الطاقة الإيجابية في السياسة

09-09-2014

الطاقة الإيجابية في السياسة

الجمل ـ عمار سليمان علي: الطاقة الإيجابية هي طاقة شعورية داخلية تمنح المرء قدرة على مواجهة الحياة ومصاعبها, وربما يصدّر منها للآخرين عندما تفيض عن حاجته ويكون راغباً في ذلك, مع ملاحظة أن بعض النفوس لا تتقبّل الطاقة الإيجابية من الآخرين مهما كانوا أسخياء معها. هذا ولا علاقة للطاقة الإيجابية ـ كما أفهمها على الأقل ـ بالإمكانات المادية أو بالقدرات الجسدية والعضلية أو حتى بالمناعة العضوية, فهي تتعلق بالنفس لا بالجسد, وبالروح لا بالمادة!
لعل كل ما سبق معروف ومكرر ومستهلك, لكن السؤال الجديد الذي يشغلني منذ فترة: هل يمكن للمرء تجميد الطاقة الإيجابية الفائضة لديه بوضعها في ثلاجته الداخلية لكي يستخدمها في يوم آخر يحتاجها فيه؟ ومن جهة أخرى: هل يمكن لشخص ما أو لقوة ما أن تجمّد الطاقة الإيجابية لشخص ما بحيث تمنعه من استخدامها تماماً كما تجمّد الأرصدة في البنوك ويُمنع صاحبها من التصرف بها؟
إذا كان الجواب على السؤالين: نعم, وأظنه كذلك, فما علاقة ذلك بالسياسة المقحمة إقحاماً في العنوان, وفي موضوع لا يخيّل لنا أن لها علاقة به, وهي التي يوحي اسمها أنها كلها طاقة سلبية ولا إيجابية فيها, ليس بسبب طبيعتها الذاتية بل بسبب الانطباع الذي تخلّفه ممارسات وتصرفات معظم من يشتغلون بالسياسة في جميع أصقاع الأرض وإن بدرجات وتنويعات مختلفة... دون أن يخلو الأمر من استثناءات طبعاً!
فلو طبقنا السؤالين السابقين الخاصين بتجميد الطاقة الإيجابية على السياسة لوجدنا فيما يخص السؤال الأول مثلاً أن لدى سوريا في ثلاجتها الداخلية فائضاً مجمّداً من الطاقة الإيجابية التي تراكمت على مدى نيف وأربعين عاماً في ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد والعقد الأول من حكم الرئيس بشار الأسد, وهذا الفائض الهائل يُعاد اليوم تسييله واستخدامه منذ بدء هذه الأزمة الخطيرة التي تشبه ثقباً أسود قادراً على التهام أية كمية تصله من الطاقة الإيجابية مهما عظمت, وإخفائها عن الوجود, ولو لم يكن لدى سوريا ـ وما يزال ـ ذلك المخزون الهائل من تلك الطاقة الإيجابية المجمّدة لوقت الحاجة لما استطاعت شعباً وجيشاً الصمود في وجه أعتى وأقسى وأخبث عدوان بربري عرفته البشرية في تاريخها الطويل. وهي طاقة تكفي السوريين وتشعّ على العرب أيضاً, وفقط النفوس التي لا تتقبّل الطاقة الإيجابية هي التي انكسرت ويئست خلال هذه الأزمة وفقدت تفاؤلها وأملها وثقتها بالنصر والخلاص من براثن الإرهاب الصهيوني الوهابي الوالغ في دماء السوريين!
أما فيما يخص السؤال الثاني فلننظر إلى مصر التي كانت لديها طاقة إيجابية هائلة أيام حكم الراحل جمال عبد الناصر, لكن أمريكا بصفتها قوة عظمى قامت بأساليب ملتوية بتجميد الرصيد المصري من الطاقة الإيجابية في أيام السادات واستمرت في ذلك حتى اليوم, مانعة مصر والمصريين من التصرف بذلك الرصيد المجمّد الهائل الذي يمكن له ـ لو تم تسييله والإفراج عنه ـ أن يشعّ طاقة إيجابية على كل الوطن العربي وما حوله, وهذا ينتظر قائداً بحجم ووزن جمال عبد الناصر لكي يقوم به, ومما يؤسف له أن تنجح إيران في فك التجميد عن أرصدتها المالية التي جمّدها الأمريكان في بنوكهم وبنوك غيرهم قبل عقود ولا نرى محاولة مصرية واحدة لفك التجميد عن الطاقة الإيجابية الموروثة عن عبد الناصر إلا بالكلام الرمادي المنمّق الذي لا يسمن ولا يغني من جوع!
يبدو أن جوهر المؤامرة المستمرة على العرب منذ عقود أو أحد أجزائها الجوهرية هو تجميد الطاقة الإيجابية في مصر واستنزافها في سوريا كما يجري حالياً.
وتبقى خلاصة الكلام والعلاج الناجع: عندما تجتمع الطاقة الإيجابية السورية والمصرية معاً ستكون حتماً قيامة العرب نحو الجنة, وستكون أيضاً قيامة أعدائهم نحو الجحيم!


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...