القذافي يواجه الثورة بالمذابح ويوفـد مسؤولين إلى القاهرة وبروكسل للتفاوض

10-03-2011

القذافي يواجه الثورة بالمذابح ويوفـد مسؤولين إلى القاهرة وبروكسل للتفاوض

دخلت ثورة ليبيا في تحدي الحسم العسكري والسياسي الذي لا يزال يبدو بعيد المنال مع إصرار نظام العقيد معمر القذافي على استخدام القوة القصوى التي تمثلها ميليشياته المسلحة بالطائرات والدبابات الموجهة نحو المدنيين الليبيين بعدما عجزت عن تحقيق أي إنجاز بارز في المواجهة المستمرة منذ 17 شباط الماضي مع معارضين ينظمون صفوفهم وعتادهم بطريقة عفوية حتى الآن، لا سيما في الشرق الليبي حيث نجح الثوار في تحقيق تقدم ميداني مكنهم من استعادة السيطرة على بلدة بن جواد قرب مدينة رأس لانوف في الشرق، فيما كانت ميليشيات القذافي تتكبد هزيمة جديدة في مدينة الزاوية في الغرب بعدما احتفلت لساعات فقط في استعادة السيطرة عليها، في وقت اصطدم اقتراح فرض حظر جوي فوق الأجواء الليبية بمجموعة من المعوقات، أساسها الخلاف بين بريطانيا وفرنسا من جهة، وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى حول طبيعة التدخل الدولي في ليبيا. ليبية تنتحب في بنغازي أمس على قريب لها استشهد خلال مقاومته للقوات التابعة للقذافي في رأس لانوف
وشهدت مدينة الزاوية، الواقعة على بعد 40 كليومتراً إلى الغرب من طرابلس معارك طاحنة بين الثوار وقوات القذافي، التي نجحت بداية في الوصول إلى قلب المدينة، واضطرت مساء للانسحاب منها. وقال مقاتل من الزاوية إن المعارضين استعادوا السيطرة على ميدان الشهداء، الذي دخلت إليه قوات القذافي بعد ظهر أمس، مشيراً إلى أن القوات الحكومية انكفأت إلى أطراف المدينة بحلول المساء. وأضاف أن «الحكومة أحضرت مؤيدين للاحتشاد هناك، وهم الآن محاصرون بين القوات المؤيدة والمعارضة»، مشدداً على أنه «لا توجد معارك في الزاوية حاليا».
وكانت الزاوية تعرضت لقصف متواصل منذ صباح يوم أمس. وذكرت مصادر في المدينة أن الكتائب الأمنية التابعة للقذافي قصفت المباني السكنية المحاصرة براجمات الصواريخ، متحدثة عن مقتل وإصابة المئات، فيما تحدثت مصادر أخرى عن «فظائع» ارتكبتها قوات القذافي ضد السكان المدنيين، إذ قال مصدر طبي ليبي لشبكة «سي أن أن» إن القوات الحكومية قامت بتصفية أطباء وجرحى.
وأكد طبيب في الزاوية أن عدد القتلى في هذه المعارك لا يقل عن 40 وربما يكون أكثر كثيراً، لافتاً إلى أن هناك العديد من القتلى في الشوارع ومن بينهم مسنون ونساء وأطفال. وذكرت قناة «الجزيرة» أن أفراداً من قوات القذافي، من بينهم ضابطان، أحدهما برتبة لواء والآخر برتبة عقيد، قتلوا في معارك الزاوية.
وعلى الجبهة الشرقية، كثفت قوات القذافي عمليات القصف المدفعي والغارات الجوية على مدينتي رأس لانوف والسدرة النفطيتين، في الوقت الذي كان فيه الثوار يتقدمون غرباً لاستعادة بلدة بن جواد.
وارتفعت ثلاثة أعمدة من الدخان الأسود من منطقة حول مرفأ السدرة بعد قصف عنيف من جانب قوات القذافي استهدف صهاريج لنقل النفط. وقال المعارضون إن قوات القذافي ضربت خط أنابيب نفطيا يؤدي إلى السدرة، وأسقطت قنابل على خزانات في منطقة مرفأ رأس لانوف، لكن التلفزيون الحكومي الليبي ألقى بالمسؤولية عن الانفجار على عناصر مسلحة «مدعومة من القاعدة»، قائلا إنها فجرت خزانا للنفط بينما كانت القوات المؤيدة للقذافي تتقدم صوب رأس لانوف.
وتصدّى الثوار لطائرات القذافي بإطلاق نيران المضادات الأرضية، فيما واجهوا عمليات القصف بإطلاق القذائف المدفعية والصواريخ، علماً بأن هذه هي المرّة الأولى التي يستخدمون فيها الراجمات الصاروخية في هذه المنطقة، ما يشير إلى تمكنهم من استقدام تعزيزات عسكرية من مدن الشرق، وهو ما أظهره انخراط عناصر الجيش المنشقين في القتال على هذا المحور. وبعدما تمكن الثوار من استعادة بلدة بن جواد بعد ظهر أمس، عادوا وانكفأوا بحلول المساء مجدداً إلى مدينة رأس لانوف.
وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي مصطفى الغرياني إن الثوار لا يرون أي مشكلة في الحصول على مزيد من الأسلحة، وفقا للحاجة، موضحاً أن قطر ودولا أخرى عرضت المساعدة. وأوضح الغرياني أن المجلس العسكري يعكف على تقييم الاحتياجات، مشيراً إلى أن فرض منطقة لحظر الطيران سيكون مفيدا، لكنّ قوات المعارضة ستواجه دبابات.
مجلس الأمن
وفي نيويورك، قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي منقسم بشأن التفويض بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، في الوقت الذي تدرس فيه بريطانيا وفرنسا خيارات أشد بخصوص نظام القذافي تشمل إنشاء حساب معلق لإيرادات النفط.

وتعد بريطانيا وفرنسا مسودة قرار للأمم المتحدة يفوض فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا لمنع الضربات الجوية ضد المدنيين. لكن دبلوماسيا غربيا قال إن الولايات المتحدة أوضحت للندن وباريس أن إدارة الرئيس باراك أوباما بصدد إجراء مراجعة للسياسة، وأنها غير مستعدة «للمضي قدما بكل طاقتها بشأن فرض حظر طيران في الوقت الحالي».
وبرغم ذلك يتشاور البريطانيون والفرنسيون مع واشنطن وحلفاء آخرين حتى يكونوا جاهزين لعرض مسودة القرار على مجلس الأمن بشكل فوري إذا ارتكبت القوات الموالية للقذافي أي «عمل فظيع» ضد المدنيين. وقال دبلوماسي غربي إنه «إذا قصفوا مدرسة وقتلوا 12 طفلا... سيكون الفرنسيون والبريطانيون جاهزون للتحرك فورا بمسودة قرار بشأن مسألة فرض منطقة حظر طيران».
لكن مبعوثين آخرين قالوا إن فكرة فرض حظر طيران تفتقر للدعم الكافي، إذ لا تحبذها روسيا والصين، اللتان تتمتعان بحق النقض، كما تتشكك بشأنها الهند وجنوب أفريقيا في حين لم يحسم الأميركيون أمرهم بعد.
وأوضح المبعوثون أن الخيار الرئيسي هو فكرة منطقة حظر طيران بتفويض من مجلس الأمن يتولى حلف شمال الأطلسي فرضها، لكن التطبيق المثالي لهذا الحظر سيتضمن مشاركة من بلدان عربية وأفريقية لتجنب ظهوره كعملية عسكرية أميركية - أوروبية.
لكن مصادر أخرى أشارت إلى أن فرنسا تعمل على استبعاد أي اقتراح يتضمن تورط الحلف الأطلسي، وتفضل الحصول على غطاء من الأمم المتحدة لأي عمل عسكري محتمل ضد النظام في ليبيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إن «المطلوب الآن هو وقف القمع الدامي الذي يقوم به العقيد القذافي، وقد اتخذت فرنسا موقفا واضحا جدا: ان الحلف الأطلسي ليس المنظمة الملائمة للقيام بهذا العمل». وأضاف «لا بد من تفويض من الأمم المتحدة ونحن مستعدون للتحرك مع آخرين لحماية السكان عبر منع القذافي من استخدام وسائله الجوية».
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي «إننا ندرس مع بريطانيا ما يمكن القيام به خارج إطار الحلف الاطلسي»، مشيراً إلى أن «العلم الأطلسي لا يمكن إلا ان يكون استفزازيا في ليبيا».
وتتعارض هذه التصريحات مع الموقف الاميركي الذي يعتبر «ان خيار الاطلسي هو الخيار الطببيعي»، حسبما قال مسؤول أميركي في بروكسل، حيث يعقد وزراء الدفاع في الحلف الأطلسي اجتماعاً اليوم لمناقشة الوضع في ليبيا.
وقال دبلوماسيون في بروكسل إن دول حلف شمال الأطلسي وافقت على ثلاثة مبادئ يتعين تحقيقها بالنسبة للحلف للنظر في أي عمل عسكري ضد ليبيا، وهي «وجود حاجة واضحة لتدخل الحلف»، و«توفر أساس قانوني واضح» و«دعم إقليمي راسخ».
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فون راسموسن أوضح أن الحلف «لا يتطلع للتدخل في ليبيا، لكننا طلبنا من جيشنا وضع تخطيط متعقل لكل الاحتمالات». وأضاف أن «هناك حساسيات كثيرة في المنطقة في ما يتعلق بما يمكن اعتباره تدخلا عسكريا أجنبيا... ولذلك فإن أي تحرك يجب أن يستند إلى تأييد دولي واسع النطاق يشمل تأييدا من المنطقة».

- وأرسل القذافي يوم أمس مبعوثين إلى القاهرة وعواصم أوروبية قبل قمة الاتحاد الأوروبي، وهو ما فعله الثوار أيضاً، حيث التقى موفدون من قبلهم مسؤولين أميركيين وأوروبيين.
وقال مسؤول في مطار القاهرة الدولي إن رئيس هيئة الإمداد والتموين في الجيش الليبي اللواء عبد الرحمن الزوي، وهو أحد المقربين من القذاقي، وصل إلى العاصمة المصرية على متن طائرة خاصة من طراز «فالكون 900» قادماً من طرابلس.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسؤول في السفارة الليبية كان في استقبال الزوي في مطار القاهرة أن الأخير يحمل رسالة من القذافي إلى المسؤولين المصريين.
وكانت وكالة الأنباء اليونانية «إيه إن إيه» ذكرت في وقت سابق أن الطائرة حلقت نحو 14 دقيقة في المجال الجوي اليوناني، علماً بأن القذافي كان قد اتصل، أمس الأول، برئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، الذي نصح القذافي بالعمل من اجل حل سلمي للأزمة الليبية.
وفي بروكسل، قال دبلوماسي أوروبي إن موفدا للقذافي توجه إلى لشبونة للقاء وزير الخارجية البرتغالي لويس أمادو، عشية اجتماع في بروكسل لوزراء الخارجية الأوروبيين حول الوضع في ليبيا.
من جهته، قال وزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني إن مبعوثين حكوميين ليبيين توجهوا على ما يبدو إلى بروكسل للحوار مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
في هذا الوقت ذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن دبلوماسياً أميركياً بارزاً التقى بعدد من معارضي القذافي في القاهرة، وذلك في إطار جهود واشنطن لفهم المعارضة الليبية التي لا تزال غامضة بالنسبة لها.
ورفضت الخارجية الأميركية الكشف عن هوية المحاورين من الشخصيات المعارضة، لكنها أوضحت أن واشنطن على اتصال مع المعارضين داخل وخارج «المجلس الوطني المستقل» الذي شكله الثوار برئاسة وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبد الجليل.
يذكر أن مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التقت مندوبين عن المجلس الوطني الانتقالي، على هامش جلسة للبرلمان الأوروبي في استراسبورغ، لكــن مــصدراً في الاتحــاد قــال إن أشتون «لا تنوي الاجتماع مع أعضاء من نظام القــذافي».
في هذا الوقت، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيجتمع اليوم مع مبعوثين اثنين لقيادة المعارضة المسلحة في ليبيا، موضحاً أن الاجتماع سيوفر «فرصة لبحث الوضع العام في ليبيا لا سيما الوضع الإنساني وأعمال المجلس الوطني الليبي».
وقال مسؤول في الاليزيه إن فرنسا لم تتلق أي طلب للقاء مبعوثين للقذافي، وإنه على أي حال «لا يوجد كثير من الحماسة» للقائهم.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...