مئات آلاف الليرات يدفعها المريض السوري ثمن مواد تثبيت الكسور العظمية

06-11-2018

مئات آلاف الليرات يدفعها المريض السوري ثمن مواد تثبيت الكسور العظمية

تخيلوا المأساة التي يعيشها المريض الذي تعرض لكسر في يده أو رجله ويحتاج لجهاز تثبيت بقيمة 200 ألف ليرة و لا يملك ثمنه، و التفاؤل الذي يتولد لديه إذا قدم له الجهاز من جهة عامة بسعر أقل من ذلك بكثير، لكن فرحته لا تقدر إذا تقدمت لمساعدته مؤسسة تأمينية أو اجتماعية، فكيف ستكون إذا أبلغه الطبيب المعالج أنه سيقدم له الجهاز مجاناً على أن يعيد الجهاز بعد تعافيه؟ بالتأكيد إن الكثير من شركات مواد الاستجدال الطبي تصنف هذا الكلام بأنه يشبه كفاءة السائر في نومه، وتصف تصرفات هؤلاء الأطباء الذين يقدمون الأجهزة للمرضى بهذه الطريقة بالدعاية البائدة لكون هذه الشركات تناقش المسألة على غرار ثقافة الدكاكين وأن البضاعة التي تباع لا ترد.

الدكتور احمد جهاد عابورة مدير صحة حماة قال: لا نعلم ما هو سبب تنحي الشؤون الاجتماعية عن القيام بدور فعال في مجال تقديم مواد الاستجدال للمرضى الفقراء، فالشؤون الاجتماعية لديها عدد من الجمعيات الصحية التي تأتيها معونات وتبرعات من جهات محلية ومن منظمات دولية وفي إمكانها أن تقوم بدور فعال بهذا المجال، وبالإمكان أن ندفع بشركات التأمين للمساهمة بدفع جزء أو كامل ثمن مواد الاستجدال الطبي للمرضى المؤمَّن عليهم لديها، كما تفعل بمجال تأمين السيارات، أضف إلى ذلك أن هيئات المشافي العامة بإمكانها أن تعلن عن مناقصات لشراء مواد الاستجدال وفي هذه الحالة تشتريها بقيمة أقل بكثير من سعر مبيعها من الشركات للمرضى مباشرة، في حين يروي الدكتور ماهر اليونس-مدير الهيئة العامة لمشفى مصياف الوطني- أنه ليس بإمكان الهيئة أن تخصص ميزانية لشراء مواد الاستجدال لكون ميزانيتها بالكاد تكفي شراء الأدوية ومواد غسيل الكلى ومستلزمات العمليات الجراحية، ولكن في إمكان الهيئة أن تساعد المرضى لديها بشراء مواد الاستجدال للمرضى وذلك بناء على رغبة المريض.

ويروي الدكتور أحمد محمد المختص بالجراحة العظمية أنه بالإمكان إعادة استخدام بعض مواد الاستجدال التي تشمل الصفائح والأسياخ والمفاصل والمثبتات الخارجية في تثبيت وعلاج الكسور لأكثر من مريض ولا سيما المثبتات الخارجية التي لم تتعرض لأضرار ميكانيكية أو لفقدان بعض خواصها الطبية، مشيراً إلى أن شراء هذه المعدات من المريض بعد تعافيه يوفر عليه زهاء 70 % من تكلفة العلاج ولكن الطبيب المعالج لا يمكنه أن يقوم بدور التاجر ليشتري هذه المواد، علماً أن بعض الأطباء ومن باب المساعدة لمرضاهم يسعون لتلبية رغبة المرضى بمحاولة بيع هذه المواد لشركات الاستجدال ولكن بالنهاية الأمر في يد هذه الشركات التي لها كامل الصلاحية بقبول شراء هذه المواد أو رفضها والشركة هي الجهة التي تحدد قيمة المواد في حال قبولها الشراء، لافتاً إلى أنه في إمكان وزارة الصحة أن تصدر تعليمات تنظم العمل بهذا المجال بين شركات مواد الاستجدال والمرضى.

وأضاف محمد: تواجهنا مشكلات في إعادة المرضى لهذه المواد في حال تقديمها مجاناً أو شبه مجاني للمرضى ففي حالات مررنا فيها، ومن باب الرأفة بحالة المريض المادية قدمنا أجهزة تثبيت مجانية لبعض المرضى على أن يعيدوها بعد تعافيهم، لكنهم ذهبوا ولم يعيدوا هذه المواد، فهذه التصرفات تعد أحد أسباب تقلص دوافع أطباء العظمية لتقديم هذه المعدات للمرضى الفقراء ولا سيما أن سعر بعض هذه الأجهزة يتراوح بين 150 – 250 ألف ليرة سورية، فالمشكلة في تقديم هذه الأجهزة للمرضى هي في توفير الضمانات لإعادتها للأطباء، علماً أنه بإمكان الأطباء أن يتقاضوا نسبة معينة من قيمة الجهاز من المريض عند إعادته، فبدل أن يدفع المريض مبلغ 150 أو 200 ألف قيمة الجهاز و يرميه بسلة المهملات بمجرد تعافيه بإمكان الطبيب أن يتقاضى 50 ألفاً من المريض في حال إعادة الجهاز للطبيب.

ويشير من التقيناهم من المرضى إلى أن الطبيب هو من يتولى شراء المعدات المطلوبة من الشركات، والمريض لا يمكنه التدخل بنوعية المعدات وسعرها لكونه لا يرتبط بأي علاقة مع هذه الشركات ولا يعلم عنها شيئاً وفي حال إعادة بعض المعدات المستخدمة للطبيب بعد تعافي المريض يعرضها الطبيب على الشركة البائعة وغالباً ما تدفع الشركة ثمناً بخساً لهذه المعدات والمريض ليس في إمكانه تقدير قيمة هذه المعدات بعد استخدامها، ومناقشة المريض للطبيب المعالج بهذا الشأن فيه الكثير من الحرج للمريض والطبيب.

 


 علي أحمد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...