خيارات المعارضة السياسية السعودية والعقبات التي تعترضها

09-03-2011

خيارات المعارضة السياسية السعودية والعقبات التي تعترضها

الجمل: سعت المعارضة السعودية إلى تحريك الاحتجاجات التي طالبت بالمزيد من عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي في المملكة، وإضافة لذلك حددت المعارضة السعودية يوم الاثنين الموافق 07/03/2011 لجهة القيام بحملة احتجاجات أوسع نطاقاً وأكبر شدة، ولكن بحلول اليوم المحدد، لم تتحرك الاحتجاجات: فما الذي حدث؟ وما هي مصداقية قدرات المعارضة السعودية على القيام بتحريك الاحتجاجات؟ وهل يا ترى فشلت جهود المعارضة السعودية أم نجحت جهود النظام السعودي في احتواء الاحتجاجات؟
* المسرح السياسيخارطة توزيع القبائل في المملكة العربية السعودية السعودي: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات الجارية والتسريبات بأن المعارضة السعودية لم تنجح في القيام بعمليات التعبئة السلبية الفاعلة ضد النظام الملكي، بما يكفي لتحريك المظاهرات والاحتجاجات الشيعية يوم الاثنين الماضي، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى وجود تفسيرات متضاربة بما يمكن الإشارة إلى أبرزها على النحو الآتي:
•    قيام رجال الدين بإصدار فتوى شرعية تحرم المظاهرات والاحتجاجات على أساس أنها تخالف مبادئ الإسلام وقواعد الشريعة الإسلامية، ومبادئ الحكم بما أمر الله به في القرآن الكريم. وبسبب نفوذ مرجعية رجال الدين على الرأي العام السعودي، فقد تراجع حماس السعوديين لجهة القيام بالمشاركة في عمليات الاحتجاج الشعبي السياسي.
•    قيام النظام الملكي بعملية احتواء كبيرة في أوساط المملكة ركزت على التفاهم مع رموز الكيانات القبلية-العشائرية الكبيرة، بما أدى إلى التأثير سلباً على جهود المعارضة في تعبئة الرأي العام السعودي وعلى وجه الخصوص في المناطق الحضرية الرئيسية الكبيرة مثل الرياض، جدة، الظهران والدمام.
•    قيام أجهزة النظام الملكي بتنفيذ عملية أمنية وقائية واسعة النطاق أسفرت عن الاحتواء الشامل عن طريق الاعتقالات وعمليات الردع والضغوط النفسية –الإعلامية، بما أدى بدوره إلى "إجهاض" مفاعيل الاحتجاجات وإفراغها من المضمون والمحتوى وبالتالي لم تعد دعوات المعارضة السعودية تجد من يستجيب لها في الشارع السياسي السعودي.
هذا، وإضافة لذلك، تقول بعض التفسيرات بأن المعارضة السعودية قد ارتكبت خطأً تكتيكياً فادحاً وذلك بسبب عدم اهتمامها بترتيب جدول أعمال الاحتجاجات الشعبية، فقد سعت إلى البدء بتحريك السكان السعوديين الشيعة في المناطق الشرقية الأمر الذي جعل بقية السكان السعوديين السنة يدركون الأمر وكأنه تحرك شيعي مذهبي، وتبعاً لذلك، لم يستجب السنة السعوديون الذين يشكلون حوالي 85% من السكان لحركة الاحتجاجات الشعبية التي اشتعلت في أوساط الشيعة الذين يشكلون حوالي 13% من السكان.
* المعارضة السياسية السعودية وإشكالية البدائل
تحدثت التسريبات عن سعي المعارضة السعودية باتجاه اعتماد جدول أعمال بديل أكثر فعالية لجهة تحريك الاحتجاجات السياسية، وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى أن المعارضة السعودية مازالت أكثر قناعة ويقيناً لجهة إدراك النقاط الآتية:
-    توجد معارضة سعودية واسعة النطاق في أوساط السعوديين الأمر الذي أدى إلى وجود احتقانات سياسية تتميز بمخزوناتها العالية في أوساط الرأي العام السعودي، وعلى وجه الخصوص في الأجيال السعودية الشابة التي أصبحت الأكثر رغبة لجهة إحداث التغيير.
-    توجد خلافات هيكلية في أوساط المجتمع السعودي، بما أدى إلى وجود خطط أسست لانقسامات سنية-شيعية، سنية-إسماعيلية إضافة إلى الفواصل القبلية-العشائرية بسبب علاقات توازنات القوى القبلية-العشائرية بين الكيانات المجتمعية والنخبة الملكية الحاكمة.
وتأسيساً على ذلك تقول التسريبات والمعلومات إلى أن المعارضة السعودية تسعى إلى التأسيس على القواسم المشتركة، وعلى وجه الخصوص الجانب المتعلق بالوحدة الوطنية السعودية باعتبارها السبيل الأمثل لاستبدال علاقات الصراع السعودي-السعودي، بعلاقات التعاون السعودي –السعودي؛ وبكلمات أخرى، التأسيس على الوطنية السعودية سوف يفسح المجال واسعاً أمام عمليات التعبئة الفاعلة لجهة المطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بواسطة كل قطاعات الشعب السعودي.
تقول المعلومات والتسريبات بأن المعارضة السعودية تفاضل حالياً بين خيارين لجهة القيام بإطلاق فعاليات الاحتجاجات وهما:
•    خيار السعي لبدء إشعال الاحتجاجات في المناطق ذات العداء التقليدي للنخبة الملكية الحاكمة، وعلى وجه الخصوص: المنطقة الغربية، المنطقة الشرقية، وبحسب تقديرات المعارضة السعودية فإن العدوى يمكن أن تنتقل بكل سهولة إلى منطقة الرياض خلال أربعة أيام.
•    خيار السعي لبدء إشعال الاحتجاجات في الرياض والمدن الرئيسية الأخرى الثلاث: جدة، الظهران والدمام، بشرط أن تتم عملية الإشعال بكتل جماهيرية كبيرة، بما يوفر زخماً يكفي لإشعال الاحتجاجات في بقية أنحاء المملكة.
حتى الآن، لا توجد معطيات واضحة لجهة قيام المعارضة السياسية السعودية بحسم أمر خياراتها، ولكن ما هو متوقع، وبحسب المؤشرات الجارية يتمثل في إدراك المعارضة السياسية السعودية لمدى أهمية استغلال فرصة الأوضاع الشرق أوسطية الجارية بسبب تزايد الاحتجاجات التي تحمل بذور ورياح التغيير السياسي في البلدان ذات الحكومات والأنظمة التي ظلت أكثر اهتماماً لجهة بناء الروابط مع الولايات المتحدة الأمريكية وبقية البلدان الغربية.
* سيناريو الاحتجاجات السعودية المحتملة: المخاطر والفرص
تشير المعلومات إلى تميز مجتمع المملكة العربية السعودية وبقية البلدان الخليجية بالانفتاح الكبير إزاء استخدام وتوظيف وسائط التواصل عبر شبكة الإنترنت، وفي هذا الخصوص تشير آخر الإحصائيات إلى الآتي:
-    عدد السعوديين المسجلين في استخدام الفيسبوك: 2.3 مليون شخص.
-    عدد العمانيين المسجلين في استخدام الفيسبوك: 160 ألف شخص.
-    عدد البحرينيين المسجلين في استخدام الفيسبوك: 220 ألف شخص.
وتأسيساً على هذه الأرقام، فإن طاقة التواصل عبر شبكة الإنترنت في المملكة العربية السعودية تتميز بالضخامة والقدرة الكبيرة على الانتشار وحدوث التفاعلات التبادلية، وإضافة لذلك، تتميز المملكة العربية السعودية بنسبة عالية من الشباب المتعلم والقادر على استخدام وتوظيف حركة التواصل عبر الشبكة بفعالية أكبر.
بدأت حركة الاحتجاجات السياسية السعودية في المنطقة الشرقية وتحديداً في المدن والمناطق ذات الأغلبية الشيعية، والآن، من المتوقع أن تنتقل عمليات التعبئة السياسية السلبية الفاعلة ضد النظام الملكي السعودي إلى مناطق الطائف، المدينة، جدة في الغرب، ومناطق عسير ونجران في الجنوب، بما يفيد لجهة قيام المعارضة السعودية بتصعيد عمليات التعبئة السياسية السلبية الفاعلة على الخطوط القبلية-العشائرية، وهو أمر سوف تكون له مخاطره الجمة لجهة تحويل سيناريو الاحتجاجات السياسية السعودية من النموذج التونسي-المصري القائم على المفاعيل السياسية إلى النموذج اليمني-الليبي القائم على المفاعيل القبلية-العشائرية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...