذيرات الروسية من خطر القيام بأي عمل عسكري ضد طهران، وفشل الاتحاد الأوروبي في الوصول إلى الإجماع والتوافق الموحد حول برنامج العقوبات المزمع فرضها على إيران.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...