المهمات غير المعلنة في زيارة رايس إلى المنطقة

05-03-2008

المهمات غير المعلنة في زيارة رايس إلى المنطقة

الجمل: بدأت وزيرة الخارجية الأمريكية جولة جديدة تعتبر الأكثر خطورة من بين جولاتها السابقة لأن الأبعاد غير المعلنة تلعب دوراًُ كبيراً في مجرى الأبعاد المعلنة.
* الأبعاد المعلنة:
• القاهرة: نقطة البداية: نقلت التقارير معلومات وصول كوندوليزا رايس إلى القاهرة وعقدت مؤتمراً صحفياً أكدت فيه على حدوث المزيد من التطورات في أجندة العلاقات الأمريكية – المصرية وتفاهمات خط واشنطن – القاهرة. أبرز النقاط التي تحدثت وأشارت إليها رايس هي:
* سماح الكونغرس الأمريكي بالإفراج جزئياً عن المعونة الأمريكية لمصر.
* حصول إدارة بوش على تفويض الكونغرس بالإفراج على دفعات المعونة الأمريكية لمصر ولكن وفقاً لمقتضيات مصالح الأمن القومي الأمريكي.
* مطالبة الإدارة الأمريكية لمصر بإنجاز المزيد من التقدم في عمليات الإصلاح والتحول الديمقراطي.
• رام الله: المحطة الثانية: وتقول المعلومات بأن زيارة رايس إلى رام الله ستقتصر هذه المرة على الآتي:
* حث الفلسطينيين على استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين.
* تقديم الوعود لمحمود عباس وسلام فياض بتقديم المزيد من المساعدات.
• المحطة الثالثة: تل أبيب: وتشير التقارير إلى أن الوزيرة الأمريكية ستناقش مع الإسرائيليين النقاط التالية:
*التهدئة وإيقاف العملية العسكرية الجارية حالياً.
* العودة للمفاوضات.
* الأبعاد غير المعلنة:
تأتي جولة رايس الجديدة في وقت تشهد فيه منطقة شرق المتوسط حدثين مهمين هما انعقاد قمة دمشق التي اقترب موعدها، والتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة. وتشير المعلومات إلى أن الوزيرة الأمريكية تركز هذه المرة على القاهرة وليس على تل أبيب كما كان يحدث في الماضي، ويشير هذا التركيز إلى الاستنتاج القائل بأن أوراق اللعبة الأمريكية القادمة سيكون جزء كبير منها في يد المعتدلين العرب. بكلمات أخرى، كان مخطط الإدارة الأمريكية الجديد يستهدف استخدام القاهرة للقيام بدور "البروكسي" الأمريكي في إدارة دفة الخلافات العربية – العربية.
تحدثت رايس في المؤتمر الصحفي عن قرار الكونغرس الأمريكي بالإفراج عن جزء من المساعدات الأمريكية لمصر، وتأكيداً لذلك فقد نقلت التقارير الإخبارية العالمية معلومات مفصلة تقول بأن الكونغرس وافق على تقديم مبلغ 100 مليون دولار لمصر كدفعة أولى جزئية من إجمالي المعونة الأمريكية المخصصة لها التي سبق أن جمدها الكونغرس تحت ضغط اللوبي الإسرائيلي. أما المبلغ الذي تم تقديمه لنظام حسني مبارك فهو فاتحة خير أمريكية على أمل أن تبذل مصر المزيد من الجهود من أجل دعم الأجندة الأمريكية التي سلمتها وزيرة الخارجية الأمريكية إلى الرئيس المصري ووزير خارجيته أبو الغيط، وتتمثل هذه الأجندة في:
• إفشال قمة دمشق والعمل على استبدالها بقمة عربية أخرى يتم عقدها في مكان آخر.
• تشديد الضغوط المصرية على حركة حماس.
ولم تنس الوزيرة أن تقدم "رشوة" معنوية للمعارضة المصرية التي تزايدت تحركاتها ضد نظام حسني مبارك. وتشير المعلومات إلى الآتي:
• أعلنت رايس في مؤتمرها الصحفي في القاهرة عن مطالبة واشنطن لنظام حسني مبارك بضرورة تحقيق المزيد من الإنجازات السياسية التي تعزز التحول الديمقراطي وحرية التعبير، وفي هذا إشارة واضحة إلى المعارضة المصرية بأن أمريكا ستعمل كل ما في وسعها لإنجاز التحول الديمقراطي في مصر. وبالتالي ليس من مصلحة المعارضة المصرية مناهضة أمريكا لأنها أيضاً مثلها مثل المعارضة تضغط جنباً إلى جنب معها من أجل الديمقراطية، وإذ كانت المعارضة المصرية تشدد ضغوطها الداخلية على نظام مبارك فإن الولايات المتحدة تشدد ضغوطها الخارجية عليه.
• تفاهم واشنطن – القاهرة حول أجندة قمة دمشق سيكون حاضراً بقوة في اجتماعات الوزيرة الأمريكية في القاهرة، وتقول المعلومات بأن هناك تفاهم مصري – خليجي برعاية أمريكية لعقد قمة عربية "مصغرة" في منتجع شرم الشيخ المصري التي تؤيدها أمريكا بشدة باعتبارها تمثل "المُوازِن" الدبلوماسي لقمة دمشق التي من المقرر دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للمشاركة فيها، وترى واشنطن بأن الحضور الإيراني معناه أن إيران تستخدم الملفات العربية لخدمة مصالحها وتعزيز موقفها في الصراع ضد أمريكا.
• تفاهمات رايس مع النظام المصري ستتطرق للتحركات البحرية العسكرية الأمريكية الجارية حالياً قبالة سواحل شرق المتوسط. ومدى احتمالات تمديد الوجود البحري الأمريكي ليشمل المناطق البحرية الواقعة قبالة الساحل السوري بحيث يتضمن نطاق هذا الوجود الساحلين السوري واللبناني.
• على الجانب الأمريكي تزامنت زيارة رايس للقاهرة وقيامها بالجولات المكوكية على خط تل أبيب – رام الله، مع قيام مجلس النواب الأمريكي بإصدار قانون جديد ينص على إدانة عمليات إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل ويحمل سوريا وإيران جزءاً من المسؤولية عن ذلك. وتشير التحليلات إلى صدور هذا القانون كان مثيراً للجدل ولافتاً للانتباه:
* لجهة التوقيت: يعتبر صدوره غير مناسب.
* لجهة المضمون: يدين القانون الفلسطينيين وأطرافاً أخرى بعيدة عن غزة هي سوريا وإيران دون أي إشارة لمصر المتهمة بتمرير العتاد العسكري والصواريخ للقطاع. كذلك لا يدين القانون الجرائم الإسرائيلية ويتجنب التطرق لأي شيء يتعلق بإسرائيل، وبدلاً عن ذلك يركز القانون الجديد فقط على إدانة الضحايا الفلسطينيين عن الجرائم التي قام بها الجلاد الإسرائيلي.
* لجهة التصويت: بلغ إجمالي عدد النواب المؤيدين للقانون 404 نواب منهم 214 ديمقراطياً و190 جمهورياً. كما تشير التحليلات إلى أن صدور القانون بشكله الحالي الذي يركز على نقطتين هما إدانة إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل وتحميل الفلسطينيين وسوريا وإيران المسؤولية، معناه توفير الغطاء القانوني التشريعي الأمريكي الذي يوفر الدعم لإسرائيل من أجل المبادرة والقيام بـ"مغامرة" عسكرية مبررة أمريكياً ضد كل الذين حملهم القانون المسؤولية عن إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل!!
أما بالنسبة للهدف الرئيسي لتحركات الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي فيتمثل في تجميع الجهود من أجل القضاء على مؤتمر أنابوليس. بكلمات أخرى، لقد نظمت الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع إسرائيل وبإشراف اللوبي الإسرائيلي مؤتمر أنابوليس من أجل تحقيق بعض الأهداف المرحلية ثم العمل على إفشاله بعد ذلك، وتتمثل هذه الأهداف المرحلية في الآتي:
• عزل سوريا.
• القضاء نهائياً على مبادرة السلام العربية.
وقد وفر مؤتمر أنابوليس الأرضية اللازمة للإدارة الأمريكية للقيام بهذه المبادرة فقد استطاع المؤتمر أن يستدرج السعوديين (أصحاب المبادرة) وحلفائهم من المعتدلين العرب للانتقال إلى خطة شكلية جديدة في عملية سلام الشرق الأوسط بحيث يترتب عليها تجاوز بنود ومشروطيات مبادرة السلام العربية. أما بالنسبة لعزل سوريا فالإدارة الأمريكية تنشط حالياً ومعها المعتدلون العرب لإفشال قمة دمشق أو الالتفاف على أجندتها عن طريق إفراغها من مضمونها. بكلمات أخرى، فإن قمة شرم الشيخ المصغرة التي اقترحتها "دولة خليجية" ووافقت عليها أمريكا هي بالأساس فكرة أمريكية تهدف إلى الآتي:
• أن يتم نقل الأجندة المتعلقة بالأزمة اللبنانية والأزمة الفلسطينية بعيداً عن دمشق.
• أن يتم حصر القمة المصغرة بحيث يكون للمعتدلين العرب الأغلبية فيها لأنها ستقتصر على مصر والأردن وحكومة السنيورة والسلطة الفلسطينية والسعودية وربما دولة أخرى مثل المغرب أو تونس أو حتى ليبيا ما بعد تحالف القذافي – ساركوزي. ومن خلال إدارة القمة العربية المصغرة سيكون محور واشنطن – تل أبيب قد وضع يده على إدارة دولاب العمل العربي المشترك إزاء الملفين اللبناني والفلسطيني.
القضاء النهائي على مخطط مؤتمر أنابوليس أشار إليه ديفيد ماكوفيسكي خبير اللوبي الإسرائيلي ومدير برنامج عملية سلام الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وذلك في تحليله الذي حمل عنوان «غزة في مواجهة أنابوليس» الذي نشرته أمس صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية ونشر اليوم على صفحات الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد واشنطن وقد أشار التحليل إلى النقاط التالية:
• إن عنف غزة هو المشكلة والعقبة الرئيسية أمام جهود مؤتمر سلام أنابوليس.
• مبدأ «الأرض مقابل السلام» تحول إلى مبدأ «الأرض مقابل العنف».
• الصواريخ الفلسطينية لم تعد تهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي وحده وإنما أيضاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
واستنتج ديفيد ماكوفيسكي قائلاً بأن إستراتيجية وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية تهدف إلى اختراق دبلوماسي وإلى حسم مصير الضفة الغربية. وتقول المعلومات بأن التفاهم الأمريكي – الإسرائيلي حول مصير محمود عباس قد بدأ يأخذ أبعاداً جديدة لجهة أن الضرورة تقتضي:
• الإبقاء على محمود عباس لدورة رئاسية قادمة.
• البحث عن طريقة جديدة لدعم موقف محمود عباس.
وتشير المعلومات إلى أن الإسرائيليين والأمريكيين أصبحوا أكثر شعوراً بالقلق إزاء انخفاض شعبية محمود عباس ولاحتمالات أن يكون الرئيس الفلسطيني القادم من صفوف حركة حماس وهو أمر سيؤدي حدوثه إلى إخراج مؤسسة السلطة الفلسطينية نهائياً من صفوف المعتدلين العرب. وسوف تنضم إلى محور دمشق – حزب الله – حركة حماس. ولن تتوقف تداعيات هذا الخروج على الوضع الفلسطيني وإنما على موقف مصر والأردن اللتان تتدخلان في الملف الفلسطيني عن طريق السلطة الفلسطينية. بكلمات أخرى، فإن انغلاق بوابة رام الله أما محور القاهرة – عمان سيترتب عليه:
• قطع أيادي واشنطن في الساحة الفلسطينية.
• دخول دمشق إلى الساحة الفلسطينية من أوسع أبوابها.
• اكتمال حلقات تحالف حزب الله والحركات الفلسطينية.
• القضاء نهائياً على حركة فتح التي تمثل حالياً "آخر المعتدلين" في الساحة الفلسطينية.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...