عيد سوريا الآتي بفرح مؤجل: مبادرات إنسانية لتقاسم الهموم

04-10-2014

عيد سوريا الآتي بفرح مؤجل: مبادرات إنسانية لتقاسم الهموم

لم يتبقَّ لدمشق من أعيادها سوى الدلالات الرمزية والدينية للمناسبات، وعيد الأضحى هذا العام جاء باهتاً، حزيناً بعد المأساة التي تسببت بها تفجيرات مدارس حمص قبل أيام. ومع هذا العدد الكبير من الضحايا والجرحى على امتداد المحافظات السورية، لا تبدو مفردة «عيد» مناسبةً بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، شعائر دينية، زيارات واجب، وبعض الألعاب في أماكن مخصصة للأطفال، هكذا هو شكل عيد دمشق لهذا العام، لا مظاهر للفرح كالتي اعتادتها.
العيد، الحرب، الحياة، القذائف، الموت، الحب، بارود وياسمين، دمشق مدينة التناقضات، تصحو على ضجيج طلاب المدارس في صفوفهم، وتعيش الاختناق في شوارعها طوال ساعات اليوم، وتنام على رجع صدى المعارك الدائرة في محيطها، إنها إرادة الحياة، التي اكتشفت قاموساً جديداً من المفردات للتفاهم مع هذه الحرب الطويلة المنهِكة، وفي الوقت الذي تعاني فيه مئات الأسر من مرارة التشرّد والتهجير والنزوح، اكتشفت مجموعات من الشباب السوريّ أن المساعدة لا يجب أن تكون على حجم الحدث حتى تؤثر، يكفي أن يشعر الناس أن هناك من يقاسمهم همومهم ومصائبهم، ويحاول تقديم شيء ولو رمزيٍّ أو بسيط لهم حتى نبقى بخير.
مع حلول عيد الأضحى نشطت تلك المجموعات في أكثر من ميدان بالتوازي مع استمرار الحرب وعمل المؤسسات الرسمية في الشقّ المتعلق بواجبها، فاتّجه فريق نحو أسر الشهداء وأطفالهم، فيما كان هدف آخر دور اليتامى ومراكز الإيواء، بازارت وفعاليات خيرية، مشاريع صغيرة، حفلات موسيقية، وغيرها كلها نشاطات أقيمت أو أعلن عنها للمساهمة في توفير بعض الموارد قبل العيد ليتقاسم السوريّ فرحته أو مشروع فرحته مع أخيه السوريّ.
«سوريا بتجمعنا»، هي إحدى الجمعيات الأهلية التطوعية التي نشطت خلال أعوام الحرب، قدمت العديد من المبادرات الإنسانية بشكل طوعي وبعدد قليل من المتطوعين، تم ترخيصها قبل فترة وجيزة لتصبح واحدة من الجمعيات القليلة جداً المرخّص لها في نطاق العمل الأهلي التطوعي، عن فعاليات الجمعية في العيد تحدّث السيد رامي الحلبي رئيس مجلس إدارة الجمعية، مع بداية تشكيل المجموعة كان الهدف إثبات أن الشباب السوري ليس حيادياً تجاه ما يجري حوله، وباستطاعتنا أن نكون رديفاً مهماً لعمل مؤسسات الدولة، وبموارد مالية بسيطة جداً، بدأنا بتجاوز مرحلة الصدمة، ثم انتقلنا الى مرحلة التخطيط والعمل في اتجاهين، خيريّ وتنموي. توجهنا إلى فئات وشرائح متنوعة من المجتمع، المهجّرين، الشباب، الأطفال، أسر الشهداء، والمفقودين.
«العيد مع ابن الشهيد» هو عنوان المبادرة التي أطلقتها الجمعية قبل وخلال عيد الأضحى، بدأوها من زيارة وتكريم للمتفوقين من أبناء وبنات الشهداء في مدارسهم، ليستكــملوها في زيارات خاصة لعوائل وأسر الشهداء من غير المقيمين في المدارس، لتهنئتهم والوقوف إلى جانبهم في مصابهم وتقديم بعض الهدايا الرمزية للأطفال.
انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي قبل أيام أيضاً نداء إلى مبادرة تطوعية تهدف إلى جمع تبرعات لإقامة مسابقات تعليمية وترفيهية ونشاطات متنوعة بالإضافة لتوزيع هدايا على الاطفال في درو اليتامى خلال فترة العيد، للمساهمة ولو بشكل بسيط برسم البسمة على وجوه الاطفال كون العيد يبقى له رمزيته وفرحته في نفوس الأطفال. بحسب النداء سيعمل المتطوعون على تحضير صناديق فردية صغيرة بحيث يحصل كل طفل على صندوق، يحوي لعبة بقيمة رمزية، ودفتر رسم مع ألوان، مع القليل من الحلويات والسكاكر، يتم توزيعها خلال أيام عيد الأضحى على الأيتام، إلى جانب المسابقات والنشاطات الأخرى التي وعد الشباب بإقامتها لإدخال الفرح إلى قلوب أولئك اليتامى.
«إلى أخي أو أختي في الإنسانية.. أتمنى أن تعود إلى منزلك قريباً، مع حبي»، تلك كانت رسالة طفلةٍ مرفقة مع قطعة من ملابسها، تبرعت بها إلى إحدى المجموعات التطوعية في واحدة من الحملات الهادفة الى جمع الملابس للمهجّرين والوافدين من المناطق التي شهدت معارك أو حوادث أمنية.
تبدو ثقافة التطوع هي أكثر ما يحتاجه مجتمع يعيش واقعاً متأزماً وغير مستقرّ على الصعيد الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، كالذي نعيش فيه اليوم، وتعميم هذه المبادرات ونشرها قد يكون «في أحد جوانبه» مؤازراً وداعماً لعمل المؤسسات الرسمية، بل من الممكن أن يتفوق عليها في بعض الحالات، كالتي تمنع وصول تلك المؤسسات إلى مناطق معينة في ظل الحرب، وهذا حصل فعلاً في كثير من الحالات ليس آخرها المساعدة في إجلاء المدنيين من مدينة المعضمية عند اشتداد المعارك فيها وتأمينهم في مراكز إيواء آمنة.

سناء علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...