ما هو الصبر الاستراتيجي؟ وهل خرجت إيـ.ـران من عباءته فعلاً؟

04-05-2024

ما هو الصبر الاستراتيجي؟ وهل خرجت إيـ.ـران من عباءته فعلاً؟

الاستراتيجية الفابية: مفهوم مشتق من العلم العسكري، يُعرف باسم “الاستراتيجية الفابية” نسبةً إلى الجنرال الروماني فابيوس ماكسيموس، الذي واجه حنا بعل، القائد العسكري الكنعاني الشهير.

اتبع فابيوس نهجًا استراتيجيًا يتجنب المواجهات الكبرى، ويركز على استنزاف العدو عبر حرب عصابات وسياسة الأرض المحروقة.

أما “الصبر الاستراتيجي” فهو مفهوم يتبنى منطق الاستراتيجية الفابية، حيث يعتمد على الصبر وتجنب المواجهات المباشرة مع العدو، مع التركيز على تحطيم قوته بمرور الوقت.

بعد معركة “كاناي” الكارثية عام 216 قبل الميلاد، حيث تكبدت الجيوش الرومانية خسائر فادحة، أدرك الرومان أهمية الاستراتيجية الفابية وبدأوا بتطبيقها على نطاق أوسع.

الصبر الاستراتيجي لا يعني التخلي عن المبادئ أو التفريط في الحقوق، بل يعتمد على التماسك السياسي والعمل على إضعاف العدو من خلال إجراءات غير مباشرة. ومن هذا المنطلق، يشير “الصبر الاستراتيجي” إلى:

خلق بيئة معادية للعدو، مما يمنعه من الاستمرار ويعوق تطلعاته.
الاعتماد على الزمن لصالحك، حيث يتعرض العدو لاستنزاف بطيء.

اتخاذ إجراءات لإضعاف العدو، دون خوض معارك كبرى.

الإيرانيون ليسوا غرباء عن مفهوم الصبر الاستراتيجي، إذ استخدم الملك الفارسي شابور الثاني هذه الاستراتيجية لمواجهة الإمبراطور الروماني جوليان، الذي قتل خلال سلسلة من المعارك الجانبية.

هذا النهج أثبت فعاليته تاريخيًا في مواجهة قوى أكبر وأكثر قوة.

حاليًا، لا يزال الصبر الاستراتيجي خيارًا مهمًا في المواجهة بين إيران ومحور المقاومة من جهة، والكيان الصهيوني والهيمنة الأميركية من جهة أخرى.

لكن يتطلب هذا النهج توازنًا دقيقًا بين مفهوم “الردع” و”الصبر الاستراتيجي”، حيث يمكن أن يؤدي الالتزام المفرط بالصبر إلى استغلال العدو لنقاط الضعف وخرق السيادة.

إيران، في سياق تعاملها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، اتبعت نهج الصبر الاستراتيجي، مع التركيز على الردع والحفاظ على التوازن.

ضربتها الصاروخية ضد قاعدة عين الأسد في العراق عام 2020، وإشاراتها المتكررة إلى قدرتها على ضرب الأهداف الإسرائيلية، تشير إلى استعدادها للدفاع عن سيادتها دون الدخول في حرب مباشرة.

لكن هذه التحركات تحتاج إلى حذر وتوازن، حيث أن ميزان القوى التقليدي لا يزال يميل إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها.

في النهاية، ما يظهر من استراتيجية إيران هو تجنب المواجهات الكبرى والحفاظ على القدرة على الردع.

يشير هذا إلى أن مرحلة الهجوم المضاد العام لم تبدأ بعد، بل يهدف إلى تثبيت التوازن الاستراتيجي مع القدرة على الردع .

هذا النهج قد يوفر فرصة لإيران ومحور المقاومة لمواصلة مراكمة القوة والإنجازات الصغيرة، مع الحفاظ على الاستقرار النسبي.

الميادين نت

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...