فنون مابعد الحداثة.. التكنولوجيا ومصيدة الجسد

26-10-2010

فنون مابعد الحداثة.. التكنولوجيا ومصيدة الجسد

فنون ما بعد الحداثة هي محاولة لجعل الفن جزءا أساسيا من الحياة وانعكاسها في كل مظاهرها ,تداخل المدارس والاتجاهات والأساليب وانعدام الهوية في الأعمال الفنية المنتجة من خلالها حيث أصبحت تتسم بالعالمية هذا معناه أنها أصبحت أكثر إنسانية على ما يبدو فهي لا تنتمي لقومية ولا عرق ولا أيدلوجيا معينة.من الأعمال التي تصوّر فنون ما بعد الحداثة

تعددت الوسائط والخامات بتطور الصناعة والتكنولوجيا وكذالك أصبح الإنسان من ضمن مفردات هذه الأعمال باستعماله كأداة كما يحدث بفن البصمة عند إيف كلاين أو المزج بين الأصل والصورة وتلاشي الحدود بينها كما كان يحاول أن يفعل اندي وورهول بي مارلين مونرو ورينه مارغريت بالغليون وجوزيف كوسث بالكرسي حيث صور الكرسي وعلق ورقة مكتوب فيها معنى الكرسي كما هو في القاموس ووضع الكرسي وكائنه يقول أو يحاول دمج هذه الحالات للكرسي في عمل فني واحد.

وفن الجسد " البادي آرتBody Art "باستخدامه ككتلة خام للعمل الفني وما يحمله هذا الجسد من مشاعر الحب والكراهية والرغبات الدفينة التي كانت مكبوتة وأصبحت منفلتة في عالم الانترنيت والعولمة وفن الأرض وفنون العمارة والتمرد على كل ما هو مألوف ومنسق وتبني الفوضى والبعثرة وعدم النخبوي وثقافة المشاركة وتطور موسيقى الروك والهافي ماتل وصولا إلى التكنو.

ويقول المنضر لفنون ما بعد الحداثة إيهاب حسن أن المغنية الأمريكية مادونا نموذج من هذه الفنون ومسرح الشارع واستعمال العناصر الاستهلاكية الجاهزة وضد التجارة في الفن والنزوع إلى الرخيص والمستهلك والزائل والشعبي والمسطح باستعمال مواد رخيصة قابلة للتحلل والفناء واستعمال الفيديو الكومبيوتر كوسائط لتنفيذ أفكار الفنانين وظهور فن الجرافتي الذي بدوره يستهدف الأماكن العامة مثل جدران محطات القطارات والشوارع الخلفية والحدائق وغالبا ما يحمل في جوانبه عبارات الإباحية والمعادية للسياسة مما تعتبره السلطات خارجا عن القانون ومطاردا دائما من الشرطة ,والجماعات المنفذة لهذا النوع من الفنون هي مجموعات من الشباب تعرف بعصابات الجرافتي Graffiti Gangs ودائما تكون ملاحقه من قبل القانون.

وإزاحة الفن عن مجاله الطبيعي الأول وهو العلاقة الوثيقة مع الوجدان وتوصيله بالعقل مباشرة دون الأخذ في الاعتبار كل المعايير التقليدية والأخلاقية السابقة وهذا تقريبا نتيجة لمفاهيم بدا الفنان الفرنسي مارسيل دوشان في تثبيتها في بداية القرن العشرين ووصلت أوج تطورها في الستينيات وبداية السبعينيات وما ميز فنون ما بعد الحداثة في مراحلها المتقدمة هو العودة إلى استعمال الأدوات التقليدية من زيت وأكريليك بمخيلة جديدة وأفكار متجددة ومشاعر أيضا , وأول ما أطلق عليه هذه التسمية أي مابعد حداثة في مجال فن العمارة تم تبعه الأدب والفنون البصرية الأخرى.

الفلسفة المرتكزة عليها معظم هذه الحركات هو الاستفزاز والتنبيه إلى الكم الهائل من الفظاعات والحماقات التي ارتكبت في هذا العالم كذلك تناول حتى القضايا الصغيرة والتافهة في اغلب الأحيان وانفتاح النص وتعدد القراءات وتداخل المدارس والاتجاهات والأساليب وتعدد الوسائط المنتجة للعمل الفني واستعمال حساسية جديدة قديمة وأقول قديمة لأنه في بعض الحالات كان هناك تشابه كبير بين ما يقوم به إيف كلاين في الستينيات وما تم رسمه على جدران اكاكوس وتسيلي لفن الكهوف بطباعة الأيادي والأجساد واستعمال الجسد البشري كفضاء للرسم.

وكذلك رسم مخلوقات فضائية كائنات غرائبية غير واقعية ومن الصعب في ذالك الوقت أن يتخيلها بشر وادخل الفن في طقوس الشعوذة والسحر والاستفادة من الرسومات في الصيد باستدراج حيوانات إلى داخل الكهوف وهذا ما يحدث في عروض البرفورمنس لفن الجسد والتنصيبات الأخرى والتي تتضمن أجزاء من أجساد الحيوانات وأحشائها وفي بعض الأحيان تتخلل هذه العروض مقاطع موسيقية رتيبة أو استعمل موسيقي بدائية كما حدث في بعض التجارب في دول مختلفة.

وهكذا خرجت الفنون البصرية من جدران الكهوف ,الكنائس ,المساجد ,الصالات العرض والمتاحف إلى شاشات البلازمة الضخمة المنتصبة فوق المباني العالية والميادين العامة و آرت اونلاين المنتشر عبر الانترنيت والديجتل آرت والفوتوغراف والملصقات الدعائية بصيغتها الترويجية المدعومة بمصيدة الجسد في اغلب الأحيان وفن الجرافتي في الشوارع العامة حيث أصبحت هناك مشاعر وقيم جديدة تتحكم في إنتاجه وفي استقباله وتذوقه أيضا.

عدنان بشير معيتيق

المصدر: العرب أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...