شبكات واي فاي تهدد الخليوي وتبشر بـ أنترنت مجاني

09-09-2007

شبكات واي فاي تهدد الخليوي وتبشر بـ أنترنت مجاني

يتوقع أن يلحق التقدم الهائل في تكنولوجيا شبكات الاتصال اللاسلكي مع الانترنت «واي–فاي» Wi-Fiو»واي–ماكس» Wi-Mx وغيرها من تكنولوجيا الإتصالات المفتوحة، ضرراً كبيراً بشبكات الهاتف المحمول التي تعاني محدودية امكاناتها وارتفاع أسعار خدماتها.

والسبب في ذلك أن الهواتف بإمكانها أن تستخدم شبكات اللاسلكي للاتصال بالانترنت، ثم تستخدم تلك الشبكة كأسلوب للاتصالات أيضاً. فبفضل تقنيتي «واي–فاي» و «واي–ماكس» زاد عدد «النقاط الساخنة» أي تلك التي تؤمن اتصالاً مباشراً مع الشبكة العنكبوتية، وشبكات اللاسلكي الأهلية، وتلك المملوكة للحكومات المحلية في كثير من الدول والمناطق والمُدن. والنتيجة البديهية لتلك الأمور هي زيادة المنافسة بين شركات المحمول من جهة، وبين هذه الشركات ومقدمي خدمتي «واي–فاي» و»واي–ماكس» من الجهة الأخرى. والأرجح أن تضطر شركات المحمول إلى تغيير استراتيجياتها وتقليل أسعار خدماتها في شكل كبير، ما يقلّل عائداتها وأرباحها. لذا، من المتوقع ان تُغيّر هواتف «واي-فاي»، أي الأجهزة التي تستخدم تلك التقنية للدخول الى الانترنت واستعمالها كشبكة اتصالات مباشرة، من طبيعة صناعة الاتصالات والخدمات الهاتفية المقدمة للمستهلكين خلال السنوات المقبلة.

وبفضل التقنيات الرقمية اللاسلكية، أصبح في مقدور الأفراد الحصول على جهاز يجمع بين الهاتف المنزلي والجوّال والإنترنت اللاسلكي الفائق السرعة وبأسعار معقولة جداً. كما أصبح في إمكان الشركات أن تبني شبكة «واي - فاي» خاصة بها، يشارك فيها جميع موظفي الشركة ما يقلّل فاتورة الاتصالات بصورة كبيرة. وقد ظهرت هذه الهواتف بأنواع مختلفة في الآونة الاخيرة، وكذلك بدا أن بعضها مرتبط بخدمات شركة «سكايب» Skype عملاق الاتصالات الهاتفية المجانية على الانترنت.

ومن المعلوم أن تلك الشركة تؤدي خدماتها بفضل إستخدام بروتوكول الصوت عبر الإنترنت، الذي يُشار اليه تقنياً بلفظة «فيوب» VoIP. لذالك تزايد حجم المكالمات الهاتفية ومواد الملتي ميديا عبر شبكة الإنترنت الرخيصة الكلفة بدلاً من شبكات الجوال الخليوية العالية الكلفة . ومن ثم، من المتوقع أن تصبح شبكات الواي–فاي والواي– ماكس بديلاً ناجعاً من شبكات الهاتف الجوال.

وتتمتع الشبكات التي تؤمن الاتصال اللاسلكي مع الانترنت وتتيح استخدام الشبكة العنكبوتية في الاتصالات، بالمزايا التالية:

1- توفير سرعة في نقل البيانات بأضعاف سرعة شبكات الجيل الثالث للخليوي. وتُعطي شبكات «واي– فاي» سرعة نقل بيانات تصل إلى 54 ميغابايت في الثانية لمعيار 802.11g/aIEEE، و248 ميغابايت لمعيار 802.11n الذي يظهر في السنة المقبلة.

وكذلك تعطي شبكات «واي–ماكس»، بمعيارIEEE802.16e سرعة تصل إلى 70 ميغابايت في الثانية. وللمقارنة، فإن شبكات الجيل الثالث تعطي أقل من 384 كيلو بايت للأجهزة المتحركة و2 ميغابايت للأجهزة الثابتة. ولذا، تُعدّ هذه التكنولوجيا الصاعدة أكثر ملاءمة للتطبيقات التي تحتاج إلى سرعة كبيرة في نقل البيانات مثل المؤتمرات المنقولة بكاميرات الفيديو والبث الإذاعي والتلفزيوني على الهاتف الخليوي وكاميرات المراقبة ومُشغّلات الموسيقى الرقمية وخدمة «غوغل إيرث» وغيرها.

وباستطاعة شبكات «واي–ماكس» إرسال الصوت والفيديو والنصوص الكتابية أميالاً، لاسلكياً، وبسرعة فائقة، بحيث تصل الى أجهزة المشتركين في المواقع المتحركة والثابتة مثل المنازل وأماكن العمل. ولا ينافس «واي–فاي» و«واي–ماكس» إلا شبكات الخليوي من الجيل الرابع G4.

2- استعمال ترددات غير مُرخصة. إذ تستخدم «واي–فاي» التردد غير المرخص 2.4 غيغاهرتز لمعيار 802.11g/n/b. ويتميز هذا التردّد بأنه مفتوح للعامة في معظم الدول. وكذلك تستخدم «واي–ماكس» ترددات غير مرخصة في بعض الدول. ويذهب كل ذلك على عكس ما تفعله ترددات شبكات المحمول التي يتطلب استعمالها الحصول على تراخيص من الدولة نظير أموال طائلة، وهذا أهم أسباب ارتفاع أسعار خدمات الهاتف الجوال. وشجعت هذه الخاصية الأفراد والشركات على استخدام هذه الترددات المفتوحة لإنشاء شبكات خاصة، من دون الحاجة الى تصريح من الدولة.

ولكن كثراً من الدول، لا سيما العربية، لم تجعل هذا التردد متاحاً للاستخدام العام من الأفراد.

3- مرونة وسرعة إنشاء الشبكات اللاسلكية. فمن الممكن إنشاء مثل هذه الشبكات في ساعات. وهذه الخاصية مهمة لا سيما عند الكوارث الطبيعية. فقد نُشرت شبكة «واي–فاي» في سرعة وجيزة جداً بعد أن ضرب إعصار «كاترينا» مدينة «نيو أورليانز» الأميركية ودمر شبكات الاتصالات فيها. واستعملت تلك الشبكة في السيطرة على الأمن وتقليل معدل الجريمة الذي زاد بعد الإعصار، من خلال تركيب كاميرات مراقبة تعمل بالـ «واي–فاي». وكذلك أنشئت شبكة «واي-فاي» لخدمة ضحايا تسونامي الذي ضرب جنوب شرقي أسيا بفضل جهود من متطوعين، ما وفّر خدمة الانترنت للضحايا مجاناً بعد أن دمر تسونامي البنية التحتية وشبكة الاتصالات في تلك المنطقة.

4- تعدد خدماتها وتنوع ووظائفها. إن تنوع الأجهزة والوسائط الإلكترونية التي تعمل على الشبكات اللاسلكية للاتصال مع الانترنت يؤدي الى تعدد وظائفها وزيادة جودة خدماتها. وقد جُهزت بعض الأوتوبيسات والقطارات والطائرات بتكنولوجيا «واي-فاي» ما عزّز من قدراتها التنافسية.

5- انخفاض التكلفة. تتدنى كلفة شبكات «واي–فاي» و «واي–ماكس» بكثير عن شبكات الهاتف المحمول لانعدام الحاجة الى دفع مصاريف ترخيص واستخدام التردد، وبسبب التناقص المستمر في أسعار هذه التكنولوجيا ولقلة أعمال الحفر اللازمة لنشر هذه الشبكات مقارنة بشبكات المحمول والتليفون الأرضي. وبذا، تُكلّف شبكات «واي-فاي» 20 في المئة من تكلفة الشبكات الخليوية. كما إن إضافة تحسينات لاحقة الى هذه الشبكات لا يكلف أموالاً كثيرة عكس شبكات المحمول.
6- مزايا التكنولوجيا المفتوحة. وأتاحت هذه الخاصية الفرصة لكثير من الأفراد والشركات والهيئات الخيرية والمدن لإنشاء شبكات «واي–فاي» خاصة بها لتحقيق أهداف تجارية وتنموية مختلفة. وشيّدت شبكات «واي-فاي» في مدن كبيرة مثل نيويورك وباريس وسياتل وفيلادلفيا ولندن وبرلين وغيرها. وقامت نحو 300 مدينة أميركية أما بتشييد أو التخطيط لإنشاء مثل هذه الشبكات. ويهدف مشروع «سمارت فالي وايرليس» Smart Valley Wireless الى تغطية 40 مدينة بخدمات «واي–فاي» المجانية في منطقة «وادي السيليكون» في الولايات المتحدة الأميركية.

7- شبكات برسوم ثابتة. غالباً ما تقدم خدمة «واي–فاي برسوم ثابتة، أو مجاناً، بعكس خدمة المحمول التي تحسب بالدقيقة أو الكيلوبايت.

في المقابل، تُعاني شبكات الاتصال اللاسلكي مع الانترنت المشاكل التالية:

1- انخفاض جودة الخدمة لتكنولوجيا «واي-فاي». غالباً ما يكون استعمال شبكات «واي–فاي» العامة أقل أماناً وجودة من شبكات المحمول. فالهدف من تلك الشبكات هو إتاحة الفرصة لجميع الأفراد لاستخدامها، ما يعرضها لمخاطر القرصنة. ووجود عدد من تلك الشبكات في المنطقة ذاتها يؤدي إلى تداخل إشاراتها، إذا غاب التنسيق بين هذه الشبكات. وهذه المشكلة تعرف باسم «تداخل الإشارات». وتنشأ هذه المشكلة أيضاً عندما تتداخل إشارات شبكات «واي–فاي» مع إشارات أي تكنولوجيا أخرى تستخدم التردد 2.4 غيغاهيرتز الذي تستخدمه تلك الشبكات، مثل البلوتوث والمايكروويف والهاتف الذي يعمل عن بُعد (كوردليس فون). وفي المقابل، تُعطي «واي-ماكس» جودة خدمة أعلى بكثير من «واي-فاي».

2- محدودية نطاق عمل شبكات «واي-فاي» وصعوبة تغطيتها مدينة بكاملها. إذ تُعطي هذه التكنولوجيا تغطية محدودة تتراوح بين 75و110 أمتار. ومن الواضح أنها تناسب الاتصالات اللاسلكية القصيرة المدى والمناطق المحدودة مثل المنازل وأماكن العمل. في المقابل، يمكن شبكات «واي ماكس» ان تحمل الإنترنت لاسلكياً مسافات كبيرة، تصل الى 48 كيلو متراً؛ بنقاوة وجودة عالية. وكذلك يمكن تغطية مدينة بأكملها عبر هذه الخدمة. وما يميزها عن «واي– فاي». لذلك يجب إنشاء مجموعة كبيرة ومتكاملة من هذه الشبكات الصغيرة لتغطية المدينة بأكملها، أو ما يعرف باسم «نشر الغطاء اللاسلكي». ولا بد من التنسيق والاتفاق في ما بين هذه الشبكات لتحقيق إمكان الاتصال وإجراء المكالمات من اي مكان في ما يعرف باتفاقات الخدمة المتنقلة «رومينغ» Roaming ليتم تغطية مدينة بأكملها بالخدمة.

على رغم ذلك، فمن المتوقع أن تحل تقنيتا «واي –فاي» و «واي–ماكس» محل شبكات المحمول أو ستكون منافساً قوياً لها على أقل تقدير. وهذا التوقع يستند الى «نظرية الاختراعات المشاكسة» Disruptive Innovation Theory. وتتنبأ هذه النظرية بأن الاختراعات الجديدة سوف تحل محل أو ستنافس الاختراعات القائمة إما بسبب التحسن المطرد في أداء الاختراعات الجديدة بفضل جهود البحث والتطوير، أو لأن هذه الاختراعات تناسب تطبيقاً معيناً أو فئة معينه من المستخدمين، أو بفضل تناقص أسعار هذه الاختراعات أو غيرها من الأسباب. وهذه النظرية تستخدم في تفسير منافسة المحمول للهواتف الأرضية، وكذلك منافسة الكومبيوتر المحمول للكومبيوتر الثابت، وحلول كاميرات التصوير الرقمية محل الكاميرات العادية.

لذا، اتجهت بعض شركات خدمات الهاتف النقّال، مثل «فيريزون وايرليس» و «سبرينت»، الى إدماج تقنية «واي - ماكس» مع تقنيات الجيل الثالث للخليوي للاستفادة من إمكاناتها الهائلة في توفير خدمات الإنترنت اللاسلكية ذات النطاق العريض. بذا يصبح بإمكان خليويي «نوكيا 6136»، و «سامسونغ إس جي اتش تي709»، مثلاً، أن يُمكّنا المستخدمين من التحوّل أوتوماتيكياً بين شبكات المحمول وشبكات «واي–فاي». وقد اتفقت شركتا «نوكيا» للهواتف الجوّالة و «إنتل» عملاق صناعة الرقاقات الإلكترونية، على اعتماد تقنية «واي - ماكس» معياراً للاتصالات اللاسلكية مع الإنترنت البعيدة المدى والسريعة.

والأرجح أن تقنيتي «واي–فاي» و «واي–ماكس»، بما تمثلانه من ثورة في عالم الإنترنت اللاسلكي والاتصالات المتنقلة، ستساهمان في الحد من استنزاف موازنة الأسرة من شركات الخليوي والإنترنت وتحقيق الاندماج الرقمي، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في التنمية.

عبد الناصر عبد العال

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...