«داعش» يدعش وحدات الحماية ويتقدّم في ريف رأس العين

12-03-2015

«داعش» يدعش وحدات الحماية ويتقدّم في ريف رأس العين

يشبِّه مصدر مقرّب من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» الخسائر التي تعرض لها التنظيم في ريف الحسكة مؤخراً، بما حصل قبل عام كامل عندما «انحاز» مقاتلوه من ريف حلب الشمالي، بما فيه مدينة إعزاز ذات الأهمية الاستراتيجية، وأعادوا تجميع قواتهم في الرقة تمهيداً لجولة جديدة من الصراع، والتي انتهت بهيمنة «داعـــــش» على مساحات شاسعة من المناطق التي كانت تسيطر عليها الفصائل المسلحة الأخرى في أكثر من محافظة سورية.
ثم أعقب ذلك تشكيل التحالف الدولي، وبدأت حملة عسكرية مضادة، اضطر التنظيم على إثرها إلى «الانحياز» من بعض المناطق التي يسيطر عليها، كما جرى في مدينة عين العرب (كوباني) وبلدتي تل حميس وتل براك في ريف الحسكة.
وبالرغم من أن هذا التشبيه لا يأخذ في الاعتبار المستجدات الميدانية المتمثلة بالتنسيق العالي المستوى بين «وحدات حماية الشعب» الكردية وبين طائرات التحالف الدولي، وبالتالي تضاؤل الفرص أمام مقاتلي «داعش» في إيجاد ملاذ آمن يمكنهم من إعادة تجميع قواتهم فيه بهدف الهجوم من جديد، إلا أنه يتضمّن بعض العناصر التي لا يمكن إغفالها.مسلحون اسلاميون يراقبون طائرة حربية سورية في بلدة خان شيخون في ريف ادلب امس الاول (رويترز)
وأهم هذه العناصر هو أن مبرمج انسحابات «داعش» من أرياف اللاذقية وإدلب وحلب، أوائل العام الماضي، لامتصاص الهجوم الذي أعلنته الفصائل الإسلامية ضده، هو القائد العسكري المعروف عمر الشيشاني، الذي قاد بنفسه رتلاً ضخماً انطلق حينها من مدينة مسكنة باتجاه ريف حلب الشمالي مروراً ببلدة الراعي وصولاً إلى اعزاز. وقد ساد الاعتقاد أن الشيشاني يقود حملة مضادة لتعزيز السيطرة على هذه المناطق، لكنه فاجأ الجميع بعد أسبوع من وصوله إلى اعزاز بسحب جميع المقاتلين منها، والتخلي عن المدينة ذات المعبر الحدودي مع تركيا. وبما أن عمر الشيشاني نفسه هو مَن يقود العمليات العسكرية الدائرة حالياً في ريف الحسكة، فمن غير المستغرَب أن يكــون في صدد تطبيق التكتيك السابق نفسه.
وبصرف النظر عن فرص نجاح هذا التكتيك في ريف الحسكة، كما نجح سابقاً في ريف حلب، إلا أن الوقائع الميدانية ترجّح أن الشيشاني يحاول أن يكرر السيناريو نفسه، من دون معرفة ما إذا كان في جعبته ما يمكّنه من مواجهة المستجدات التي فرضها دخول طائرات التحالف على خط المعارك، علماً أن تجربة عين العرب، والهزيمة التي لحقت بـ «داعش» هناك، لا تشيران إلى امتلاكه أي أدوات جديدة.
من هنا تمكن قراءة الانسحاب السريع نسبياً لمقاتلي «داعش» من تل حميس وقراها، وبعدها من بلدة تل براك الشهر الماضي، وتوجه قسم منهم باتجاه مدينة الشدادي، بينما اتجه القسم الثاني نحو بلدة الهول الحدودية مع العراق. وإذا كان الضغط الهائل الذي شكلته «وحدات حماية الشعب» نتيجة بسالتها في القتال لعب دوراً في اضطرار التنظيم إلى الانسحاب، إلا أن بصمة تكتيك الشيشاني واضحة، من حيث سرعة الانسحاب وإعادة تجميع القوات، واللذين ترافقا مع الهجوم على قرى الخابور والسيطرة على عدد منها.
وفي هذا السياق، يأتي الهجوم الأخير الذي شنّه مقاتلو «داعش» منذ فجر أمس الأول على قرى الريف الغربي والريف الجنوبي لمدينة رأس العين ذات الأهمية الاستراتيجية، بسبب المعبر الحدودي مع تركيا، والتي تضاهي أهمية اعزاز في ريف حلب، ليؤكد أن الانسحابات السابقة لم تكن من دون هدف، وإن كانت إمكانية تحقيق الهدف محل شكوك.
وتشير المعلومات إلى أن المئات من مقاتلي «داعش» شنوا هجوماً عنيفاً على قرية تل خنزير، التي تعتبر خط دفاع أساسياً للمقاتلين الأكراد، وتمكنوا من السيطرة عليها بعد ساعات من الاشتباكات، التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة. وبالتوازي كان مقاتلو «الدولة الإسلامية» يشنون هجوماً آخر على قرية المناجير جنوب رأس العين، ويسيطرون على أجزاء منها، وسط مقاومة شرسة من مقاتلي «وحدات الحماية». وتواصلت الاشتباكات بين الطرفين أمس، حيث سيطر «داعش» على تل غزال وخربة البطانة في الريف الغربي، وعلى قريتي الطولان والعمير في الريف الجنوبي، لتمتد الاشتباكات إلى قرى جديدة، منها المبروكة وخربة البنات والدواي.
واللافت أن طائرات التحالف الدولي لم تتدخل في هذه المعارك، ولم تحاول تأمين أي تغطية للمقاتلين الأكراد، كما جرت العادة في مناطق أخرى، وهو ما يركز عليه أنصار التنظيم المتشدد لتبرير الهـــــزائم التي لحقت بهم ســـابقاً، وأنها تعود أساساً إلى الغارات الجوية التي تنفذ ضدهم.
وتكمن أهمية السيطرة على تل خنزير في موقعها وارتفاعها اللذين منحاها أهمية خاصة جعلت «وحدات حماية الشعب» تتخذها خطاً أول للدفاع عن رأس العين، كما تقع القرية على طريقين رئيسيين: الطريق بين بلدة مبروكة هنادي الواقعة جنوباً وطريق تل أبيض قرب الحدود السورية - التركية في محافظة الرقة شمال شرقي البــــلاد، وهو ما يعـــــني القدرة على التحكّم بطرق المواصلات الرئيســـية في المنطـــقة، وإعــــاقة وصول أي إمدادات إلى المقاتلين الأكراد.
ومن شأن هذه التطورات أن تشكل تهديداً حقيقياً على مدينة رأس العين في ما لو بقيت طائرات التحالف متجاهلة وقائع هذه المعركة. وربما هذا التهديد هو ما دفع إلى ما تناقله بعض النشطاء حول وجود استنفار للجيش التركي على معبر جيلان بينر المقابل لمدينة رأس العين، مع استقدام مدرعات وبعض الآليات تحسباً لما يمكن أن يحدث.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...