استخدام وحدات قياس الحرارة بين «سيلسيوس» و»فهرنهايت»

10-03-2015

استخدام وحدات قياس الحرارة بين «سيلسيوس» و»فهرنهايت»

مقياس درجات الحرارة المعتمد في كل دول العالم تقريبًا، ما عدا الولايات المتحدة، هو مقياس «سيلسيوس». وذلك لأن المقياس السيليسي بديهي ومنطقي، ففيه درجة حرارة التجمد تساوي صفرًا ودرجة حرارة الغليان تساوي مئة درجة، بينما في مقياس فهرنهايت فهذه الدرجات هي 32 و212 لسبب يصعب فهمه.
هذا ليس شيئًا نظاميًا وجماليًا فقط، بل إن رفض الولايات المتحدة ترك استخدام درجات «فهرنهايت»، هو جزء من الرفض لاستخدام النظام المتري، وهو أمر له تبعات عديدة. فخطأ واحد في تحويل الوحدات بين النظام المتري ومقاييس الولايات المتحدة كلف وكالة «ناسا» 125 مليون دولار، وأدى إلى تحطم مكوك فضائي معد لكوكب المريخ.
فلماذا إذا تستخدم الولايات المتحدة نظام قياسات عتيق مثل هذا؟ يمكنك أن تلقي باللوم في ذلك على اثنين في التاريخ: الاحتلال البريطاني والكونغرس.
ففي أوائل القرن الثامن عشر كان نظام «فهرنهايت» مفيدًا للغاية. وقد تم ابتكاره على يد العالم الألماني دانييل غابرييل فهرنهايت المولود في بولندا في العام 1686.
ومنذ صغره، كان فهرنهايت شغوفًا للغاية بالترمومترات. قد يبدو هذا غريبًا الآن، لكن قياس درجة الحرارة في الماضي كان مشكلة كبيرة. فلم يكن أحد قد اخترع نظام قياس دقيق ويُعتمد عليه بعد. «كان عمر فهرنهايت 28 عامًا فقط عندما صنع ترمومترين يعطيان النتيجة ذاتها عند قياس درجة الحرارة، وقد كان هذا شيئًا غير مسبوق»، بحسب ما قال جون لينارد من جامعة هيوستن.
وكأحد أوائل مبتكري الترمومترات، فقد كان عليه وضع علامات لتحديد درجات الحرارة، وهو ما أصبح يطلق عليه في ما بعد «درجات فهرنهايت».
وضع فهرنهايت الصفر عند أقل درجة حرارة استطاع الوصول إليها بخليط من الماء والملح. ثم وضع درجة حرارة جسم الإنسان، بقليل من الخطأ، عند درجة 96 كالنقطة الثانية في النظام، ما جعل درجة حرارة غليان الماء تصل إلى 212 درجة، ودرجة بداية التجمد عند 32 درجة.
وفي العام 1724، تم إدخال فهرنهايت الجمعية الملكية البريطانية، وقد كانت المؤسسة العلمية الأبرز في الغرب في ذلك الوقت، وتم اعتماد نظام «فهرنهايت» في كامل المستعمرات البريطانية. «وبفضل وجوده كعضو في الجمعية الملكية البريطانية وجد نظام قياسه لدرجات الحرارة والترمومتر الخاص به قبولًا في بريطانيا»، بحسب أولريتش غريغول رئيس قسم الديناميكا الحرارية في جامعة ميونخ.
وبما أن بريطانيا كانت تحتل بلادا كثيرة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فقد نشرت نظام القياس بدرجات «فهرنهايت» مع العديد من المقاييس التجريبية كالقدم والرطل في كل هذه البلاد، فغدت نظامًا عالميًا.
ولكن لماذا لا تزال الولايات المتحدة تستخدم هذا النظام؟
 بعد تبني غالبية دول العالم في منتصف القرن العشرين لمقياس «سيلسيوس»، وهو النظام المستخدم لقياس الحرارة في النظام المتري، انتهى الأمر بالدول الناطقة بالإنكليزية بتحولهم ليكونوا نشازًا وسط كل دول العالم. ومقياس «سيلسيوس» تم اختراعه في العام 1742 بواسطة عالم الفلك السويدي أندرس سيلسيوس. وقد كان هو أول من قام بإجراء تجارب على أُسس علمية دقيقة عن درجات الحرارة ثم نشر أبحاثه وتعريفه ونتائج أبحاثه.
وبحلول العام 1790، تم اعتماد مقياس «سيلسيوس» في النظام المتري في اتجاه من الدولة الفرنسية لتوحيد وحدات القياس على مستوى قومي. وبسبب سهولة ومنطقية الوحدات المترية أدى ذلك إلى انتشارها، ومن ضمنها وحدة قياس درجات الحرارة «سيلسيوس» في جميع أنحاء العالم.
وفي نهاية المطاف، رضخت الدول الناطقة بالإنكليزية في النصف الثاني من القرن العشرين. حتى أن بريطانيا نفسها بدأت في الاتجاه لاعتماد النظام المتري في العام 1965، وحتى الآن لم تنهِ عملية التحول، لكنها الآن تتبع النظام المتري بشكل كبير.
كل هذه التغيرات أدت إلى تهيئة المجال للولايات المتحدة لتتبنى هي الأخرى النظام المتري. وقد كان من المنطقي التحول للنظام المتري لسببين: السبب الأول هو أن النظام المتري نظام بديهي وطبيعي أكثر، والثاني لأن كل دول العالم قد اعتمدته وسيسهل التعاون العلمي أكثر إذا اعتمدته الولايات المتحدة أيضًا. وفي العام 1975، مرر الكونغرس قانونًا لتطبيق النظام المتري، وكان من المفترض تبعًا لهذا أن تبدأ عملية التحول إلى هذا النظام، وتم إنشاء مجلس للإشراف على عملية التحول.
لكن ما تم هو كسر القانون واعتباره غير موجود في أحوال كثيرة. وذلك لأنه جعل عملية استخدام النظام المتري اختيارية بدلًا من أن تكون إجبارية، وكان رأي الجمهور هو الغالب بخصوص هذا، فالعديد من الناس قد رفضوا القانون لعدم رغبتهم بالتعلم من جديد أنظمة جديدة لقياس درجات الحرارة والأوزان وغيرها.
وفي العام 1982 حل الرئيس الأميركي رونالد ريغان المجلس المُعين للإشراف على تطبيق النظام المتري لانعدام جدواه. وأصدر الكونغرس تعديلات جديدة على القانون تؤكد استمرار العمل بمقياس «فهرنهايت».


 (موقع «فوكس»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...