وجهات نظر جديدة حول قوة الجيش الأمريكي

13-11-2007

وجهات نظر جديدة حول قوة الجيش الأمريكي

الجمل: يسود الأوساط العالمية بأن الجيش الأمريكي، يتميز بالقدرة الفعلية على الحسم العسكري في المعارك التي يمكن أن يخوضها في مسارح المواجهة ضد البلدان غير النووية، وربما أيضاً ضد بعض البلدان ذات القدرات النووية المحدودة كالباكستان مثلاً.
* وجهة النظر الجديدة حول "قوة" الجيش الأمريكي:
يقول المحلل السياسي البروفيسور مايكل خوسودوفسكي، بأنه في الوقت الذي تقول فيه المعلومات وتعليقات المحللين والخبراء السياسيين والعسكريين والاستراتيجيين، بأن خط الهجوم الأمريكي ضد إيران، قد تم وضعها واعتمادها ووصلت إلى مرحلة متقدمة من الجاهزية والاستعداد، فإن هناك خلافات وانقسامات حادة بين البنتاغون (العسكريين الأمريكيين) والبيت الأبيض (السياسيين الأمريكيين) حول مدى جدوى وفعالية نجاح الجيش الأمريكي بحسم المواجهة العسكرية ضد إيران.
هذا، وأشارت تقارير البنتاغون المرفوعة إلى البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي، بأن الخطط العسكرية لضرب إيران قد اكتمل إعدادها كما اكتملت الاستعدادات والترتيبات لتنفيذها متى ما أصدر الرئيس الأمريكي جورج بوش الأمر التنفيذي الخاص بها، ولكن هذه التقارير أشارت إلى أن القوات الأمريكية بقدراتها العسكرية الحالية لن تستطيع مهما أوتيت من قوة دون قيام إيران بتوجيه الضربة الثانية إذا قررت القيام بالانتقام من أمريكا.
وتقول تقارير الخبراء العسكريين بأن إيران تملك الكثير من أنواع الأسلحة الخطيرة والتي سوف يترتب على استخدامها ضرر فادح وخسائر مادية وبشرية هائلة لا يمكن تفاديها.
* قدرة أمريكا على شن الحرب: الفجوة بين الطموح السياسي العدواني والقدرة العسكرية المحدودة:
توجهات البيت الأبيض العدوانية إزاء سوريا وإيران وغيرها من دول العالم الرافضة للمشروع الأمريكي، هي مجرد توجهات تعبر عن طاقة سياسية عدوانية زائدة لا تتوافر القدرة المادية لتحقيقها، بكلمات أخرى، فإن هدف البيت الأبيض الساعي إلى تحقيق السيطرة على العالم لا يمكن مطلقاً للجيش الأمريكي أن يحققه، ذلك لأن كل ما يستطيع الجيش الأمريكي القيام به هو استغلال تفوقه الجوي واللجوء إلى شن الغارات الجوية وإلقاء القنابل المدمرة، أما السيطرة الفعلية على الأرض فهي أمر غير ممكن.
رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجديد، الأدميرال ميشيل مولين، الذي تولى المنصب في تشرين الأول الماضي، برغم تأييده لتوجهات البيت الأبيض العدوانية، فإنه قد اعترف مؤخراً بضعف الجيش الأمريكي وعدم قدرته على تحقيق السيطرة العسكرية الميدانية.
وتقول المعلومات بأن التصريحات الأخيرة لرئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجديد، كانت على النحو الآتي:
• صحيفة هاآرتس الإسرائيلية: في تصريحه الذي نقلته الصحيفة يوم 22 تشرين الثاني، قال الأدميرال مولين بأن الحروب في العراق وأفغانستان "يمكن أن تكون قد قوضت قدرة الجيش الأمريكي على خوض الحروب ضد الخصوم الرئيسيين – والذين من بينهم إيران".
• صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: في لقاء مع الصحيفة تحدث الأدميرال قائلاً: "يتوجب علينا أن نكون واعين تماماً حول... الدخول في صراع مع بلد ثالث –أي إيران- في ذلك الجزء من العالم". وأشار رئيس الأركان إلى أن تردد رئيس الأركان الأمريكي إزاء خوض الحرب ضد إيران، هو تردد ليس مصدره الخلاف في التوجهات السياسية، وإنما هو توجه مصدره معرفة الأدميرال ميشيل مولين بحقيقة تخمينات حدود والقدرات العسكرية الأمريكية الفعلية حالياً.
إضافة إلى تصريحات رئيس هيئة الأركان الأمريكي، تقول المعلومات بأن الجيش الأمريكي قد واجه وسوف يظل يواجه المزيد من المواقف الصعبة في مسرح القتال العراقي ومسرح القتال الإيراني:
• القدرات البشرية: أصبح الجيش يواجه عزوف الأمريكيين عن التجنيد، ورفض العسكريين الذهاب إلى القتال، إضافة إلى عدم رغبة الموجودين في مسرح القتال البقاء لفترات طويلة.
• القدرات التكتيكية: أكدت التقارير بما لا يدع مجالاً للشك بأن البنتاغون وقيادة قوات الناتو والقوات المشتركة المتحالفة مع أمريكا، قد اعترفت جميعها بعدم القدرة على إنهاء المقاومة المسلحة المتزايدة في المسرحين العراقي والإيراني.
• القدرات المعنوية: الأدميرال وليام فالون، قائد القيادة الأمريكية الوسطى الحالي، والأكثر تأييداً بين العسكريين الأمريكيين لتوجهات بوش – تشيني، صرح قائلاً بأن القوات الأمريكية لن تدخل في حرب مع إيران، وعلق الخبراء العسكريون على تصريحات الأدميرال فالون بأنه ينم عن الانخفاض في مستوى الروح المعنوية، خاصة وأنه كان متزامناً مع التصعيدات السياسية الأمريكية الأخيرة ضد إيران.
* الضعف العسكري الأمريكي هل يتحول إلى ضعف دبلوماسي؟
تقول المعلومات بأنه وخلال قيام البيت الأبيض بالضغط على ألمانيا وفرنسا لإقناعهما بضرورة القيام بفرض المزيد من العقوبات المتشددة ضد إيران، فقد كانت ردود أفعالهما –بافتراض أنهما من أبرز حلفاء أمريكا الأوروبيين حالياً- كالآتي:
• عبر ساركوزي عن تأييده لأمريكا وعن استعداده للتعاون والوقوف إلى جانب الأمريكيين في فرض عقوبات جديدة على إيران، ولكنه يريد بالمقابل قيام الولايات المتحدة بدعم تدفقات رأس المال المباشر وغير المباشر لدعم جهود عملية الإصلاح الاقتصادي التي يحاول ساركوزي القيام بها لجعل فرنسا بمثابة "أمريكا الأوروبية"، وهو الأمر الذي لا يريده الأمريكيون بالطبع، ذلك أن قوة فرنسا بالنسبة إليهم معناه استقلال فرنسا وأوروبا عن الارتباط بالقرار السياسي الأمريكي.. إضافة لذلك، فإن الأزمة الاقتصادية الأمريكية التي بدأت مؤشراتها تتضح من خلال الانخفاض المتواتر في قيمة الدولار الأمريكي إزاء العملات الأخرى، وتوجهات دول العالم إلى تنويع أرصدة عملاتها الأجنبية (مبادلة العملة واحتسابها على أساس "سلة عملات" وليس الدولار وحده خوفاً من تقلبات أسعاره التي باتت كثيرة)، وسوف لن توفر أمريكا لفرنسا القدرة في دعم مشروع ساركوزي الاقتصادي
• أما ميركل فقد عبرت عن استعداد ألمانيا الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في فرض المزيد من العقوبات المتشددة على إيران، ولكنها "اشترطت" أن يتم ذلك حصراً إذا أغلقت إيران كل أبواب الجهود والمحاولات الدبلوماسية.
أما على مستوى الاتحاد الأوروبي، والذي يفترض أنه يتعاون مع التوجهات الأمريكية، فتقول المعلومات بأنه لن يستطيع الانضمام بشكل جماعي إلى جانب المشروع الأمريكي في فرض العقوبات، وذلك لأن الكثير من الأضرار سوف تلحق بالشركات الأوروبية النفطية وغير النفطية، وتقول المعلومات أيضاً بأن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، قد اضطر لتوجيه التهديدات إلى الشركات الأوروبية التي لها استثمارات في إيران، أو تتعامل مع إيران، وركزت تهديداته على أن هذه الشركات الأوروبية قد توجه الكثير من "المتاعب والصعوبات" في التعامل مع (وضمن) دائرة السوق والاقتصاد الأمريكي.
عموماً، إن أصدق تعبير عن ضعف الجيش الأمريكي جاء اليوم 13 تشرين الثاني ضمن المقال التحليلي الذي نشرته صحيفة ألترنيت الأمريكية الالكترونية، الذي حمل عنوان "هل الجيش الأمريكي هو أملنا الأخير في تفادي وقوع الحرب ضد إيران؟"..
المقال التحليلي من إعداد الكاتب الأمريكي كريس هيدجيز، الحائز على جائزة بوليتزر، ورئيس قسم الشرق الأوسط في صحيفة نيويورك تايمز.
يقول هيدجيز، بأن الجيش الأمريكي أصبح هو الأمل الأخير في تفادي الحرب ضد إيران، وذلك لأن الكونغرس الأمريكي قد تحول إلى قطيع من الأبقار التي يقوم اللوبي الإسرائيلي بقيادتها، ويضيف الكاتب قائلاً "إن الجيش الأمريكي هو حائط الدفاع الأخير الذي سوف يمنع إدارة بوش من استهداف إيران، وتنفيذ هجومه العدواني عليها، الذي يمكن أن يشعل حريقاً إقليمياً هائلاً" سوف تلتهم نيرانه ليس الشرق الأوسط فحسب بل والإدارة الأمريكية والكونغرس أيضاً.
ويقول الكاتب إن كلمات وزير الدفاع روبرت غيتز وقائد القيادة الوسطى الأدميرال وليام فالون والجنرال جورج كيسي رئيس الأركان الجيش الأمريكي وغيرهم، قد أكدت للرئيس بوش ونائبه وللكونغرس، بأن من الصعب على الجيش الأمريكي الدخول في حرب جديدة أخرى يصعب إدارتها والسيطرة عليها، هي كلمات تمثل آخر الأصوات العاقلة التي يمكن أن تمنع أمريكا من التورط في هاوية انهيارها.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...