تداعيات زيارة وزير الخارجية الإيرانية إلى مصر

13-03-2008

تداعيات زيارة وزير الخارجية الإيرانية إلى مصر

الجمل: خلال الأسابيع الماضية جرت بعض المحاولات للتقارب الإيراني – المصري، وقد رصد مؤشر العلاقات عملية تبادل الزيارات والتصريحات التي تتبادل الاهتمامات الإقليمية والدولية على خط طهران – القاهرة.
* الخلفيات: جذور التوتر الإيراني – المصري:
العلاقات الإيرانية – المصرية توترت بقدر كبير خلال مطلع ثمانينات القرن الماضي، من جراء قيام الحكومة المصرية باستضافة شاه إيران ومنحه حق اللجوء السياسي من جهة، ومن الجهة الأخرى قيام الإيرانيين بتسيير المواكب المعادية لاتفاقيات كامب ديفيد والمطالبة بتسليم الشاه وأسرته لإيران وقد تصاعد التوتر إلى مستوى قطع العلاقات الدبلوماسية.
محاولة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لإعادة إنعاش علاقات طهران – القاهرة تجيء على خلفية محاولة إيران القيام بتحول محوري في علاقاتها القيمية وتحقيق المزيد من الاختراقات الإقليمية الهامة ضمن المجال الحيوي الشرق أوسطي المرتبط بمنطقة نفوذ السياسة الخارجية الأمريكية.
* الحسابات الإيرانية في معادلة علاقات طهران – القاهرة:
ينظر الإيرانيون إلى أن إعادة الحيوية إلى العلاقات الإيرانية – المصرية سيساعد إيران في التأثير على توازن القوى الشرق أوسطية بما يتيح لها القدرة على احتواء خطر النفوذ الأمريكي وتعزيز جهود محاصرة إسرائيل. وقد تحدث وزير الخارجية الإيراني لوكالة الأنباء الإيرانية حول زيارته لمصر قائلاً بأن إيران يجب ألا تسمح للولايات المتحدة وأعداء إيران الآخرين بتقويض علاقاتها وتعاونها مع بلدان الشرق الأوسط. ولاحقاً بعد ذلك صرح علي لاريجاني قائلاً بأن إيران ومصر، في حالة انحدار الهيمنة الأمريكية، قادرتان على الإسهام بدور كبير في تفعيل استقرار الشرق الأوسط.
* الحسابات المصرية في علاقات القاهرة – طهران:
يشير المراقبون والمحللون إلى أن مصر حالياً في أمس الحاجة لبناء الروابط مع إيران، ويتوقع المصريون أن تؤدي إعادة الحيوية إلى العلاقات المصرية – الإيرانية إلى الآتي:
• تعزيز قدرة القاهرة في التواصل مع جميع الأطراف الشرق أوسطية.
• تعزيز قدرة مصر في القيام بدور أكبر في لبنان على أساس اعتبارات أن فتح خط القاهرة – طهران سيفتح للقاهرة بوابة التعامل مع حزب الله اللبناني.
• تعزيز قدرة مصر في القيام بدور أكبر في العراق على أساس اعتبارات أن فتح وتفعيل خط القاهرة – طهران سيفتح للقاهرة بوابة التعامل والتفاهم مع المليشيات الشيعية العراقية والتحالف الشيعي المسيطر على حكومة بغداد
• استخدام ورقة العلاقة مع طهران كورقة ضغط مصرية جديدة في مواجهة واشنطن وتل أبيب اللتان تنظران إلى مصر باعتبارها حليف شرق أوسطي رئيسي ضد طهران.
• التأكيد للرأي العام العربي والإيراني بأن مصر لا تقف إلى جانب أمريكا وإسرائيل في صراعهما ضد إيران.
• الاستفادة من مزايا القيام بجهود الوساطة على خط طهران – واشنطن.
* القاهرة وتداعيات ما بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني:
تقول التسريبات الواردة من القاهرة بأنها ما زالت مترددة في حماستها لاستئناف وتفعيل علاقاتها مع إيران، وقد برز التردد المصري بشكل واضح في تصريح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي قال فيه بأن إيران تمثل قوة ذات نفوذ في منطقة الخليج ولكنها خلال الثلاثة أعوام الماضية ظلت تحاول أن تتدخل في المشاكل العربية من أجل ممارسة النفوذ الذي يدعمها في صراعها مع الغرب. وتعتقد مصر بأن لإيران بعض المشاكل مع العالم العربي كما أضاف الوزير أبو الغيط بأن مصر تحاول نقل الرسالة الآتية إلى إيران:
• عدم تبني المشاكل العربية في علاقة وتعامل إيران مع الغرب ومجلس الأمن الدولي.
• ضرورة التركيز على التوصل إلى حل مع المجتمع الدولي.
• إن مصر تعمل من أجل إعلان منطقة الشرق الأوسط باعتبارها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
• إن مصر تحاول تجاوز الصعوبات والمعوقات الحالية وبناء العلاقات الثنائية على أساس التفاهم الثنائي.
• إن الموقف المصري إزاء المنطقة يتقارب مع الموقف الإيراني ومصر لا تستطيع إغفال الدور الإيراني في لبنان وفلسطين حيث تلعب إيران وحزب الله اللبناني وعلاقات إيران مع حركة حماس دوراً كبيراً في التأثير على التطورات الحالية.
* القاهرة وإشكالية الإشارات المتعارضة حول إيران:
حتى الآن يمكن القول بأن الإشارات المتعارضة الصادرة من القاهرة ما تزال تحمل الكثير من التضارب بحيث يظل التساؤل قائماً: هل حقاً تريد القاهرة إعادة بناء الروابط مع طهران أم أنها تريد المناورة والضغط على الغرب؟
وعلى الأرجح فإن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة أدت إلى نشوء المزيد من الخلافات حول الموقف المصري المطلوب إزاء إيران:
• طالب البعض بإعادة تفعيل العلاقات مع إيران لأنها تتيح لمصر "فرصة" الضغط على أمريكا وإسرائيل والغرب خاصة وأن مصر ستكون قادرة على التفاهم والقيام بأعمال الوساطة مع حزب الله وحركة حماس والمليشيات العراقية.
• طالب البعض بعدم إعادة وتفعيل العلاقات مع إيران لأنها تتيح لمصر "مخاطر" التعرض للأضرار في علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب وأن أمريكا وإسرائيل لن يترددا في التخلي عن دعم مصر إذا تجرأت على الارتباط مع إيران على الأقل في هذا الوقت الحرج.
كذلك تجدر الإشارة إلى أن الصحفيين والمثقفين المصريين المتورطين في أنشطة التطبيع مع إسرائيل كانوا الأكثر عداءاً ومعارضة لعودة العلاقات الإيرانية المصرية، ومن السخرية بمكان أن يكتب الصحفي المصري كرم جابر رئيس تحرير مجلة روز اليوسف المصرية وأحد أبرز أنصار التطبيع مع إسرائيل منتقداً الإيرانيين ومطالباً بعدم بناء الروابط مع طهران طالما أنها ترفض احترام اتفاقيات كامب ديفيد وأنها ما تزال تطلق اسم خالد الإسلامبولي –قاتل أنور السادات- على أحد الشوارع الرئيسية في طهران.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...