كلاب الحرب تعوي في الولايات المتحدة

07-11-2012

كلاب الحرب تعوي في الولايات المتحدة

الجمل ـ جيريمايا غولكا ـ ترجمة: مالك سلمان: هناك إجماع بين النقاد: لا أهمية للسياسة الخارجية في هذه الانتخابات الرئاسية. فهم يشيرون إلى الطرق قلد فيها المرشح الجمهوري ميت رومني, بشكل ببغائي تقريباً, باراك أوباما حول كل شيء باستثناء الإنفاق العسكري واللغة القوية حول "قَرن أمريكي" آخر.
هذا الإجماع ليس صحيحاً: هناك مسألة هامة: إيران.
لا تكونوا أغبياء. فليس من قبيل التبجح الذي يرافق الحملات الانتخابية عندما يزعم رومني أنه سيكون أكثر صرامة حول موضوع إيران من الرئيس بالتهديد ب "خيار عسكري معقول." من الوؤكد أنه يحاول أن يبدو أكثر صرامة وقوة من أوباما – هو المؤيد لحرب الطائرات بلا طيارين, و "لائحة الاغتيالات", ورمي جثة أسامة بن لادن في مياه المحيط – لكنه ليس تهديداً فارغاً.
أحاط المرشح الجمهوري نفسَه بمستشارين مؤيدين للعمل العسكري وتغيير النظام في إيران, نفس الأشخاص الذين جلبوا لنا "الحرب الكونية على الإرهاب" و "حرب العراق". فمع زملائهم الصقور في المنظمات والمؤسسات البحثية, أمضوا سنوات في إقناع الشعب الأمريكي أن إيران تعمل على تطوير برنامج نووي عسكري, مطلقين المزاعم التافهة حول الفقهاء "المجانين" الذين يخططون لضرب إسرائيل والولايات المتحدة بالقنابل النووية – دبلوماسية التهويل – وصارخين بصوت أعلى كلما عارضهم بعض المسؤولين والمحللين العقلانيين.
على نقيض العراق في 2002 و 2003, الأمر أسهل بالنسبة إليهم اليوم. ففي الحالة السابقة كان عليهم, وعلى أسيادهم, التنقل من مكان إلى آخر لبيع بضائعهم, راسمين صوراً لأسلحة الدمار الشامل الوهمية لدعم الغزو. أما اليوم فإن معظم الأمريكيين يعتقدون أن إيران تطور أسلحة نووية.
ساهم الرئيس أوباما في دفع كرة الثلج تلك إلى أعلى التلة من خلال العقوبات التي تهدف إلى تقويض النظام, والحرب السرية والإلكترونية, والوجود البحري الضخم  في "الخليج الفارسي". وقد صعدت إيران هذا التوتر عبر المناورات العسكرية, بينما أجرينا نحن تدريبات أمريكية-إسرائيلية مشتركة بالإضافة إلى "المشروع الأممي الأضخم في التاريخ لإزالة الألغام" هناك. إن أساطيلنا البحرية تؤدي رقصة في غاية الخطورة.
قام أوباما بحشو البندقية وتلقيمها. لكنه أبقى إصبَعه بعيداً عن الزناد, لاجئاً إلى الدبلوماسية مع ما يسمى بمحادثات (ب 5 + 1) وإشاعات حول مباحثات مستقبلية مباشرة مع إيران. المشكلة هي أن عصابة رومني تريد أن تطلق النار.

على النقيض من العراق, سيكون من السهل إقناع الآخرين بضرب إيران
هل تتذكرون تلك الأيام البريئة من 2002 و 2003, عندما كانت الحرب في أفغانستان لا تزال حديثة وكانت إدارة بوش تحاول إقناع العالم بغزو العراق؟ أنا أذكرها. كنت جمهورياً حينها, لكنني لم أقتنع بالفكرة أبداً. لم أكن أشعر بضرورة ذلك, ولم أرَ ذلك الارتباط مع "القاعدة", ولم أكن قلقاً من شبح أسلحة الدمار الشامل. لم يبدُ الأمر سليماً. لكن, إيران اليوم؟ لو أنني مازلت أحد الصقور الجمهوريين, لكنت وافقت على الضربة فوراً, ولكنت عرفت أنني لست الوحيد لثلاثة أسباب.
أولاً, حتى ‘المفكرون’ الاستراتيجيون يعرفون أن لدى إيران الكثير من النفط الذي لا نمتلك حرية الوصول إليه. ويقال إن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطي على وجه الأرض. كما أن لديها شاطئاً طويلاً على "الخليج الفارسي", ولديها أيضاً القدرة على إغلاق مضيق هرمز, مما من شأنه السيطرة على أحد أهم شرايين الطاقة في العالم.
هناك إذاً حقيقة أن إيران تتمتع بمكانة خاصة في الوعي الأمريكي. كانت جمهورية إيران الإسلامية والفقهاء الذين يديرونها أعداءً ثقافيين منذ أن قام الطلاب الثوريون بإسقاط النظام الدمية الذي صنعناه هناك واجتاحوا السفارة الأمريكية في طهران في سنة 1979. وفي البلاد حكم ثيوقراطي يديره رجال يبدو عليهم الغضب بلحىً طويلة ولباس مضحك. كما أنها مولت "حزب الله" و "حماس". ويصفنا شعبها بأننا "الشيطان الأكبر". كما ينكر رئيسها "الهولوكوست" ويقول أشياءَ حول مسح إسرائيل عن الخارطة. إننا نتحدث هنا عن عدو تم تصنيعه بشكل كامل.
وأخيراً: الأسلحة النووية.
يبدو أن الشعب مقتنع. إذ تعتقد غالبية الأمريكيين أن إيران تطور برنامجاً نووياً عسكرياً, 71% في سنة 2010 و 84% في شهر آذار/مارس من السنة الحالية. حتى أن بعض استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الأمريكيين تؤيد العمل العسكري لمنع إيران من تطوير الأسلحة النووية.
هذا مذهل, إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظم الخبراء ليسوا واثقين إلى هذه الدرجة. خذ, مثلاً, "هيئة الاستخبارات القومية", وهي اللجنة العليا التي تصدر "التقديرات الاستخباراتية القومية" للحكومة. فهي تستمر في الإصرار على رأيها القائل أن إيران كانت تطور من قبل مثل هذا البرنامج, لكنها أغلقته في سنة 2003. ويقول المسؤولون الأمريكيون والأوربيون والإسرائيليون بشكل دائم إنه ليس لدى إيران برنامج حالي وحتى أنها لم تفكر بعد في الشروع في هكذا برنامج, وأن الإيرانيين – في أفضل الأحوال – يقفون عند خط البداية. وقد أصدر القائد الأعلى لإيران بنفسه فتوى ضد تصنيع الأسلحة النووية. لماذا, إذاً, يبدو الشعب الأمريكي متأكدا؟  كيف وصلنا إلى هنا؟
هناك ثلاثة أسباب رئيسة, واحد منها بريء بشكل جزئي.

على ماذا ينطوي الاسم؟
الأول لغوي وفي غاية البساطة. قل هذه الكلمات بصوت مرتفع: برنامج إيران النووي المدني.
هل يبدو ذلك مألوفاً؟ هل تبدو تلك الكلمات طبيعية على الصفحة؟ من المرجح أن يكون الجواب "لا", لأن وسائل الإعلام والمسؤولين, أو المرشحين السياسيين, لا يشيرون إلى أنشطة إيران النووية بهذه الكلمات. تمتلك إيران برنامج طاقة نووية مدني, بما في ذلك مفاعل طاقة في بوشهر تم تأسيسه بتشجيع ومساعدة إدارة آيزنهاور في سنة 1957 بمثابة جزء من برنامج "ذرات من أجل السلام". هل نسمع عن ذلك؟ لا. فعوضاً عن ذلك, كل ما نسمعه هو "برنامج إيران النووي". وخاصة في السياق, فإن المعنى المتضمَن لتلك الكلمات الثلاث لا مهرب منه: أن إيران تطور الآن أسلحة نووية.
من باب الفضول, بحثت في "غوغل". كانت النتائج مذهلة.
"برنامج الأسلحة النووية الإيراني المشكوك فيه": 4 نقرات
"برنامج الأسلحة النووية الإيراني المحتمل": حوالي 8,990 نقرة
"البرنامج النووي الأهلي الإيراني": حوالي 42,200 نقرة
"البرنامج النووي المدني الإيراني": حوالي 199,000 نقرة
"برنامج الأسلحة النووية الإيراني": حوالي 5,520,000 نقرة
"البرنامج النووي الإيراني": حوالي 49,000,000 نقرة
الكلمات هامة, وهذه القذارة تشكل الوعي الأمريكي, حيث تحضر الناس للحرب.
ربما يعود بعض ذلك إلى الكسل. فإضافة كلمات مثل "مدني" أو "أسلحة" أو "مشكوك فيه" أو "محتمل" تتطلب جهداً إضافياً والنتيجة هي كلمة صعبة اللفظ. حتى الأشخاص الذين عليهم أن يتوخوا الدقة يستخدمون العبارة القصيرة, بما في ذلك الرئيس أوباما.
لكن بعض الأسباب متعمَدَة.

المرشحون الجمهوريون المحرضون
السبب الثاني وراء قناعة الأمريكيين القوية بأن إيران تسعى بشكل يائس للحصول على الأسلحة النووية يمكن عزوه إلى حقل المرشحين الجمهوريين الرئاسيين. فقد استخدموا شبح برنامج الأسلحة هذا لتدمير بعضهم البعض في الانتخابات التحضيرية, بحيث يبدو كل منهم رئيس الخفر الأقوى والأسوأ في الحي – ولم تنته هذه العملية أبداً.
كان الغلو مثيراً. خذ ريك سانتوروم: "حالما يمتلكون السلاح النووي, دعوني أؤكد لكم, لن تكونوا في مأمن, حتى هنا في ميسوري." أو نيوت غينغريش: "تذكروا ما شعرنا به في 9/11 عندما قتل 3,100 أمريكي. والآن تخيلوا هجوماً تضيفون فيه صفرين على عدد القتلى. وربما نصف مليون من الجرحى. هذا خطر حقيقي. هذا ليس خيالاً علمياً."
و من ثم هناك ميت رومني: "الآن, أكبر خطر تواجهه أمريكا ويواجهه العالم هو إيران نووية."

كتيبة تغيير النظام
حتى لو لم نجد عذراً لكسل الإعلام والمواقف السياسية الاستعراضية, فإن كليهما متوقع. لكن هناك سبب ثالث لقبول الأمريكيين لفكرة الحرب: هناك في واشنطن ما يمكن تسميته "اللوبي المطالب بقصف إيران" – وهو عبارة عن عدد من المجموعات والنماذج السياسية المتشددة التي تجاهد لتجعلنا كلنا مؤمنين عندما يتعلق الأمر ببرنامج الأسلحة الإيراني وتمهد الطريق, من خلال ذلك, لتغيير النظام. ويجب القول إنه بينما صرَحَ بعض الديمقراطيين الحاليين والسابقين بأن ضربَ إيران فكرة جيدة, إلا أن مجموعات هذا "اللوبي" تنتمي كلها إلى المعسكر الجمهوري.
يعمل العديد من المخططين المحافظين والمحافظين الجدد, في المنظمات و معاهد الأبحاث, على ضَخ التقارير وتسعير الافتتاحيات والمقالات الصحفية التي تقترح, أو تصرح ببساطة, أن "لدى إيران برنامجاً نووياً عسكرياً" يجب إيقافه, وربما تكون هناك حاجة لاستخدام القوة لتنفيذ المهمة. فقط راقب سيل الكلمات المتدفقة من المفكرين الجمهوريين الذين يشكلون التيار السائد مثل "مؤسسة التراث". ("أصبح واضحاً منذ وقت طويل أن عدم تغيير النظام في طهران واللجوء إلى الوسائل السلمية لن يقنعا إيران أو يمنعاها من تحقيق هدفها النووي الذي اقتربت منه بشكل خطير.") أو خذ "مؤسسة كليرمونت" ("خطر مميت حتى قبل أن تمتلك إيران على ترسانة نووية؟ أجل ..."), أو المحافظين الجدد الذين يجلسون في كراسي القيادة في المؤسسات غير الحزبية من أمثال ماكس بوت في "هيئة العلاقات الخارجية" ("الضربات الجوية ضد إيران مبرَرَة ").
ويمكنك أن ترى هذا أيضاً في الدكاكين الأكثر تشدداً مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات", و "حملتها التي تضمن أن تهديد إيران بتدمير إسرائيل وخلق ‘عالم لا تكون أمريكا موجودة فيه’ سوف يبقى ‘مستحيلاً’ و ‘غير قابل للتحقيق’." (وتبعاً لأحد مستشاريها البارزين, وأحد مقدمي الأخبار في محطة "فوكس نيوز", لدى إيران "برامج أسلحة نووية" – بصيغة الجمع). وفي مجموعة "الحرب الباردة" القديمة "لجنة الخطر الحالي", فإن إيران "في طريقها إلى التسلح النووي". حتى أن الجنرال المتقاعد والصليبي المسيحي في "هيئة الأبحاث العائلية" قال لغلين بيك: "أنا متأكد أن إيران تمتلك رأساً حربيا نووياً الآن."
هناك أيضاً منظمتان يمينيتان يتمثل هدفهما الأوحد في تغيير النظام. فهناك "لجنة الطوارىء من أجل إسرائيل", وهي مجموعة عسكرية مساندة لإسرائيل أسسها بيل كريستول و غاري بوور تربط اليمين المسيحي بالمحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي. وتصر أن "إيران مستمرة في تطوير السلاح النووي," كما تشجع باستمرار على ضرب إيران وتغيير النظام.
كما أن هناك منظمة "مجاهدي خَلق", وهي مجموعة إيرانية منشقة تمت إزالتها مؤخراً, في خضم جدل كبير, عن اللائحة الأمريكية الرسمية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وقد لفتت هذه المنظمة انتباهَ العالم إلى الاستخبارات الإسرائيلية حول برنامج الأسلحة النووية الذي كان قائماً عندها في مؤتمر صحفي عقد في واشنطن في سنة 2002. ومنذ ذلك الوقت, قامت بتبهير الناس بقصص عن الحيَل النووية الإيرانية, كما قادت حملة كبيرة دفعت خلالها أموالاً طائلة لعدد من المسؤولين الأمريكيين في المؤسسات المتخصصة في مكافحة الإرهاب, ويعمل الكثير منهم الآن في الصناعات الحربية, مقابل الترويج لها.
تريد هذه المنظمة تغيير النظام لأنها تأمل أن الولايات المتحدة سوف تنصب "رئيسها المنتخب" و "برلمانها في المنفى" في سدة السلطة في طهران. (فكروا في أحمد شلبي و "المؤتمر الوطني العراقي" الذي شكله, الذي لعب دوراً مماثلاً مع إدارة بوش أثناء التحضير لغزو العراق. حتى أن لديهم نفس المؤيدين.)
ومن ثم هناك المجموعات التي ترغب في شن حرب على إيران لأسباب دينية. خذ, مثلاً, "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل", وهي منظمة سياسية دينية قيامية يديرها جون هاغي, قسيس كنيسة "كورنرستون" الكبرى في سان أنتونيو. وكما يبين الباحث نيكولاس غويات في كتابه "تمتع بيوم قيامة جميل", تعمل منظمة هاغي على الترويج للاعتقاد, الشائع بين المسيحيين الأصوليين, القائل إن حرباً بين إسرائيل وإيران سوف تطلق شرارة "النشوة".
ويقترح كتاب هاغي نفسه, "العَد التنازلي للقدس", أن إيران تمتلك سلفاً الأسلحة النووية والقدرة على استخدامها, ويشجع بعدوانية على مهاجمة ذلك البلد. وبالنسبة إلى العديد من الأمريكيين الواقعين تحت تأثير التفكير السائد, من الممكن أن يبدو هاغي وأتباعه وآخرون يحملون آراءً سياسية مشابهة على شيء من العُته, لكنهم لا يرفضونه على الإطلاق: كان كتابه على لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة.


الفريق المؤيد
انضمت وسائل الإعلام, المتعاطفة مع الجمهوريين, إلى اللعبة من خلال عرض مقتطفات تلفزيونية حول الموضوع وتضخيم الأمور لطمأنة الأغلبية التي تغطيها استطلاعات الرأي والتي تفضل العمل العسكري. إليكم هذا السؤال من استفتاء قامت به محطة "فوكس نيوز" في آذار/مارس: "هل تعتقد بإمكانية منع إيران من الاستمرار في برنامجها النووي العسكري من خلال الدبلوماسية والعقوبات فقط, أم أن هناك حاجة للعمل العسكري لإنهاء برنامج إيران النووي العسكري؟" لاحظوا هذا التأليب الأعمى, مع العلم أن غالبية الأمريكيين يفضلون الدبلوماسية, حيث يؤيد 81% من الأمريكيين المحادثات المباشرة بين واشنطن وطهران.
ولا تنسوا العقدة العسكرية-الصناعية, حيث يشكل الخوف من إيران نووية فرصة كبيرة. وهم يستغلونها لتبرير تلك البقرة الحلوب, العزيزة على قلب الجمهوريين, التي تدر عليهم المال: الدفاع الصاروخي (الذي تروج له حملة رومني على صفحتها الإلكترونية "إيران: القرن الأمريكي"). وهذا يمنح "البنتاغون" فرصة لطلب قنابل جديدة خارقة للتحصينات الأرضية, كما يبرر شراء السفن الحربية الساحلية باهظة الثمن.
إذا ضربت الولايات المتحدة المنشآت الإيرانية – وعلقت بالتالي في نزاع طويل الأمد – سوف تتدفق حنفية الأموال بكامل طاقتها. ولاتنسوا عمليات البناء والعقود الأمنية الخاصة لسنوات قادمة (حتى لو لم يكن هناك احتلال) التي ستُمنَح لعشرات الشركات مثل "هاليبورتون" و "بلاكووتر", على سبيل المثال. (من المؤسف غياب قوانين شفافية حقيقية تسمح لنا بالمساهمات التي قدمتها مثل هذه الشركات, بشكل مباشر أو غير مباشر) لحملة رومني أو إلى تلك المنظمات والمؤسسات البحثية التي تدفع لصانعي الإيديولوجيا الرسميين وتعمل على ترويج آرائهم.)

مشكلة رومني
كل هذا يعني أن الجمهور قد تمت تعبئته للحرب مع إيران. فمع التركيز الإعلامي الدائم, قام المرشحون الجمهوريون بترسيخ فكرة أن إيران تمتلك على الأسلحة النووية أو أنها سوف تحصل عليها قريباً, وأن الأسلحة النووية الإيرانية تشكل خطراً مباشراً ووجودياً على إسرائيل والولايات المتحدة, وأن الدبلوماسية هي أسلوب "الطنطات" فقط. فإذا فاز أوباما, عليه أن يبذل جهداً أكبر لمنع الحرب. أما إذا فاز رومني, فسوف تكون الحرب أسهلَ بكثير. وبالنسبة إلى فريقه, سيكون ذلك جيداً.
مشكلة رومني هي أنه يرافق الأشخاص الخطأ – أي كتيبة تغيير النظام , الذين قام الكثيرون منهم بتوجيه سفينة الدولة باتجاه العراق في عهد جورج بوش الإبن. وتذكروا أن بوش, مثل رومني (وأوباما), كان وعاءً فارغاً فيما يتعلق بالشؤون الخارجية عند دخوله إلى "المكتب البيضوي". وحتى لو لم تكن إيران سوى أداة سياسية بالنسبة إلى رومني, فإن تغيير النظام هدف متجَذر في رؤوس الأشخاص الذين يحيطون به. فهم يريدون ضرب إيران, وقد قالوا ذلك أنفسهم.
خذوا روبرت كيغن. مقعده الرئيسي في "معهد بروكينغز" غير الحزبي, لكنه أيضاً مدير "مشروع من أجل قرن أمريكي جديد" الذي يشرف عليه المحافظون الجدد ومدير المنظمة التي تلته, أي "مبادرة السياسة الخارجية". فقد كتب: "إن تغيير النظام في طهران هو السياسة الأفضل لمنع انتشار الأسلحة النووية."
كما أن زملاء كيغن الذين يديرون "مبادرة السياسة الخارجية" ينتمون إلى فريق رومني أيضاً: بيل كريستول, وإيريك إيدلمان (أحد مساعدي تشيني سابقاً وخليفة دوغلاس فيث في "البنتاغون"), والمتحدث السابق باسم "السلطة الائتلافية المؤقتة" دان سينور الذي أصبح مستشار السياسة الخارجية الأكثر قرباً من رومني والمرشح الأقوى لمنصب مستشار الأمن القومي, كما تفيد الشائعات. وما هو موقف "مبادرة السياسة الخارجية"؟ "حان الوقت للقيام بعمل عسكري ضد أعضاء الحكومة الإيرانية الذين يدعمون الإرهاب وبرنامجها النووي. فالمزيد من الدبلوماسية ليس رداً مناسباً."
أم ماذا عن جون بولتن, سفير بوش إلى الأمم المتحدة, الذي قال إن "الطريقة الأفضل لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية هي مهاجمة برنامجها النووي العسكري بشكل مباشر وتحطيم سيطرتها على دورة الوقود النووي," وإنه "علينا الاستعداد لإسقاط النظام في طهران."
وتطول القائمة.
من الممكن نظرياً, بالطبع, أن يتجاهل رومني, في حال فوزه, نصيحة مستشاريه من المحافظين الجدد, كما تجاهل جورج بوش الابن النصيحة الجمهورية المعتدلة لفريق أبيه. ومع ذلك, من الصعب أن نتخيل أنه سيتجاهل حكماءَ الإدارة السابقة: تشيني, ووزير الدفاع الأسبق دونالد رمسفلد, ومساعد وزير الدفاع السابق بول وولفوويتز. حقاً إن رومني سيقع في أحضان "التشينيين" عندما يطلب الاستشارة, بينما يشيح بوجهه عن الأمميين الجمهوريين. وكان تشيني يريد ضربَ إيران.
في إدارة يترأسها رومني, توقعوا أن تضغط عليه هذه العصابة بقوة لإنهاء المهمة وضرب منشآت إيران النووية, أو على الأقل أن تعطي إسرائيل الضوءَ الأخضر للقيام بذلك. توقعوا أن يغلقوا أعينهم عما تعلمناه في العراق وأفغانستان عندما يتعلق الأمر ب "الدم والكنز". توقعوا منهم أن يقولوا إن الضربة وحدها هي التي ستحل المشكلة "بشكل جراحي". توقعوا منهم أن يزعموا أن القيادة العسكرية العليا "لينة" و "بيروقراطية" و "تتجنب المخاطرة" عندما تتردد في التورط فيما سيصبح حتماً كابوساً إقليمياً. توقعوا أن تكون الرسالة: هذه المرة سوف نفعلها بشكل صحيح.

لَجم كلاب الحرب
لاأحد يحب فكرة امتلاك إيران للأسلحة النووية, ولكن إذا قرر النظام السعي لامتلاك هذه الأسلحة فإنه لا يشكل خطراً وجودياً على أحد. إذ يدرك قادة طهران أن غيمة فطرية في تل أبيب, عداك عن واشنطن, سوف تحول بلدهم إلى موقف للسيارات.
وإذا حاول الفقهاء السعي لامتلاك الأسلحة النووية مرة ثانية, فسوف يكون الغرض منها هو الرَدع, من أجل أن يقفوا في وجه الولايات المتحدة ويقولوا لها "حلي عن طيزنا". وبينما يشكل ذلك تحدياً لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية – وبشكل خاص تلك المتعلقة بالنفط – لا علاقة له بسلامة إسرائيل أو الولايات المتحدة من الناحية الفيزيولوجية.
الحرب مع إيران فكرة في غاية الرداءة, ومع ذلك فإن هذه الفكرة تشكل تهديداً حقيقياً. فقد اقترب الرئيس أوباما من استهجانها وانتقادها. حتى أن الحديث عن ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية مجرد وَهم لأننا – وكما يشير كل محلل تقريباً – لن نعرف مدى نجاح الضربة (وعلى الأرجح أنها لن تكون ناجحة) وسوف تكون حرباً لن تمتصُها إيران والابتسامة مرسومة على وجهها. فبعد الضربة, من المرجح أن يموت الكثير من البشر.
لكن أصدقاء رومني لا يعتقدون أنها فكرة سيئة. يعتقدون أنها فكرة جيدة, وهم مستعدون لهذه الضربة.

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...