قراءة مغاربية لأعمال المفكر العربي فاضل الربيعي

15-05-2024

قراءة مغاربية لأعمال المفكر العربي فاضل الربيعي

Image
 فاضل الربيعي

صدر عن منتدى المعارف ومركز مجتمع للدراسات الثقافية والتاريخية  كتاب "الانثربولوجيا ونقد السرديات التاريخية  قراءات في أعمال فاضل الربيعي" وقدم للكتاب وحرره الباحث نبيل فازيو. وهو خلاصة الندوة الفكرية التي  نظمتها كلية الأداب والعلوم الإنسانية بنيسك - جامعة الحسن الثاني، في 31/تشرين الأول أكتوبر 2022 بالدار البيضاء، حول أعمال المفكر العراقي فاضل الربيعي..

جدير بالذكر أن مشروع المفكر فاضل الربيعي النقدي كان الأكبربين المؤرخين العرب المعاصرين ، إذ خصص عشرات الكتب النقدية في استقراء وإعادة تصحيح وترتيب الحكايات والأساطير المؤسسة لثقافات المنطقة مستخدما مناهج التحليل العلمي في تعرية الأساطير وتصحيح الروايات.

ينقض الربيعي في سلسلة كتبه الإشكالية السرديات الإسرائيلية  والإستشراقية التي غذت أسطورة أرض الميعاد في فلسطين حتى لم نعد نميز الزائف من الصحيح، حيث اشتغل على المطابقة الجغرافية والتأويل النصي وتطبيق المنهج الديكارتي، كما عمل ميدانياعلى تأكيد نظريته حيث واظب على استقراء مسرح دراساته  في أنحاء اليمن، منكشا في الحفريات الأثرية لتأكيد أن مسرح القصص التوراتية هي اليمن وليست فلسطين..

 بنى الربيعي على نظرية أن إسرائيل لم تكن في فلسطين واشتغل عليها أركيلوجيا مستخدما مناهج البحث العلمي التاريخي بالإضافة إلى الإستعانة بعلم اللغة المقارن، بعد دراسته للعبرية، والمقارنة بين ترجمات التوراة للوصول إلى الحقائق التي تدحض الروايات الإسرائيلية المعاصرة حول أسطورة أرض الميعاد لينتقل منها إلى نقد وتحليل المرويات المسيحية والإسلامية وإعادة النظر بالتاريخ الإبراهيمي كله.

وكما اعتمد الربيعي في تحليله التاريخي على التنقيبات الأثرية ومطابقات الأماكن الجغرافية استعان أيضا بالشعر العربي لتأكيد استنتاجاته، كون الشعر ديوان العرب ومؤرخ أيامهم، حيث يكثر شعراء الجاهلية من ذكر أسماء وصفات المناطق التي يمرون بها حتى  ليمكننا وضع خريطة تاريخية للجزيرة العربية باعتماد أسماء الأماكن الواردة في قصائد الشعراء العرب. وقد لاقى ماذهب إليه الربيعي تأكيدا من بعض مؤرخي اليمن.

 يبدأ الربيعي سلسلة كتبه ومراجعاته من تاريخ الخطأ الإبراهيمي بتصحيح رواية المستشرقين لقصة ابراهيم وسارة، فهو يرى أن إبراهيم لم يخرج من مكان يُدعى "أور ‏الكلدانيين" في العراق القديم ، ولم يقصد "حاران - حرّان" في هضبة الأناضول (تركيا الحالية)؛ ولم ‏يذهب منها إلى مصر لييمم بعدها نحو فلسطين، وإنما عاش ابراهيم ومات في بلاد اليمن . ويعتمد الربيعي في روايته الجديدة على نقوش المسند اليمنية من حقبة الجوف ‏مملكة مصرن ( 850 ق م ) والتي تدل على أن أسرة الخليل الكهنوتية حكمت وسط اليمن ابتداء من 900 ق م، وأن إبراهيم كان أكبر كهنة معبد إيل - مقه، أو مكة، وأنه ينتمي لأسرة الخليل وقد ورث الكهانة طبقا لمبدأ (البكر السبئي)، أي النظام الوراثي حيث يرث الإبن البكر أبيه. وهذا ما يفسّر لنا الرواية الإسلامية التي تتحدث عن تمرد ابراهيم الخليل على عبادة الآلهة الآشورية، وكيف قام بتحطيم أوثانها قبل أن يهاجر إلى حضرموت وسط اليمن.

ففي أي أرض تاريخية يمر بها فاضل الربيعي لابد أن يصدمك برواية منطقية مخالفة للقصص المتداولة عنها، وينتهي الربيعي في نظريته إلى أن الديانات التوحيدية نبتت كلها في الجزيرة العربية: اليهودية في اليمن والنصرانية في نجران والإسلام في الحجاز، حيث تشكل هذه المراكز الثلاثة وحدة إيكولوجية توحيدية متكاملة. 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...