ندوة تونسية مصرية: الاعلام الديني متهم بخلط الأوراق

18-02-2009

ندوة تونسية مصرية: الاعلام الديني متهم بخلط الأوراق

وسط تغلغل حمى الفتاوى المتشددة بين القنوات الدينية التي تجانب الوسطية والاعتدال، وضعف الاستراتيجيات العربية للتصدي لهذه المظاهر، يؤكد مراقبون أن الاعلام الديني ساهم بقدر كبير في تشويه صورة الاسلام وتسويق صور مغلوطة وزائفة.

وكشفت تقارير وبحوث علمية عربية أن الاعلام الديني عجز حتى الآن عن تحمل مسؤوليته وفاقم من حدة التيارات المتطرفة من خلال تسويق خطاب تضييقي يفتقر للموضوعية ويهمش المسائل الجوهرية.

يقول محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري خلال الندوة المصرية التونسية المشتركة التي عقدت بتونس حول الإعلام الديني وتحديات العصر‏، إن الإعلام الديني بوضعه الراهن وإمكاناته الحالية غير قادر على القيام بدوره والقنوات الفضائية العربية المتخصصة دينيا ترتكب جريمة في حق الأمة بانشغالها بقضايا هامشية وتدين شكلي وفتاوى متخلفة على حساب القضايا المصيرية.

غير أن الانتشار الواسع للقنوات الفضائية الدينية أو ذات التوجه الديني والتي تصل إلى ما يقارب 43 قناة، لم يؤسس لخطاب واعي ومدرك لحيثيات العصر الراهن، بل إن بعضها ركب على الشأن الديني لتسويق أفكاره ومذاهبه، فعلة وجود بعض القنوات ذات التوجه الديني هو بالأساس لمناقشة الأحداث الراهنة بالاعتماد على مرجعية دينية اسلامية.

تقول د. ثريا السنوسي، أستاذة بمعهد الصحافة و علوم الاخبار أن المزج بين السياسي والديني يؤدي إلى نوع من الارباك و"خلط الأوراق"، وذلك لأنه يساهم في افراز خطاب ديني سياسي يعتمد على التفسيرات والتأويلات والتوجهات المختلفة حدّ التناقض أحيانا، مؤكدة على التلازم بين هوية الجهة المموّلة للقناة وبين الخطاب المروّج له.

وفيما يغدق الاعلام الغربي في مختلف وسائل الاتصال الحديثة لتسويق صورة مغلوطة وزائفة عن الاسلام والمسلمين، تحرص بعض القنوات الدينية على إستغلال وجوه فنية مشهورة لترويج مذاهبها بين فئات الشباب من خلال برامج تفاعلية تعتمد على الجوائز لجلب المشاهد الى جانب اصدارها لفتاوى على الهواء.

وهو ما إعتبره الدكتور حامد طاهر فؤاد أستاذ ورئيس قسم الفلسفة الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة غاية في الخطورة مع تزايد ظاهرة بروز القنوات التلفزية التي تعتمد خطابا دينيا يروج لمذهب دون غيره.

وتبدو التجربة التونسية - من خلال إذاعة الزيتونة - نموذجا قادرا على ترسيخ خطاب ديني شعاره الوسطية والاعتدال، حيث يرى محللون أن تونس فهمت قبل غيرها أن مواجهة التشدد والتطرف لا تقف فقط عند الرؤية الاجتماعية والاقتصادية التي حققت فيها نجاحات كبيرة، بل تحتاج إلى مقاربة مستنيرة من داخل الفضاء الديني تفضح تهاوي التشدد.

يقول الدكتور محمد الفهري شلبي المدير العام للمركز الافريقي لتدريب الصحافيين والاتصاليين بتونس أن مضامين الرسائل الدينية التي يجري نشرها في الاعلام التونسي تقوم جميعها على الوسطية والاعتدال اللتين تعدان قيمتين متأصلتين في المجتمع التونسي.

وانتقد شلبي بعض المضامين الدينية التي ترد بلغة الخاصة بعيدة عن مدركات العامة لفظا ومعنى، خاصة أن جل القنوات الدينية تكتفي بمداعبة مشاعر المشاهد عبر سياط الموعظة ذات المفعول المؤقت مما يؤدي في ظل سرعة المتغيرات وتشابك القضايا إلى وجود فراغ كبير جدا مقابل فرقعات إعلامية أو عموميات وشعارات تلامس المشكلة دون أن تسهم في حلها.

وفيما تتفاقم أزمة الفتاوى، يجد الاعلام الديني نفسه في ورطة كبيرة، فهو امام خيارين، إما أن يبقى حبيس تفسير جامد ثابت لا يتغير للمقدس أو إعطاء الحرية فيه لكل من دب وهب لإعمال العقل وإبداء الرأي.

ولكن الحل بسيط، في نظر خبراء الاعلام، يتمثل في إنتاج مضامين إعلامية دينية معاصرة.

المصدر: العرب أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...