الليث حجو: الدراما السورية بحاجة إلى صدمة

18-12-2007

الليث حجو: الدراما السورية بحاجة إلى صدمة

مخرج صاحب رؤية فنية خاصة ومتميزة أثبتت حضورها عبر العديد من الأعمال الدرامية التي تنوعت في أشكالها وأساليبها وتباينت بين الكوميدي والواقعي واللوحات وفي كل مرة يثبت خريج مدرسة «هيثم حقي» أن الفن هو ساحة رحبة وواسعة للتجريب والابتكار والإبداع، تحت شرط «الحرص» على تقديم الأفضل ومازالت الأعمال التي أخرجها منذ أن بدأ طريقه الفني في «بقعة ضوء» يعاد عرضها للمرة الثانية والثالثة في المحطات العربية.
 أنهى منذ فترة وجيزة العمل الكوميدي «ضيعة ضايعة» الذي سيعرض قريباً على قناة «أبو ظبي» الفضائية, في خطوة جريئة وليست الأولى من الشركة المنتجة ومن مخرج شاب تقبَّلَ أن يكون خارج الفوضى الفنية في الموسم الرمضاني. وتم الاتفاق معه لإنتاج جزء آخر من بقعة ضوء.

عزا أحد المخرجين الجدد مشكلة الدراما السورية إلى اقتحام العديد من المخرجين غير الأكاديميين مجال الإخراج؟
الإخراج هو موهبة, وأنا مع أي شخص يحس بأن لديه هذه الموهبة ولديه وجهة نظر. وبالنهاية الحكم هو الجمهور الذي لا يطلب مني شهادة أكاديمية حتى يحب العمل ولا ينزل في شارة العمل أن هذا المخرج أكاديمي أو غير أكاديمي خريج مدرسة شرقية أو غربية أو إذا كانت هذه الشهادة مأخوذة بطريقة نظامية أو غير شرعية والشهادة لن تستطيع تحويل الشخص غير الموهوب إلى موهوب.

في الوقت الذي نرى فيه أكاديميين لم يحققوا النجاح؟
بعضهم كان يشتكي من الظروف ونحن أتيحت لنا هذه الظروف بعيداً عن «الأكاديمية».

أحد أساتذتك «هيثم حقي» وهو مدرسة مهمة؟
هيثم حقي لم يدرس الإخراج أكاديمياً فقط ولكنه قدم وجهة نظره كإنسان موهوب بعد الأكاديمية، لا تكفي الأكاديمية حتى تحول شخصاً عديم الموهبة إلى موهوب. ويجب أن تكون الموهبة موجودة وفيما بعد تأتي الأكاديمية لتطوير القدرات وتوجيهها بالطريق الصحيح.

لكنك خرجت بمدرسة أخرى مختلفة؟
ولكن من المدرسة نفسها والاختلاف يعود إلى المزاج الشخصي والحالة وطريقة التفكير والمخزون.
هل هو تأثير بالسينما؟
لا أدعي بذلك ولكن هي بالنهاية مجموعة أوراق يملكها المخرج من خلال مشاهدته وتجربته والأدوات التي بين يديه من ممثل ونص وظرف إنتاجي ومخزون حياتي وثقافي، وإلى أي درجة الإنسان مملوء وقادر على الاستفادة مما لديه.

هل تعتقد بأن هذا النجاح الذي رافق أعمالك يعود إلى استخدام البعد الآخر للكاميرا؟
كان هذا موجوداً ولا أدعي أنني أنا وراء هذا الأسلوب بالكاميرا وبرأيي الأستاذ هيثم حقي أوجد حضوراً مهماً للغة السينمائية في الدراما وفي حالة الكاميرا وخروجها خارج الأستوديو وأهم أعماله قدمت في هذا الأسلوب وأعتقد أن النقلة الواضحة كانت في بدايات الفترة التي عمل فيها الأستاذ (هيثم حقي) وفيما بعد أتى نجدة أنزور «واستطاع تقديم لغة بصرية مهمة ولو كانت أحياناً على حساب النص, ثم جاء «حاتم علي» وحاول أن يطور هذه اللغة في أماكن أخرى. ما أمتلكه هو مخزون مشاهدة وأنا لا أدعي أنني أقدم شكلاً مختلفاً أو حالة فريدة أو أولى في هذا النوع ولكن نتيجة تطور هذا التفكير اتجاه الكاميرا والتعامل مع الكاميرا والنص.

كأنك ميال إلى الكوميديا السوداء؟
قدمت أكثر من نوع: الكوميديا في بقعة ضوء، والرومانس في أهل الغرام، والدراما الواقعية الاجتماعية في الانتظار. هي أنواع مختلفة ولكنني شخصياً أحب الكوميديا ولكن يجب أن أقدم كافة الأنواع لأنها كلها تدخل ضمن إطار «الفن» وأنا قدمت الفيديو كليب والإعلان ودائماً أجرب في هذه الأدوات لأرى إلى أي درجة يمكن أن أطور أدواتي كمخرج ولذلك يجب أن يكون المخزون كبيراً في هذه المهنة.

كان وراء هذه النقلة الجميلة في الدراما السورية إيمان رأس المال بالمواهب الشابة التي لم تخيب الآمال ونجحت عندما كان الحس جماعياً. هل تعتقد بأن غياب هذا الحس هو الذي سبب هذا التراجع في الإنتاج الدرامي؟ وهل من وسيلة تعيدنا كما كنا؟
أعتقد أن هناك ظرفاً إنتاجياً يتغير من سنة إلى سنة ولا يمكننا أن نتجاوز هذا الظرف لأن شركات الإنتاج أصبحت مثقلة بأعباء الإنتاج والتسويق ضمن المنافسة الشديدة وكميات الأعمال الكبيرة التي تقدم من دون أي تنسيق أو دراسة ومن دون حالة اتفاق فأصبحنا اليوم نشاهد عدة أعمال والمضمون نفسه، مثل جرن الشاويش وكوم الحجر المستنسخة عن باب الحارة وهي أعمال كلفت الملايين ولكن لم تحظ بالنجاح نفسه أو بنسبة المشاهدة بغض النظر عن المستوى الفني، والنتيجة أنهم تنافسوا مع بعضهم وضربوا بعضهم وخسروا الملايين ولم تحظ هذه الأعمال بالتوزيع الذي حظي به باب الحارة وبغض النظر عن الأسباب التي وراء ذلك هي خسارة لكل شركات الإنتاج وهم مصرون أن يعيدوا التجربة هذه السنة بنفس شركات الإنتاج ومصرون على الخسارة، وهنا لا أتكلم عن الخسارة المادية فقط ولكن عن الخسارة الفنية وإذا كان الوضع سيستمر بهذه الطريقة من المنافسة فستكون إساءة للجميع: لشركات الإنتاج وللفنانين, وهي مشكلة لا يمكن حلها.
ما دور النقابة والرقابة الفنية؟
الكارثة الكبرى أننا عندما نأتي ونضع قيوداً على العمل تحت جهة رقابية مثل «النقابة» أو «اللجنة» ستتحول فيما بعد إلى عوائق اتجاه الإنتاج. «النقابة» نفسها تتحول ليس إلى شرطي «ينظم» ولكن لأحدٍ يعوّق العمل لمصلحته الشخصية فقط. وبالنهاية تذهب لمصالح شخصية لفائدة أفراد وليس لفائدة العمل وتتحول كلها إلى معوّقات تؤخر وتسيء، وهذه المعوقات موجودة دائماً وتواجه شركات الإنتاج مثل حواجز القفز ابتداءً من الإتفاقات مع الممثلين وانتهاءً بمرحلة التوزيع مروراً..
من المؤكد أننا بحاجة إلى رقابة فنية لكن اليوم لا يمكن الاتفاق على جهة رقابية ولا يمكن الاتفاق على اسم واحد أو لجنة تتحمل مسؤولية الرقابة الفنية من دون تدخل المصالح الشخصية. نحن ندور في حلقة مفرغة والموضوع شائك ونحن بحاجة إلى رقابة «الحرص» أكثر على عملنا ونظرة أكثر موضوعية وأكثر دقة في الإنتاج.

من جديد سيكون الفضل للفنان السوري ولشركات الإنتاج بأخذ خطوة جريئة في تجاهل الموسم الرمضاني الفني وستعرض فضائية أبو ظبي الحلقة الأولى من العمل الكوميدي الجديد «ضيعة ضايعة» مع بداية السنة الجديدة؟
ليس هو العمل الأول الذي ينتج خارج الموسم الرمضاني فقد بادرت شركة «ساما» بإنتاج العمل الأول «أهل الغرام» وعرضته خارج رمضان بعد أن كان جاهزاً للعرض والتوزيع في رمضان قبل الماضي، واتخذ قرار بعدم عرضه في رمضان ولكن حققت هذه التجربة حضوراً وأثبتت لباقي الشركات أن العمل ممكن أن يسوق خارج الفورة التلفزيونية وفي البداية أعتقد أنه لم يأت بربح كبير لكن فيما بعد استطاع العمل أن يسوق بطريقة تفوق نجاحه في رمضان وتعرضه الآن «إم بي سي» للمرة الثالثة وهي المحطة التي من المفترض أنها تمتلك أعمالاً كثيرة، الشركة نفسها الآن بصدد إنتاج جزء آخر من أهل الغرام ويفكرون بالعرض الأسبوعي وهذا تقليد بعيد عن الذي تعودنا عليه وهي تجربة ومغامرة أخرى من الشركة المنتجة ونحن بحاجة إلى العديد من هذه التجارب، وهي بالطبع مغامرة مدروسة لأننا نتحدث هنا عن أرقام بالملايين ولكن تُشكر الشركة المنتجة على هذه الخطوة وبالنسبة لي تقبلتُ أن أكون خارج «العجقة» الخاصة برمضان.
«ضيعة ضايعة» هو عمل كوميدي طويل من تأليف ممدوح حمادة أجربه لأول مرة، هي ضيعة مفترضة في مكان ما من الكرة الأرضية، فيه حالة كوميدية مبالغ فيها قليلاً وهو شكل جديد غامرت به.
صورنا في آخر ضيعة على الحدود السورية الشمالية والعمل فيه الكثير من الممثلين:
باسم ياخور، نضال سيجري، فادي صبيح، زهير رمضان، آمال سعد الدين، وستعرضه فضائية أبو ظبي قريباً.

في الغرب يعتمدون على «العرض الثاني» وهذا بالضبط ما حصل مع العمل الذي أعتقد بأنه ظلم «الانتظار» وما زال يحظى بنسبة مشاهدة عالية إلى الآن؟
الانتظار اسمٌ على مسمى! ورغم أنه العمل الوحيد الذي أخذ «تصنيف ممتاز» في السنة التي عرض فيها العمل، ودفع التلفزيون السوري سعراً عالياً فيه, إلا أنه عرض على القناة الثانية الأرضية، القناة المنسية ولم يعرضه التلفزيون السوري مرة أخرى مثلما يفعل مع الأعمال التي تعرض في رمضان، بسبب مشكلة شخصية بيني وبين ما يفترض أن يسمى «مدير عام الإذاعة والتلفزيون».

دخلنا هنا إلى مشكلة التلفزيون السوري وكيف يقيم ويتعامل مع أعمالنا؟
كل المحطات الأخرى تحترم وتقيم الأعمال السورية أكثر من التلفزيون السوري، نحن نطالب بدعم، ودائماً هناك توجيه لدعم الدراما السورية وهناك حرص ملموس من أعلى المستويات لدعم الدراما السورية ووعي شديد لأهميتها التي هي إنتاج قطاع خاص لكن المشكلة عندنا تعود إلى الآلية الإدارية وآلية التفكير بالمصالح الشخصية كمدير صاحب قرار وكيف يستثمر قراراته للمصلحة الشخصية فنعود لنسيء إلى الدراما.
على التلفزيون أن يعرض ويروج لأن هذه المحطة وسيلة ومن واجب التلفزيون الحكومي أن يروج للإعلان وأن يصنع الحضور, حتى الإعلانات التي تقدم في المحطات الثانية أجمل بكثير من إعلاناتنا ولذلك تأخذ الأعمال الصدى والحضور في كل المحطات إلا تلفزيوننا.. الذي يحظى بفضل الأعمال السورية بنسبة مشاهدة متقدمة عن باقي التلفزيونات في شهر رمضان وبرأيي أن هذا تصرف فيه إساءة لمنتج وطني مهم ولربح كان ممكناً أن يدخل أموالاً عبر تلك الإنتاجات المتميزة.

هل لدينا نقص في الكتّاب؟
لدينا نقص في كل شيء: كتّاب، نصوص، فنيون، ممثلون! تلك الفورة الدرامية التي استمرت لأكثر من سنة هي فورة عشوائية وأتت بالمصادفة وحدثت بجهود فردية ورسخت ذلك الحضور القوي لكنها بعد ذلك تفرعت إلى انتاجات منفردة تتنافس مع بعضها.

أليس هناك أمل بالعودة إلى المرحلة التي كنا عليها؟
يبدو أننا بحاجة إلى فشل قوي حتى ندرك هذا الموضوع.

لكن المؤشر كان قوياً هذه السنة على أننا في خطر؟
ذهب الكثيرون إلى تفسير ما يحدث بأنه خطة لضرب المنتج السوري أو أنها حرب سياسية وكبر الموضوع وحُمِّل فشل الدراما للسياسة. أنا برأيي أن هذا الكلام غير صحيح وأرى أن الدراما السورية مطلوبة في الخارج بشكل جيد ويتعامل معها باحترام شديد والمطلوب أن نحترم «نحن» المادة التي نقدمها. وعلينا أن نقدم مادة جيدة كي لا تُرفض وأنا أجزم أن المشكلة هي في المادة التي قدمت، وهذا الموضوع يجب ألا يتكرر لأنه تشجيع للإنتاج السيئ والدراما السورية بحاجة إلى صدمات قوية لكي تعود إلى الطريق الصحيح.

هل ستكون موجوداً في «بقعة ضوء»؟
لغاية الآن نعم، جرى اتفاق على بقعة ضوء ضمن شرط مريح للجميع، وشروط أساسية تحت عنوان: أيمن رضا وباسم ياخور موجودان ولكل الممثلين الذين كانوا في الأجزاء الأولى وكل الكتّاب. مساحة الرقابة التي نتمنى أن تكون نفسها وليس أكثر مقارنة بالجزء الثاني وأنا أحلم أن يكون بالمستوى نفسه.

فاديا أبو زيد

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...