عقد نكاح

07-03-2024

عقد نكاح

مازالت تصلني ضمن رسائل الواتس قصة "عقد نكاح"  التي نشرتها أواخر عام 2011 أيام حكومة عادل سفر، وهي ملخصة بشكل ركيك ومن دون ذكر اسمي.. لذلك أعيد نشرها كما وردت ومن ثم سأبين خلفية استعادة الناس لها اليوم:
بالأمس التقيت أحد أصدقاء والدي، تسعيني ماجن وظريف ورقيق الإيمان –بعكس والدي- قلت: ما أحوالك يا أبا محمد؟ قال: طلقتني زوجتي الأخيرة فصرت أرملاً ومطلقاً وعجوزاً.. قلت: لم أسمع أنك تزوجت بعد المرحومة أم محمد! قال: منذ سنة التقيت بشحادة شابة في الأربعين، طلبت مني صدقة، فعرضت عليها الزواج فوافقت بعد إغراءات ووعود.. وبما أني مثل شجرة يابسة لا ينفع معي الزلوع الجبلي ولا الفياغرا الأمريكية فقد هجرتني بعد أشهر، ولما طلبتها إلى المحكمة ومثلت أمام القاضي، قلت له: يا سيدي لقد آويت هذه الحرمة وأطعمتها وألبستها ودللتها وأكرمتها.. ولما سألها القاضي عن مبرر طلبها الطلاق مني، أبرزت له عقد زواجنا وقالت له: انظر ياسيدي القاضي: هل هذا عقد نكاح أم عقد إطعام!؟ وهكذا طلقها القاضي ولم يرحم شيبتي وفقرها.. قلت له مداعباً: عمي أبو محمد شو رأيك بحكومتنا هالأيام؟ فقال: والله يا ابني حكومتنا مثل طليقتي، بدها تعمل معنا عقد نكاح بدل عقد الإطعام..

انتهت القصة، والعبرة أن آلية عمل الحكومات المتعاقبة لم تتغير بعد حتى أني أطلقت على حكومة الرئيس عرنوس اسم حكومة الزعبي التاسعة، فماكان يصح على الحكومات بالأمس يصح على حكومتنا اليوم !؟
ذلك أن آلية اختيار المدراء والوزراء والنواب لم تتغير وإنما ماتغير هو الأسماء فقط، لذلك كانت كلمة الدكتور بشار الأسد الأمين العام لحزب البعث دقيقة وصائبة حين قال: " تغيير الأسماء ليس الأهم وإنما المهم هو تغيير الآلية" وذلك خلال لقائه مع النخب الأكاديمية الأسبوع الماضي، غير أن طريقة العرض الإعلامي المجتزأة للقاء لم تظهر شرح الأمين العام للفكرة والتي يمكن تلخيصها بأن الوزراء والمدراء والنواب والنقابيين البعثيين كانت تتم تسميتهم بناء على ترشيحات القيادات الحزبية والأمنية، حيث كل مستشار يقترح الأقربين منه وقد لايكون الأجدر بالمنصب، وبالتالي فقد تغيرت الأسماء وبقيت الآلية ، ومن هذا الباب تم التأكيد على عدم التدخل من قبل القيادات ولينجح المرشحون بأصوات جمهورهم وليس بالتزكية، ذلك أن الإصلاح يبدأ من المؤسسة التي مازالت تقود الدولة والمجتمع، رغم إلغاء هذا البند من الدستور، غير أن الضرورات تبيح المحظورات.. فإذا تمكنت قيادة الحزب من تغيير آلية الإختيار بعدم تدخلها في كل الإنتخابات فسوف نكون قد خرجنا من المسببات الداخلية للفشل الحكومي والبرلماني، وأما المسببات الخارجية فقد كانت موجودة منذ بداية التاريخ وستستمر، وكذا السوريين مازالوا مستمرين شبه أحياء بانتظار الماء والغذاء والدواء والكهرباء والفرح الذي غادر ديارنا ولم نعد نتذكر وجهه الجميل . وعلى أي حال فإن كل حال يزول فلا تقنطوا من رحمته..

نبيل صالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...