اجتماع أميركي ـ روسي ـ أممي: «خريطة طريق» لمؤتمر جنيف

05-06-2013

اجتماع أميركي ـ روسي ـ أممي: «خريطة طريق» لمؤتمر جنيف

إذا ما صدق تقرير داخلي للأمم المتحدة في جنيف، فالأرجح أن تنعقد طاولة المفاوضات السورية الأولى في العاصمة السويسرية يوم الاثنين الثامن من تموز المقبل.
وقال مصدر ديبلوماسي غربي في جنيف إن دوائر المقرّ الأممي في جنيف تعمل على ترتيب الاجتماع السوري، في الثامن من تموز، بعد تلقيها إشارات أولية من الدائرة السياسية في الأمم المتحدة في نيويورك، للبدء باتخاذ الترتيبات اللوجستية والأمنية الضرورية لذلك.
وجاء ذلك، فيما عزّزت القوات السورية من ضغطها على المسلحين المتحصّنين في القصير. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في محافظة حمص قوله إن «القوات السورية أعادت الأمن إلى الحيين الجنوبي الغربي والجنوبي في القصير، فيما تدور اشتباكات عنيفة مع المسلحين وسط المدينة».
ويبدأ عند الحادية عشرة من صباح اليوم اجتماع روسي ـــ أميركي ـــ أممي، في جنيف، يذلل العقبات الأخيرة التي لا تزال تعترض سبيل اللقاء السوري. ويضمّ الاجتماع السويسري المشرفين الروسيين على الملف السوري، نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف، احد صقور الإدارة الروسية وأكثرهم تشدداً في التعامل مع هذا الملف، وميخائيل بوغدانوف مساعد وزير الخارجية للشرق الأوسط وأحد أكثر الديبلوماسيين الروس معرفة بتطورات النزاع والمعارضة والنظام السوريين.
ويتزامن الاجتماع أميركياً، مع تغيير في الطاقم الديبلوماسي الذي يجلس قبالة الروسيين، لتحقيق انسجام حقيقي في اتجاه وزارة الخارجية الأميركية، نحو مقاربة مختلفة للأزمة في سوريا، تراهن على احتمالات الحل السياسي بالشراكة مع روسيا «بعد التأخر في مقاربة هذا الملف»، كما قال وزير الخارجية جون كيري. ويخرج مايكل بيرنز، وروبرت فورد من التحضيرات لمؤتمر جنيف، تمهيداً لانتقاله نحو مهمة أخرى، وتجلس مكانه مقرّبة من كيري لإدارة الملف مع الروس هي نائبته اليزابيت جونز، وتعضدها مديرة الشؤون السياسية في الخارجية الأميركية ويندي تشرمان، التي تمسك في الوقت ذاته بملف المفاوضات النووية مع إيران، تدليلاً على مقاربة مزدوجة، لملفين سعى الغربيون كثيراً للفصل بينهما بحجة الخوف من تسلّق طهران المناسبة السويسرية، لفرض شروطها في الملف النووي. ويحضر أميركي آخر ممثلاً الأمم المتحدة، هو جيفري فيلتمان، مساعد الأمين العام للشؤون السياسية، برفقة المبعوث الأممي العربي، رغماً عنه، الأخضر الإبراهيمي.
واستبق وزير الخارجية سيرغي لافروف لقاء جنيف بالإعلان عن اتفاق أميركي - روسي «على قائمة مدعوين تضم الأطراف السورية كافة وغيرهم من اللاعبين الدوليين، ممن لديه تأثير في الأوضاع، وبعد ذلك سيتم تحديد المواعيد». وأعلن لافروف أيضاً انه سيجري تأكيد نتائج الاجتماع عبر لقاءات أخرى سيعقدها مع كيري، لتأكيد جدية المساعي الروسية ـ الأميركية لإطلاق جنيف.
ولا يبدو اجتماع جنيف اليوم مرشحاً لحسم كل القضايا العالقة بتنظيم المؤتمر، رغم أن الوزير الروسي يعلن، من دون الدخول في التفاصيل، أن التفاهم الروسي ـ الأميركي، قد فرض على المتردّدين في المعارضة السورية، الذهاب من دون شروط إلى جنيف، كما فرض مبدأ حضور إيران المؤتمر، لكن من دون تحديد صيغة الحضور.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو قد قال إن مشاركة «إيران قد تحسم من خلال مؤتمر يسبق جنيف يضم السعودية وإيران وتركيا ومصر» أو من خلال مشاركتها «في فرق عمل» داخل المؤتمر «في مسعى لاحتواء الاختراق الديبلوماسي الإيراني، وتحجيم حضور طهران، بتهميش بند التفاهم الروسي ـ الأميركي حول هذه النقطة».
وقال مصدر ديبلوماسي لـ«السفير»، في جنيف مساء أمس، إن الأمم المتحدة أبلغت مسؤولين غربيين إن الروس والأميركيين، بالرغم مما يقوله لافروف، لم يتفقوا على كل شيء. وقال مسؤول أممي إن المعارضة السورية لا تزال غير متفقة في ما بينها على تسمية وفدها إلى المفاوضات مع السلطات، ولا تزال تحتاج إلى المزيد من المشاورات والوقت، لاختيار ممثليها إلى جنيف.
ومن المنتظر أن يحدّد الاجتماع صيغة المفاوضات، التي قال مصدر ديبلوماسي لـ«السفير» إنها ستكون مباشرة بين وفدي النظام والمعارضة، وستتناول على الفور، ودون انتظار مسألة الحكومة الانتقالية، وستديرها وتشرف عليها الأمم المتحدة.
وكانت مسألة تشكيل الوفود قد تقدّمت في الأيام الأخيرة، بفضل الضغوط الأميركية والروسية، وتراجع العرقلة القطرية والتركية والسعودية، بعد توسعة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في اسطنبول، وخروج الجناح القطري منتصراً من المؤتمر. وقال مصدر لـ«السفير» إن الأميركيين أصروا، في الساعات الأخيرة، على أن يحصل «الائتلاف» على حق تمثيل المعارضة، بعد توسعته في مؤتمر اسطنبول. ويرى الأميركيون أنه لم تعد هناك من عوائق تقف دون دخول العسكريين إلى وفد المعارضة، بعد أن وافق «الائتلاف» على ضمهم إلى صفوفه، مما يضمن مقعداً للواء سليم إدريس في الوفد الائتلافي المعارض.
وطرحت أسماء من قبل الأميركيين للمشاركة في وفد المعارضة، من بينها المعارض رياض الترك. وأبلغت جماعة الإخوان المسلمين الأميركيين موافقتهم على المشاركة، ولكن الخلاف كان لا يزال قائماً حتى السبت الماضي، على من يرأس الوفد المعارض، وعدد المشاركين.
ويتعرّض الروس لضغوط قوية من الجانب الأميركي، بطلب من «الائتلاف»، لإبعاد هيثم مناع عن وفد المعارضة، والاستعاضة عنه برئيس «هيئة التنسيق» حسن عبد العظيم، وعبد العزيز الخير، المختطف منذ أيلول الماضي. وكان الأميركيون قد اشترطوا على مناع انضمامه إلى «الائتلاف» للقبول به في الوفد المعارض، مع علمهم مسبقاً، أنه لا مناع ولا «الائتلاف» سيقبلان الاقتراح. ويلتقي هيثم مناع، غداً في جنيف، بميخائيل بوغدانوف، بعد انقضاء الاجتماع الثلاثي، لبحث نتائج اللقاء. ويتمسّك الروس بحضور مناع مفاوضات جنيف، ومشاركته في الوفد المعارض، لتمثيله اتجاهاً في المعارضة الداخلية، يضمّ تيارات وطنية علمانية وليبرالية مستقلة، ودوره في طمأنة الأقليات وحيازته تأييد تجمّعات تخترق قواعد النظام والمعارضة على السواء.
وأبلغت السلطات السويسرية الأمم المتحدة عدم اعتراضها على حضور شخصيات وضعت على لائحة العقوبات الأوروبية، نظراً لحضورها المؤتمر بناء على دعوة من الأمم المتحدة. وأكد مصدر ديبلوماسي أن وزير الخارجية وليد المعلم سيرأس الوفد الحكومي السوري، الذي سيضم إليه مستشارة الرئاسة بثينة شعبان، كما أكد تسمية الوزراء قدري جميل وعلي حيدر وجوزيف سويد المعارضين، في عداد الوفد الحكومي الرسمي.

محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...