مجموعات سورية مسلحة «تفاوض» لسحب مقاتليها من بعض الجبهات

02-06-2014

مجموعات سورية مسلحة «تفاوض» لسحب مقاتليها من بعض الجبهات

المعارضة السورية بين اختبار الوعود الغربية بالسلاح وسلوك طريق المصالحات.
على صعيد اختبار السلاح لم يرشح كثير من التفاصيل عن اجتماع عقد في اسطنبول، الجمعة الماضي، لغرفة عمليات إنطاكيا، التي تضم ممثلين عن أجهزة الاستخبارات الأميركية والفرنسية والبريطانية والسعودية والتركية والقطرية ومسؤولين أمنيين وديبلوماسيين من النواة الصلبة لمجموعة «أصدقاء سوريا» الأحد عشر.
وكان البحث يدور، بحسب مصادر في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في باريس، عن استعادة المبادرة العسكرية على الأرض، وفتح جبهات جديدة في مواجهة الجيش السوري لإجباره على نشر المزيد من قواته، وممارسة ضغوط على الجبهة الشمالية، في حلب وادلب وأريافهما، ومنع الجيش السوري من إحكام الحصار على حلب، وعرقلة طرق إمداده.
واستبق مصدر أمني فرنسي الاجتماع بالقول إنه لا ينبغي انتظار الكثير، على صعيد التسلح النوعي، الذي تقول المعارضة السورية، إنها حصلت على تعهدات قاطعة بالحصول عليه، خلال اللقاءات التي عقدها الوفد «الائتلافي» في واشنطن مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وفي باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.طفل سوري يبيع الملابس في مخيم باب السلام قرب اعزاز امس (رويترز)
ويقول أعضاء في الوفد «الائتلافي»، ممن شاركوا في لقاء هولاند، إن الفرنسيين وعدوا بمنحهم مع الأميركيين أسلحة مضادة للطائرات، لكن مسؤولا أمنيا فرنسيا قال إنه من المستحيل أن تسلّم باريس أي سلاح نوعي للمعارضة المسلحة السورية في الوقت الراهن، ذلك أن الجماعات، التي يمكن وصفها بالمعتدلة، فرنسيا، ليست قادرة على حماية الأسلحة النوعية من أن تقع في أيدي الجماعات «الجهادية»، كما أن الفرنسيين لا يثقون بأي من الفصائل المقاتلة على الأرض.
وقال مصدر ديبلوماسي غربي، يتابع الاتصالات مع المعارضة المسلحة في اسطنبول، إن شرط إرسال أي أسلحة نوعية جديدة، هو أن تقوم الجماعات التي وقعت على «ميثاق الشرف الثوري»، بضغط سعودي وقطري وأميركي وأوروبي، بتحجيم «جبهة النصرة»، وضربها باعتبارها الجهة التي تستقبل، مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الآلاف من الأوروبيين، الذين لن يشكلوا تهديدا للعواصم الغربية، إلا في حال عودتهم أحياء إلى بلدان الأصل.
وكانت الجبهة الجنوبية، أولى الجبهات التي تعرضت لاختبار الهجوم على «جبهة النصرة» ومحاولة عزلها في حوران. وظهر بوضوح عجز الجماعات عن تحقيق أي انتصار من دون مقاتلي «النصرة» التي استبعدت من معركة نوى. وأخفقت «أبابيل حوران»، التي تولت قيادة العمليات، في معركة الاستيلاء على تل أم حوران، كما أخفقت في قيادة القتال لاسترجاع تل الجابية أو القحطانية، أو وقف تقدم الجيش في درعا.
وقال مصدر معارض، مقرب من غرفة العمليات في الأردن، إن أي سلاح نوعي لم يعبر الحدود الأردنية - السورية في الأيام الأخيرة، رغم الإعلان عن وصول صواريخ مضادة للطائرات إلى المنطقة. وقال المسؤول السوري المعارض إن التغييرات الوحيدة التي طرأت على الجبهة الجنوبية هي وصول دفعات جديدة من المقاتلين الذين دُرّبوا في السعودية على استخدام أفضل للصواريخ المضادة للدبابات، وان دفعة من 100 مقاتل قد عبرت الحدود مؤخرا، أرسلت إلى منطقة بصرى الشام، فيما وصل عدد مماثل، ينتظر إرساله إلى جبهة نوى.
وقال المسؤول السوري إن أي سلاح يسلك نحو الجبهة الجنوبية بأي حال، مهما كانت طبيعته، لا يمنح للمعارضة والمجموعات المقاتلة إلا بموافقة إسرائيلية. وقال المسؤول السوري المعارض إن الإسرائيليين في الجولان المحتل يراقبون عن قرب، عبر ممرات البريقة، وبير عجم، والرفيد، عمل المعارضة السورية المسلحة في المنطقة، وتطور أسلحتها. وأشار إلى أنه من دون وجود «النصرة» في المنطقة، كان من الممكن للمعارضة الحصول على أسلحة أفضل، وان الإسرائيليين، رغم كل ما يقال، يخشون من تمدد «النصرة» والجماعات «الجهادية» في المنطقة، ويمنعون وصول أسلحة نوعية، كالصواريخ المضادة للطائرات.
وبشكل متفاوت، اتجهت فصائل من المعارضة السورية المسلحة، نحو البحث مع الأمم المتحدة في احتمالات التوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار، في مناطق مختلفة من سوريا، بعد نجاح اتفاق إخلاء المسلحين المحاصرين في مدينة حمص مطلع أيار الماضي. وقالت مصادر مطلعة، إن اجتماعات عقدت في أنقرة لثلاثة أيام متتالية، نهاية الأسبوع الماضي، حضرها ممثلون عن الأمم المتحدة وبعض الديبلوماسيين من مجموعة «أصدقاء سوريا»، ووسطاء من «الجبهة الإسلامية» وبعض الفصائل «الجهادية».
ويقول المصدر إن الجماعات المسلحة بدأت تشعر بأنها لم تعد تملك لا «فلوسا ولا سلاحا» لمتابعة القتال، بعدما بدأت إعادة الهيكلة التي يدفع بها الأوروبيون والأميركيون، والقائمة على الفرز بين ما هو «جهادي» مقبول، و«جهادي داعشي أو نصراوي»، والتي تؤدي إلى حرمانها من الدعم المطلوب خليجيا وإفقارها.
وتتجه المعارضة إلى اختبار تهدئة بعض الجبهات، وسحب المقاتلين من جيوب محاصرة، أو يصعب إمدادها، بعد انقضاء الانتخابات الرئاسية، للتفرغ لحشد قواتها في مناطق يمكن الدفاع عنها، خصوصا إزاء تصاعد تهديد عودة مقاتلي «داعش»، إلى الريف الحلبي، واحتمال خسارة دير الزور نهائيا، واقتراب معركة الشحيل، معقل «جبهة النصرة»، وعجز «مجلس شورى المجاهدين» في المنطقة الشرقية، عن وقف تقدم مقاتلي زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، رغم تكاتف مقاتلي «الجبهة الإسلامية»، و«جيش المجاهدين» و«جبهة الأصالة والتنمية»، و«جبهة النصرة»، في المعركة.
وقال المصدر إن هناك رغبة كبيرة لدى الوسطاء مع الفصائل «الجهادية» بالتركيز على حلب. وتحاول المعارضة على الأرجح، استباق نتائج معركة حلب، التي يتجه فيها الجيش إلى إطباق فكي الكماشة، على الأحياء الشرقية في المدينة، فيما لو توصل إلى إغلاق طريق الإمداد الأخير، في الكاستيلو شمال المدينة، نحو تركيا.
وقالت المصادر إن «الائتلاف» لم يحضر هذا الاجتماع، وان البحث لا يزال في بدايته، وان الاتصالات ستتواصل مع المعارضة لوضع خريطة بالمناطق التي يمكن التفاوض بشأن وقف إطلاق للنار فيها، قبل فتح النقاش حولها مع النظام.
وفي بيروت، جرت محاولة أميركية لاختبار الاتصال بالمعارضة الداخلية السورية، بعيدا عن واشنطن، وعن وحدانية التمثيل المفروض على المعارضة عبر «الائتلاف».
وخلال يومين جرت لقاءات، حضرها السفراء السابقون الاميركيون ريتشارد مورفي، ونانسي سوزنبرغ، وفرانك وينزر، وشخصيات من المعارضة السورية.
وحضر اللقاءات، التي عقدت يومي الجمعة والسبت، انس جودة من «تيار بناء الدولة»، ومحمود مرعي من «هيئة العمل الوطني والديموقراطي»، واقتصاديون سوريون، وناشطون في الاغاثة والمجتمع المدني، ونائبان سوريان، احدهما يوسف اسعد، نقيب أطباء دمشق. وتخلف عن حضور اللقاء، رغم حضورهم إلى بيروت، كل من المنسق العام لـ«هيئة التنسيق» حسن عبد العظيم، ونائبه رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم محمد. وكان عضوا «التنسيق» قد اعتبرا ان اللقاء سيجري حصريا مع السفراء الأميركيين، وليس لقاء جامعا يضم إليه ممثلين عن النظام، فيما اعتبرت الجهات التي تولت تنظيم اللقاء أنها كانت قد أبلغت مسبقا عبد العظيم بمضمون اللقاء وإطاره، وانه ليس لقاء حصريا مع السفراء الأميركيين السابقين.
وتعود فكرة تنظيم اللقاء في بيروت إلى «المنتدى السوري - الأميركي»، لوضع السفراء الذين حضروا، بموافقة وزارة الخارجية الأميركية وعلمها، في مواجهة شخصيات سورية تعمل على الأرض وتملك معرفة مباشرة بما يجري، وعدم الاكتفاء بـ«الائتلاف» كمصدر للمعلومات والمواقف. وتعتقد أوساط في الخارجية الأميركية أن هناك أصواتا أخرى في المعارضة السورية، غير «الائتلاف»، ينبغي الاستماع إليها لتكوين صورة أفضل عن الأوضاع في سوريا. وقال مصدر مقرب من المنتدى إن اللقاء ركز، خلال اليومين، على شرح الصراع السوري، وبعده عن أي أفق طائفي.

محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...