الانتخابات السورية والتشويه الإعلامي

03-06-2014

الانتخابات السورية والتشويه الإعلامي

الجمل- ريك ستيرلينغ- ترجمة: د. مالك سلمان:

وصفَ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الانتخابات السورية بأنها "مهزلة". وعلى الفور قام "ناشنل ببلك ريديو" و "أسوشييتد بريس" و "إي بي سي" ووسائل إعلامية غربية أخرى بتقديم قصص تدعم هذا الزعم. إن أي نظرة متفحصة تظهر أن الإعلام يبالغ، ويشوه، ويكذب فيما يخص الانتخابات السورية.

هذه بعض الأمثلة من الأيام القليلة الماضية.

المثال الأول: "الآلاف يهربون قبل الانتخابات السورية" لباسم مروة، "أسوشييتد بريس"

يوم السبت 31 أيار/مايو وزعت "أسوشييتد بريس" قصة تزعم أن آلاف السوريين قد "هربوا من المدن التي تسيطر عليها الحكومة السورية". في صحيفتي المحلية هناك صورة مرافقة تظهر شباناً في سيارة بيك آب، مصورين من الخلف. الانطباع الذي يأخذه الناظر العابر هو أن هؤلاء هم بعض الأشخاص الهاربين. لكن الحقيقة هي على النقيض من ذلك: الصورة تظهر شباناً يشجعون الناس بحماس على التصويت في الانتخابات ويرفعون علامات السلام. إنهم لا "يهربون"، بل يتجولون في المدينة ويعبرون عن حماسهم للانتخابات.

أين هو الدليل الذي يدعم مزاعم "أسوشييتد بريس"؟ كل هذا "تبعاً للنشطاء المعارضين". هذا كل ما في الأمر، وليس هناك أي دليل آخر.

المثال الثاني: "كم يمكن للانتخابات أن تكون عادلة في ساحة حرب؟"، فريدريك بليتجين، "سي إن إن"

تقول قصة "سي إن إن" هذه إن المعارضة والدول الغربية "يقولون إنه من المستحيل إجراء انتخابات مع سيطرة المسلحين على شمال البلاد وشرقها. ويقولون إن الانتخابات لن تكون حرة أو عادلة، وأنها ستزور وسيتم إعلان فوز الأسد." لكن قصة "سي إن إن" تفشل في تضمين معلومات هامة مثل:

* أجريت الانتخابات مؤخراً في أفغانستان والعراق وأوكرانيا في وسط النزاعات مع وجود بعض المناطق خارج سيطرة الحكومة. لم ترفض الولايات المتحدة هذه الانتخابات، بل هنأت الحكومة والشعب!

** أجرت الولايات المتحدة انتخاباتها في سنة 1864 في خضم الحرب الأهلية الأمريكية.

أما بالنسبة إلى الزعم الأخير بخصوص تزوير الانتخابات، فهذه دعاية صرفة تفتقر إلى أي دليل. كما أن "سي إن إن" لا تشير إلى أي استفتاءات لأن هذه الاستفتاءات، بما فيها تلك التي أجرتها الدوحة (قطر) والناتو، قد بينت باستمرار أن الأسد يحظى بدعم شعبي واسع.

المثال الثالث: "الانتخابات السورية: تقدير الخبراء"، "صوت أمريكا"، سيسيلي هيليري، 2 حزيران/يونيو 2014

في هذا التقرير المقدم في "صوت أمريكا"، تم انتقاء "الخبراء بشكل متحيز. واحد منهم فقط غير مناهض شرس للأسد. يقدم هؤلاء "الخبراء" مجموعة من المزاعم والترهات. فعلى سبيل المثال، يقول زاهر سحلول إن الحكومة السورية "تستهدف نظام الرعاية الصحية". للاطلاع على الحقائق، يمكن للقراء أن يشاهدوا فيديو "تفجير المتمردين لمشفى الكندي" في حلب. مع صيحات "الله أكبر!" نرى الشاحنة تتقدم ببطء ومن ثم تفجر المشفى الجديد الذي كان مصمماً ليكون مثالاً للرعاية الطبية في سوريا. ويتلبع سحلول بهذه الطريقة: "لن يكون للسوريين المحظوظين بالبقاء على قيد الحياة أو الذين نجوا من التهجير أي خيار سوى التصويت، والتصويت على الأرجح للقائد ’الاستثنائي‘". هذا كذب. التصويت غير إلزامي، وليس هناك أي طريقة لمعرفة المرشح الذي يصوت له المواطن إن هو قام بالتصويت. إنه تصويت سري. إن زعم سحلول جزء من إشاعات ومزاعم وتأكيدات مزيفة دون أي دليل.

المثال الرابع: "خمسة أشياء يجب أن نعرفها عن انتخابات الثلاثاء في سوريا"، "إي بي سي نيوز"، زينة كرم، "أسوشييتد بريس"

تبعاً لهذه المقالة، "الانتخابات مؤشر على أن الحرب الأهلية سوف تستمر لوقت طويل على الأرجح." على العكس من ذلك، إذا أكدت الانتخابات أن الحكومة السورية تتمتع بدعم شعبي كبير، فسوف تقوض مصداقية المعارضة المسلحة وتؤدي إلى إنهاء النزاع المسلح. وهذا، بالطبع، هو ما يقلقهم.

زعم آخر في هذه المقالة يقول إن "ما يسمى بالمجموعات المعارضة السورية الداخلية ... تقاطع الانتخابات أيضاً. هذا كذب. فالأحزاب والمجموعات المعارضة اللاعنفية تشارك بقوة في هذه الانتخابات.

كما تزعم المقالة أن "حوالي 2.5 مليون لاجئ سوري مشتتون في البلدان المجاورة. وقد تم استبعاد معظمهم من الانتخابات أو أنهم قاطعوا الانتخابات." هذا غير صحيح. فقد قام أولئك اللاجؤون الذين عبروا إلى لبنان والأردن بجوازات سفرهم بالإدلاء بأصواتهم يوم الأربعاء 28 أيار/مايو. كان إقبال السوريين في المنفى ضخماً بما يفوق التوقعات.

أما أولئك اللاجؤون الذين هربوا عبر الحدود في السنوات الماضية ولا يحملون سوى هوياتهم الشخصية، فمن المتوقع أن يدلوا بأصواتهم في مراكز اقتراع على الجانب السوري من الحدود يوم الثلاثاء 3 حزيران/يونيو.

ولكن مع الإقبال الشديد على الانتخابات الأربعاء الماضي، قام " تيار المستقبل" اللبناني المتحالف مع الولايات المتحدة، في ال 48 ساعة الماضية، بتطبيق قانون جديد يمنع اللاجئين السوريين من التصويت يوم الثلاثاء! إذ لن يسمح هذا القانون للاجئين بالعودة إلى مخيماتهم في حال عبروا الحدود إلى سوريا للتصويت. الحكومة اللبنانية، وليس الحكومة السورية، هي التي تستبعد أصوات اللاجئين السوريين.

باختصار، ليس مسموحاً للمواطنين السوريين في الخارج بالتصويت في بلدان مثل الولايات المتحدة وكندا حيث تم إغلاق السفارتين السوريتين. وهم ممنوعون أيضاً من التصويت في بلدان أوروبية مثل ألمانيا وبلجيكا وفرنسا حيث منعت الدولُ المضيفة التصويت. والآن، تم منع اللاجئين في لبنان من العبور إلى سوريا للتصويت. إن مزاعم هذه المقالة غير صحيحة. إن القوى الغربية وحلفاءها هم الذين يمنعون السوريين من التصويت.

* * *

لماذا؟

جون كيري وأولئك الذين يسعون إلى تغيير النظام في دمشق يدركون جيداً أهمية الانتخابات السورية. لهذا السبب كان كيري فظاً ومباشراً في الحكم على الانتخابات. وقد حذى الإعلام حذوَه، كما حصل في الماضي، وفشل في نقل الحقائق بشكل موضوعي.

الشعب السوري، داخل البلاد وخارجها، يدرك أيضاً معنى هذه الانتخابات. ولهذا السبب كان الإقبال على الانتخابات كثيفاً في بيروت. لهذا سافر السوريون من بلدان عديدة حول العالم لكي يدلوا بأصواتهم في بلدهم الأم. ولهذا سيكون من الممتع أن نرى عدد المقترعين في سوريا مقابل عدد المقاطعين للانتخابات. هناك شيء واحد واضح: لن نعرف ذلك من الإعلام الرسمي أو من زبانيته.

 

 http://www.counterpunch.org/2014/06/03/media-distortions-on-the-syrian-elections/

تُرجم عن ("كاونتر بنتش"، 3 حزيران/يونيو 2014)

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...