الاستقطابات الجديدة داخل مجلس الأمن الدولي

19-10-2009

الاستقطابات الجديدة داخل مجلس الأمن الدولي

الجمل: تضم عضوية مجلس الأمن الدولي 15 دولة خمس منها دائمة العضوية وهي الولايات المتحدة – روسيا – الصين – فرنسا – بريطانيا)، وعشر دول غير دائمة العضوية يتم انتخابها دورياً كل عامين، وعلى خلفية تنافس الدول دائمة العضوية الخمس للسيطرة على مجلس الأمن فإن اختيار الأعضاء الجدد تترتب عليه المزيد من حسابات الفرص والمخاطر.
* خارطة المجلس الجديدة:
خلال العام الماضي ظل مجلس الأمن يتكون من الدول الخمس والدول العشرة (بوركينا فاسو – كوستاريكا – كرواتيا – فيتنام – النمسا – اليابان – المكسيك – تركيا - أوغندا)، وتجدر الإشارة إلى وجود خمسة دول غير دائمة العضوية ستنتهي عضويتها بحلول نهاية كانون الأول 2010 (النمسا – اليابان – المكسيك – تركيا - أوغندا) أما الدول الخمس الباقية فإن عضويتها ستنتهي بحلول نهاية كانون الأول 2009 القادم، وتقول التقارير والمعلومات أن الدول الخمس التي ستحل محلها هي: البوسنة-الهرسك، البرازيل، الغابون، لبنان، نيجيريا، وستبدأ مزاولة عضوية المجلس بدءاً من أول كانون الثاني 2010.
* الاستقطابات الجديدة داخل المجلس:
على أساس اعتبارات التحالفات الدولية القائمة حالياً فإن ثلاثاً من الدول التي خرجت من مجلس الأمن تصنف باعتبارها حليفة للولايات المتحدة الأمريكية أما ليبيا فهي وإن كانت من أبرز خصوم واشنطن خلال الحقب الماضية فإن مواقفها الأخيرة داخل المجلس كانت تتسم بقدر من الخلاف "منخفض الشدة".
بالنسبة للدول الخمس الجديدة التي تم اختيارها من أول كانون الثاني 2010 إلى نهاية كانون الأول 2010 نلاحظ الآتي:
• الغابون: شديدة الارتباط بالنفوذ الفرنسي وبالتالي سيكون موقفها داخل المجلس رهناً بالموقف الفرنسي.
• البرازيل: برغم علاقاتها التقليدية الوثيقة بواشنطن إلا أنها خلال هذا العام بدأت تنتهج سياسة خارجية أكثر معارضة لتوجهات واشنطن إزاء دول أمريكا اللاتينية وتشير التقارير إلى معارضة البرازيل لنشر القواعد العسكرية الأمريكية في كولومبيا وإلى معارضة الانقلاب الأخير في هندوراس إضافة لتزايد روابط البرازيل مع فنزويلا وبوليفيا وبقية خصوم واشنطن في أمريكا اللاتينية وتشير المعلومات إلى تزايد الروابط البرازيلية – الإيرانية والبرازيلية – الصينية، وأن البرازيل بدأت في تنفيذ الترتيبات التي تتيح لها تطبيق برنامج نووي يتيح لها الحصول على الرؤوس الحربية النووية غير التقليدية الأمر الذي سيترتب عليه حدوث مواجهة دبلوماسي أمريكية – برازيلية.
• لبنان: برغم وجود حكومة لبنانية تضم العديد من القوى السياسية الحليفة لواشنطن فإن أداء لبنان داخل مجلس الأمن سوف لن ينطوي على مواقف داعمة لإسرائيل بالشكل الواضح لأن تورط الحكومة اللبنانية بشكل مباشر في دعم المواقف الإسرائيلية سيترتب عليه مواجهتها للمعارضة الداخلية وتأليب الرأي العام إضافة إلى أن قرار السياسة الخارجية اللبنانية سيكون في ظل التوازنات داخل الحكومة اللبنانية الجديدة هو قرار من الصعب أن تسيطر عليه مجموعة رباعي حلفاء واشنطن: جعجع – جنبلاط – الحريري – الجميّل، طالما أن المثلث المعارض موجود داخل المجلس ويستطيع ممارسة الاعتراض على الأداء الدبلوماسي اللبناني داخل المجلس.
• نيجيريا: تعتبر من البلدان الشديدة الارتباط ببريطانيات وبدرجة أقل بواشنطن ولكن مع ملاحظة أن ارتباطها بلندن وواشنطن يقتصر على المسائل التجارية والنفطية أما في المسائل السياسية فقد ظلت نيجيريا تعارض التوجهات الأمريكية والبريطانية داخل الاتحاد الإفريقي، وبالتالي فإن سيناريو أداء الدبلوماسية النيجيرية داخل مجلس الأمن سيكون أكثر ارتباطاً بمواقف الاتحاد الإفريقي وهو ما لا يصب في مصلحة السياسة الأمريكية.
• البوسنة-الهرسك: توجد المزيد من الروابط والعلاقات الوثيقة بين جمهورية البوسنة-الهرسك والولايات المتحدة بسبب تعاطف ودعم واشنطن لمواقف البوسنة-الهرسك وإقليم كوسوفو في مواجهة صربيا ولكن بسبب وجود الأغلبية الإسلامية في البوسنة-الهرسك فإن أداء دبلوماسية البوسنة-الهرسك داخل المجلس وإن كان سيقف إلى جانب واشنطن فإنه لن يكون إلى جانب إسرائيل.
تأسيساً على مواقف وتوجهات الدول الخمس الجديدة غير دائمة العضوية في مجلس الأمن فإن التوازن داخل المجلس خلال الفترة القادمة سوف لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية لأن تدهور موقف واشنطن داخل المجلس لن يكون بفعل صعود هذه الدول وإنما لأن الدول غير دائمة العضوية الأخرى تتضمن:
• اليابان: التي أدت الانتخابات الأخيرة فيها إلى صعود حكومة تسعى للتخلص من النفوذ الأمريكي بدليل إعلانها عن رفضها تزويد السفن الحربية الأمريكية بالوقود إضافة لتزايد تصريحات زعمائها المطالبة بإنهاء وجود القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان.
• تركيا: باتت سياستها الخارجية تتبنى مواقف تتعاكس مع مواقف محور واشنطن – تل أبيب.
• المكسيك: بدأت حكومتها أكثر انتقاداً لتوجهات السياسة الأمريكية إزاء تشديد الرقابة على الحدود بين البلدين إضافة لتواطؤ المكسيك مع فنزويلا والبرازيل.
أما أوغندا فستظل أكثر ارتباطاً بواشنطن وسياستها وكذلك النمسا التي وإن كانت على علاقة طيبة مع واشنطن فإن مواقف السياسة الخارجية النمساوية ستظل تعتمد بقدر كبير على توجهات السياسة الخارجية الألمانية والأوروبية عموماً التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي.
* سيناريو الأداء القادم داخل مجلس الأمن الدولي:
انعقد مجلس الأمن أول مرة يوم 17 كانون الثاني 1946 وخلال الفترة الممتدة من عام 1946 حتى الآن نجح المجلس في إصدار 1900 قرار إضافة إلى 261 قرار تم إبطالها ونقضها بواسطة ممارسة الدول الدائمة العضوية لحق الفيتو داخل المجلس.
تستطيع كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا اعتراض وإبطال القرارات التي لا تنسجم مع توجهاتها أو تهدد مصالحها وطالما أن القرار يمكن أن يصدر عندما يجد مساندة 9 أعضاء داخل المجلس فإن مشكلة واشنطن ستتمثل في كيفية الحصول على مساندة الأعضاء التسعة في ظل خروج حلفائها، وعلى وجه الخصوص ستواجه واشنطن هذه المشكلة إذا حاولت تمرير مشروع العقوبات الدولية الجديدة أو حول العقوبات الرابعة المتوقعة ضد إيران إذا انتهى يوم 31 كانون الأول عام 2009 وانتهت عضوية حلفائها غير الدائمي العضوية وعلى هذا الأساس تقول المعلومات والتسريبات أن محور واشنطن – تل أبيب يسعى حثيثاً هذه الأيام لدفع وتسريع جولة مفاوضات جنيف الجارية حالياً مع إيران وإيصالها إلى نقطة الفشل خلال مطلع كانون الأول القادم بحيث يكون هناك متسع من الوقت لاستغلال فرصة وجود حلفاء أمريكا داخل المجلس وتمرير العقوبات (مع ملاحظة أن روسيا والصين قد تستخدمان حق الفيتو) وحتى إن استخدمتاه فإن واشنطن وإسرائيل ستتذرعان بأن مشروع العقوبات حصل على الأغلبية داخل المجلس وبالتالي يمكن أن تقوم واشنطن ببناء المزيد من الذرائع لجهة التهديد بالسعي لبناء تحالف خارج نطاق الأمم المتحدة للقيام باستهداف إيران.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...