«العربيّة»: الغارة الإسرائيليّة من «أحداث الثورة»

01-02-2013

«العربيّة»: الغارة الإسرائيليّة من «أحداث الثورة»

أن تكون منبراً إعلامياً ضدّ ما تسميه «النظام السوري» إلى جانب «الشعب السوري»، يعني أن تفرّق على الأقلّ ما بين النظام وسوريا. هذا ما تغافلت عنه قناة «العربية»، في تعاملها مع العدوان الإسرائيلي الجوي الأخير على سوريا، والذي استهدف منشأة أبحاث سورية في ريف دمشق. تعاطت معه كاعتداء على «النظام السوري»، لتثبت لنا من جديد، أنّ الصياغات التحريريّة الإخباريّة للقناة، تعمل وفق منطقٍ «أعمى» لا يمتلك المرونة ولا الوعي في التناول الإخباري للقضايا العربية، باختلاف أطراف الصراع فيها. ولنتذكر معاً أنّ «العربيّة» نفسها أصرت على أنّ شهداء غزة في الاعتداء الإسرائيلي الأخير على القطاع خلال تشرين الثاني من العام الفائت، هم «قتلى» لا «شهداء»، وأنّ الاعتداء الإسرائيلي هو «هجوم» لا «اعتداء». وها هي الصياغات الإخبارية المتحجرة لـ«العربية»، تستعيد اليوم السيناريو ذاته. إذ لم يتح لها مهجمها الإخباري الخاص بالأزمة السوريّة، إلا تسمية سوريا بـ«النظام السوري»، والجيش السوري بـ«جيش النظام»، رغم أن المعتدي هنا هو «إسرائيل» والمستهدف هنا هو أرض عربية سورية. وبالتالي تأتي صياغاتها الإخبارية للاعتداء الإسرائيلي الأخير على المنشأة العسكرية، وفق التالي: «الاعتداء الإسرائيلي» هو «هجوم إسرائيلي»، وصفة «الهجوم» هنا، هي صياغة إخبارية غالباً ما يختارها طرف ثالث لا ينتمي إلى أي من طرفين، لا قناة إخبارية عربية يفترض أنّ عندها، على الأقلّ، مشكلة أخلاقية مع «إسرائيل».
وفي سياق صياغات «العربية» للخبر، تورد القناة أنباء عن إعلان «حزب الله» تضامنه مع «النظام السوري»، في وقت لم ترد تلك العبارة في إعلان الحزب، الذي أعرب عن تضامنه مع «سوريا». وفي التبديل بين المصطلحين ما يثير الاستغراب من سذاجة القائمين على التحرير في أخبار «العربية». إلّا إذا كان هؤلاء يمنحون أنفسهم الحق في تفسير «المقصود» من المفردات الواردة على لسان طرف ما. ألا تعرف «العربية» صاحبة شعار «أن تعرف أكثر» أن لتفسير الأنباء وتحليلها مكانا آخر، غير نشرة الأخبار.
أمّا أسوأ ما وقعت فيه «العربية» عند تناولها الاعتداء الإسرائيلي على المنشأة العسكرية السورية، فكان في إيراد الخبر على خلفيّة فاصلها التقليدي «سوريا الثورة»، على نحو يبدو فيه أنّ القناة العربية ترى في الاعتداء الإسرائيلي واحدا من أخبار الثورة. كأنّ الصواريخ الستة التي قذفت نحو المنشأة العسكرية السورية كانت من إنجازات الثورة أو تحسب عليها! وهو أمر الذي لا يقبله أشدّ معارضي النظام تطرفاً، إلا من العميان والتابعين.
المثير في الأمر، أنّ «العربية» كانت شديدة الالتصاق بمهنيتها في نقل تفاصيل خبر الاعتداء، إذ أوردت ما قالته وسائل إعلام العدو بالتفصيل، كما تناولت البيان الذي وزعته وكالة الأنباء السورية عن الاعتداء الإسرائيلي... وفي وقت منحت نفسها الحق في تسمية سوريا بـ «النظام السوري»، لم تمنح نفسها الحق ذاته، في تفنيد المزاعم الإسرائيلية!

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...