ناطحات السحاب ستدور حول محاورها في سماء دبي عام 2010

19-08-2008

ناطحات السحاب ستدور حول محاورها في سماء دبي عام 2010

أبراج سكنية تدور طوابقها حول نفسها، كمن يلاحق الشمس يومياً من الفجر حتى الغروب. وهذا المشروع الفذ ليس إلا فكرة المهندس الإيطالي «ديفيد فيشر» التي كشف عنها قاطعاً وعداً أمام العالم أن ترى أول هذه الأبراج السكنية المنشودة النور في العام 2010 في سماء إمارة دبي في الإمارات العربية المتحدة، وبذلك ستتحول هذه الإمارة إلى فردوس جديد من «يوتوبيا الهندسة المعمارية». 
 ومن الجدير ذكره أن العاصمة الروسية موسكو ستكون أول المتأثرين والساعين لامتلاك هذا النموذج من المباني التي توصف بالـ«الذكية» و«الصديقة للبيئة» بعد إمارة دبي التي ستقدمها للبشرية عام 2010. وحالما تولد هذه الأبراج «الديناميكية» الفائقة الحداثة ستسمح لقاطنيها بتعديل الجهة التي يطلون عليها من نوافذهم وتتبع سير قرص الشمس طوال النهار. ويؤكد مهندس تنظيم وبناء المدن «ديفيد فيشر» أثناء عرض مشروعه الجنوني في مدينة نيويورك الأميركية بالقول: «لقد شهدت البشرية ثلاث ثورات معمارية في العالم، الأولى في أهرامات الجيزة بمصر، والثانية تجسدت ببناء برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس، وأما الثورة الثالثة فستكون بالتأكيد من إبداعي أنا وهاهي الآن ترونها أمام أعينكم». أما من كان يحضر هذا العرض في نيويورك ويسمع كلمات «فيشر» فكان يقول في نفسه: «هل هذا ضرب من الخيال والجنون أم إنها ستكون بالفعل البدعة الهندسية التي ستنحني رؤوس البشرية أمامها احتراماً واعترافاً لها بالفرادة».
لقد كان الحضور أثناء تقديم فيشر لمشروعه يرمقون بذهول تشكيلة من الأبراج الخيالية «السوريالية»، أحدها يشبه الشخصية الكرتونية الشهيرة «سكوبيدو» المشهور بقامته النحيلة والأقرب ما تكون إلى شكل المستطيل، مع تزويده بلمسة جمالية تتلخص بوركين متخلعين كالراقصة الممشوقة القوام التي تلوي خصرها أثناء الرقص لإغراء من حولها.
في الحقيقة، نحن كمشاهدين لهذا العرض لن يلومنا أحد إذا شككنا بجدية تحقق هذا المشروع وقد لا نصدق فيشر إلا عندما نرى بأعيننا أول ساكني هذا البرج المزعوم وهو يطل مبتسماً من شرفة شقته الحديثة في إمارة دبي، إمارة الهوس والغرابة والإسراف على الرغم من يقيننا أن الأمر برمته لا يخرج قيد أنملة عن قوانين الفيزياء وعلوم الهندسة الحديثة التي تحكم أي تصميم هندسي على وجه الأرض سواء من صنيعة البشر أو من صنع الطبيعة الأم نفسها. وكان من بين الحضور أثناء العرض الذي قدمه «ديفيد فيشر» المهندس اللندني «سيسيل بالموند» الذي يحيط قليلاً بنواحي هذه القصص الغريبة المشابهة، وكيف لا وهو من قام بوضع تصميم المبنى العجيب لتلفزيون Rem koolhaas في العاصمة الصينية بكين.
كما ارتسمت ملامح الفرحة العارمة والتفاخر على محيا «فيشر» بحضور المهندس المخضرم ذي الثمانين عاماً «ليزلي روبرتسون» الذي يعد المثل الأعلى عند فيشر، وكيف لا وهو من صنع برجي مركز التجارة العالمي WTC اللذين سقطا في هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001، كما ينسب إلى روبرتسون تصميم المركز المالي في شنغهاي ومبنى بنك «الصين» في بكين. إلا أياً من هذه التحف المعمارية لم يقدر لها أن تدور حول نفسها. يقول فيشر: «في السابق كانت الرغبة تتملكني لخلق مبنى يعيد رسم نفسه بنفسه طوال الأيام والساعات، فكل شيء في الطبيعة يتحرك ولم لا يكون ذلك في الهندسة المعمارية أيضاً؟».

- بناءً على ما يقدمه فيشر فهو بالتأكيد من سينال لقب مبتكر مفهوم «الهندسة المعمارية الديناميكية»، حيث سيكون كل طابق من ناطحات السحاب هذه قادراً على الدوران حول محوره بشكل منفصل عن الطوابق الأخرى ودون انقطاع أيضاً. ولذلك يشير فيشر بالقول:«أنا أرى أن الصروح المعمارية المتحركة هي بمثابة الجواب والرد الفلسفي على صيرورة الحياة التي هي في حالة تغير دائم وحاد»، مؤكداً أنه كان يحلم بذلك منذ الطفولة عندما كان قرص الشمس الذي يغيب في مياه البحر الأبيض المتوسط يدغدغ أحلام المستقبل عنده.
ومن الآن فصاعداً يمكن لقاطني هذه الأبراج اختيار سرعة واتجاه وتسارع دوران الشقة وحتى اختيار لحظة البدء بالحركة، وما أن يصدر «الأمر الصوتي» البسيط من مالك الشقة حتى يدب الحماس والنشاط في «المنزل الذكي» ليبدأ بالدوران حول محوره وإنجاز دورة كاملة خلال مدة زمنية تتراوح بين 1-3 ساعات حسب رغبة المالك.
وهكذا ستتيح هذه «الدورة الديناميكية» الفائقة الحداثة للقاطنين في الشقة القدرة على تغيير وجهتهم ليتمتعوا بمشاهدة مذهلة لصعود الشمس في الأفق أثناء تناول طعام الفطور وعشا هنيئ وهم يتأملون غروب الشمس، عدا إمكانية استحضار مناظر مختلفة للذات حسب مزاجية الطقس في الخارج.

- من حيث المضمون لا تعتبر هذه الفكرة في الواقع حديثة للغاية أو الأولى من نوعها من حيث المبدأ، ففي الماضي وبمدينة فريبورج بألمانيا تحديداً قام المهندس «رولف ديش» بوضع فكرة تصور لمنزل أطلق عليه اسم نبتة «رقيب الشمس» heliotrope، ويقوم هذا المنزل بتتبع مسار الشمس «يدور هذا المنزل بكامله بقطعة واحدة» على مبدأ تروس المسننات وهو نظام ميكانيكي أضيفت إليه التقنيات المعلوماتية الأكثر تطوراً على الإطلاق، إلا أن هذا البناء يبقى منزلاً مستقلاً لا يتجاوز ارتفاعه العشرين متراً في حين يبلغ ارتفاع برج المهندس فيشر 420 متراً ويشتمل على 80 طابقاً مسبق الصنع يدور كل منها حول محور عمودي «شاقولي».
وتتنوع هذه الشقق في مساحتها بين 120 متراً مربعاً لتصل مساحة بعضها إلى عشرة أضعاف أي إلى 1200 متر مربع. وعلى هذا سيكون سعر المتر المربع الواحد في هذا الصرح 30 ألف دولار ليكون سعر الشقة الواحدة بين 3.7 - 36 مليون دولار، مزودة بأحدث التجهيزات المنزلية التي ستتكفل بتوليد حاجتها من الطاقة الكهربائية بنفسها بفضل 79 من المحركات الهوائية الأفقية المتموضعة بين كل طابق على حدة.
وستتم صناعة هذه الصروح في المعامل للاستفادة قدر الإمكان من مزايا الإنتاج الصناعي الذي سيأخذ دوره في أعمال البناء والتشييد سواء في اختزال الوقت أو في توفير المال والجهد بنسبة تصل إلى 10% من النفقات التقليدية بالحد الأدنى.

- يقول فيشر إنه تم وضع التصاميم النهائية لناطحات سحاب مماثلة ومتحركة مؤلفة من 70 طابقاً لتشييدها في العاصمة الروسية موسكو. ويقول فيشر إن الآمال معقودة على الوصول إلى بناء ثالث في نيويورك أو في مدينة أخرى في العالم. ووعد فيشر الجميع بأن الاهتزازات في هذه المباني ستكون غير محسوسة أبداً إضافة إلى أنه ألغى أي دور سلبي يمكن أن تلعبه الأحوال الجوية القاسية على صنيعته وخاصة الرياح العاتية.

ترجمة: حسان هاشم

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...