«الـواو الكافـرة»: نافـذة للسـؤال عـن أسلـوب الأفـلام الوثائقيـة

19-05-2009

«الـواو الكافـرة»: نافـذة للسـؤال عـن أسلـوب الأفـلام الوثائقيـة

قليلة هي الأمور التي يمكن الاعتماد على استمرارها وثباتها في العمل التلفزيوني المرئي، ومنها أسلوب إنجاز العمل الوثائقي. فالمسألة لم تعد مجرد تجميع مواد أرشيفية، وتقاطع شهادات حية وتعليق. على الأقل تبقى تلك مواصفات الوثائقي التقليدي، ذلك الذي يأتي في سياق العادي والمألوف ولا يخترق مزاج المشاهدة، ليبقى الإغراء الوحيد في مثل هذا النوع هو في الكشف عن شيء من المستور، سواء بتقاطع الشهادات أو تناقضاتها، أو ربما بتجميع المعلومات مع بعضها البعض. وهذه هي حال وثائقي «الواو الكافرة» الذي تعرضه قناة «الجديد» ويعده الزميل فراس حاطوم، وعند هذا الحد ينتهي في الغالب إغراؤه، ليبقى الوثائقي يتأرجح بين حكاية تبدو بغالب تفاصيلها أشبه بمعرض استعادي لأحداث عصفت بلبنان خلال السنوات الأخيرة وبين أسلوب تعبير فني تقليدي، يبدو الجهد المونتاجي فيه هو لعبة الإخراج الوحيدة.
في حكاية «الواو الكافرة» تمتد المرحلة التاريخية المُعالجة ما بين العام 1990 والعام 2005، وهي مرحلة عناوينها العريضة تكاد تكون معروفة وواضحة ومعاشة لكثير من المشاهدين. أما تفاصيلها، فتتراوح بين المعروف الشائك، وبين الخفي المغيّب إعلامياً، وبالتالي يأتي الوثائقي ليفك تناقض ما اختلط على المشاهد من معلومات، ويضيف عليه ما غاب عنه أو غيُّب. ولكن ما حجم هذه المعلومات المغُيبة؟ وكم منها اختلط على الجمهور وجاءت «الواو الكافرة» لتحل عقدته؟ في الغالب هي قليلة نسبة لحجم المعطيات المكشوفة للجمهور، ونسبة إلى دراما التقلبات السياسية اليومية التي يمارسها سياسيو لبنان، وبذلك سيبقى امتياز «الواو الكافرة» هو إضافته وثائقياً جديداً عن مرحلة في تاريخ لبنان تفتقر إليها المكتبة التلفزيونية.
وبعيداً عن البحث في المضمون أولا يمكن لـ«الواو الكافرة» فنياً أن تحمل أكثر من معنى الواو في كتب اللغة: «الجمع والمشاركة». الجمع بين التعليق المكتوب والشهادات الحية والمادة الأرشيفية المرئية والتأثيرات الصوتية، وذلك هو ألف باء العمل الوثائقي، في وقت يؤخذ على صناع الفيلم (الزميل فراس حاطوم معداً، والزميل جورج صفير مخرجاً) استسلامهما له، وعدم البحث عن اختراق للتقليدي السائد من الأفلام الوثائقية لكن مع احترام معايير الجودة للفيلم الوثائقي، وإضافة أدوات تعبير فنية عصرية تأخذ بعين الاعتبار الدراما التي بدأت نشرات الأخبار باتباعها ولا سيما على قناة «الجديد» في «خاص الجديد». كما أن هناك ضرورة للأخذ بعين الاعتبار لجوء الدراما التلفزيونية للاستعانة بالمادة الوثائقية وإخضاعها لشرطها الفني، شرط الدراما التلفزيونية. وهما أمران لو لحُظا في «الواو الكافرة» لاستطاعا أن يدخلانا في جو من يشاهد فيلماً روائياً، وذلك من خلال لغة مرئية مدروسة أكثر تجمع بين الأرشيف والشهادات، وبين تصوير مشاهد افتراضية أو رمزية، والابتعاد قدر الإمكان عن التعليق (وربما إلغاؤه بالكامل)، والاشتغال على الصورة لفتح مجال أوسع لفهم المُشاهد للأحداث.
تعرضه قناة «الجديد»كل ثلاثاء عند التاسعة إلا ثلثاً مساء بتوقيت بيروت

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...