المعتدلون العرب يخطفون جامعة الدولة العربية إلى الفراش الأمريكي

12-05-2008

المعتدلون العرب يخطفون جامعة الدولة العربية إلى الفراش الأمريكي

الجمل: بالأمس عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعهم الاستثنائي العاجل في القاهرة لمناقشة كيفية التصدي لمعالجة الأزمة اللبنانية. وتقول المعلومات بأن هذا الاجتماع أقر ضرورة إرسال لجنة وزارية عاجلة إلى لبنان.
* النزاع الأمريكي في الجامعة العربية:
لم تعد الجامعة العربية، بحسب المعطيات الجارية حالياً، ذلك الكيان المؤسسي القومي العربي الذي يجب أن يتصدى باستقلالية ومسؤولية لحل المشاكل العربية.
أبرز أسباب ضعف الجامعة يعود إلى تزايد تأثير ونفوذ تجمع المعتدلين العرب، وحالياً بسبب نفوذ وتأثير أجندة السياسة الأمريكية الخارجية على مصر والسعودية والأردن وبعض الأطراف العربية الأخرى، فقد أصبح من غير الممكن صدور قرار عربي لا ينسجم مع توجهات الإدارة الأمريكية.
مشكلة تبعية المعتدلين العرب لأمريكا لم تنحصر في سياساتهم الخارجية المستقلة وإنما انتقلت عدواها إلى العمل العربي المشترك كذلك، وليست محاولة المعتدلين العرب التي هدفت إلى إفشال انعقاد قمة دمشق وإعاقة صدور إعلانها سوى مثال يشير إلى مدى خطورة قيام المعتدلين العرب بدور الذراع الأمريكي داخل الجامعة العربية.
* الأزمة اللبنانية كشفت أزمة الجامعة:
الحوار والنقاش الذي دار في اجتماع وزراء الخارجية العرب تطرق إلى أجندة تسبب في تزايد الخلافات بين اللبنانيين أكثر مما تحلها، وقد بدا واضحاً أن المعتدلين العرب كانوا يسعون باتجاه أن تكون توصيات المؤتمر إزاء أزمة 9 أيار في لبنان متطابقة مع مضمون تصريحات البيت الأبيض الأمريكي فقد أدان اللبنانيون قوى 14 آذار وأدانت أمريكا وإسرائيل حزب الله وعلى هذه الخلفية فبرغم خجل المعتدلين العرب من مغبة التمادي في تأييد قوى 14 آذار التي تخلى عنها حتى أنصارها في الشارع اللبناني، وبدلاً من ذلك، حاول المعتدلون العرب إنقاذ ماء وجههم من وحل قوى 14 آذار بما يؤدي إلى:
• التأكيد لأمريكا وإسرائيل بأن المعتدلين العرب ما زالوا أقوياء في الساحة العربية ويستطيعون المضي قدماً في تنفيذ أجندة التبعية الأمريكية.
• التأكيد لأصدقائهم من زعماء قوى 14 آذار بأنهم قادمون لدعمهم وأن عليهم التريث وعدم إكمال إجراءات الاستسلام للجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية.
بادر المعتدلون العرب إلى محاولة استخدام الجامعة العربية لتقوم بدور "حصان طروادة" الذي يحملهم إلى الساحة اللبنانية، وذلك من أجل القضاء على توازن القوى الجديد وإعادة الأوضاع إلى ما قبل يوم 9 أيار. مصيبة المعتدلين العرب تتمثل في أنهم أصبحوا أكثر إدراكاً إلى أن دورهم قد اقترب:
• يقوم المعتدلون العرب بنفس الدور الذي كانت تقوم به قوى 14 آذار.
• تقوم أمريكا وإسرائيل بدعم المعتدلين العرب بنفس الطريقة التي كانتا تقومان بها بدعم قوى 14 آذار.
• الرأي العام في بلدان المعتدلين العرب ناقم وساخط، من جراء تبعيتهم لأمريكا بنفس الطريقة التي كان فيها الرأي العام اللبناني ساخطاً وناقماً على تبعية قوى 14 آذار لأمريكا.
• وبالنتيجة على غرار المثل القائل «أُكلتُ يومَ أُكلَ الثور الأبيض»، فإن مصير زعماء المعتدلين العرب هو بالضرورة مصير قوى 14 آذار ولن يمنع وقوع هذا المصير سوى قيام المعتدلين العرب بتصحيح المسار.
* هل أصبحت للجامعة العربية أجندة غير معلنة؟
كشف اجتماع القاهرة الخط الواهي بين المعلن وغير المعلن وبكل وضوح نتساءل: ما هو هدف الجامعة العربية الحقيقي؟ هل هو حل الأزمة اللبنانية؟ وبالتأكيد ستكون الإجابة وبالإجماع «نعم»، ولكن بأي طريقة؟ وفي الإجابة على هذا السؤال نربط الفرس كما يقولون، هل بوضع العربة أمام الحصان أم بوضع الحصان أمام العربة؟ بكلمات أخرى نقول: يريد المعتدلون العرب التدخل في لبنان على وجه السرعة من أجل:
• منع الانهيار السياسي لقوى 14 آذار.
• التقليل من أهمية السند الشعبي اللبناني لانتصار المقاومة والجيش اللبناني.
• الحفاظ على ما تبقى بأيدي قوى 14 آذار من الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية ضماناً لعدم مصادرتها من قبل الجيش.
• التمهيد لإرسال قوات عربية تتكون في معظمها من قوات المعتدلين العرب لحماية حكومة السنيورة المرتبطة بأمريكا والشروع بعد ذلك في تنفيذ الواجبات والمهام التي لم تستطع قوات اليونيفيل القيام بها، وهي المهام التي لم تنجح القوات الإسرائيلية بتنفيذها بسبب هزيمتها على يد حزب الله والمقاومة في حرب صيف العام 2006م.
فهل سينجح المعتدلون العرب في إلغاء استقلال الجامعة العربية؟ وهل سينجحون في إرسال قواتهم إلى لبنان؟ وهل سينجحون في نزع سلاح المقاومة وتمشيط الحدود السورية – اللبنانية وحماية السيادة اللبنانية ومنع سوريا من التدخل في الشأن اللبناني وغير ذلك من المطالب والمزاعم الأمريكية – الإسرائيلي والتي ما إن تأتي قوات المعتدلين العرب إلى لبنان حتى تبدأ أمريكا وإسرائيل بعرض جملة جديدة من المطالب التي لا تنتهي عليها.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...