نشاط الأطفال المفرط هل هو ظاهرة صحية أم مرضية؟

22-12-2006

نشاط الأطفال المفرط هل هو ظاهرة صحية أم مرضية؟

الوسلية الفضلى لوصف النشاط المفرط (أو الزائد) لدى طفل معيّن، هي بمراقبة أفعاله وتصرّفاته. في المدرسة، على سبيل المثال، طفل كمروان (مصر) أو حبيب (لبنان)، لا يهدأ داخل الصف، ويقاطع المعلّمة، ويجيب عن الأسئلة قبل طرحها، دفاتره غير مرتّبة، لا ينجز تمريناً كاملاً ويهمل نصف فروضه. وفي البيت، يتصرّف على المنوال نفسه، لا ينتبه إلى شيء، لا يجلس أمام طاولة الطعام بهدوء، ليس لديه أصدقاء ولا يدعى إلى حفلة عيد ميلاد، لا يحترم قوانين اللعب... والأسوأ أنه تعيس ويشعر بأنه لا ينفع لشيء.

مروان وحبيب نموذجان لطفل نشاطه مفرط. وتصنّف حالتهما، بحسب خبراء نفسيين أميركيين، بـ «اضطراب نقص الانتباه الذي ترافقه حركة زائدة». ويقدّم هؤلاء لائحة بتسعة أعراض لعدم الانتباه، منها: لا يصغي عند التكلّم معه، يتلهى ويشرد بسهولة، ينسى كثيراً... وتسعة أعراض للنشاط المفرط، منها: يقف كثيراً في الصف، يتكلّم كثيراً... وأعراض الاندفاع، منها: يقاطع الآخرين، يقاطع الحديث أو اللعب، على ما ورد في مجلة «سيانس أومان» الفرنسية.

والنشاط المفرط يتدنى في مرحلة المراهقة، وكان يُعتقد أنه يزول في سن الرشد. ويبقى تحديد هذا الأمر ملتبساً، لأن نسبة الأطفال ذوي النشاط المفرط الذين يبقون على هذه الحال عندما يصبحون راشدين تتفاوت من 4 في المئة إلى 66 في المئة. ومردّ ذلك إلى أن الأعراض لا تعود نفسها. فالنشاط المفرط المحرّك يتناقص ويمكن السيطرة عليه، ولكن، يبقى الالتهاء وصعوبة التنظيم. والراشدون يتدبّرون أمورهم بأنفسهم.

- ويشخّص النشاط المفرط لدى الطفل بتضافر عدد من الأعراض (6 على الأقل) من كل لائحة. والأسباب مختلفة وأحياناً متضاربة، منها أن الدروس صعبة جداً أو سهلة جداً بالنسبة الى الطفل، أو أنه أصيب بصدمة أو بأرق مزمن أو إحباط، أو أنه لا يتحمّل بعمره متطلبات محيطه، أو أن أهله يعيشون في ظروف صعبة أو في الفوضى... وحده فحص معمّق يأخذ في الحسبان ضروف عيشه وتاريخه الشخصي، يسمح بوضع التشخيص. ويكشف الفحص العيادي الاضطرابات المتّصلة بالنشاط المفرط، مثل القلق والإحباط والأرق والانقباض وزيغ البصر.

- يعتقد بعضهم أن النشاط المفرط مرض من اختراع الولايات المتحدة لمساعدة المختبرات على بيع عقاقيرها، لولا أن أولى توصيفاته العيادية ظهرت في أوروبا، في نهاية القرن التاسع عشر. لكن ما أثار الشكوك بأن النشاط المفرط مرض وهمي هو أن أسبابه لا تزال مجهولة وأن التشخيص يتم على مستوى السلوك والتصرفات التي، إذا ما وضع كل منها على حدة، توجد لدى الأطفال الطبيعيين. إلاّ أن مميزاتها وانحصارها في شخص واحد تؤدي إلى تشخيص النشاط المفرط. وهو على درجات، فلا حدود بين النشاط المفرط والنشاط العادي.

ولمّا دخل في التشخيص عامل خارجي، وهو متطلبات المجتمع، افترضت مجموعة من علماء الإناسة أن النشاط المفرط له حسنات، ما قبل التاريخ، للصيادين. ثم تطوّر ليغدو من المساوئ في المجتمعات الخاملة (الحديثة)، حيث بات التعليم المدرسي يستدعي الانتباه لأوقات طويلة، حتى بات مرَضيّاً.

خلاصة القول: إذا ظهرت أعراض هذا «المرض» يكون مصدراً للعذاب وسوء العلاقة مع المحيط، وعندئذٍ، لا مناص من معالجته، مهما كان توصيف الاضطراب.

وثمة دواء للنشاط المفرط يدعى «ريتالين»، وبعضهم يرى فيه ضرباً من المخدرات. وهو يقلل الإثارة وعدم الثبات، ويزيد الانتباه والتركيز، لكنه مثار جدل في الولايات المتحدة وأوروبا.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...