البخل سلوك مكتسب لا وراثي ..بخيل المادة بخيل بعواطفه

01-11-2008

البخل سلوك مكتسب لا وراثي ..بخيل المادة بخيل بعواطفه

رغم أن البخلاء مادة دسمة للكوميديا والنوادر كونها تثير الضحك والاستغراب إلا أنها تتحول الى مأساة حين نعايش هذه الشخصية ولاسيما عندما يكون البخيل زوجاً أو أباً، وقد يثير الإمساك عن الانفاق في المنزل خلافات اسرية تصل في بعض الأحيان الى الطلاق.

أما في حال انقلبت الصورة وكان البخيل زوجة فكيف يصبح الحال؟ وهل تستقيم الحياة الزوجية؟ وماالذي يدفع المرأة أو الرجل ليكونا بخيلين؟ وهل البخل عادة مكتسبة أم وراثة؟ وهل بخيل المادة بخيل بعواطفه؟ وهل من علاج لهذا الداء؟ ‏

 بعض من وقع في فخ البخلاء  يقولون عن هذه التجربة التي تحدثوا عنها بصراحة، شريطة الاكتفاء بذكر الاسم ونحن بدورنا نحترم رغبتهم... ‏

تقول لينا: أنا موظفة في جهة حكومية وراتبي جيد إلا أنني لا أخبر زوحي عما اتقاضاه صراحة لأتمكن من شراء احتياجاتي الخاصة من ملابس وعطور وأشياء للمنزل والعاب للأطفال فهو يرى أن هذه الأشياء مصروف زائد والأفضل الانفاق في الأشياء الضرورية للمنزل وادخار الباقي علماً أن دخل زوجي جيد. ‏

وتتابع: مصروف أولادي قليل في المدرسة وكلما ناقشته أن ذلك سيؤثر على الأطفال ويشعرهم بالنقص أمام زملائهم يقول لا أريد أن أفسد أولادي ويجب أن يدركوا قيمة المال...، واثناء الذهاب الى السوق لا يستطيعون شراء كل ما يشتهونه موضحة أن أولادها وحرصها على بيتها يحملانها على الصبر. ‏

وربما تبدو تجربة مروى مضحكة عندما نسمعها غير أنها تتحدث عنها بمرارة فعندما تقدم إليها عريس كان يفضل البقاء في بيت العروس ولا يقترح أن يدعوها لمطعم أو كافيتريا. ‏

وتروي: كنت أقيس شوارع المدينة معه تحت الشمس الحارقة بحجة أن المشي رياضة وأكثر رومانسية وفي إحدى المرات تجرأت وقلت له تعبت من المشي أوقف تاكسي فقال: لماذا التاكسي الميكرو أفضل مادامت الوسيلتان تصلان الى النقطة نفسها التي نريد الذهاب إليها فما كان مني سوى أن أوقفت «تاكسي» وتركته وحده يكمل رياضته. مؤكدة أن دخله المادي لم يكن سيئاً لدرجة لا يستطع فيها الجلوس بكافيتريا نجمة واحدة على الأقل، وأنه عندما كان يمر بائع الزهور كان يتجاهله. 
 ‏ وبرأيها فإن من بخل عليها بوردة لا يمكن أن يغدق العطاء بالعواطف والمشاعر. وترجح أن الحرمان والقسوة اللتين عاشهما في طفولته هما سبب رئيس لبخله. ‏

وتستعيد ليلى مواقف طليقها البخيل بأنه كان يتكل عليها بكل شيء حتى اصبحت المعيل الأول وأن اكثر ما كانت تمقته اصطحابه للتسوق والزيارات الاجتماعية خوفاً من أن يكشف الناس بخله وأنها حرمت من تلبية دعوات الصديقات كي لا تظهر أقل من الأخريات وأقفلت بابها بوجه الجيران والزوار... وتضيف: لم أكن اتصور بحياتي أن ارتبط بشخص بخيل، هذه الشخصية نراها عبر التلفزيون ونسمع عنها النكت المضحكة لكن العيش معها أمر مختلف. ‏

إذاً البخل صفة تنسب الى الرجل كونه رب الاسرة والمسؤول عن الانفاق بحسب الشرع والدين والاعراف الاجتماعية، ولكن ماذا عندما تنقلب الصورة وتكون المرأة بخيلة حيث إن ميزانية المنزل بيدها وما الذي يدفعها لهذه الصفة: ‏

تقول سناء: إن تكاليف الحياة وارتفاع مستواها يخلق هذا السلوك لدى المرأة، خاصة بعد ارتفاع الاسعار الذي حدث في الآونة الأخيرة الامر الذي دعا جميع الاسر للتفكير بالاقتصاد وأن هذا الأمر ضروري لأن الهدر في مجتمعاتنا زاد عن حده، والاقتصاد المنزلي معيب في منهجياتنا فيجب إدخال هذا المفهوم في وعي وثقافة المرأة، وعدم موافقة الزوجة على شراء كل ما يريد الأولاد لا يعتبر بخلاً بل نوعاً من التدبير والإرادة بحسب الامكانات المتوفرة فلا توجد امرأة تحب أن تحرم أولادها من شيء لأنها رمز العطاء.. وتنقلب الصورة مع أحمد فبخل زوجته يزيد من التوتر في المنزل موضحاً أنها ليست بخيلة على بيتها وأولادها غير أنها بخيلة على أهله وإخوته فدوماً تعارض عندما يريد مساعدتهم وتعتبر ذلك نوعاً من الإسراف وأن هذه الأموال أولاده وبيته أحق بها من إخوته. ‏

ويتابع: إنها تبذر على نفسها لأشياء كمالية ولكن يظهر بخلها جلياً حينما يدعو أهله للغداء فيشعر بالاحراج من نوعية وكمية وأسلوب الضيافة. ‏

‏ حول مفهوم البخل وأسبابه وانعكاساته التقينا د. صابر جيدوري الاستاذ في كلية التربية وعلم النفس، وأوضح أن مفهوم البخل هو سلوك اجتماعي غير مرغوب به يمارسه شخص على آخر قد يكون (الأب، الأم، أو المدير على موظفيه..) ولهذا السلوك انعكاسات سلبية كثيرة حيث تتأثر بهذا السلوك الزوجة والأطفال داخل الاسرة وعندما يمارس الزوج هذا السلوك فإنه يدفع الزوجة والاولاد لممارسة سلوكيات لا أخلاقية وغير منسجمة مع المجتمع الذي نعيش فيه وقد يدفع الأولاد للسرقة وأن تقدم الزوجة على عدم مصارحة الزوج بأشياء تتعلق بالانفاق. ‏

ويضيف: في مجتمعاتنا العربية ينظر إلى هذا السلوك نظرة سلبية كون الانسان العربي يتصف بالكرم. ‏

ورداً على سؤال فيما إذا كان البخل سلوكاً مكتسباً أم وراثياً يجيب: إنه مكتسب لأن الانسان يولد خيراً وفساده أو بخله يأتي من التربية الاسرية المتبوعة فيما بعد. ‏

أما الاسباب التي تدفع الإنسان الى أن يكون بخيلاً برأي د. جيدوري فهي تقليد الابن لوالده وانخفاض المستوى المادي للشخص إضافة للحرمان الذي عاشه في صغره، وقد يكون لأسباب تتصل بمشروعات اقتصادية (كشراء سيارة). ‏

ويؤكد د.جيدوري أن بخل المادة له انعكاسات عاطفية على الابناء والزوجة وأن عاطفة البخيل ضعيفة تجاه الآخرين ولاسيما تواصله معهم فهو لا يستطيع إقامة زيارات وعلاقات وفيما إذا كان هناك علاج لهذه الحالة يوضح أنه من الصعب تغيير السلوك في مراحل متقدمة إلا أنه من الممكن التعديل فالارشاد النفسي عمليه تتولاها جهات معينة كالشؤون الاجتماعية والمراكز الثقافية ووسائل الاعلام والجهات الدينية حول الاثار الاجتماعية لهذا السلوك وانعكاساته على الابناء والزوجة والأصدقاء. ‏

‏بين التقتير والتبذير شعرة يصعب الفصل بينهما لذلك فإن خير حكم في هذه المسألة قوله تعالى «ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط» ‏

والأهم أن نعتبر المال وسيلة وليس غاية. ‏

منال صافي

المصدر: تشرين

التعليقات

المثل السوداني السمعه ولا طول العمر البخل سلوك مكتسب وفقآ لاشياء تاريخيه اولادتها الظروف الحياتيه كما الكرم اولدته الظروف الحياتيه وجعلت منه سمه ايجابيه والعكس صحيح في سلوك البخل ووصفه في محطة الدونيه واللا اخلاقيه في الشرق الاوسط اما الحقيقه الغائبه ما هي الصورة المثلي الانسان ؟ دون المساس بالغير واحتمالية الظنون السلبيه والايجابيه فيها لانماط الناس الحياتيه الافضل في تحليل هذاء السلوك والوقوف علي نتائيج شبه إتزانيه هو حال المجتمع المعين وشكل التكيف والرفض للحاله

يقول المثل الشعبي : ( البخل غَلَب الموت ).

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...