تيري ميسان: «القاعدة».. استطالة سرية للأطلسي

07-01-2014

تيري ميسان: «القاعدة».. استطالة سرية للأطلسي

لا تزال تؤكد الدول الأعضاء في حلف ناتو، حتى هذا الوقت، أن حركة الجهاد الدولية التي دعموا تشكلها إبان الحرب على السوفييت في أفغانستان (1979)، قد انقلبت عليهم منذ عملية تحرير الكويت (1991)، ويتهمون تنظيم القاعدة بتدبير هجمات 11 أيلول 2001. لكنهم يقرون بعودة بعض العناصر الجهادية للعمل مجدداً معهم، في ليبيا وسورية، وخصوصاً بعد مقتل أسامة بن لادن (2011).

لكن سرعان ما وضعت واشنطن حداً نهائياً لهذا التقارب التكتيكي وذلك في شهر كانون الأول 2012.

غير أن الحقائق تنفي صحة هذه الرواية: لأن تنظيم القاعدة لم يستهدف أبداً أياً من مصالح حلف شمال الأطلسي، بل على العكس من ذلك، فقد قاتل على الدوام أعداء حلف شمال الأطلسي، كما تكشف لنا الفضيحة التي تهز تركيا في الوقت الحالي.

جميعنا صار يعرف أن «مصرفي» تنظيم القاعدة ياسين القاضي، كان معروفاً بهذه الصفة، وأن الولايات المتحدة تلاحقه منذ الهجوم على سفارتيها في كينيا وتانزانيا (1998)، هو أيضاً صديق شخصي لكل من نائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

الآن نكتشف أن هذا «الإرهابي المصرفي» يعيش حياة مترفة، متنقلاً بطائرته الخاصة، ضارباً عرض الحائط بالعقوبات المفروضة عليه من الأمم المتحدة.

هكذا تمكن من زيارة صديقه أردوغان، أربع مرات على الأقل خلال عام 2012، حيث كانت تحط طائرته في مطار اسطنبول الثاني، وكان يجري استقباله من رئيس الوزراء شخصياً، طبعاً دون المرور عبر بوابة الجمارك، وبعد قطع التيار الكهربائي عن كل كاميرات المراقبة.

ووفقاً للشرطة والقضاة الأتراك الذين رفعوا الغطاء عن هذه المعلومات، وقاموا باعتقال أبناء الوزراء المتورطين في القضية في 17 كانون الأول 2013، قبل أن يسحب رئيس الوزراء ملف التحقيق من أيديهم، ولنقل قبل أن يجردهم من وظائفهم، فقد كشفت هذه المعلومات كيف أنشأ ياسين القاضي ورجب طيب أردوغان نظاماً واسعاً في تحويل الأموال بشكل سري لتمويل أنشطة تنظيم القاعدة في سورية.

لكن الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تم فيه الكشف عن هذه اللعبة المزدوجة اللامعقولة، قامت دورية تركية من الدرك بإيقاف شاحنة محملة بأسلحة مرسلة لتنظيم القاعدة بالقرب من الحدود مع سورية. واحد من الأشخاص الثلاثة الذين تم اعتقالهم، أفاد بأن الحمولة موجهة لحساب جمعية إنسانية تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في تركيا، على حين أفاد شخص آخر من الموقوفين أنه عنصر في مهمة تخص جهاز الاستخبارات التركية.

في نهاية المطاف، فقد تدخل حاكم الولاية، ومنع الشرطة والقضاء من القيام بعملها في هذه القضية، مؤكداً أن هذه الحمولة هي عملية سرية تخص جهاز الاستخبارات العسكرية، مصدرا أوامره بترك الشاحنة وحمولتها تستأنف رحلتها.

لقد أشار التحقيق أيضاً إلى أن التمويل التركي لتنظيم القاعدة عمد إلى استخدام قناة مالية إيرانية، كي يغطوا تحركاتهم في سورية، وينفذوا عمليات إرهابية في إيران، في آن واحد.

هذه الحقائق تكذب فرضية المعارضة السياسية السورية في المنفى، التي تدعي أن جبهة النصرة وداعش، هما من صنع المخابرات السورية، وأنهما مكلفتان إشاعة الرعب في نفوس السكان، بهدف إعادتهم إلى صف النظام.

إذا كان بوسعنا أن نقرّ من الآن، أن أغلبية قادة دول حلف شمال الأطلسي يجهلون كل ما يتعلق بدعم منظمتهم للإرهاب الدولي، غير أنه من واجبنا أن نعترف في المقابل، أن حلف شمال الأطلسي، هو رأس الإرهاب العالمي.

تيري ميسان

شبكة فولتير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...