الصرف الصحي سبب رئيسي في تلوث المياه السطحية والجوفية في سورية

09-10-2007

الصرف الصحي سبب رئيسي في تلوث المياه السطحية والجوفية في سورية

لم يقتصر التلوث الذي يصيب البيئة على الهواء فقط، بل تعداه إلى المياه والتربة وأشياء أخرى.. لقد أثبتت نتائج حملات المراقبة التي تقوم بها وزارات الصحة والاسكان والري ومخابر وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي تلوث المياه السطحية والجوفية بمياه الصرف الصحي والصناعة والمنزلية في كثير من المناطق.. فبردى تجاوزت الأمونيا والـ (بي. او. دي) لمعايير مياه الأنهار في أغلب المراصد وفي حوالي 80٪ من العينات، وخاصة في الجزء الأسفل من النهر وفي أشهر التحاريق.. أما الينابيع والمياه الجوفية في حوض بردى فهي ملوثة جرثومياً بسبب تلوثها بمياه الصرف الصحي وتتجاوز تراكيز النترات في بعض الآبار في غوطة دمشق الحدود المسموح بها لمياه الشرب، كما ان التراكيز مرتفعة جداً من الكروم الثلاثي، فقد وصلت إلى 10 ملغ في الليتر في نهر الداعياني وإلى حدود 10 أضعاف القيمة المسموح بها في الآبار في منطقة الزبلطاني..
 وفي نهر العاصي تجاوزت قيم الأمونيا والجزيئات المعلقة والـ (بي. او. دي) لأغلب العينات المقطوفة الحدود والمعايير لمواصفات مياه الأنهار في الجزء الأسفل من النهر، بينما تعتبر المياه جيدة في أعلى النهر.. وفي نهر الساجور بالقرب من حلب، فإن نوعية المياه سيئة جداً وتتجاوز تراكيز النترات والأمونيا، والمعايير السورية تتجاوز تراكيز (بي. او. دي) والأمونيا والنترات المعايير المعتمدة لمياه الأنهار في أغلب المراصد ومعظم أوقات السنة، بسبب صرف مياه المجاري والمياه الصناعية إلى مجرى النهر دون معالجة.. وبالنسبة للمياه الجوفية في المنطقة الساحلية، فقد بينت نتائج التحاليل لبعض الآبار السطحية المستخدمة كمصدر لمياه الشرب وجود تراكيز عالية من النترات والأمونيا بسبب التلوث بمياه الصرف الصحي واستخدام الأسمدة، كما ترتفع الملوحة في مياه بعض الآبار في منطقة دمسرخو نتيجة تداخل مياه البحر مع المياه العذبة.
وتعتبر مياه الصرف الصحي المنزلي السبب الرئيس للتلوث في القرى والأرياف.. هذا وقد باشرت معظم المدن السورية في إنشاء أنظمة فعالة لتجميع ونقل مياه الصرف الصحي، كما ان البدء بتشغيل بعض محطات المعالجة في دمشق وحلب وحمص والسلمية قد خفف من التلوث الجرثومي والكيميائي للمياه السطحية والجوفية في تلك المناطق.. وهنا لا بد من الإشارة إلى ان تلوث المياه وشدته تزداد مع ازدياد عدد سكان المناطق الحضرية وزيادة النشاطات الزراعية والصناعية، بالإضافة إلى ذلك تعتبر زيادة الملوحة في المياه الجوفية بسبب تسرب المياه المالحة الموجودة في المخزون الجوفي العميق إلى المياه الجوفية او بسبب تسرب مياه البحر المالحة إلى المياه الجوفية في المناطق الساحلية أحد مظاهر التلوث، ويعزى جزء من هذه المشاكل إلى استنزاف موارد المياه الجوفية.

يوجد عدد من المشاكل المتعلقة بنوعية المياه في جميع الأحواض المائية في سورية، وتشمل:
- تعرض السكان الذين لا تتوفر لهم امدادات مياه الشرب النظيفة إلى عوامل ممرضة تنتقل عن طريق المياه.
- انتشار الأمراض نتيجة لاستخدام المياه العادمة بشكل غير نظامي في سقاية المزروعات.
- تدهور النظم البيئية المائية بسبب تلوث مياه الأنهار، مما ينتج عنه روائح كريهة، وهذا ينقص من القيمة الاقتصادية والترفيهية للأنهار والمناطق المحيطة بها.
لم يتم التحري عن الآثار الصحية الناجمة عن تلوث المياه بشكل منهجي، وعلى الرغم من ذلك، تتوفر أدلة كافية تشير إلى حدوث أضرار صحية هامة تنتج عن تلوث المياه، حيث تم الابلاغ عما يلي:
- 900.000 حالة من الأمراض المنتقلة عن طريق المياه في عام 1996، وعلى الرغم من ذلك، هناك احتمال كبير لعدم وجود ابلاغ كاف عن عدد الحالات الحقيقي.
- وجود معدلات عالية من حالات الاسهال الوليدي، وتصل معدلات الوفيات ضمن الأطفال إلى حوالي 10٪ في بعض المناطق العشوائية غير المخدمة بشبكات مياه الشرب.

تبذل وزارة الاسكان والمرافق إضافة إلى المدن والبلديات جهوداً كبيرة لإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في كافة التجمعات السكانية، وقد تم تشغيل محطات المعالجة في عدد من المدن.. وتعد محطتا المعالجة في دمشق وحلب من أكبر محطات معالجة مياه الصرف الصحي في سورية.
 ويتم حالياً توسيع شبكات الصرف الصحي وصيانتها في المدن الصغيرة والمناطق الريفية، وإنشاء محطات معالجة صغيرة نموذجية قليلة التكاليف تصلح لتجمعات سكانية يتراوح تعداد سكانها من 1000 إلى 10.000 نسمة، أما بالنسبة للتجمعات السكانية دون 1000 نسمة، فيتم حالياً استخدام خزانات التخمير دون الحاجة إلى شبكات الصرف الصحي الكاملة.
تقوم شركات الصرف الصحي والجهات المعنية بتطبيق إجراءات صارمة للتحكم بمياه الصرف الصناعي التي يتم صرفها إلى المجرور العام لفصل موادها الخطرة عن مياه الصرف الصحي، وقد تم اعداد المواصفة القياسية للمياه المسموح صرفها إلى شبكة المجاري العامة تحت عنوان: «المخلفات السائلة الناتجة عن النشاطات الاقتصادية المنتهية إلى شبكة الصرف العامة».

تبلغ مساحة سورية 18.517.971 هكتاراً، وتتألف من:
- 5.905.323 هكتار من الأراضي الزراعية.
- 8.424.682 هكتار من المراعي.
- 461.871 هكتار غابات.
- 3.709.751 هكتار من الأراضي الصخرية غير الصالحة للزراعة.
ويعتبر 20٪ من المساحة الاجمالية أراض غير قابلة للزراعة، بينما تعتبر ثلث مساحة الأرض الاجمالية صالحة للزراعة.. ورغم ان الأراضي الزراعية هامة لتحقيق السياسة الوطنية في الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي، فإن الاستخدام والإدارة غير المستدامة للأراضي أديا إلى تدهور نوعية التربة في عدة مناطق.. وتقدر مساحة الأراضي التي تعاني من نوع ما من التدهور لعام 1996 بـ 3165 ألف هكتار اي 18٪ من كامل مساحة سورية، بينما تقدر مساحة الأراضي ذات الترب المتدهورة لعام 1998 بـ 3176 ألف هكتار، وتقدر وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي ان درجة التدهور الشديدة بلغت للتعرية الريحية 60٪ وللتعرية المائية 80٪، على الترتيب، في عام 1996، بالاضافة الى ذلك، وعلى الرغم من عدم سماح الانظمة بإقامة المشاريع الصناعية والسكنية، فقد تم البناء على مساحة لابأس بها من هذه الاراضي سواء أكان ذلك مرخصاً او بطريقة غير نظامية ونتيجة لذلك، تلوثت المناطق الزراعية على حدود المدن الصناعية بالمخلفات الصناعية والانبعاثات الغازية (كغبار الاسمنت)، كما ان المناطق القريبة من مصافي النفط (في حمص وبانياس) وبعض المناطق الخضراء المحيطة بدمشق اصبحت ملوثة بشكل كبير، وعلى الرغم من ان مساحة الاراضي الملوثة قليلة نسبياً إلا ان اصلاح الضرر الناتج مكلف.
نستعرض فيما يلي باختصار الآثار الرئيسية للتلوث الحاصل:
* تلوث التربة: يعتبر تلوث التربة من الاراضي الزراعية احدى المشاكل البيئية الرئيسية، وعلى الرغم من انه لا توجد معلومات وطنية منهجية لتدعم هذه الملاحظة، الا انه تم تحديد بعض مناطق التلوث الرئيسية والتي تشمل:
- المناطق المحيطة بدمشق: تؤدي التربة الملوثة بمخلفات معامل صهر الرصاص والمعامل الاخرى (منطقة الدباغات) الى تلوث المزروعات المستخدمة كغذاء، حيث تم كشف تراكيز عالية من الرصاص والكادميوم والكروم والزرنيخ في المزروعات.
- المناطق المحيطة بحمص: يعتبر تلوث التربة الناجم عن مخلفات الصناعات الكيميائية (خاصة معامل السماد الفوسفاتي ) مشكلة كبيرة لأنه يحدث في منطقة حساسة بيئياً، حيث تؤدي نفوذية التربة الى امكانية تسرب الملوثات الى المخزون الجوفي قليل العمق والمستخدم كمصدر لمياه الشرب .
 - المناطق القريبة من حلب: اظهرت نتائج التحاليل التي اجريت على الخضراوات التي تسقى بمياه نهر قويق الملوثة وجود تراكيز عالية من الزرنيخ تتجاوز الحدود المسموح بها .
* التعرية: تعد التعرية الريحية مسؤولة عن حوالي 50٪ من حالات تدهور التربة، ويؤدي ازالة الغطاء النباتي السطحي والرعي الجائر الى حدوث مثل هذا النوع من التعرية، وتشمل الاسباب ما يلي:
 - التوسع في الزراعات.
 - الاستغلال الزائد للغابات.
- الرعي الجائر الناجم عن زيادة اعداد قطعان الماشية.
 وتكون التعرية الريحية شديدة في المناطق ذات التربة الخفيفة في شرقي سورية، حيث يعتبر تطاير الرمال والتركيز المرتفع للجزيئات المعلقة مشكلة كبيرة، وقد ادت الرمال المتحركة الى انخفاض نسبة الانتاج في الاراضي المروية في وادي الفرات، حيث أثرت على ما يقارب من 2000 كم2 من هذه الاراضي، كما قدرت كمية التربة المفقودة نتيجة التعرية المائية في جبال المنطقة الساحلية التي تصل ميول منحدراتها الى 12٪ الى حوالي 20طناً/ هكتار/ العام .
* تملح التربة: يعتبر تراكم الاملاح في الاراضي المروية مشكلة بيئية وخاصة بحوض الفرات .
* تدهور الاراضي الرعوية الطبيعية: ان اهم اسباب نمو انواع نباتية اقل فائدة واقل قيمة من الغطاء النباتي الطبيعي الذي كان يوفر مرعى جيداً لقطعان الماشية ما يلي:
 - الادارة غير السليمة للمراعي.
 - الرعي الجائر.
- التعدي بالفلاحة على أراضي المراعي.
- الاعداد الكبيرة لقطعان الماشية.
- العوامل التاريخية والاجتماعية المؤدية الى تغيير للطريقة البدوية في الحياة.
- تغير نمط الحياة الاجتماعية لدى بعض سكان المناطق الرعوية.
غالباً ما تكمن اسباب تدهور الاراضي في الاستخدام غير الصحيح لأساليب الزراعة، والى الافتقار الى التكامل بين تخطيط استعمالات الاراضي وبين التخطيط لعملية التنمية، تنتج هذه الاسباب عن عدد من العوامل تشمل ما يلي:
نظام ملكية الارض: ادى التغير في نظام الملكية وقواعد الميراث الى تناقص كبير في مساحة الحيازات وتبعثرها، فقد تراجعت مساحة حيازة الأرض الى حوالي 10 هكتارات موزعة في 4.5 عقارات من الارض، كما تعد 33٪ من الحيازات اقل من 2 هكتار وموزعة في 3.1 عقارات منفصلة من الارض، تؤدي الحيازات الصغيرة الى مشاكل معينة مثل:
 - مردود اقتصادي اقل في وحدة المساحة مما يدفع الفلاحين الى الاستغلال الجائر لأراضيهم.
 -صعوبة اكبر في تطوير انظمة ري وصرف صحيحة ومعقولة.
 -صعوبة اكبر في تطوير أساليب زراعية ممكننة فعالة.
 هذا وقد تبنت الحكومة سياسة زيادة الانتاج بالتوسع في مشاريع الري، حيث تشكل المناطق المروية 20٪ من الاراضي الزراعية فقط، ولكنها تمثل اكثر من 50٪ من الانتاج الاجمالي، وبالرغم من ان الحكومة تقوم ببناء السدود وتوفير دعم مادي لمساعدة المزارعين على التوسع في المساحات المروية الا ان بعض الممارسات الخاطئة قد تؤدي الى مشاكل مثل التملح.

محمود شبلي

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...