مصر: الاستفتاء على الدستور يحصّن الثورة.. والسيسي

15-01-2014

مصر: الاستفتاء على الدستور يحصّن الثورة.. والسيسي

جدد الشعب المصري، يوم أمس، الشرعية لثورته، وذلك بحشود غير مسبوقة توافدت منذ ساعات الصباح الأولى إلى مراكز التصويت في اليوم الأول للاستفتاء على الدستور الجديد، في عرس وطني، اتسم بأجواء احتفالية، أظهرت ارادة للمضي قدماً في طريق التغيير، وعكست تحدّياً صارماً لجماعة «الإخوان المسلمين»، التي قابلت مظاهر الفرح التي عمّت مراكز التصويت رقصاً وغناءً ورايات وألواناً، بأعمال عنف تفاوتت بين مسيرات التهديد وأعمال الترويع وعبوات التفجير.
وفيما يتوقع أن يشهد اليوم الثاني للاستفتاء مزيداً من الإقبال الجماهيري على صناديق التصويت، فإن التقديرات تشير إلى أن المصريين حسموا خيارهم بمنح «شرعية الصندوق» لـدستور الثورة، والتي تنسحب بدورها على «خريطة المستقبل» التي وضعتها القوات المسلحة بالتنسيق مع القوى الوطنية بعد عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي، وذلك بعدما منحوا تلك الثورة «شرعية الشارع» يوم «الخروج الكبير» يوم 30 حزيران الماضي، وبعدها في «جمعة التفويض» يوم 26 تموز الماضي.
بذلك، تكون «ثورة 25 يناير»، وموجتها الثانية «ثورة 30 يونيو»، قد باتت محصنة على المستويين الشعبي والدستوري، ما ينزع من جماعة «الإخوان المسلمين» سلاح «منازعة الشرعية» الذي فشلت في استخدامه خلال الأشهر الستة الماضية، ما يجعلها أمام خيارين وحيدين، أحلاهما مرُّ: العنف المسلح في الشارع أو الحوار تحت شرعية «العهد الجديد».
لكنّ الأهم في الاستحقاق الدستوري، أن الاستفتاء شكل أيضاً تفويضاً شعبياً جديداً للقوات المسلحة المصرية وقائدها الفريق اول عبد الفتاح السيسي، الذي اتسع أمامه هامش المناورة في باقي استحقاقات المرحلة الانتقالية، وأهمها الانتخابات الرئاسية، بما يجعله أيضاً أمام خيارين كلاهما يحصنان موقعه: الترشح شخصياً للانتخابات الرئاسية أو دعم مرشح مدني يحفظ للمؤسسة العسكرية موقعها للسنوات الثماني المقبلة على أقل تقدير.
وشهد اليوم الأول للاستفتاء اقبالاً كثيفاً من قبل الناخبين على لجان الاقتراع. وقد حرصت أعداد كبيرة من المواطنين على التواجد أمام مقار اللجان الانتخابية منذ الصباح الباكر، حيث شهدت العديد من تلك اللجان اصطفافاً لطوابير المواطنين ممن لهم حق التصويت في الاستفتاء على الدستور.
وبدأت عملية الاستفتاء اعتباراً من الساعة التاسعة صباحاً، حيث فتحت لجان الاقتراع على مستوى المحافظات كافة أبوابها لاستقبال الناخبين الراغبين في الإدلاء برأيهم في مشروع الدستور.
ويجري الاستفتاء في 27 محافظة من محافظات مصر، تحت إشراف قضائي كامل من خلال 13 ألفاً و867 قاضياً من القضاء والنيابة العامة ومختلف الهيئات القضائية.
ويبلغ تعداد المواطنين المدعوّين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء 52 مليوناً و742 ألفاً و139 ناخباً، يتوزعون على 30 ألفاً و317 لجنة انتخابية فرعية داخل 11 ألفاً و38 مركزاً انتخابياً، وتشرف على تلك اللجان 352 لجنة انتخابية عامة على مستوى الجمهورية.
وتجري عملية الاستفتاء وسط تأمين وحراسة من رجال القوات المسلحة (160 ألف عنصر من الوحدات كافة بما في ذلك «الصاعقة» وقوات المظليين) وجهاز الشرطة (200 ألف عنصر من القطاعات كافة)، وذلك في ضوء تعليمات صارمة بمواجهة أية محاولات للخروج عن القانون، أو تعطيل عملية التصويت.
وأظهرت تقديرات أولية شبه رسمية نشرت بعد إقفال صناديق التصويت عند التاسعة من مساء أمس، أن نسب التصويت سجلت معدلات مرتفعة في العديد من المحافظات، خصوصاً في الفيوم (70%)، والشرقية (50%)، والمنيا (45-50%)، والمنوفية (40 – 45%)، وبورسعيد (40%)، وأسيوط (35 – 40%)، والاسماعيلية (35%)، والغربية (35%)، والاسكندرية (30%)، والسويس (20%)، فيما سجلت محافظة مطروح الحدودية، والمحسوبة انتخابياً على التيار الإسلامي، أدنى معدّل مشاركة (10 %)، في حين توقع محافظ القاهرة معدّل مشاركة غير مسبوق منذ «ثورة 25 يناير».
وجرت عمليات الاقتراع في معظم مناطق البلاد وسط أجواء احتفالية، خرقتها اشتباكات وقعت بين الشرطة وانصار جماعة الاخوان المسلمين، التي دعت الى مقاطعة الاستفتاء، وقد اوقعت ثمانية قتلى في ثلاث مناطق، هي بني سويف وسوهاج في صعيد مصر، وكرداسة في الجيزة. ففي محافظة سوهاج (470 كيلومتراً جنوبي القاهرة)، قتل اربعة اشخاص، وفي محافظة بني سويف (120 كيلومتراً جنوبي القاهرة) قتل شخص برصاصة في الصدر. وفي كرداسة قتل ثلاثة اشخاص. وفي بلدة الحوامدية (جنوب محافظة الجيزة) اشعل مؤيدو جماعة الاخوان النيران في سيارة شرطة، كما فرقت الشرطة تظاهرات لانصار الجماعة في الاسكندرية.
واعلنت وزارة الداخلية في بيان مساء الثلاثاء أنه تم توقيف 140 من الخارجين عن القانون «الذين كانوا يحاولون تعطيل الاستفتاء».
وكانت قنبلة بدائية الصنع انفجرت قبل ساعتين من فتح مكاتب الاقتراع امام محكمة في منطقة امبابة ما أسفر عن أصابة شخص بجروح طفيفة. ولم يؤثر هذا الانفجار على تدفق الناخبين على مكاتب الاقتراع.
وقام الفريق الاول السيسي بتفقد احد مكاتب الاقتراع في مصر الجديدة بعد بدء التصويت لتفقد الحالة الامنية، وتحدث الى الجنود قائلاً «شدوا حيلكم، نريد تأميناً كاملاً للاستفتاء». كما تفقد كل من وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم ورئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي مراكز التصويت، حيث طمأنا المواطنين الى ان القوات المسلحة والشرطة على يقظة تامة لحماية الناخبين في اللجان كافة.
وادلى الرئيس المؤقت عدلي منصور بصوته، حيث دعا المصريين الى المشاركة بكثافة في الاستفتاء، مؤكداً أن «التصويت ليس لصالح الدستور فقط ولكن لصالح خريطة المستقبل كلها»، فيما توقع رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي بعدما أدلى بصوته أن «يقبل المصريون بقوة على المشاركة ليؤكدوا أن ثورتهم تسير على الطريق الصحيح».
ووجّه المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي رسالة شكر وتقدير للشعب المصري، «وخاصة سيدات مصر وشبابها الواعد على المشاركة الإيجابية التاريخية وتحملهم للمسؤولية الوطنية بكل رقي وتحضر». وتوجه المتحدث العسكري إلى «شعب مصر العظيم» بالقول: «من قواتكم المسلحة... تعظيم سلام وشكراً».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...