هل بدأت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟

09-03-2008

هل بدأت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟

الجمل: تشير التحليلات إلى أن تداعيات التفجير الانتحاري الذي استهدف المدرسة الدينية اليهودية (بيشيفاه) في القدس سوف لن تنحصر فقط في مجرد تفكير الإسرائيليين على التحرك من أجل الرد والانتقام، وإنما سوف تلقي بظلالها على كامل نظام الأمن الداخلي وعلاقته بالأمن الخارجي الإسرائيلي.
* جنرالات إسرائيل: الحيرة في غرفة القيادة:
تباينت ردود أفعال الإسرائيليين إزاء الهجوم الانتحاري على المدرسة الدينية بحيث:
• طالب اليمين المتطرف اليهودي بضرورة الانتقام الفوري.
• طالب الوسط اليهودي بضرورة مراجعة إجراءات الأمن أولاً ثم الانتقام ثانياً.
• طالبت الأقلية بضرورة عدم التصعيد لأن خبرة التصعيد العدواني الإسرائيلي السابقة قد أكدت على أن ردود الأفعال المترتبة عليها تكون دائماً أسوء من سابقتها ويعتبر السياسي الإسرائيلي يوسي بيلين من أبرز أنصار هذا الاتجاه.
الصحافة الإسرائيلية وبرغم حملتها المعادية للحقوق العربية والعرب، إلا أنها هذه المرة صبت جام غضبها على الحكومة الإسرائيلية وحملتها جزء من المسؤولية عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف المدرسة الدينية وأدى إلى مصرع ثمانية من طلابها اليهود وجرح العشرات. ويتساءل تحليل الصحفيين الإسرائيليين عاموس هاريل وعافي إيساخاروف، الذي نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية اليوم: إن أحد أهم الأسئلة المركزية التي برزت على خلفية الهجوم الانتحاري على المدرسة الدينية اليهودي يتمثل في: هل تمثل هذه الحادثة نقطة البداية للانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟ ويقول التحليل بأن الانتفاضة الثانية لم تنته بعد، وبرغم ذلك فمن الممكن أن يشكل هذا الهجوم الانتفاضة الثالثة، وذلك بسبب موجة الحراك الجماهيري الفلسطيني التي حدثت بفعل تأثيراته. ويشير التحليل إلى أن قيام إسرائيل بممارسة التصعيد في قطاع غزة والقيام هذه المرة باحتلال أجزاء منه، سوف تؤدي إلى إشعال العنف في الضفة الغربية بدليل أن عملية لواء جيفاتي الإسرائيلي التي تمت خلال الأسبوع الماضي ضد منطقة جباليا الواقعة شمالي قطاع غزة، قد أدت إلى إشعال موجة من التظاهرات والاحتجاجات التي ترتب عليها قيام عناصر من مسلحي الضفة الغربية بشن الهجوم الانتحاري ضد المدرسة الدينية بسبب وعلى خلفية التأثيرات العميقة التي خلفتها في نفوسهم العملية العسكرية الدامية الأخيرة التي نفذها لواء جيفاتي الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
* نظرية الأمن الإسرائيلي: حيرة تكرار "السيناريو" و"السيناريو المضاد":
وفقاً لكل الحسابات الإستراتيجية والأمنية، من غير الممكن الفصل بين نموذج السيناريو الدامي الذي نفذته إسرائيل في:
• عملية اغتيال عماد مغنية القائد العسكري في حزب الله اللبناني.
• قيام لواء جيفاتي بتنفيذ عملية عسكرية دامية ضد منطقة جباليا بشمال قطاع غزة.
وبكلمات أخرى، فإن الفعل العدواني غير المشروع الإسرائيلي قد ظل دائماً يولد رد الفعل المشروع بواسطة الأطراف التي استهدفها العدوان، وعلى ما يبدو فقد أصبح الإسرائيليون على وشك أن يعوا ويفهموا الدرس برغم أن عدداً كبيراً منهم ما زال مصراً على مقاومة حقائق ومعطيات الدروس والعبر.
تقول التسريبات الواردة من إسرائيل، بأن رؤوساء الاستخبارات سيقدمون صورة قاتمة لمشهد الأمن الإسرائيلي من خلال تخميناتهم الاستخبارية والأمنية التي سيقدمونها إلى اجتماع مجلس الوزراء الذي سيعقد اليوم. وسوف تشمل هذه التخمينات المهددات الآتية:
• مخاطر إشعال الجبهة الشمالية مع سوريا وحزب الله اللبناني.
• مخاطر التقدم الذي أحرزته إيران في برنامجها النووي.
• مخاطر استيلاء حركة حماس على الضفة الغربية.
• مخاطر عدم التوصل لصفقة سلام مع السلطة الفلسطينية.
• مخاطر القيام مرة أخرى بالتصعيد العسكري في قطاع غزة.
التخمينات الاستخبارية التي سوف يتم تقديمها في اجتماع اليوم سيقدمها روؤساء جهاز الموساد (الأمن الخارجي)، الشين بيت (الأمن الداخلي)، مديرية بحوث وزارة الخارجية (مخابرات وزارة الخارجية)، ومجلس الأمن الوطني الإسرائيلي. وتقول التسريبات الإسرائيلية بأن خبير شؤون الشرق الأوسط المؤرخ برنارد لويس يقوم حالياً بزيارة إسرائيل لعقد سلسلة من اللقاءات قدم فيها تخميناته حول الشرق الأوسط لكل من رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك وزعيم الليكود المعارض بنيامين نتينياهو ورئيس المخابرات العسكرية عاموس يالدين. وأشارت هذه التسريبات إلى أن لويس الذي سيبقى في ضيافة إسرائيل ثلاثة أشهر، قد تحدث في تخميناته للزعماء والمسؤولين الإسرائيليين قائلاً بأن العديد من بلدان الشرق الأوسط الحالية قد بدأت تدخل في مجرى ما أطلق عليه تسمية "عقدة السادات"، على أساس اعتبارات افتراضه القائل بأن العديد من دول الشرق الأوسط قد بدأت تحذو حذو الرئيس المصري السابق أنور السادات لجهة أنه تنظر إلى أن مصدر الخطر والتهديد الرئيسي لا يتمثل في إسرائيل وإنما في إيران والإسلام المتطرف وأشار لويس قائلاً بأنه لاحظ ذلك في الأداء السلوكي السياسي السعودي والمصري والخليجي. وأشارت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إلى أنه من المتوقع أن يسمع مجلس الوزراء الإسرائيلي في جلسته اليوم التخمين الاستخباري القائل بأن سوريا ما تزال تنقل الرسائل والإشارات حول اهتمامها ورغبتها في المحادثات مع إسرائيل، برغم أنه لم يتأكد بعد أنها سوف تقبل بقطع روابطها مع إيران وحزب الله اللبناني. وأشارت الصحيفة بأن الخبير برنارد لويس يرى بأن التفاوض مع سوريا سيشكل غلطة لأنه لا يوجد في سوريا حالياً أي مظاهر لوجود "عقدة السادات". كذلك ولجهة البرنامج النووي الإيراني فإن مجلس الوزراء الإسرائيلي سوف يستمع لتخمين استخباري يقول أنه بحلول عام 2009م فإن إيران ستتخطى الحواجز التكنولوجية التي تمنعها من تصنيع قنبلة نووية إلا إذا تم حصراً إيقافها قبل ذلك. وحول إيران فقد تحدث الخبير إلى أولمرت قائلاً بضرورة ألا تكون المسألة النووية هي مجال التركيز الوحيد فيما يتعلق بإيران لأن إيران ليست بلداًَ تم اختراعه عام 2006م وإنما لها إرث يمتد إلى آلاف السنين والشعب الإيراني يعتقد بالحاجة إلى قيادة متقدمة وعالمية وبالتالي فقد أدت العقوبات إلى توحيد الشعب تحت قيادة النظام الإيراني الحالي بما ساعد النظام على القيام بالتركيز على قمع وإخماد المعارضة التي كان بإمكانها وضع حد ونهاية له والقيام بالحلول مكانه. وبالنسبة لأمريكا ودورها في الشرق الأوسط، أشار لويس لأولمرت قائلاً بأن الرئيس بوش لن يكون بمقدوره ممارسة النفوذ والجميع ينتظرون رؤية من سوف يأتي بعده.
أشار موقع ديكة الإلكتروني الإسرائيلي إلى أن التحقيقات حول الهجوم الانتحاري ضد المدرسة الدينية اليهودية تتطور يوماً بعد يوم ومن أبرز التطورات:
• إن منفذ العملية هو علاء أبو دهيم، عمره 25 عاماً، فلسطيني ويحمل الجنسية الإسرائيلية ويقيم في منطقة جبل المكير الواقعة جنوب القدس.
• في بادئ الأمر أعلنت حركة حماس مسؤوليتها عن الهجوم.
• رفعت عائلة علاء أبو دهيم أعلام حركة حماس وحزب الله اللبناني في المأتم.
• إعلان حزب الله بأن منفذ العملية ينتمي إلى مجموعة الشهيد عماد مغنية وشهداء غزة.
• تقول تسريبات التحقيق الجاري حالياً بأن التدقيق لا يجري فقط حول علاقة منفذ العملية بحركة حماس وحزب الله اللبناني وإنما أيضاً بجماعة حزب التحرير الأصولية الإسلامية التي استطاعت مؤخراً تمديد فروعها وأجنحتها في منطقة القدس واستطاعت أن تجتذب إلى عضويتها بعض الخلايا التابعة لحركة حماس كما استطاعت جماعات الحزب الموجودة في منطقة القدس تنظيم المظاهرات والمواكب العنيفة في القدس خلال الأسبوع الماضي تضامناً مع حركة حماس في غزة.
السؤال الحائر الذي يواجه نظرية الأمن الإسرائيلي يتمثل في كيفية التعامل مع مصادر التهديد الداخلي والخارجي وتحديداً أيهما يجب أن يحظى بالأولوية لأن التجربة أثبتت أنه:
• في مرحلة إعطاء الأولوية للمخاطر الداخلية فإن الخطر سوف يأتي من الخارج كما في حالة:
* العملية العسكرية السابقة التي أعقبت اختطاف الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليث التي أدت إلى بروز وصعود خطر حزب الله اللبناني وورطت الجيش الإسرائيلي في حرب خاسرة في جنوب لبنان.
* العملية العسكرية الأخيرة ضد قطاع غزة، التي أدت إلى تزايد السخط في القطاع مما أدى إلى وقوع الهجوم الانتحاري ضد المدرسة الدينية اليهودية.
• في حالة إعطاء الأولوية للمخاطر الخارجية فإن الخطر سوف يأتي من الداخل لأنه إذا أشعلت إسرائيل الجبهة الشمالية ضد سوريا وحزب الله فإن الجبهة الداخلية ستشتعل بحيث تجد إسرائيل نفسها في مواجهة جبهتين الأولى في قطاع غزة والثانية في الضفة الغربية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...