المالكي يلوّح لخصومه بـ«حكومة غالبية سياسية»

22-12-2011

المالكي يلوّح لخصومه بـ«حكومة غالبية سياسية»

أظهرت تطورات الازمة السياسية المتفاقمة في العراق أمس، بوادر تحولها إلى انهيار ما يسمى بالصيغة «التوافقية» وفتحها المجال أمام دخول أميركا وايران والجامعة العربية خطّ التوتر بين الأطراف المتواجهة. ودعا رئيس الوزراء نوري المالكي إقليم كردستان إلى «تسليم» نائب الرئيس طارق الهاشمي للقضاء، مهدداً باستبدال وزراء ائتلاف «العراقية» اذا تكررت مقاطعتهم لاجتماعات الحكومة، وتشكيل حكومة «غالبية سياسية» تعلن «انتهاء مبدأ التوافق»، فيما رفضت «العراقية» دعوة المالكي إلى الحوار، ولوّحت بتدويل الازمة وهو ما حذر منه وزير الخارجية هوشيار زيباري.
إلى ذلك، لقي قاض في محكمة كركوك وأحد عناصر حمايته مصرعهما وأصيب ثلاثة أشخاص بينهم اثنان من عناصر الشرطة بتفجير مزدوج وسط المدينة. وقال مدير شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك «إن عبوة لاصقة كانت في سيارة تعود للقاضي في محكمة كركوك سعد عبدالله محمد انفجرت لدى مروره في منطقة حي الخضراء جنوب كركوك مما أسفر عن إصابته بجروح وأن عبوة لاصقة أخرى كانت موضوعة في سيارة أسرة القاضي انفجرت عند نقله إلى المستشفى مما أدى إلى مقتله وأحد عناصر حمايته وإصابة مدني واثنين من عناصر الشرطة بجروح».
وتواصل مسلسل الأزمة السياسية التي لم تترك للعراقيين مجالاً للفرح بخروج قوات الاحتلال، على خلفية اتهامات خطيرة موجهة للهاشمي الذي أكد من كردستان أنه مستعد للمثول أمام القضاء في الإقليم الكردي فقط، بمؤتمر صحافي للمالكي قال فيه «ندعو حكومة اقليم كردستان الى تحمل مسؤوليتها وتسليم المتهم (الهاشمي) للقضاء». وشدد المالكي على ان حكومته «لا تقبل بأي تدخل بالقضاء العراقي»، مضيفاً «ما دخل الجامعة العربية وما دخل الامم المتحدة وما دخل العالم بقضية بسيطة هي قضية جنائية؟».
واعتبر المالكي أن «هروبه (الهاشمي) الى دولة اخرى قد يخلق مشاكل، لذا لا نتمنى من حكومة الإقليم (الكردي) ان تسهل ذلك». وتابع رئيس الوزراء العراقي «وفرنا محاكمة عادلة وصريحة لديكتاتور العراق صدام حسين، وسنضمن وسنكون حازمين في توفير محاكمة عادلة للسيد الهاشمي».
وكان ائتلاف «العراقية» (82 نائباً من اصل 325) الذي يقوده رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي قرر في وقت سابق مقاطعة جلسات البرلمان وجلسات الحكومة، التي اكملت أمس، عامها الاول في الحكم. الا ان المالكي هدد باستبدال الوزراء المنتمين الى ائتلاف «العراقية»، اذا واصلوا مقاطعة الحكومة، ملمحاً ايضاً الى امكان تشكيل حكومة «غالبية سياسية».

وقال المالكي ان وزراء «العراقية» التسعة «اذا لم يرجعوا في الاجتماع المقبل (للحكومة) فسنتجه الى تكليف وزراء آخرين»، علماً ان الحكومة العراقية عادة ما تعقد جلساتها ايام الثلاثاء من كل اسبوع. واضاف «ليس من حق الوزير ان يقاطع جلسات الحكومة لانه سيعتبر مستقيلاً». واعلن المالكي ان «مبدأ التوافق الذي كنا بحاجة اليه» في الاعوام الماضية «انتهى الآن»، داعياً الى عقد اجتماع موسع «في الايام المقبلة» لبحث الازمة المستجدة. وقال «اذا لم ننجح في التوصل الى صيغة تفاهم، فسنتجه الى تشكيل حكومة غالبية سياسية».
وقال المالكي إن حكومته وافقت أمس الأول على دعوة جميع الكتل السياسية بما في ذلك الكتل التي لم تفز بمقاعد في الانتخابات البرلمانية العام الماضي إلى اجتماع في الأيام المقبلة مع جميع الوزراء ورئيس الجمهورية ونائبيه. لكن كتلة «العراقية» التي ينتمي إليها الهاشمي أصدرت على الفور بياناً يرفض دعوة المالكي لإجراء محادثات، وقالت إنها تبحث تقديم طلب للتصويت في البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء لحنثه باليمين وخرقه للدستور. وقالت كتلة العراقية في بيان «العراقية ترفض الدعوة التي أطلقها نوري المالكي للحوار لكونه يمثل السبب الرئيسي في الازمة والمشكلة وليس عنصراً ايجابياً في الحل».
من جهته، هدد النائب في البرلمان العراقي عن قائمة «العراقية» أحمد المساري بأن قائمته قد تلجأ إلى الجامعة العربية والمجتمع الدولي إذا أخفقت مساعي احتواء الأزمة السياسية. وقال المساري «نحن نعلم أن هناك عقلاء في العملية السياسية لا يريدون أن ينزلق العراق إلى هذا المنزلق، وما زلنا نعول على العمل الداخلي في العراق لإنهاء الأزمات كافة». لكنه استطرد قائلا «إذا لم نجد حلاً لهذه المسألة، فقد نسعى إلى تدويل القضية، ونرى أن هناك انقلاباً حقيقياً على الديموقراطية وعلى الشراكة الوطنية التي لم تتحقق أصلاً. مما يحملنا على تدويل القضية وطلب العون من الجامعة العربية أو منظمة الأمم المتحدة».
واكد النائب عن ائتلاف دولة القانون في العراق، علي العلاق، أن المالكي قد أصدر أمراً بمنع دخول نائبه صالح المطلك الى مجلس الوزراء. وقال العلاق ان رئيس الوزراء له الحق بالإضافة الى منع دخول المطلك ان يطالب بسحب الثقة عنه. واضاف العلاق ان المالكي طلب من مجلس النواب سحب الثقة عن المطلك واقالته من منصبه.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد قدم طلباً للبرلمان بسحب الثقة عن نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية صالح المطلك لـ«عدم اهليته وكفاءته ونزاهته».

أما وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري فقال إن «هذه الأزمة ليست في مصلحة أحد»، وأضاف «طالما بقيت جبهتنا الداخلية مفتتة وغير موحدة، سيتم تشجيع الآخرين على التدخل في شؤوننا. لذلك، من المهم جداً أن نتعامل مع هذه الازمة في أقرب وقت ممكن». واعتبر زيباري أن «التحدي الأكبر للعراق بعد انسحاب القوات الأميركي، سياسي ومن ثمّ يأتي التحدي الأمني».
وذكر بيان رئاسي في واشنطن ان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن أجرى اتصالا مع المالكي اشار خلاله الى «الحاجة الملحة لرئيس الوزراء وزعماء الاحزاب الاخرى للقاء». كما بحث بايدن الوضع مع رئيس البرلمان اسامة النجيفي وقال «للرجلين ان الولايات المتحدة تتابع من كثب الوضع في العراق». وأعلن مكتب النجيفي في بيان ان بايدن ابلغه بان «الحكومة الاميركية قلقة على الوضع السياسي والامني في العراق»، مشيرا الى «محاولات البعض تفجير العنف الطائفي بعد يوم من انسحاب القوات الاميركية».
وقد اكد مسؤولون في واشنطن ان مدير وكالة الاستخبارات الاميركية المركزية ديفيد بتراوس، القائد الاسبق للقوات الاميركية في العراق، قام بزيارة لبغداد خلال الايام الماضية. الا ان هؤلاء المسؤولين شددوا على ان الزيارة كانت معدة سلفاً، وان بتراوس لم ينخرط في محادثات سياسية في بغداد.
وفي وقت لاحق، أعلن مكتب النجيفي ان رئيس البرلمان استقبل السفير الايراني في العراق حسن دانائي فر «وبحث معه آخر التطورات السياسية والامنية الخطيرة التي تجري على الساحة العراقية».
وصرح مصدر مسؤول في جامعة الدول العربية بان الجامعة أجرت اتصالات مع جهات عراقية عديدة حول قضية اتهام طارق الهاشمي بالتحريض على أعمال عنف. وأوضح المصدر أن الاتصالات التي تجريها الجامعة العربية تأتي من منطلق حرصها وقلقها علي الاوضاع في الساحة العراقية.

المصدر: وكالات

إقرأ أيضاً:

التوازنات السياسية العراقية ما بعد الانسحاب الأمريكي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...