صراع الذئاب على بقرة كركوك الحلوب

17-01-2008

صراع الذئاب على بقرة كركوك الحلوب

الجمل: من المعروف حالياً أن الفصائل الكردية تسعى لضم مدينة كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان وأن السلطات التركية ترفض ذلك رفضاً قاطعاً مهددة بالتدخل واقتحام شمال العراق عسكرياً إن لزم الأمر، ومن المعروف أن هناك صراعاً يدور بين سكان المدينة الأكراد والعرب والتركمان والآشوريين، أما الإدارة الأمريكية فما تزال تحاول اللعب على جميع الخطوط، فما هي توازنات أنقرة وما هي توازنات أربيل إزاء ملف كركوك؟ وهل من "صفقة" أمريكية قادمة حول مصير كركوك على خلفية زيارة أردوغان وغول إلى واشنطن؟
* مدينة كركوك: مزايا القيمة الإستراتيجية المضافة:
أكدت البحوث الجيوفيزيائية وجود مخزونات هائلة من النفط في كركوك ولاحقاً برز اكتشاف جيوفيزيائي جديد في منطقة كركوك هو اليورانيوم، وبالتالي فإن الطرف الذي يسيطر على كركوك يكون في حقيقة الأمر قد سيطر على مخزونات النفط واليورانيوم.
التنافس العراقي الداخل حول السيطرة على كركوك يدور بين العرب العراقيين السنة والأكراد، بحيث يحاول كل طرف تقوية وجوده في المنطقة عن طريق تعزيز وزنه الديمغرافي إضافة إلى استمالة الأقليات التركمانية والآشورية الموجودة في المدينة.
* صراع كركوك بين "الأقلمة" و"التدويل":
بسبب موقف تركيا الواضح من قيام كردستان، فقد دخلت أنقرة على خط الصراع العراقي العربي – الكردي حول كركوك، وبالتالي فقد تمت أقلمة الصراع، وبسبب وجود قوات وسلطات الاحتلال الأمريكي فقد دخلت الإدارة الأمريكية على خط الصراع حول كركوك وبالتالي فقد تم تدويل الصراع، وقد تميزت عملية التدويل هذه بظهور المزيد من الأطراف غير الحكومية التي تمثلت في شركات النفط والتعدين وغيرها من الكيانات التي تقوم بممارسة المزيد من الضغوط على دوائر اتخاذ القرار في واشنطن وأنقرة حول ملف كركوك.
* توازنات أنقرة – أربيل: الصراع أم الصفقة الأمريكية؟
نص الدستور الذي وضعته سلطات الاحتلال الأمريكي للعراقيين، بأن يتم إجراء استفتاء سكان كركوك حول تقرير مصير المدينة، والجيش التركي في أهبة الاستعداد للقيام بعملية الاقتحام العسكري وتوجيه الضربة الاستباقية للاستفتاء، وتعتبر أربيل أن استفتاء كركوك هو "خط أحمر" من غير المقبول إطلاقاً إلغاءه، وبين أنقرة وأربيل سعت الإدارة الأمريكية إلى استخدام إستراتيجية كسب الوقت عن طريق عملية التأجيل المستمرة لاستفتاء كركوك.
* ميزان أنقرة – أربيل:
عندما تتصاعد الأزمات تقوم الإدارات الأمريكية باختيار الحل المناسب للمصالح الأمريكية وتحاول تطبيقه، وإذا كانت معطيات الواقع لا تقبل ذلك، فقد درج الأمريكيون على عدم القيام بتغيير حلهم وإنما القيام بمحاولة تغيير الواقع من أجل أن يقبل هذا الحل، وهو المنهج الذي تقوم إدارة بوش حالياً بتطبيقه إزاء كركوك:
• تأجيل الاستفتاء لإرضاء أنقرة وتأجيل العملية العسكرية التركية.
• تأجيل العملية العسكرية التركية لإرضاء أربيل وجعلها تقبل بتأجيل الاستفتاء على أمل إجرائه لاحقاً والسيطرة على كركوك.
ولكن في الواقع الميداني، تقوم الإدارة الأمريكية بالمزيد من الخطوات المتسارعة من أجل الآتي:
• بناء قاعدة جوية أمريكية في كركوك هي الأهم والأكبر في منطقة شرق المتوسط.
• دفع الشركات الأمريكية باتجاه توقيع المزيد من العقود التي تتيح لها احتكار حق التنقيب وحفر الآبار والتوزيع والبيع لنفط كركوك.
• استخدام ملف كركوك في المساومات السرية مع الزعماء السنة العراقيين.
وحول ملف كركوك نشرت صحيفة يو إس توداي اليوم على موقعها الإلكتروني تحليلاً أعده جيرفيس يقول بأن الإدارة الأمريكية تدفع بكل قوتها من أجل الحيلولة دون اشتعال الصراع العربي – الكردي – التركي حول كركوك. وتقول التسريبات الواردة بأن القوات الأمريكية قد سيطرت على كل الجسور والممرات الموجودة في منطقة كركوك.
حتى الآن لم يصرح أي طرف عربي عراقي، أو كردي عراقي، أو حتى في تركيا حول "طبيعة التفاهم" الذي دار بينه وبين واشنطن حول مصير كركوك. ولكن كما هو واضح فإن الأداء السلوكي الميداني يشير بوضوح إلى التأكيد بأن الإدارة الأمريكية قد نفذت مخطط أن يكون الوجود الأمريكي في كركوك أمراً واقعاً لجهة السيطرة على الموارد النفطية والمعدنية، وذلك بحيث لا يكون أمام الأطراف المتصارعة سوى تقديم المزيد من التنازلات لواشنطن، من أجل الحصول على نصيب أكبر من "كعكة" كركوك. وهناك احتمالات بأن تسيطر الشركات الإسرائيلية على يورانيوم كركوك،خاصة وأن بعض هذه الشركات يعمل بشكل عادي في العراق مستخدماً الغطاءين الأمريكي والأوروبي الغربي، وما هو أكثر أهمية يتمثل في احتمالات أن تكون أربيل قد اتفقت مع تل أبيب حول يورانيوم كركوك، مقابل ضمان تواطؤ أمريكا لصالح أربيل، ودفع أنقرة إلى تأجيل عملية الاقتحام العسكري ضمن مسلسل تأجيلات متجددة على غرار سيناريو تأجيل استفتاء كركوك المتفق عليه سراً بين أبيل وتل أبيب، أما الإدارة الأمريكية فما يهمها حالياً هو تهدئة جميع الأطراف إلى حين بروز وظهور الظروف الجديدة المواتية.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...