مفاوضات القاهرة تدخل النفق المظلم والمقاومة ترفع التحدي: فك الحصار أواستئناف القتال

08-08-2014

مفاوضات القاهرة تدخل النفق المظلم والمقاومة ترفع التحدي: فك الحصار أواستئناف القتال

تحتدم المداولات في القاهرة بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، بوساطة مصرية، بشأن شروط تثبيت وقف النار.
وتحاول إسرائيل أن تحقق في المفاوضات ما عجزت عن تحقيقه في الغارات، لكن موقف المقاومة الصلب أفشل هذه المحاولة. فقد شددت فصائل المقاومة، وفي مقدمتها «كتائب القسام» على أن لا تمديد لوقف النار من دون ضمانات دولية بفك الحصار عن قطاع غزة. ودفع هذا الموقف إسرائيل إلى حث أميركا على اعتبار الموقف الفلسطيني «ابتزازا»، واستخدام نفوذها لمنع تدهور الموقف.
وتبادلت إسرائيل والفصائل الفلسطينية التهديدات، يوم أمس، بعد تعثر الاتصالات في القاهرة بشأن تمديد وقف إطلاق النار. واعتبرت «كتائب القسام» نفسها في حل من أي تمديد بعد الساعة الثامنة من صباح اليوم، إذا لم تستجب إسرائيل للمطالب الفلسطينية. وهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون بالرد على أي صواريخ فلسطينية بشدة كبيرة.طفلة فلسطينية تحاول انقاذ ملابسها من بين ركام منزلها في خانيونس امس (ا ف ب)
وبدا الذعر واضحا يوم أمس لدى الجيش الإسرائيلي حول القطاع، الذي كثف حفرياته داخل الخط الأخضر بحثا عن أنفاق قد تكون محفورة، ويمكن استخدامها من جانب المقاومة. وطلب نتنياهو، في اجتماع مع مدير الصليب الأحمر الدولي بيتر مورر، العمل على إعادة جثمانَي الجنديين الإسرائيليين الذين أُسِرا أثناء الحرب على أيدي مقاتلي «القسام»، وأعلنت إسرائيل وفاتهما لاحقا.
وفي هذه الأثناء يتضح حجم التحركات الدولية الرامية إلى المساعدة في حل ما بات يعرف بأزمة غزة. فقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لم يعد مقبولا أن تظل غزة معزولة عن العالم الخارجي. ورغم أنه لم يشر إلى إسرائيل بالاسم، إلا أن الجميع يعلم أن الدولة العبرية هي من يفرض الحصار بشكل أساسي على غزة.
وشدد أوباما، في حديث مع الصحافيين، على اعترافه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ والأنفاق من غزة، لكنه أبدى أسفه لمقتل المدنيين. وقال: «لا تعاطف لي مع حماس، ولكنني أتعاطف بشدة مع بسطاء الناس في القطاع الذين يصارعون من أجل البقاء». وشدد على وجوب التوصل إلى حل يضمن لإسرائيل الأمن ويجلب لغزة إعادة الإعمار. وأضاف: «ينبغي الإقرار بواقع أن غزة لا يمكنها البقاء معزولة عن العالم بشكل دائم، فهذا وضع لا يسمح بمنح الناس الذين يعيشون هناك فرصا، وعملا وازدهارا اقتصاديا».
وأعرب أوباما عن تأييده للمحادثات الجارية في القاهرة، وعن أمله في تسهيل إعادة إعمار غزة. واستدرك قائلا إنه بسبب انعدام الثقة بين الجانبين، وظروف الحرب الأخيرة، فإن تحقيق هذه الغاية يصطدم بعقبات ما يجعل الخطوات بطيئة. وحذر من أن انعدام فرص السلام قد «يدفع السكان في الضفة الغربية الى فقدان الثقة والأمل بإمكانية التقدم، ولذلك ينبغي علينا إعادة بناء الثقة لديهم أيضا».
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن الدول الأوروبية الكبرى الثلاث، قدمت إلى إسرائيل أمس الأول مبادرة في إطار إعادة إعمار غزة، تتضمن آلية إشراف تمنع تعاظم وإعادة تسلح «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى. ويستجيب العرض الأوروبي لمطلب نتنياهو بضرورة إيجاد آلية دولية لمراقبة إعادة إعمار غزة والإشراف عليها.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين وديبلوماسيين أوروبيين قولهم إن سفيرَي ألمانيا وفرنسا ونائب السفير البريطاني التقوا مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين بعد أن كانوا اجتمعوا مع مسؤولين في الخارجية الإسرائيلية. وسلم السفراء الثلاثة لكوهين وثيقة تحتوي على صفحتين، تتضمن مبادئ التفاهم الدولي بشأن قطاع غزة.
وتتضمن الوثيقة المبادئ التالية:
1 - منع تعاظم وإعادة تسلح «حماس» وباقي المنظمات في القطاع.
2 - إعادة إعمار القطاع ونقل المساعدات الإنسانية بالتعاون بين الأسرة الدولية والسلطة الفلسطينية.
3 - إنشاء آلية دولية تمنع دخول المواد المحظورة إلى القطاع، وتشرف على مراقبة عدم وصول المواد المزدوجة الاستخدام، كالاسمنت والحديد إلى المنظمات، وحصرها في مشاريع إعادة إعمار غزة.
4 - إعادة حضور السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في قطاع غزة.
5 - إمكانية إعادة قوة المراقبين من الاتحاد الأوروبي إلى معبر رفح، إلى جانب قوات الحرس الرئاسي الفلسطيني.
وجاء في الوثيقة أيضا أن الدول الثلاث تدرس فكرة تحويل هذه التفاهمات إلى قرار ملزم في مجلس الأمن الدولي. ومع ذلك شدد السفراء على أن الوثيقة مفتوحة للنقاش والتعديل، وقد شكرهم كوهين على الفكرة.
عموما تتجاوب الأفكار الأوروبية مع مطالب إسرائيلية وفلسطينية، بينها التركيز على إشراك السلطة الفلسطينية وإعادة الإعمار. ومن المحتمل أن تثير إسرائيل أثناء مناقشة الوثيقة مسألة تجريد غزة من السلاح، حتى تعلن أنها حققت إنجازا سياسيا كبيرا من وراء هذه الحرب.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر ديبلوماسي ألماني قوله إن الدول الأوروبية الكبرى الثلاث، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، قدمت إلى الدولة العبرية رسميا مذكرة تتحدث عن الرغبة في تولي الإشراف على مهمات مراقبة إعادة إعمار غزة. وقال المصدر إن هذا الثلاثي الأوروبي اقترح إرسال طاقم أوروبي بشكل عاجل للمساعدة في تشغيل معبر رفح، في إطار مسعى دولي لإعادة إعمار القطاع. وحسب المصدر فإن وزراء خارجية هذه الدول أبلغوا الدول المعنية موافقتهم على إرسال قوة إلى حدود مصر مع غزة، إذا وافقت الأطراف في مفاوضات القاهرة على ذلك.
وكانت قوة أوروبية تتمركز في معبر رفح وتراقب عمله، في إطار اتفاق منذ العام 2005، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وتركت هذه القوة مواقعها بعد عامين إثر سيطرة قوات «حماس» على القطاع بعد صراع عنيف مع قوات السلطة الفلسطينية. لكن العرض الأوروبي لتشغيل معبر رفح يصطدم بمواقف مختلفة من بعض الجهات الفلسطينية، وربما أيضا من مصر. فبعض المنظمات الفلسطينية كانت ترى في القوة الأوروبية وسيلة لضمان إشراف إسرائيل على المعبر، خصوصا أن اتفاقية المعابر لعام 2005 كانت تمنح إسرائيل حق مراقبة حركة المرور في المعبر، وأحيانا حق الاعتراض.
ونشرت في إسرائيل ومصر تقارير تحدثت عن رفض القاهرة اتفاقية المعابر للعام 2005، ورغبتها في تثبيت واقع جديد، خصوصا أنها لم تكن طرفا في اتفاقية المعابر. كما نشرت أنباء تفيد بأن مصر تطالب بتأجيل البحث في قضية معبر رفح إلى المرحلة الثانية من المفاوضات، لأنها ترى فيه موضوعا مصريا - فلسطينيا ولا شأن لإسرائيل به. ومع ذلك قد يكون التواجد الأوروبي في المعبر، مع تعديلٍ ما لمراقبة إسرائيل فيه، الحل الذي سيضطر الجميع لقبوله لحل هذه الأزمة.
ومن الواضح أن هناك في أوساط المفاوضين الفلسطينيين نوعا من العتب على الموقف المصري، الذي لا يزال يرفض مناقشة مسألتَي الميناء والمطار، ويعتبر أنهما ليستا ذات صلة بمداولات وقف النار، وأنهما من شؤون الحل النهائي. تجدر الإشارة إلى أن مبعوث الأمم المتحدة روبرت سيري والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط فرانك ليفنشتاين يشاركان في القاهرة في المداولات الجارية لتثبيت وقف إطلاق النار.
وتحاول إسرائيل تحسين علاقاتها مع الإدارة الأميركية بطرق شتى. فقد هاتف نتنياهو وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وشكره على مواقفه الأخيرة بشأن وجوب تجريد غزة من السلاح في أي حل مستقبلي. كما أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اتصل أيضا بكيري وشكره على الدور الذي تقوم به الإدارة الأميركية لمنع اتخاذ قرارات ضد إسرائيل في المحافل الدولية. وقد أبلغ ليبرمان كيري أن تهديد الفلسطينيين بعدم تمديد اتفاق التهدئة بعد الثامنة من صباح اليوم يعتبر «ابتزازا»، وأن إسرائيل تأخذ ذلك بالحسبان وتستعد لكل الاحتمالات.
وأشارت جهات متعددة إلى أن التوتر صَاحَبَ المداولاتِ في القاهرة، حيث عاد الطرفان إلى تشددهما، إذ تصر المقاومة على نيل ضمانات لفك الحصار قبل تمديد اتفاق وقف النار، فيما شددت إسرائيل على مطلبها بنزع سلاح غزة مقابل ذلك.
وهناك في إسرائيل نوع من التضارب حول ما يعرضه الوفد الإسرائيلي، حيث أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية أن التوجيهات المعطاة إلى الوفد تشير أولا إلى القبول بمبدأ تمديد وقف النار، ليس فقط لـ72 ساعة أخرى وإنما لـ72 يوما آخر، والاستعداد لمناقشة العودة إلى تفاهمات العام 2012، وأن إسرائيل تشترط مناقشة مسألة الميناء والمطار بمناقشة أمر تجريد غزة من السلاح.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...