المدارس النقدية الغربية تصلح للتطبيق على الأدب العربي

19-03-2011

المدارس النقدية الغربية تصلح للتطبيق على الأدب العربي

أعرب الباحث المغربي محمد مفتاح، الفائز بجائزة الشيخالباحث المغربي محمد مفتاح الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب للعام الحالي زايد للكتاب للعام الحالي، عن قناعته بصلاحية المدارس النقدية الغربية للتطبيق على الأدب العربي، مشيراً إلى أن أسس البلاغة والمنطق مشتركة بين العرب والأوربيين، وأن العرب هم ورثة ما يستخدم في الغرب، وشدد على وجوب تأسيس النقد على افتراضات وتطبيقات وفكر وفلسفة وتوجه، وأعرب عن سعادته بجائزة الشيخ زايد التي ستتيح له الفرصة لمتابعة البحث في ميدان اختصاصه.

وخلال معرض أبو ظبي الدولي للكتاب الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية، شرح مفتاح أهم محطات مسيرته البحثية في الأدب ونقده ومصطلحاته ومفاهيمه وقال  "بدأت مسيرتي عام 1981 بعد صدور أول كتبي والذي حمل عنوان (في سيمياء الشعر القديم)، وهو دراسة نظرية وتطبيقية على قصيدة (مرثية الأندلس) لأبي البقاء الروندي، التي يتعرض فيها للحروب التي كانت بين المسيحيين حينئذ، وعدّد فيها المدن التي كانت تسقط بأيدي النصارى، فالقصيدة إذن استغاثة من المسلمين لإخوانهم لينصروهم"، وتابع "إذا أردنا أن نحقب المسيرة، فإنها تبدأ بالمرحلة الشعرية الجمالية ويدخل فيها هذا الكتاب، وكتاب (تحليل الخطاب إستراتيجية التناص)، ثم (دينامية النص نظرية وتطبيق)، أما المرحلة الثانية فيدخل فيها الاستئناس بما يسمى بالعلوم المعرفية ويعكسها كتاب (وجود البيان)، و(التلقي والتأويل)، وهي مرحلة تميل نحو استخراج الأنساق للثقافة والفكر، أما المرحلة الثالثة فتركز على المفاهيم ومن كتبها (المفاهيم معالي)، (التشابه والاختلاف)، و(مشكاة المفاهيم)، والمرحلة الأخيرة حين ابتدأت الاستعانة بعلم الموسيقى، ويمثلها كتب (الشعر وتناغم الكون)، (مفاهيم موسعة لنظرية شعرية) والذي فاز بجائزة الشيخ زايد هذا العام" حسب قوله

وحول صعوبة فهم الكتب النقدية قال "يجب التنبيه إلى أن القراءة المفهومية ليست هي الكتابة العادية، إنها كتابة تحتاج إلى معرفة اللغة التي هي مفاهيم، وليست لغة عادية، فكما أن الرياضيات لها مفاهيمها، والفيزياء لها مفاهيمها، والكيمياء والطب... النقد الأدبي له مفاهيمه، إذن إذا لم تفهم المفاهيم لا يمكن أن تفهم أي شيء، ولا يمكن فهم الكتب إلا بفهم المفاهيم الموظفة" وفق تأكيده

وعن صعوبة المصطلحات التي يستخدمها وكثرتها قال "تدعو إليها الضرورة"، وأوضح "إنني أعتمد على السيميائيات أو السيميولوجي، هي مزيج مركب، منهجية مركبة منذ نشأتها، فيها المنطلق، والرياضيات، علم النفس، الأنثربولوجيا، والمؤسسون لهذه المفاهيم سواء في أمريكا أو أوروبا، كانوا أحيانا يلجأون إلى نحت المصطلحات، فهناك مسألة المفاهيم إما أن نأخذها بمفهوم علمي ونوسع أو ننقص منها، ولا يمكن الأخذ بحرفيتها، فمثلاً عندما نأخذ كلمة (التحويل) نجدها في الرياضيات والبيولوجيا، الموسيقى، الأدب، وفي ميادين مختلفة، ويجب توظيفها وتكييفها مع الميدان الذي نعمل به، وإذا لم نقم بذلك فسيسقط المفهوم العلمي على النص الأدبي وهذا يؤدي إلى أخطاء" حسب قوله

وحول رؤيته للنقد الأدبي في العالم العربي قال "النقاد بمعنى الكلمة قد يعدون على الأصابع، لأن الناقد يجب أن يكون له بعض الإلمام بالمفاهيم العلمية واللسانية، والاكتفاء بمفاهيم الكتب القديمة وباللغة الطبيعية العادية ليس نقداً، النقد علم من العلوم مستقل بذاته، فالشاعر يقول قصيدته، والناقد يقول قوله، بحيث لا تكون القصيدة إلا مؤشراً، ويترك لك الحرية لبناء عالم خاص، يجب أن يكون مؤسساً على افتراضات وتطبيقات وفكر وفلسفة وتوجه، فالناقد الحقيقي لا يهتم بالنص الشعري لأجل النص الشعري، أو اللغة لأجل اللغة، وإنما يحمل وجهة نظر معينة" وفق رأيه

ورأى مفتاح أن المدارس النقدية الغربية تصلح للتطبيق على الأدب العربي، وقال "أولاً، البشر بشر أينما كانوا، ولا يمكن أن نقول أن هذا نقد غربي وذاك نقد عربي، لأن أسس البلاغة والمنطق مشتركة بيننا، نحن ورثة ما يستخدم هناك، لنا الحق في ذلك، لأن هذه الثقافة التي نتحدث عنها تنتمي إلى البابليين والآشوريين والمصريين والإغريق والروم، أي هذا المجال الذي نسميه في اختزال مجال البحر الأبيض المتوسط، وهذا يعني أنه لا فرق، تلك المفاهيم التي جمدت عندنا وجدت تربة خصبة هناك فطوّروها، فإذن يجب رفض العرقية، والإيمان بالكليات البشرية، والثقافة السائدة هي ثقافة المجال الذي نعيش فيه، ثقافة الإقليم الثالث والرابع والخامس، وخصوصاً الإقليم الرابع في الجغرافيا القديمة، يعني بلاد الشام والجزيرة العربية والقدس مركز العالم القديم، وهذه هي في الحقيقة الثقافة العالمية" حسب تعبيره.

وعن رؤيته لحركة الشعر العربي قال مفتاح الذي حاز على عدة جوائز أهمها (جائزة المغرب الكبرى للكتاب)، و(جائزة سلطان العويس) "الشاعر يقول كلمته، وعليّ أنا أن أتولى ذلك العمل، والتجأت إلى الموسيقى لأعالج النصوص التي يرفضها النقاد، ولا فرق عندي بين قصيدة نثر وقصيدة موزونة وقصيدة تفعيلة، الأساس فيها هو الموسيقى، وهذا ليس مجرد افتراض وإنما تثبته الدراسات التشريحية الدماغية القائمة على علم الأعصاب، هناك معطى ميتافيزيقي، حيث تقول بعض الأطروحات أن العالم هو قائم على الأعداد والنغم، طرح آخر يجعل الاتصال بين العالم العلوي والعالم السفلي يتم بالموسيقى" على حد وصفه

وأخيراً أعرب مفتاح عن سعادته لفوزه بجائزة الشيخ زايد التي تعتبر الأكبر على مستوى العالم العربي، والتي استلمها قبل أيام ضمن حفل خاص على هامش معرض أبو ظبي الدولي للكتاب أعرب وأشار إلى أنها "في غاية الأهمية، لأنها تتيح لي الفرصة لمتابعة الأبحاث في الميدان الذي عشت أعمل به، وهو ميدان جديد يستحق بذل جهود كبيرة لإنجاز أشياء ذات أهمية" حسب تعبيره

واستلم مفتاح جائزة الشيخ زائد ـ فرع الآداب عن كتاب (مفاهيم موسعة لنظرية شعرية: اللغة ـ الموسيقى ـ الحركة)، والذي اعتبرته الهيئة الاستشارية "دراسة موسوعية تجمع بين الوصف والتحليل والاستنباط، بمنهج علمي دقيق استند إلى مقومات العلوم الصحيحة والعلوم اللسانية وعلم النفس وعلم الموسيقى، ويصوغ نواة مركزية لنظرية مستقلة في الشعر ترتبط بتفسير الظواهر في الكون"، على حد وصفها

 

المصدر: وكالة آكي الإيطالية للأنباء

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...