الشعر ينفض جناحيه ليعود إلى الحياة في يوم الشعر العالمي

24-03-2009

الشعر ينفض جناحيه ليعود إلى الحياة في يوم الشعر العالمي

ربما كانت المفارقة واضحة جداً، فعندما دخلنا إلى قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد الوطنية، وعيوننا تترقب الشاعر الكبير سليمان العيسى كيف هزم المرض وجاء ليحتفل بيوم الشعر العالمي وبالقدس عاصمة للثقافة العربية، كانت المفارقة واضحة عندما وضعوا مجموعة من أغنيات نانسي عجرم وهيفاء وهبي وأليسا لتسلية الحضور في حين يلتم قلة القلة على بعضه بعضاً في الصفوف الأمامية ليستمع إلى بعض الخطابات التي تذكرنا بأهمية اللغة العربية والشعر العربي وإلى المكانة والمستوى المتدني الذي وصل إليه اليوم.. 
 ربما لم توضع تلك الأغنيات عن قصد لكنها جاءت مناسبة لأنها قارنت بين حالين، الحال الذي وصل إليه اليوم (الشعب) العربي والحال الذي وصل إليه (الشعر) العربي.. هي مفارقة فقط بين حرفين (الباء والراء )..!!!
واحتفاء بيوم الشعر العالمي وبالقدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 أقامت وزارة الثقافة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق أمسية ثقافية شعرية لكل من سليمان العيسى، يوسف الخطيب، خالد أبو خالد وأحمد يوسف داود بمشاركة علي القيم معاون وزير الثقافة الذي أكد أنه أراد
من هذه الأمسية أن تكون شاملة وأن يتم الاحتفاء بالطريقة المثلى واعتبر أنه من المصادفات السعيدة أن يكون بدء احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية في يوم الشعر العالمي وكذلك في يوم عيد الأم، وقال:
الهدف من اليوم العالمي للشعر هو إشعار الناس بالجمال وباللغة السلسة، ولم تأخذ الرواية مكان الشعر فللشعر أهميته وما زال موجوداً ولاسيما أنه يمكننا الاستفادة من التقانة لإحياء الشعر ولتحقيق الانسجام مع الفنون الأخرى...
بدأت الندوة مع شاعر الطفولة والثورة سليمان العيسى الذي كان سعيداً بحضوره في هذا اليوم رغم بقايا صحته وأشار إلى أن الشعر ينفض جناحيه ليعود إلى الحياة بعد أن كادت تطويه إلى الأبد قاطرة أبدعتها حضارات العجلة الحديثة وأضاف:
تسمعون النبأ مثلي ربما.. وترتاحون له كما أرتاح.. ونتنفس معا الصعداء.. الشعر يعود إلى الحياة.. العصافير تعود إلى الغناء.. السواقي تعود إلى وشوشات مياهها...
الشعر هذا الكائن الغريب المجهول ما زال يشدنا إلى أسراره وكنوزه وهو بنفس الوقت أسرار النفس البشرية وكنوزها.. لقد كان الشعر ديوان العرب وسيظل ديوان العرب النابض بالحياة إلى ما شاء الله..، ومن ثم ألقى أبياتاً من قصيدة ديوان رحيل الشعر وقصيدة الجدار التي قال فيها بضع كلمات إلى المحتل والاحتلال من آخر طفل فلسطيني صرعته دبابة إسرائيلية ومنها:
أيها العابر هذه الأرض كانت وستبقى مستحيلاً.. الأهوج والسفاح في التاريخ أهوج...
أما الشاعر خالد أبو خالد فتحدث في البداية عن الساحة الثقافية التي يصبح فيها الناشر غنيا والأديب أكثر فقراً ومن ثم ألقى قصيدة كانت تحت عنوان (معلقة غزة على جدران وأسوار القدس) ومنها:
لنخيل غزة ما أراد وما يريد وما أريد.. لنجومه الأصفى تكون قصيدتي قمرا وبيتا لانتصار البر في لغتي وزيتونا وداراً... بيني وبين البحر قتل دائم.. بيني وبين القدس نار مركبة.. أعود لأجد الخليل لأصطفي قلبا لدالية تموت... ولا تموت غزالة قطعت عن الصياد نشوته.. ووزعت الشظايا فانتهى الصياد في نعش القتيل..
في حين وجد الشاعر أحمد يوسف داود أن هذه الاحتفالية يجب الاهتمام بها أكثر ولاسيما أن دمشق تحتوي على سبعة ملايين نسمة ويحضر إلى هذه الاحتفالية أقل من 70 شخصاً وأضاف أنه واكب حركة الشعر الحديث وشهد الصراع الأدبي وكيف أخذت القصيدة الحديثة كلاسيكياتها وكيف تراجعت وأصبحت تشبه (النظم) وأشار إلى أنه مرت فترة صار فيها النثر الفني يتفوق على الشعر الموزون والمقفى ومازالت آثاره إلى اليوم ممتدة ويرى داود أن النثر طاغ في الساحة الأدبية لكن هذا لا يعني أن الأمر سيستمر هكذا، فالشعر سيبقى ما دامت الروح في جسد الإنسان.. وأضاف أيضاً: إن الشعر اليوم تراجع جداً وهو في مستوى أدنى عن أعوام السبعينيات والثمانينيات بسبب تراجع استهلاك الكتاب والصحيفة الثقافية والانشغال بالذي لم نتعلمه بعد، وأشار أيضاً إلى أهمية أن نبني عقلا يستوعب المعطيات الجديدة دون أن نتخلى عن روح الشعر الذي تأصل فينا، وبعد ذلك ألقى داود بعضا من أبيات قصيدته (خماسية وداع) التي قال منها:
ما هذه الخمر التي غصت بنا قبل تبديها.. وما لي كل ما ضيعتها سكرت يا خمار.. ترى دارت علي الكأس أم كانت قهوة باردة ولم تزل.. وها أنا بقلبي المهزوم يغنيني حنين عارم.. أنثى كطيف من جناح النوم جاءت كهديل..
أما الشاعر المناضل يوسف الخطيب فقد أشار إلى ما وصل إليه حال الشعر اليوم وأشاد بفضل الشعراء السابقين الذي جهدوا لإبداع قصائدهم وأشعارهم وقال:
في يوم الشعر وفي عام القدس لن أخاطبكم بشعر اللغة بل بلغة الشعر.. سأخاطبكم بلغة مزدحمة من داخلها.. ومن ثم ألقى أيضاً بعضا من أبيات قصيدته التي كانت تحت عنوان (بيان القمة العربية )...
ربما تراجع الشعر وترهله بدا واضحا في هذه الأمسية الشعرية التي لم تعكس سوى قلة اهتمام الجمهور اليوم بهذا النوع من الفنون ولاسيما أن الحضور القليل كان مؤلفا من بعض المهتمين وبعض الشعراء والصحفيين بيوم سموه يوم الشعر العالمي...!!!

رامان آل رشي

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...