سوق الأعضاءالبشرية..المشترون أغنياءخليجيون والبائعون مصريون وأفارقة

05-03-2008

سوق الأعضاءالبشرية..المشترون أغنياءخليجيون والبائعون مصريون وأفارقة

أفاقت السيدة المصرية وردة البنا من غيبوبة لتكتشف أن كليتها قد نزعت منها، ولتجد نفسها مضطرة لمقاضاة زوجها بتهمة سرقة كليتها وبيعها في السوق السوداء بمبلغ 2700 دولار فقط (الدولار = 5.4 جنيهات مصرية)، وقالت السيدة المصرية في دعواها التي تداولتها وسائل إلإعلام مطلع هذا العام 2008 "إن زوجها إصطحبها لزيارة أقاربهما، وقبل الزيارة أعطاها مشروبا من عصير البرتقال فقدت عقب شربه وخلال الطريق وعيها، وبعد أن عادت إلى الوعي وجدت نفسها في إحدى المستشفيات الخاصة في حي مصر الجديدة في القاهرة، وحين سألت زوجها عن سر وجودها في المستشفى أخبرها أنهما تعرضا لحادث سير، ولكن بعد فترة بدأت تشعر بمتاعب صحية دفعتها للفحص الطبي؛ حيث كشفت التحاليل والاختبارات أنها فقدت إحدى كليتيها.

حال السيدة وردة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فعبد الحميد عبد الحميد (29 عاما) وأحمد إبراهيم (43 عاما) وأشرف زكريا (30 عاما)، فقد كل منهم كلية خلال بحثهم عن وظيفة، وقال هؤلاء الشباب لصحيفة "المصري اليوم" المستقلة مؤخرا "إن وسيطا وعدهم بوظائف في الخليج شرط أن يخضعوا إلى فحص طبي، لكن الطبيب "اكتشف" أنهم يعانون من مرض في الكلية يتطلب عملية جراحية عاجلة، وفي الصباح استفاق كل منهم وقد فقد كلية، واختفى الوسيط بينما اضطر الضحايا للصمت خوفا من عمل انتقامي".

وبعد أيام ضبطت وزارة الصحة مصريا بالجرم المشهود؛ كان يريد بيع كلية لسعودي لقاء 3500 دولار، وكان يفترض أن يحصل المستشفى الذي أجرى العملية في القاهرة على مبلغ مماثل.

وإذا كانت أغلب الحالات التي فقدت أعضائها سواء برضاها أم رغما عنها في سوق تجارة الأعضاء البشرية المزدهر في مصر قد صمتت خشية الفضيحة، فإن بعض المنازعات وصلت فعلا إلى القضاء، كما جسدتها السينما المصرية في فيلم "الحقونا" بطولة الفنان نور الشريف.

- ومع طرح مشروع قانون يبيح نقل الأعضاء للنقاش أمام البرلمان المصري حاليا تصاعد الخلاف بين مؤيد ومعارض للقانون؛ حيث يرى المتحمسون للقانون أنه يسد باب تجارة الأعضاء في السوق السوداء، بينما يرى معارضوه أنه يمنح هذه التجارة السوداء غطاء قانونيا، وقد أجازت اللجنة الصحية مشروع القانون -على خلاف بين أعضائها-، ومن ثم انتقل إلى اللجنة التشريعية، وسينتقل إلى المناقشة العامة في المجلس قبل أن يصبح قانونا نافذا ربما قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية، كما يتوقع نقيب الأطباء ورئيس اللجنة الصحية في المجلس د. حمدي السيد.

ومع تصاعد الجدل الديني والقانوني والطبي حول القانون والذي عرقل إقراره على مدى السنوات الماضية، يواصل سوق تجارة الأعضاء في مصر وهو سوق مجرم قانونا نشاطه بقوة مستغلا حال الفقر التي يعانيها بعض المصريين وكثير من الأفارقة الذين يقيمون أو يعملون في مصر، ومع تطور هذه التجارة المحرمة ظهر لها وسطاء وسماسرة يتولون توريد "المتبرعين" للمرضى المحتاجين والذين يتنوعون بين المصريين أو أغنياء الخليج، كما ظهر نوع من الأطباء عديمي الضمير الذين أغرتهم الأموال وجعلتهم يحنثون بقسم الطبيب، و غالبا ما يتم عقد الصفقات بين البائعين والمشترين على بعض المقاهي الشعبية في حي السيدة زينب أو الحسين أو في بعض فنادق الدرجة الثالثة في منطقة العتبة وسط القاهرة. 
 وتتبوأ مصر المرتبة الثالثة عالميا في تجارة الأعضاء البشرية عالميا بعد الصين وباكستان، وتسبق في ترتيبها دولا مثل الفلبين وكولومبيا، ويتراوح متوسط سعر الكلية بين 30-80 ألف جنيه مصري وسعر فص الكبد 70 -100 ألف جنيه، والبنكرياس 40 ألف جنيه، وحسب نقيب الأطباء في محافظة بورسعيد النائب د. أكرم الشاعر فإن المريض قد لا يحصل على نصف أو ثلث القيمة المتفق عليها بينما يذهب الثلثان لبقية المافيا، سواء من سماسرة أم أطباء أم معامل تحليل، مشيرا إلى أن الفقر هو الذي يدفع الناس لبيع أجسادهم.

وحسب موقع الحزب الوطني الحاكم في مصر يصل طابور الانتظار بين مرضى الفشل الكبدي وحدهم إلى ما يقرب من 30 ألف، ويشير الموقع إلى أن الإحصاءات الرسمية تكشف وجود ما يقرب من 12% من المصريين مصابون إما بفيروس "سي" أو "بي"، ربعهم على الأقل سوف يقفون في طابور انتظار زرع الكبد خلال السنوات المقبلة، يضاف إلى ذلك نحو 62 ألف مصرى يعانون من الفشل الكلوى ويترددون بصفة مستمرة على مراكز الغسيل الكلوى، منهم ما يقرب من 28 ألف مريض أصبحوا في أشد الحاجة إلى زرع كلى، ناهيك عن عشرات الآلاف من مرضى القلب، المنتظرون على أمل صدور القانون.
  المعارضون لمشروع القانون المعروض على مجلس الشعب حاليا يرون أنه سيقنن أمرا واقعا لتجارة الأعضاء، ويقول د. أكرم الشاعر "إن 10% فقط من العمليات التي تجري حاليا تجري بصورة شرعية أي يتم التبرع من أهالي المرضى بينما 90 % من الحالات هي حالات اتجار في السوق السوداء"، مشيرا إلى أن القانون الحالي الذي يتعامل مع عملية نقل الأعضاء هو قانون نقابة الأطباء؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن وجود 1000 عملية نقل كلى سنويا، وأن ما يحصل على موافقة النقابة هو 10% فقط من هذه العمليات، بينما يتم الباقي خارج إطار القانون، إضافة إلى حوالي 2000 عملية لمصريين تجرى خارج مصر.

وطالب الشاعر المتخصص أيضا في جراحات الكبد والجهاز الهضمي بقصر إجراء عمليات نقل الأعضاء على المستشفيات الحكومية، والاتفاق أولا على تعريف الموت في القانون، ومنح القانون فترة اختبارية لمدة 5 أو 10 سنوات، يعاد النظر فيه بعدها على ضوء خبرة الواقع.

وعلى الرغم من استمرار المعارضة لمشروع القانون بحجة أنه قد يكون أداة لإعدام الفقراء بنزع أعضائهم دون التأكد من وفاتهم وفاة كاملة لصالح الأغنياء، فإن التوقعات تشير إلى أن المشروع سيخرج إلى النور قبل نهاية الدورة الحالية لمجلس الشعب؛ حيث يتمتع الحزب الوطني بأغلبية تمكنه من تمرير القانون، ويرى رئيس اللجنة الصحية بالمجلس ونقيب الأطباء المصريين د. حمدي السيد أن القانون ضرورة عاجلة لإنقاذ حياة آلاف المصريين الذين يحتاجون إلى زرع كبد أو كلى؛ حيث لجأ حوالي 220 مصريا إلى الصين لزرع كبد، ودفعوا في المتوسط 100 ألف دولار لكل مريض، ولجأ آخرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تتكلف العملية حوالى مليون جنية مصري، مشيرا إلى أن عدم وجود قانون هو الذي سهل الاتجار بالأعضاء .
 وقال رئيس اللجنة الصحية "إن القانون هو الذي سيقضي على سوق الاتجار بالأعضاء بما تضمنه من عقوبات رادعة لمن يفعل ذلك تصل إلى السجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة أو الغرامة نصف مليون جنيه، وكذا بما استحدثه المشروع من ضوابط تمنع أن تكون مصر سوقا لهذه التجارة غير الأخلاقية.

وأضاف د. حمدي السيد أن المشروع الجديد يشمل النقل بين الأحياء والنقل من الأموات للأحياء بشروط محددة، كما أنه أنشأ هيئة قومية تضم عددا من كبار الأطباء والقانونيين وعلماء الشريعة وممثلي المجتمع تتولى الإشراف على جميع عمليات جراحة الأعضاء في مصر، ومن يقوم بهذه الجراحات والأماكن التي يصرح لها بذلك، وتحديد قوائم المحتاجين، وهي التي تقبل التبرع من الأحياء والأموات وهي التي توزع هذه التبرعات.

مشروع القانون المعروض الآن على مجلس الشعب يضم 19 مادة، كلها تنتهى إلى حظر نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوى وللحفاظ على حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم، وبشرط ألا يترتب على النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته، حتى ولو كان التبرع بإرادته، فحسب المشروع الذي نقله موقع الحزب الحاكم لا يجوز أن يتم نقل الأعضاء إلا إذا كان المتبرع كامل الأهلية وبرضاء كامل منه، كما يجوز له العدول عن موافقتة في أي وقت قبل البدء في إجراء عملية النقل، كما يشترط المشروع أن تكون الموافقة كتابية، ويحظر التعامل مع أي عضو على أساس البيع والشراء، كما يحظر على أي طبيب إجراء جراحة لنقل العضو لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له، كما لا يجوز إجراء عملية النقل في غير المستشفيات والمراكز الحكومية، وإنشاء وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية تتولى عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة، وفي كل الأحوال لا يجوز نقل الأعضاء إلا من مصريين إلى مصريين، أو إلى أجانب في حال واحدة هي أن يكون المنقول له قريب للمتبرع المصرى حتى الدرجة الثانية على الأكثر، كما أجاز النقل من ميت إلى حي بشروط أولها أن يكون المتوفى أوصى بالتبرع قبل وفاته كتابة أو بشهادة اثنين من أقاربة بعد وفاته وأن يكون التبرع دون مقابل.

أما العقوبات التي تضمنها المشروع للمخالفين فقد تراوحت بين الحبس الذي لا يجاوز عشر سنوات والغرامه ما بين 10000 آلاف و50000 ألف جنية، ويجوز للمحكمة أن تقضي بالحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، ومصادرة الأدوات المستعملة وغلق المؤسسة التي ارتكبت فيها المخالفة مدة لا تجاوز سنة.

قطب العربي

المصدر: العربية نت

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...